مجلة "972+": "إسرائيل" ترحّل الناشطين الأجانب من الضفة الغربية

ناشطو التضامن يتحدثون عمليات الاستجواب التي خضعوا لها تحت التهديد والتهم الباطلة التي وُجهت إليها وأوامر الطرد السريع التي صدرت بحقهم من قبل وحدة الشرطة الجديدة التي أنشأها بن غفير.  

  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تفرق المزارعين والناشطين وتمنعهم من قطف الزيتون
    قوات الاحتلال الإسرائيلي تفرق المزارعين والناشطين وتمنعهم من قطف الزيتون

مجلة "972+" الإسرائيلية تنشر تقريراً للكاتب أورين زيف، تحدثت فيه عن الإجراءات الإسرائيلية لترحيل الناشطين الدوليين واعتقالهم، ومنع دخولهم الضفة الغربية.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

كثفت "إسرائيل" جهودها لتعطيل عمل ناشطي التضامن الدولي في الضفة الغربية المحتلة في الأسابيع الأخيرة، وخصوصاً الذين يدعمون الفلسطينيين خلال موسم قطاف الزيتون. ومنذ بداية تشرين الأول/أكتوبر، اعتقلت 8 ناشطين أجانب، تمّ ترحيل 5 منهم لاحقاً أو الضغط عليهم لمغادرة البلاد، بينما مُنع الثلاثة الآخرون من دخول الضفة الغربية لفترات زمنية متفاوتة. 

تمثّل الاعتقالات تصعيداً في القيود التي تفرضها "إسرائيل" على الوصول الدولي إلى الأراضي المحتلة، وهي السياسة التي تعتمدها الآن "فرقة عمل" خاصة أنشأها وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، في نيسان/أبريل. وتستهدف هذه الوحدة بشكل خاص الناشطين الأجانب في الضفة الغربية، وتعمل تحت إشراف وحدة شرطة "شاي" (الضفة الغربية) المركزية الإسرائيلية، وتنسّق مع سلطة السكان والهجرة لتسريع عمليات الاعتقال والترحيل. 

وأُنشئت فرقة العمل بعد وقت قصير من بدء إدارة بايدن والحكومات الأجنبية الأخرى في فرض عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين العنيفين والمنظمات الاستيطانية، ويبدو أنها بمثابة رد مباشر على هذه الإجراءات. وبحسب بيانات صندوق المدافعين عن حقوق الإنسان، تمّ اعتقال 15 ناشطاً أجنبياً في مجال حقوق الإنسان، ثم ترحيلهم أو إجبارهم على مغادرة البلاد تحت سلطة فرقة العمل.

وأجرت مجلة "972+" مقابلات مع بعض هؤلاء الناشطين الذين تحدثوا عن التهديدات التي تعرضوا لها والاتهامات الباطلة التي وجهت إليهم أفي ثناء خضوعهم للتحقيق على أيدي ضباط الأمن الإسرائيليين. واتُّهموا بأنهم "إرهابيون" و"كارهون لإسرائيل" و"مؤيدون لحماس"، وأنهم يعتزمون "مهاجمة اليهود والجنود". وفي بعض الحالات، عرضت الشرطة عليهم صوراً تكشف مراقبتها للناشطين عن كثب سواء على الأرض أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بحثاً عن جميع الأسباب الممكنة لاعتقالهم وترحيلهم.

وقال محام يمثل بعض الناشطين للمجلة إنّ الشرطة لا تمتلك أدلة كافية لتمديد فترة اعتقال الناشطين أو لتقديم لائحة اتهامات ضدهم ضمن إطار الدعاوى الجنائية. ولهذا السبب تم تحويلهم بسرعة إلى سلطة السكان والهجرة، وهي ذراع وزارة الداخلية، حيث يكون مستوى رفض التأشيرة أو الترحيل أقل. 

ومنذ السابع تشرين الأول/أكتوبر، تزايد عدد الأجانب الذين قدموا إلى الضفة الغربية لغرض "الحضور الوقائي"، وانضموا إلى عدد من المنظمات مثل حركة التضامن الدولية (ISM) ومنظمة "فزعة". وتقوم هذه المجموعات بمساعدة الرعاة والمزارعين الفلسطينيين في المناطق الريفية لردع وتوثيق عنف الجيش والمستوطنين الذي يؤدي إلى تهجير السكان المحليين قسراً. 

ويتعين على الناشطين الأجانب الذين يسعون إلى دخول الضفة الغربية المرور عبر نقاط المراقبة الحدودية الإسرائيلية، عادة عبر مطار بن غوريون بالقرب من "تل أبيب" أو معبر اللنبي مع الأردن، والدخول بتأشيرة سياحية. وفي حال استنتجت السلطات الإسرائيلية عند الحدود أن الغرض من الزيارة هو الانضمام إلى أنشطة التضامن مع الفلسطينيين، فقد يتم منع الأجانب من الدخول.

وبعد اتهام الفلسطينيين بتقديم شكاوى كاذبة ضد المستوطنين الإسرائيليين لإزعاج الجيش والإضرار بصورته، أنشأ بن غفير فرقة العمل التي أسماها "فريق التعامل مع الفوضويين"، وأوضح أن تأسيسها ينسجم مع سياسته الواضحة في محاربة مثيري الشغب وعدم التسامح مطلقاً مع من يمس بالأمن والمستوطنين و"دولة إسرائيل". 

وكان المستوطنون يراقبون الناشطين الأجانب الذين يوجدون بالقرب من العائلات الفلسطينية وهي تقطف الزيتون ويقتربون منهم ويطلبون منهم جوازات سفرهم. لكن الناشطين يرفضون تسليمهم إياها وينتظرون وصول الجيش. فكان الجيش يعتقلهم ويخضعهم للتحقيق ويتهمهم بدعم حماس والانتماء إلى منظمات "إرهابية" أو محظورة (حركة التضامن الدولية) في "إسرائيل" بحسب ادعائه. وكانوا يفتحون هواتفهم المحمولة عنوةً ويسألونهم عن صور التقطوها وعن صور أشخاص معينين وارتباطهم بهم. كما كانوا يطرحون عليهم أسئلة سياسية تتعلق بالاعتراف بحق "إسرائيل" في الوجود ورأيهم في هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر وأسئلة سياسية شخصية لا تتعلّق بالقضية التي لأجلها تم إيقافهم ومحاسبتهم في المحكمة الجنائية. وكانت الغاية من كل هذه الإجراءات تصوير الناشطين الأجانب على أنهم مناصرون لحماس من أجل الضغط عليهم وترحيلهم. وحتى بعد ترحيلهم، تحاول "إسرائيل" تشويه سمعتهم وإلباسهم عباءة الإرهاب. 

وهناك ناشطون كانت تتم متابعتهم بشكل دقيق منذ لحظة وصولهم، وعند انتقاء الفرصة المناسبة يلقون القبض عليهم بحجج متعددة عن طريق المستوطنين. ويوجهون إليهم تهمة القدوم إلى "إسرائيل" لمهاجمة اليهود والانخراط في أنشطة إرهابية، بالإضافة إلى التهكم عليهم. وهو أمر صادم بالنسبة إلى الناشطين.

وعلى الرغم من تشكيل فرقة عمل خاصة للتعامل مع الأجانب، فإن كل الناشطين، الذين تحدثوا إلى المجلة، قالوا إن المحققين لا يتحدثون الإنكليزية، وإن التحقيقات كانت تتم بمساعدة مترجم تحضره الشرطة إما شخصياً وإما عبر مكالمة "واتساب". 

وفي المرحلة التي لا يحصل فيها المحققون الإسرائيليون على إجابات ترضي غرورهم يتهمون الناشطين بالكذب والإرهاب، ويصدرون حكمهم بإلغاء تأشيراتهم إلى الضفة الغربية وترحيلهم. وأوضح الناشطون أن السلطات الإسرائيلية كانت معادية لهم وأرادت بصورة استباقية اعتقالهم وإخراجهم من البلاد. 

السلطات الإسرائيلية "تريد الانتقام"

أوضح ميشال بومرانتز، المحامي الذي توكّل عن الكثير من الناشطين الأميركيين المحتجزين أو المرحلين، أن اتهامات الشرطة الواهية لن تصمد أمام المحكمة، ولهذا السبب تم تحويل الناشطين إلى سلطات الهجرة. وقال: "ليس من قبيل الصدفة أن يكون عدد من هؤلاء الناشطين أميركياً"، إذ يبدو أن السلطات الإسرائيلية "تريد بوضوح الانتقام من العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على المستوطنين".

كما أشار بومرانتز إلى أن كل من توكل عنهم مروا "بتجربة مروعة وصعبة. فقد عوملوا معاملة سيئة، وقضوا ساعات في الشمس، واتهموا بأنهم مؤيدون لحماس وكارهون لإسرائيل. وبعضهم لم يرغب في متابعة عملية الاستئناف في المحاكم بسبب التجربة المريرة والتهديد بحظر الدخول لفترة طويلة". 

من جهتها، قالت نيتا غولان، العضو المؤسس في حركة التضامن الدولية (ISM)، إن الاستهداف المتزايد للناشطين الدوليين يسلط الضوء على من تَعُدّهم الشرطة الإسرائيلية "إرهابيين"، موضحةً "أنهم يلومون الأشخاص الذين لا علاقة لهم بأعمال العنف، ويكذبون ويبالغون ليصلوا إلى مستوى ’دعم الإرهاب‘ و’التحريض على العنف‘". 

وأردفت قائلة: "عندما تستهدف هذه الادعاءات الأجانب، لا يتعين على الشرطة إثبات ذلك، ويتم احتجاز الأشخاص وترحيلهم. ولكن عندما توجه الاتهامات نفسها إلى الفلسطينيين في الضفة الغربية يتم إرسالهم إلى الاعتقال الإداري من دون تهمة أو محاكمة ويتعرضون للتعذيب ويواجهون المجاعة في السجن، وفي غزة يُقتلون مع أطفالهم وعائلاتهم بأكملها". 

وتؤكد غولان أنّ السياسة المتبعة ضد الناشطين تهدف إلى منع "أي توثيق وأدلة على التطهير العرقي الذي يحدث في الضفة الغربية، ولاسيما للمجتمعات الرعوية الفلسطينية في المنطقة ’سي‘". 

علاوة على ذلك، لا يتعرض ناشطو التضامن الدولي لخطر الاعتقال والترحيل من جانب "إسرائيل" فحسب، بل يتعرضون لهجمات عنيفة من جانب الجنود والمستوطنين أيضاً. ففي أيلول/سبتمبر، أطلق جندي إسرائيلي النار على الناشطة التركية الأميركية عائشة نور إزجي إيجي، البالغة من العمر 26 عاماً، في أثناء وجودها في مظاهرة في بلدة بيتا. وهي المتطوعة الثالثة في حركة التضامن الدولية والتي تُقتل على أيدي الجنود الإسرائيليين، والأولى منذ أكثر من عقدين.

وتواصلت مجلة "972+" مع الشرطة الإسرائيلية بخصوص معاملة الناشطين الدوليين والتهم الموجهة إليهم. واكتفى متحدث باسم الشرطة بالرد قائلاً: "تقوم الشرطة الإسرائيلية بتنفيذ القانون بكل الوسائل القانونية المتاحة لها، ولن تسمح بإيذاء "دولة" إسرائيل، أو دعم الإرهاب، أو انتهاك القانون، أو الإضرار بالنظام العام، أو التدخل في قوات الأمن في أثناء قيامها بأنشطتها العملياتية". 

وتواصلت المجلة مع سلطة السكان والهجرة بخصوص إجراءات ترحيل الناشطين الدوليين، إلا أنها لم تلقَ الرد. 

نقله إلى العربية: زينب منعم

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.