استهداف في زاهدان الإيرانية.. رسالة إرهابية في توقيت حساس
العملية الإرهابية في زاهدان تشير إلى تحريك الاحتلال الإسرائيلي لأدواته بهدف زعزعة الأمن والاستقرار في الداخل الإيراني بعد فشل عدوانه العسكري على البلاد.
-
مبنى العدلية في زاهدان في إيران
من جديد، نفذت مجموعة "جيش العدل" الإرهابية عملية في مدينة زاهدان جنوب شرق إيران، استهدفت مبنى العدلية وأسفرت عن سقوط 18 شخصاً بين شهيد وجريح، معظمهم من المدنيين.
المجموعة التي تصفها طهران باسم "جيش الظلم" سبق أن نفذت عدة عمليات إرهابية في السابق، شملت اختطاف أشخاص، وهجمات على أماكن عامة، واستهداف حافلات تقل عسكريين، ومراكز للشرطة. لكن اللافت في هذا الاعتداء هو توقيته.
بعد انتصار إيران في الحرب الأخيرة مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، وكسر هيبة الولايات المتحدة من خلال استهداف قاعدتها في قطر، بات من الواضح أن الاحتلال سيلجأ إلى أساليب جديدة في الصراع، عبر تحريك أدواته الإرهابية لزرع الفوضى في الداخل الإيراني، وترسيخ حالة من انعدام الأمن والحرب الدائمة، حتى ولو على المستوى النفسي.
من هنا، يمكن النظر إلى هذه العملية بوصفها تنفيذاً لأجندة استخبارات خارجية وفي مقدّمتها "إسرائيل"، من أجل زعزعة الأمن والاستقرار الداخلي، وخلق أجواء من القلق والخوف بين المواطنين في منطقة تعد من أكثر المناطق حساسية في البلاد.
اختيار تنظيم ما يسمى "جيش العدل" لمنطقة ذات تركيبة معقدة يحمل في طياته نوايا واضحة لإثارة الفتن الطائفية. كما أن طبيعة الهدف أي العدلية، قد يدفع المراقبين إلى طرح تساؤلات حول أبعاد هذه العملية، فهل يسعى منفذوها ومن وراءهم إلى تقييد حركة ايران دبلوماسياً؟
يرى كثيرون أن هذا الهجوم يندرج في سياق مشروع قديم يهدف إلى تقسيم إيران من خلال تحفيز نزعات الانفصال والتمرد، ضمن استراتيجية إسرائيلية أميركية معروفة، فبعد أن أظهرت الحرب الأخيرة تماسك الشارع الإيراني، تسعى الأجهزة العسكرية المعادية إلى التشويش على المركز عبر تفجير الأطراف وخلق فجوة بين العاصمة والمناطق الحدودية.
الطريقة التي تتبعها التنظيمات الإرهابية ضد إيران تؤكّد أن العدو حين يفشل في مشاريعه لمواجهة إيران يلجأ إلى سياسة التأجيج من الداخل كتعويض إعلامي وسياسي عن هزائمه. ويتم ذلك من خلال إشعال بؤر التوتر وزعزعة الأمن في مناطق حساسة.
أحد أبرز أهداف هذه العملية أيضاً هو إرباك بيئة الاستثمار، وتعطيل المشاريع التنموية، خاصة أن إيران تعمل حالياً على تقوية حدودها الشرقية كممر تجاري استراتيجي نحو آسيا الوسطى وباكستان، وتراهن على مشاريع مع روسيا في تلك المنطقة الحيوية.
أما استهداف مبنى العدلية، فيحمل رسالة مباشرة إلى السلطة القضائية الإيرانية التي تتخذ حالياً إجراءات واسعة ضد الجواسيس والأشخاص المرتبطين بـ"إسرائيل"، أو الذين قدموا الدعم للاحتلال خلال الحرب الأخيرة التي استمرت 12 يوماً. مضمون الرسالة: يجب التراجع والتغاضي عن تلك الملفات.
لكن القراءة المتأنية للمشهد تؤكّد أن هذه الاعتداءات مهما بلغت خطورتها، لن تنجح في كسر ارادة إيران، بل تعزّز من التماسك الداخلي وتؤكّد مجدّداً أن معركة الوعي هي جزء لا يتجزأ من معركة السيادة والاستقلال.