كيف شددت إيران وحزب الله الخناق على إسرائيل
عندما قالت مندوبة الولايات المتحدة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هايلي، يوم 31/8/2017، إن "إيران تُظهر وجهها الحقيقي وإن عليها أن تقرر إذا ما كانت تريد أن تكون جزءاً من المجتمع الدولي وتفي بالتزاماتها الدولية بجدية، أو أنها تريد أن تكون زعيمة حركة إرهابية جهادية، ذلك أنه لا يمكن أن تكون كلا الأمرين معاً"، عندما قالت ذلك، كانت تعلم تماماً القرار الذي كانت إيران قد اتخذته فعلاً.
هذا وقد ترأس وفد حماس إلى المباحثات في كل من بيروت وطهران صالح العاروري، الذي يُعتبر قائد الخلايا التابعة للجناح العسكري لحماس عز الدين القسام. وفي بيروت ذهب العاروري إلى المباحثات مع الإيرانيين مع رمضان عبد الله شلح، زعيم حركة الجهاد الإسلامي. وكان اللقاء الحاسم بالنسبة للقرار الإيراني حول تجديد الدعم العسكري والمالي لحركة حماس وذلك عندما ذهب العاروري، بعد لقاء الإيرانيين، للقاء زعيم حزب الله حسن نصر الله. وقالت المصادر الاستخبارية الخاصة بموقع "ديبكا" إن طهران قد تركت القرار في يد نصر الله، الأمر الذي يُظهر زيادة مكانة وهيبة نصر الله في أوساط القيادة الإيرانية بعد الانتصارات التي حققها في سوريا. وفي نهاية اللقاء مع العاروري أعطى نصر الله الضوء الأخضر لطهران لاستئناف علاقاتها العسكرية مع حماس. وقد فتحت موافقة نصر الله الباب أمام سلسلة جديدة من اللقاءات التي عُقدت في طهران بين الإيرانيين وبين زعماء حركة حماس، شارك فيها، بالإضافة إلى العاروري أعضاء قيادة حماس والجناح العسكري التابع لها، الذين وصلوا إلى طهران من أجل المشاركة في مراسم تنصيب الرئيس الإيراني حسن روحاني، شارك ضباط في هيئة العمليات الإيرانية ونواب الجنرال قاسم سليماني وقادة شبكة الإرهاب الإيرانية في كل الشرق الأوسط بما في ذلك في دول الخليج. وفي هذه اللقاءات بحث المشاركون في تفاصيل التفاصيل المتعلقة بكيفية عمل حماس على الصعيد العسكري – أي الإرهابي، وكيف ستقوم بتنسيق هذه العمليات مع إيران، ومع حزب الله. وتقرر أيضاً حجم المساعدة العسكرية والمالية التي ستقدمها طهران لحماس. وكانت النتيجة المباشرة لهذه اللقاءات هي نجاح إيران وحزب الله، خلال شهر آب/أغسطس فقط، في إقامة جبهة ثانية ضد إسرائيل. ومن وجهة النظر الإسرائيلية فإن المشكلة الأساسية التي تواجهها إسرائيل مع أقوال نيكي هايلي هي أن بقية أقسام إدارة الرئيس دونالد ترامب، بغض النظر عن الأهمية الكبيرة لأقوالها في الأمم المتحدة ولدى الرأي العام العالمي، تتصرف في الميدان بشكل معاكس. وفي الوقت الذي تحدثت فيه هايلي في الأمم المتحدة أنهت إيران وحزب الله، من جديد، وضع أسس جبهتهم مقابل حدود إسرائيل في هضبة الجولان. ولم يكن بالإمكان ظهور ضباط إيرانيين وضباط تابعين لحزب الله، هذا الأسبوع مقابل هضبة الجولان على مسافة لا تزيد عن 2 – 3 كيلومتر، لو لم تكن إدارة ترامب قد وافقت على الطلب الروسي بالتخلي عن النقطة التي كانت تطالب بضرورة ابتعاد القوات الإيرانية والقوات التابعة لحزب الله في سوريا عن الحدود السورية مع كل من الأردن وإسرائيل إلى مسافة تتراوح بين 40 – 50 كيلومتر. وقد مكنت هذه الموافقة الأميركية إيران وحزب الله من مواصلة زحفهما البطيء باتجاه الحدود الإسرائيلية من خلال تنفيذ قفزة جريئة إلى قلب القنيطرة، في الوقت الذي كان فيه الروس يقدمون لهم المظلة العسكرية. وبكلمات أخرى، فإن العقدة الخانقة الإيرانية حول إسرائيل قد ازدادت شدتها خلال شهر آب/أغسطس بدرجة كبيرة. وكان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قد تفاخر هذا الأسبوع بأن إسرائيل قد تمتعت خلال فترة ولايته بهدوء نسبي ولم تتورط في أية حرب كبيرة. وهذه حقيقة صحيحة. إلا أنه يوجد لمثل هذه السياسة السلبية ثمنها أيضاً. وقد اتضح، في 1 أيلول/سبتمبر 2017، هذا الثمن بكامله. إذ أن إسرائيل تقف في مواجهة جبهتين إيرانيتين. في الشمال، على حدودها مع كل من سوريا ولبنان، والآن جبهة أخرى في قطاع غزة. ومن الناحية العسكرية الإستراتيجية فإن إسرائيل قد عادت 11 عاماً إلى الوراء، إلى عام 2006، وذلك عندما أقامت إيران في ذلك الوقت هاتين الجبهتين عينهما في شمال إسرائيل وفي جنوبها. في ذلك الوقت خرجت إسرائيل في حرب ضد حزب الله في لبنان. واليوم، هل تقرر إسرائيل الخروج في حرب ستضطر فيها للقتال على ثلاث جبهات: سوريا ولبنان وغزة؟ ترجمة: مرعي حطيني