الهندسة العكسية في الحروب وتحليل التكنولوجيا المعادية.. كيف استفادت منها إيران؟

تعدّ الهندسة العكسية أداة قوية في مجال الحروب والنزاعات، إذ يمكن استخدامها لتحليل التكنولوجيا والأنظمة العسكرية المعقدة للأعداء وفهمها وبناء استراتيجيات هجومية أو دفاعية فعالة.

  • الهندسة العكسية في الحروب وتحليل التكنولوجيا المعادية.. كيف استفادت منها إيران؟
    الهندسة العكسية في الحروب وتحليل التكنولوجيا المعادية.. كيف استفادت منها إيران؟

تتنوع تطبيقات الهندسة العكسية في سياق الحروب، وتشمل فحص وتحليل التكنولوجيا المستخدمة من قبل الأعداء بشكل شامل، فهي تستخدم لفهم كيفية عمل الأسلحة والأنظمة العسكرية المعادية، بما في ذلك الصواريخ والطائرات المسيرة والأسلحة الإلكترونية. وعندما يتم فهم كيفية عمل هذه التكنولوجيا، يمكن للمقاومة والقوات الخاصة استخدام هذه المعرفة لتطوير استراتيجيات فعالة للدفاع والهجوم.

تحليل التكنولوجيا المعادية

من خلال التحليل العميق للتكنولوجيا المعادية، يمكن للقوات المسلحة الاستفادة من الفهم الشامل للأنظمة والأجهزة المستخدمة من قبل الأعداء. يتيح هذا الفهم العميق تحديد نقاط القوة والضعف في التكنولوجيا المعادية، ويمكن من خلاله تطوير استراتيجيات هجومية ودفاعية فعالة.

على سبيل المثال، يمكن لتحليل التكنولوجيا المستخدمة في الصواريخ أن يساعد في فهم كيفية التحكم والتوجيه والإطلاق، وهو ما يمكن أن يساعد في تطوير أنظمة دفاعية للتصدي لهذه الصواريخ بفعالية. إضافة إلى ذلك، يمكن لتحليل التكنولوجيا الخاصة بالطائرات المسيّرة أن يكشف الطرق المحتملة لتعطيلها أو التصدي لها بوسائل فعالة.

تطوير التكنولوجيا الخاصة

تطوير التكنولوجيا الخاصة يعد جزءاً حيوياً من استراتيجية المقاومة في سياق الحروب والصراعات المسلحة. من خلال استخدام الهندسة العكسية لتحليل التكنولوجيا المستخدمة من قبل الأعداء، يمكن للمقاومة استخلاص المعرفة والخبرات اللازمة لتطوير تقنيات جديدة ومتطورة تعزز من قدراتها العسكرية.

تحليل التكنولوجيا المعادية يمكن أن يكشف عن نقاط القوة والضعف في أنظمة الأسلحة والتقنيات المستخدمة من قبل الأعداء. استناداً إلى هذه المعرفة، يمكن للمقاومة تطوير تقنيات مبتكرة تعزز من فاعليتها في الميدان العسكري وتساعدها على تحقيق الأهداف بنجاح.

على سبيل المثال، يمكن لتحليل التكنولوجيا المستخدمة في الطائرات المسيرة أن يسفر عن فهم عميق لكيفية عمل هذه الطائرات ونقاط ضعفها. بناءً على هذه المعرفة، يمكن للمقاومة تطوير طرق لتعطيل هذه الطائرات أو التصدي لها بفعالية.

إضافة إلى ذلك، يمكن لتحليل التكنولوجيا المستخدمة في الصواريخ أن يساعد في تطوير نظم دفاعية متقدمة تحمي المناطق المستهدفة من هذه الصواريخ. باستخدام المعرفة المكتسبة، يمكن للمقاومة تطوير نظم دفاعية فعالة تقلل من التأثيرات الضارة للهجمات الصاروخية.

بهذه الطرق، يؤدي تطوير التكنولوجيا الخاصة دوراً حاسماً في تعزيز قدرات المقاومة وتعزيز جاهزيتها لمواجهة التحديات الأمنية والعسكرية بفاعلية. باستخدام المعرفة والخبرة المكتسبة من تحليل التكنولوجيا المعادية، يمكن للمقاومة تحسين أدائها العسكري والتفوق في المواجهات القادمة بنجاح.

تطبيقات الهندسة العكسية في الحروب

1. تحليل التكنولوجيا العسكرية: يمكن استخدام الهندسة العكسية لتحليل التكنولوجيا العسكرية المستخدمة من قبل الأعداء، مثل الصواريخ، والطائرات من دون طيار، والأسلحة الإلكترونية. من خلال فهم كيفية عمل هذه التكنولوجيا، يمكن للجيوش تطوير استراتيجيات للتصدي لها أو استغلال نقاط الضعف فيها.

2. استخراج المعلومات الاستخباراتية: يمكن استخدام الهندسة العكسية لاستخراج المعلومات الاستخباراتية من الأنظمة العسكرية المعادية، مثل استخراج بيانات من أنظمة الاتصالات أو تحليل البرمجيات المستخدمة في أنظمة الأمان.

3. تطوير الأساليب الهجومية والدفاعية: بفهم كيفية عمل التكنولوجيا المستخدمة من قبل الأعداء، يمكن للجيوش تطوير استراتيجيات هجومية أو دفاعية فعالة. على سبيل المثال، يمكن استخدام الهندسة العكسية لتحليل نظام الدفاع الجوي للعدو وتطوير طرق لتجاوزه.

أهمية إسقاط المسيّرات

أهمية إسقاط المسيّرات في إطار استخدام الهندسة العكسية تتجلى في تعزيز قدرة المقاومة على مواجهة التحديات الأمنية والعسكرية بفعالية. وفي حين أنّ اسقاط المسيرات يمثل جزءاً حاسماً من استراتيجية الدفاع للمقاومة، تعد المسيرات وسيلة شائعة وفعالة يستخدمها الأعداء في شن الهجمات وتهديد الأمن القومي. من خلال إسقاط المسيرات، يمكن للمقاومة:

- تقليل التهديدات الأمنية وحماية المدنيين والبنية التحتية من الأضرار الناتجة من الهجمات.

- زيادة القدرة على الردع ومنع الأعداء من تنفيذ هجمات جديدة.

- تعزيز الثقة بقدراتها العسكرية وتحسين الاستقرار العام في المنطقة.

استخدام الهندسة العكسية يؤدي دوراً حيوياً في تعزيز قدرة المقاومة على مواجهة التحديات الأمنية والعسكرية بفعالية. من خلال هذه التقنية، يمكن للمقاومة:

- فهم كيفية عمل المسيرات وتحليل نقاط ضعفها وقدراتها، ما يسمح لها بتطوير استراتيجيات مواجهة فعّالة. يمكن أن يشمل ذلك تحليل نظام التوجيه والتحكم في المسيّرات، والتعرف إلى نقاط الضعف فيه لتطوير تكتيكات لإعاقة وتدمير المسيّرات بفعالية.

- تطوير استراتيجيات هجومية ودفاعية مبتكرة تستند إلى فهم دقيق للتكنولوجيا المستخدمة في المسيّرات المعادية. يمكن لهذه الاستراتيجيات أن تتضمن تطوير أساليب لتحسين الدفاع الجوي، وتصميم تكتيكات هجومية تستهدف نقاط الضعف في نظام المسيرات العدوة.

- تحسين القدرة على استخدام التكنولوجيا العسكرية بفعالية في المعارك والصراعات، ما يزيد فعالية العمليات العسكرية ويقلل الخسائر. يمكن لهذا أن يشمل تطوير تكتيكات لتشغيل المسيرات الخاصة بالمقاومة بفعالية أكبر، واستخدام التكنولوجيا العسكرية لتحسين قدرات الاستخبارات والرصد والاستجابة السريعة.

- باستخدام الهندسة العكسية، تصبح المقاومة قادرة على الاستفادة من المعرفة المكتسبة لتطوير استراتيجيات تكتيكية وتكنولوجية تعزز من قدرتها على التصدي للتهديدات العسكرية بنجاح، وهذا يساهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

الهندسة العكسية الإيرانية: RQ-170 نموذجاً

في 4 كانون الأول/ديسمبر 2011، أعلنت إيران سيطرتها على طائرة تجسس أميركية بدون طيار، هي طائرة RQ-170، التي دخلت أجواء شرق إيران، إذ كانت في مهمة استطلاع لمصلحة وكالة الاستخبارات الأميركية. وقد تمكنت وحدات الحرب الإلكترونية والدفاع الجوي الإيرانية من رصد الطائرة وإسقاطها باستخدام أنظمة إلكترونية للتشويش على أنظمة الطائرة.

وفي حين أنّ الهندسة العكسية هي عملية تحليلية تهدف إلى فهم كيفية عمل الأنظمة والتكنولوجيا من خلال دراسة الأجزاء المكونة لها والعمليات التي تقوم بها، تم استخدام هذه التقنيات من أجل فك شفرة عمل المسيرة الأميركية وتحليل البرمجيات والأجزاء الإلكترونية الموجودة بها.

تم استخدام التكنولوجيا المتوفرة لرسم تخطيط دقيق للأجزاء والأنظمة الموجودة داخل الطائرة وتحليلها بشكل مفصل، من ثم، وبعد الحصول على المعرفة والبيانات الضرورية، تمكن المتخصصين العسكريين في إيران من استخدام هذه المعرفة لتطوير التكنولوجيا الخاصة بهم وتعزيز قدراتهم العسكرية.

والمفارقة هنا، وبعد سنتين من إسقاط الطائرة، عرضت وسائل الإعلام الإيرانية صوراً من طائرة RQ-170 الإيرانية الصنع التي قام بصنعها المهندسون الإيرانيون، وهي شبيهة بالطائرة الأميركية من ناحية التصميم. وقد أكد المسؤول العسكري الكبير في حرس الثورة الإيراني العميد أمير علي حاجي زاده أن طائرة RQ-170 الإيرانية نجحت مؤخراً في أوليات تجارب التحليق.

الهندسة العكسية التي تمت على هذه المسيرة أدت إلى إنتاج نماذج مماثلة للطائرة بدون طيار، وكذلك حكماً تطوير أنظمة الدفاع الجوي لتصدي للتهديدات المماثلة في المستقبل.

المسيّرات الإيرانية وعدم حاجتها إلى GPS

تقنية التشويش على إشارات نظام تحديد المواقع GPS تعد استراتيجية شائعة تُستخدم لتعطيل قدرة المسيّرات والأنظمة القائمة على GPS على تحديد مواقعها بدقة. تعمل عمليات التشويش على إرسال إشارات راديو قوية في الترددات نفسها التي يعمل عليها نظام GPS، ما يؤدي إلى تشويش الإشارات الأصلية وتعطيل الاستقبال السليم لإشارات GPS.

في هذا الإطار، فإن الهندسة العكسية يمكن أن تساعد في تحليل كيفية تفاعل المسيرات مع أنظمة GPS وكيفية استخدام هذه المعرفة لتطوير أنظمة تشويش أو إخفاء. على سبيل المثال، يمكن لتحليل الهندسة العكسية لنظام GPS في المسيرة أن يكشف عن نقاط الضعف في الأمان أو يسمح بتطوير تقنيات لتجاوز التأثيرات السلبية للتشويش على إشارات GPS.

وفي أجمل تطبيق لما ذكرناه، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأنّ المؤسسة الأمنية والعسكرية بدأت الخميس 11/4/2024 بتفعيل نظام التشويش على "GPS" في كل أنحاء "إسرائيل"، بما فيها "غوش دان"، منطقة الوسط.

وفي هذا السياق، سَخِرَ الإيرانيون من هذا الإجراء الإسرائيلي. ونقلت وكالة فارس عن مصدر مطلع في القوات الجوية التابعة لحرس الثورة الإيراني (وحدات النخبة في القوات المسلحة) تعليقه على تقارير عن تشويش نظام تحديد المواقع في "إسرائيل": "لقد فكرت إيران مسبقاً في حل هذه المشكلة، وجميع الصواريخ التي تم تصنيعها على مدى الأعوام الـ12 الماضية لا تستخدم نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) أو أي نظام دولي لتحديد المواقع"، وهذا ما يُفسر وصول المسيرات الإيرانية إلى أهدافها يوم السبت الماضي من دون أن تتوه من جراء تشويش واعتراض إلكتروني وليس صاروخياً.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.

اخترنا لك