الشائعات ترهق سكان اللاذقية: ترقب وانتشار أمني وقلق متزايد
يربط الكثيرون من أهالي محافظة اللاذقية السورية أن سبب الانتشار الأمني في مناطقهم تزامن مع اقتراب زيارة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع إلى نيويورك، تحسباً لأي تطورات أمنية قد تطرأ في الساحل.
-
الشائعات ترهق سكان اللاذقية: ترقب وانتشار أمني وقلق متزايد
تشهد محافظة اللاذقية (غرب سوريا) في الأيام الأخيرة موجة من الشائعات التي أثارت قلقاً واسعاً بين السكان، ولا سيما في القرى التي يقطنها سكان من الطائفة العلوية، حيث تتمحور هذه الشائعات حول تحركات لجهاز الأمن العام التابع للسلطة الانتقالية، وانتشار حواجز أمنية، وظهور أرتال عسكرية في مناطق ريف جبلة، وهو ما أعاد للأذهان الأحداث الدامية التي شهدتها المحافظة في آذار/مارس الماضي، حيث ساهم انتشار هذه الأخبار المصوّرة والمكتوبة في بث حالة من الذعر، خاصة وأنها تتزامن مع بداية العام الدراسي وانتهاء الموسم الصيفي الذي تميز باستقرار نسبي.
ضغوط على الطائفة العلوية
يواجه السكان من الطائفة العلوية في اللاذقية ضغوطاً متزايدة على أكثر من صعيد، حيث يتعرض الكثيرون منهم لحالة من الوصم الجماعي نتيجة الربط المستمر بينهم وبين جرائم النظام السابق، الأمر الذي يخلق عزلة وشعوراً بعدم الثقة مع حكام المحافظة القادمين من إدلب.
أما على المستوى الوظيفي، فتتحدث تقارير حقوقية عن تضييق في فرص العمل، سواء في المؤسسات الحكومية أو في القطاع الخاص، نتيجة المخاوف السياسية أو التصورات المسبقة، حيث يترك هذا التمييز آثاراً مباشرة على حياة العائلات، ويعزز من القلق النفسي والشعور بالاستهداف.
الأثر على الحياة اليومية
تسببت هذه الأجواء في إرباك الحياة الطبيعية داخل المحافظة؛ فالأسواق تشهد تراجعاً في الحركة مع اقتراب موسم المدارس، والكثير من العائلات تتردد في إرسال أبنائها إلى مدارسهم وسط الحديث عن انتشار أمني وشائعات عن مداهمات، ولاسيما مع انتشار صور الأرتال الأمنية التي تتوزع في أرياف جبلة وغيرها على غير العادة، كما أن العامل الاقتصادي تأثر بوضوح، إذ انعكس التوتر على الأنشطة التجارية الصغيرة والمتوسطة التي تشكل مصدر دخل رئيسي للأهالي.
زيارة الشرع إلى نيويورك وتأثيرها على الوضع في الساحل
بالتوازي مع هذه التطورات الميدانية، برزت زيارة رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع إلى نيويورك كحدث سياسي لافت، حيث من المقرر أن يلقي كلمة خلال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة التي تُعقد الشهر الجاري، في محاولة لتأكيد التزام الحكومة الانتقالية بمسار سياسي شامل، واحترام حقوق الأقليات، والسعي لرفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا.
وربط الكثيرون في المحافظة أن سبب الانتشار الأمني تزامن مع اقتراب زيارة الشرع إلى نيويورك، تحسباً لأي تطورات أمنية قد تطرأ في الساحل، والتي تزامنت مع شائعات لتحضيرات أو هجمات سينفذها موالون لنظام الرئيس السابق بشار الأسد.
الربط بين الداخل والخارج
من الواضح أن الشائعات في اللاذقية لا تنفصل عن السياق السياسي العام. هناك أطراف قد تستخدمها كورقة ضغط للتأثير على صورة المرحلة الانتقالية في الخارج، في وقت يسعى فيه الشرع إلى إقناع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بقدرة الحكومة الجديدة على إدارة البلاد بشكل عادل، بينما الواقع يؤكد أن هناك جناحاً منفصلاً عن الحكومة ينفذ أجندات خاصة به لا تراعي القوانين التي تضعها الحكومة الحالية على الصعيد الأمني والاقتصادي.
وفي الخلاصة، يعيش السكان المحليون، ولا سيما من الطائفة العلوية، حالة من القلق وعدم اليقين بسبب الشائعات والضغوط المتعددة. نجاح المرحلة المقبلة سيعتمد على قدرة الحكومة على سد الفجوة بين خطابها في الخارج وما يعيشه المواطن في الداخل، عبر إجراءات واضحة تضمن المساواة، وتضع حداً للشائعات، وتعيد الثقة بين الدولة والمجتمع، الأمر الذي يراه الكثيرون مستبعد ما لم يتم إشراك كل المكونات في بناء جسم الدولة وجيشها.