بانتظار "مفاجآت كبرى" مع جبهة لبنان.. كيف فقد الاحتلال الشمال؟

وفق المعطيات على أرض الواقع، ليس غريباً أن يجدد الإعلام الإسرائيلي التأكيد أن كيان الاحتلال فقد الشمال، فعلى مساحة تصل إلى 100 كلم طولاً من الناقورة إلى الجولان، بعمق 35 كلم تتجلى المفاجآت.

  • قوة
    قوة "جبهة الشمال" من لبنان تقلق الاحتلال

تتجرّع "إسرائيل" العلقم في كل مرة تقدم فيها على اغتيال قائد في المقاومة الإسلامية في لبنان، جنرالاتها يضربون "الأخماس بالأسداس"، بين "مطرقة" الصواريخ والمسيرات التي تنهال من لبنان، وسندان المستوطنين المذعورين الذين عاينوا النزوح لشهور طويلة، مع انعدام الثقة بالمؤسستين العسكرية والسياسية.

كيان الاحتلال يعيش أسوأ أيامه وأحلكها، منذ عملية "طوفان الأقصى"، وانطلاق جبهة الإسناد من جنوب لبنان وبعدها جبهات اليمن والعراق وغيرها.

ولولا الدعم الأميركي، لكان حال "إسرائيل وجيشها" على غير ما نراه اليوم، رغم أن المعلقين الإسرائيليين يرون أنها باتت في مرحلة الانهيار، وأن الردع ينهار والمؤسسات تتآكل. 

جبهة الشمال مع لبنان تقضّ مضجع قادة الاحتلال، ويوم أمس الخميس شهدت ذروة الهجمات من لبنان باتجاه شمال فلسطين المحتلة وصولاً إلى عكا، وأيضاً القواعد العسكرية للاحتلال في الجولان السوري المحتل ما أدى إلى انقطاع الكهرباء عنه، وذلك في إطار ردها على اغتيال القائد محمد نعمة ناصر.

"جيش" يفرّ ضباطه وجنوده من الخدمة، أو ينتحرون، في مقابل مقاومة "لا تسقط راية ولا تختل جبهة ولا تضعف مواجهة، فحين يرتقي قائدٌ شهيداً يتسلّم الراية آخر ويمضي بعزمٍ جديد"،كما قال رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله، السيد هاشم صفي الدين، أمس الخميس خلال مراسم تشييع الشهيد القائد ناصر.

صواريخ محلية لبنانية أدهشت الاحتلال

يؤكد ضابط في وحدة المدفعية التابعة للمقاومة، في حلقة تلفزيونية على قناة "المنار" وزّعت مضمونها العلاقات الإعلامية في حزب الله ليل أمس الخميس أنه "بانتظار العدو مفاجآت كبرى"، كاشفاً عن صاروخٍ جديد جرى إدخاله إلى الخدمة، وهو من عائلة "البركان" الثقيل ويحمل اسم "جهاد"، وكانت هناك حكمة لدى قيادة المقاومة بعدم الكشف عن تسمية هذا السلاح، الذي هو من تصميم مهندسي المقاومة فنياً وبكامل تفاصيله، وقد دخل هذا السلاح الخدمة "لضرب المواقع الأمامية، وكانت الإصابة دقيقة والتدمير عالياً".

اقرأ أيضاً: من تفجير "المارينز" إلى تشكيل "السرايا اللبنانية": معادلات جديدة للمقاومة

وتحدث الضابط عن صواريخ "فلق 1" (114 كلغ) و"فلق 2" (250 كلغ) التدميرية النظامية، التي دخلت المعركة تبعاً لمستوى الردود التي فرضتها قيادة المقاومة، وتصل إلى أهداف حتى عمق 11 كيلومتراً، ونوّه إلى أن هذه الصواريخ ضربت قاعدة إدارة العمليات الجوية في جبل ميرون (جبل الجرمق)، وأشار إلى أن كل صاروخ من هذه الصواريخ يمثل غارة جوية، وإطلاق راجمة "فلق" يوازي حزاماً نارياً بسلاح الجو، وهذه الراجمة هي من تصنيع مهندسي المقاومة الإسلامية.

ورداً على سؤال عما إذا كان هناك ما هو أكثر من "فلق 1 و2"، قال الضابط في وحدة سلاح المدفعية في المقاومة: "نحن ارتقينا من "فلق 1" إلى "فلق 2" بناء لأمر، ووفق قيود هذه المعركة حتماً سوف نرتقي، وفي وقته يبان ما هو جديد".

بالتوازي، لفتت شبكة "MSNBC" الأميركية إلى أنّ "بعض هذه الصواريخ يمكن أن يصل إلى أي نقطة في "إسرائيل"، ما يعني قدرة حزب الله على استهداف البنية التحتية الحيوية، من مطارات وموانئ وشبكات كهربائية ومحطات طاقة، في حالة الحرب".

كما أنّ "الملايين من الإسرائيليين سوف يعيشون في الملاجئ، بينما تتعرّض المدن الكبرى، من تل أبيب إلى حيفا، لوابل من الصواريخ التي سيكون من الصعب على نظام الدفاع المضاد لصواريخ القبة الحديدية تحييدها"، وفق الشبكة.

حزب الله رد الصاع صاعين

 وفق المعطيات على أرض الواقع، ليس غريباً أن يجدد الإعلام الإسرائيلي التأكيد أن كيان الاحتلال فقد الشمال، فعلى مساحة تصل إلى 100 كلم طولاً من الناقورة إلى الجولان، بعمق 35 كلم تتجلى مفاجآت حزب الله. 

العميد المتقاعد والمحلل الأمني الاستراتيجي ناجي ملاعب يقول لـ الميادين نت "أن تأكيد إعلام الاحتلال أنه فقد الشمال ليس مصادفة، فإسرائيل اليوم أمست كـ "أوكرانيا"، إذا لم يأتها الدعم الأميركي، فلن تستطيع القيام بعمليات عسكرية كما تدّعي، وبالتالي فإن القرار لم يعد إسرائيلياً فقط، بل هو أميركي – إسرائيلي، وهذا ما شهدناه في الأيام الأخيرة، فما دامت أميركا مشغولة بانتخابات رئاسية، فلا الإدارة الحالية مستعدة أن تورث الإدارة الجديدة حرباً في المنطقة، ولا نتنياهو مستعد أن يغامر قبل زيارته إلى واشنطن لإلقاء كلمة أمام الكونغرس في أن يحمل أي خيبة أمل معه، لأنه سيقابل بتصعيد".

اقرأ أيضاً: "أكثر فعالية من معظم جيوش المنطقة".. تقرير أميركي يتحدث عن قوة حزب الله في أي حرب

ويضيف ملاعب "الإسرائيلي معتاد على ردّ الصاع.. لكن الصاع رُدّ عليه اليوم صاعين، وهذا واضح جداً. و هو لا يستطيع فتح أي جبهة إلاَّ بعد ضمانة أميركية، وأعتقد أن الإدارة الأميركية لن تقوم بذلك في الوقت الحالي. وهذا مبرر ما وعد به الوسيط الأميركي في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع الاحتلال الإسرائيلي، آموس هوكستين،لجهة القيام بجولات مكوكية لتنفيس الاحتقان، وتقليص عمل الجبهة على الأراضي اللبنانية المحتلة مثل مزارع شبعا، ليمنع قيام حرب كبيرة تستدرج ردّاً أميركياً، وهذا ما صرح به هوكستين لجهة أنه يمنع حرباً إقليمية وأميركا تحسب حساباً لهذا الموضوع. وطبعاً فإن المقاومة لن تسكت على عمل كهذا وستكون كلها منخرطة في الرد". 

ويكمل مستنتجاً "إذا بقي المستوطنون خارج مستوطناتهم لفترة طويلة حتى أيلول/سبتمبر القادم، فإن الاحتلال سيكون قد فقد الشمال فعلاً".

تكتيكات عسكرية هامة

وحول استراتيجية قيادة المقاومة وخططها يقول "بداية كمراقب ومحلل عسكري لا يمكن إلا الإشادة بكيفية تدرّج استخدام السلاح من حيث المدى ومن حيث القوة المستخدمة، وأيضاً الأنواع".

يتابع "المقاومة بدأت باستهداف أراضينا المحتلة، ما يكسبها مشروعية تحرير أرضها المحتلة، وهذا ليس بعيداً عن البيان الوزاري الذي يتحدث عن تحرير أرضنا بالوسائل كافة". ويضيف "ثانياً، باشرت قيادة المقاومة باستخدام نوعين من الصواريخ غير الكاتيوشا والغراد (بمدى بين 6- 11 كلم)، ولكن الاستخدام الأساسي كان للكورنيت، بنحو عمودي، فالقبة الحديدية تتعامل مع الصاروخ المنحني، ولا تستطيع التعامل مع الصاروخ الأفقي، ومن هنا نجح هذا الصاروخ في دكّ أماكن الرصد والاستخبارات".

ولإحداث تفجير كبير وخسائر كبيرة استخدم صاروخ "البركان"، وهو صاروخ منحني يحمل بين 300 و 500 كلغ متفجرات، وكونه قصير المدى بمسافة لا تتعدى الـ 6 كلم، لذا فإن القبة الحديدية لا تستطيع تعطيله.

اقرأ أيضاً: "حدث صعب لم يحدث مثله منذ شهور".. المقاومة تستهدف مقر قيادة الاحتلال في "نتساريم"

ويسهب "العدو كان يستهدف مقاتلين أو قادة، أو مباني في مناطق أبعد من الميدان المفتوح، فجاء الرد بتوسيع المقاومة العمليات بالنوع والكمّ والمدى، وهي استراتيجية هامة جداً، فعندما استهدف البقاع اللبناني، كان الرد باتجاه الجولان، أما استهداف القادة فقابله الاستهداف لمدى أطول أي طبريا ونهاريا وصفد ووصولاً إلى عكا. وهذا التدرج يرعب العدو دائماً، ويجعل المقاومة في منأى عن استنفاد القوى الذي يعيشه العدو".

صواريخ جديدة في جعبة المقاومة

وفي السياق، يؤكد ملاعب أن "المقاومة ما زالت تحتفظ بصواريخ دقيقة التصويب وطويلة المدى، وتحسن اختيار أهدافها، وتملي عملية الردع وعدم استهداف المدنيين".

ويردف قائلاً "إن القدرة على إرسال صواريخ تستطيع البحث عن الهدف، وتغيير اتجاهها إلى مكان آخر بحثاً عنه ما يستتبع دق صفارات الإنذار (الكاذبة) وخلق الرعب بين المستوطنين ونزولهم إلى الملاجىء، تجعلهم  في وضع لم يعتدوا عليه سابقاً، وهذا إنجاز مهم".

جبهة الجنوب رأس حربة في جبهات الإسناد ووحدة الساحات

ويجزم ملاعب "أن جبهة الإسناد، أثرّت بشكلٍ كبير لصالح غزة، فعندما يرهن حزب الله وقف القتال بموافقة المقاومة في غزة، فإن ذلك يربك الاحتلال، وهو ما صنع هوّة بين المستويين العسكري والسياسي، فجيشه منهك، ولا مصداقيه لتهديداته، ولا لثقة ما يتوعد به قادته، ومن هنا، فإن جبهات الإسناد التي أعتقد أن قراراتها تنسق في غرفة واحدة كان لها الدفع القوي لدعم غزة، ويجب ألاّ ننسى أن حزب الله هو رأس الحربة في محور المقاومة ووحدة الساحات".

ويتطرّق إلى تأثير ما يجري على الناحيتين النفسية والاقتصادية في كيان الاحتلال: "هناك بحسب الإعلام الإسرائيلي 17 طائرة نقل تغادر مطار بن غوريون يومياً إلى قبرص، ويقال أن هنالك اعترافاً رسمياً بخروج 550 ألفاً، وهم وفق نظرية أن رأس المال جبان، من كبار القوم، أي من رجال الأعمال وأصحاب الشركات، وهذا عامل هام جداً، فأنت تربك بالهجرة، كما أنك تمارس التهجير الممنهج لمستوطني الشمال تباعاً".