إعلان الحرب على إيران لشطب قضية الشعب الفلسطيني
بسام أبو شريف يكتب في صحيفة "الأخبار" عن قرع طبول الحرب على إيران لكونها الدولة القوية التي تساند الحق الفلسطيني وترفض الإرهاب الرسمي الإسرائيلي والمسلط على رقاب أطفال ونساء وشيوخ فلسطين.
ليس بريئاً، وليس صدفة هذا التزامن في العزف وقرع طبول الحرب على إيران، الذي ورد على لسان دونالد ترامب، ووزير خارجيته، ورئيس الأركان الإسرائيلي ورئيس وزراء إسرائيل، تماماً كما يجري في الميدان.
فالتزامن بين مساهمة تركيا في
إنقاذ آلاف الإرهابيين من الرقة (أو إخراجهم بحسب الاتفاق مع أميركا) وتصعيد القصف
الإسرائيلي المباشر على المواقع السورية وزيادة عدد القوات الأميركية في الرقة وجنوب
سوريا، وزيارة حاملة الطائرات جورج بوش لحيفا وإنزالها آلاف المارينز وعدتهم ليتوجهوا
جنوباً، ليس صدفة وليس بريئاً.
هذه الخطوات تتوالى ضمن جدول
أعمالها الذي وضعته لجنة التخطيط الاستراتيجية المشتركة الإسرائيلية الأميركية في اجتماعاتها
في البنتاغون خلال الأشهر الخمسة الماضية.
وجاءت قمة الرياض لتعلن الحلف
الأميركي الإسرائيلي الخليجي السعودي، بتمويل سعودي وخليجي، لشن الحرب على إيران. ووضعت
الخطة ووضعت تكتيكاتها وأولوياتها.
وتبين أن لكلمة الإرهاب وتعريف
الإرهابي قاموس أميركي سعودي إسرائيلي، مختلف عن ذلك المعروف عالمياً والمقبول عقلياً.
فقمة الرياض التي ترأسها ترامب (وجمع أموالها) حدد أن إيران هي مصدر الإرهاب وليس إسرائيل، وحدد كذلك أن كل من له علاقة بإيران إرهابي وليس شركاء إسرائيل. وأوردت القمة هنا سوريا وحزب الله وحماس.
بكلام آخر حددت أن الجيش العربي السوري وحلفاءه هم إرهابيون وليس «النصرة» و«داعش» وغيرهما من المنظمات الإرهابية التي أنشأتها أميركا وإسرائيل والسعودية وقطر.
لكن توضيح ذلك، برغم الوضوح يصبح هنا ضرورياً، فالإرهابيون بالنسبة إلى قمة الرياض والسيد ترامب (زعيم مافيا المال) هم الذين يرفضون الاعتراف بإسرائيل ويساندون الحضن الفلسطيني ويدينون الاحتلال والتوسع الإسرائيليين.
وبما أن إيران هي الدولة القوية التي تساند الحق الفلسطيني وترفض الإرهاب الرسمي الإسرائيلي والمسلط على رقاب أطفال ونساء وشيوخ فلسطين فإنها تقود الإرهاب (حسب تعريف ترامب) وتشكل الخطر الأكبر على حليفته وطفلته إسرائيل.
وهذا ما دفع رئيس الأركان الإسرائيلي للقول إن الوجود الإيراني في سوريا هو أخطر من «داعش» وهو الذي يجب أن ينال أولوية التصدي وليس «داعش».
فإسرائيل تخشى من نمو الحلف المقاوم للإرهاب الحقيقي الذي تقوده واشنطن وتنفذه تل أبيب.
لا أشك لحظة في أن موسكو تعرف هذا تماماً، ولذلك تمحورت جهود لافروف وما زالت حول ضرورة الاتفاق على تحديد وتعريف الإرهابيين في سوريا.
إذاً كيف يمكن لواشنطن أن تمول «داعش» فقط كإرهاب وتترك جانباً فصائل الإرهاب الأخرى؟
وحتى إذا أخذنا هذا كمسلمة، فإن السؤال يبرز صارخاً، كيف يمكن لواشنطن التي تحدد «داعش» كهدف يجب أن يضرب لأن ذلك هو ضرب الإرهاب، وتقول في الوقت نفسه إن من يحارب «داعش» ويقاومها هو إرهابي؟ فهي تتهم إيران وسوريا و«حزب الله» بالإرهاب؟!
هذا الموقف يشير بوضوح إلى عنجهية المافيا الأميركية الحاكمة، وتشير إلى حلفها الذي قد يجر العالم إلى ويلات.
ترامب وبخ الأوروبيين في صقلية
وأهان رؤساءهم، وأمرهم بدفع الأتاوات وإلا... وهدد كوريا الجنوبية بضرورة دفع ثمن صواريخ
أميركا التي نشرت على أرض كوريا الجنوبية وإلا... وهدد العالم إن هو قام بأي تبادل
تجاري مع كوريا الشمالية، بعواقب وخيمة.
وخاطب البولنديين بقوله: «أريدكم أن تبقوا حذرين من الاتحاد السوفياتي الذي حرمكم من
أن تكونوا جزءاً من العالم الحر! وشكرهم على قبولهم استقبال جنود أميركا وصواريخها
على أرضهم!
ومن وارسو أعلن بوضوح أن يحث الروس على وقف دعمهم لسوريا وإيران (مطلب إسرائيل) وأن يخرجوا الإيرانيين من سوريا (مطلب إسرائيل).
وقال إن أي تسوية في سوريا يجب أن تبدأ بخروج الإيرانيين منها! (وهو يعني بطبيعة الحال وحلفاء إيران حسب تعريفه كذلك). ينفذ ترامب إذاً ما خططت له إسرائيل. وهو لن يتردد في استخدام القوة العسكرية إن طلبت إسرائيل منه ذلك.
وترامب ينتمي الى مدرسة رجال العصابات واللصوص الذين نفتهم الدول الأوروبية من سجونها الى «البلاد الجديدة» أي أميركا، فأمعنوا في وحشيتهم وقتلوا ملايين وملايين من أصحاب البلاد الهنود الحمر، وأقاموا دولة للصوص وحتى يومنا هذا يحتفظون ببقايا الهنود الحمر (أصحاب البلاد) في معسكرات ومناطق محاصرة تمنع من الاختلال بالبلاد لأنهم يكرهونهم عنصرياً ويخشونهم لأنهم أصحاب البلاد.
ترامب يتصرف وكأن الولايات المتحدة هي «برج ترامب». ويستغل بشكل لصوصي قوة الولايات المتحدة لابتزاز دول العالم ونهب ثرواتها (وهذا هو الإرهاب الأب والأم والأصل).
ويستخدم قوة الولايات المتحدة لابتزاز ثروات الأمم الأخرى، وفرض أتاوات وصفقات تجارية مجحفة بحق الشعوب، وهو يعتقد أنه على حق فالقوة هي العدالة بالنسبة له.
يتصرف كأنه حاكم أوحد لهذا العالم ويهدد بالقوة المحرقة وغير المحرقة كل من يرفض شروطه وأوامره.
ولكن... رجل المافيا دونالد ترامب، جبان ويحتمي بالجيش الأميركي الذي عين قائداً له في وزارة الدفاع هو أشبه بالكلب المسعور الذي يهتاج ويفرح على رائحة دماء الشعوب.
وهو لا يعلم أن قادة المافيا يقعون في حفر حفروها هم لغيرهم. ورجل المافيا لا يستوعب أن من يبتزهم ويظن أنهم مستكينون، قد يثورون عليه ويخلصون العالم من شروره.
لكنه حتماً لا يفهم معنى النضال من أجل الحرية والدفاع عن الحق والتضحية في سبيل ذلك.
عليه أن يقرأ، ماذا جرى في فييتنام؟ ماذا جرى ويجري في أفغانستان؟ ماذا جرى ويجري في أميركا اللاتينية؟
إن ما قرره ترامب بشأن كوبا لن يعيد التاريخ للوراء بل سيلقي بترامب في مزبلة التاريخ.
ستكون أرض سوريا مقبرة جديدة إن هو استمر في مخطط إسرائيل لغزو سوريا وسيكون الخليج الذي ابتز أموال العرب منه على يد عملائه الحاكمين سوف يثور على عملائه ويطرد الأميركيين من الجزيرة والخليج وسيعود الغاز والنفط لأصحاب الشعب العربي والأمة العربية.
لكننا لا نريد أن نبقى في الموقف المبدئي بل علينا أن نقول إن العمل السريع الذي يلتقط خططهم وبرنامجهم كفيل بعرقلتهم وتحطيم مخططاتهم.
رئيس الأركان الإسرائيلي يقول إن محاربة إيران في سوريا أهم من محاربة داعش. إنه إعلان حرب. ومثل هذا الإعلان يتطلب تحضيراً دقيقاً والشيء الأمثل هو المبادرة في الدفاع عن النفس، الغرب يسميها استباقاً.
يحضرون الآن لعملية «كيماوية» ليضللوا مرة أخرى الرأي العام الذي يعرف الحقيقة. يحاربوننا نفسياً بالإعلام فقط ويقصفوننا بالطائرات. لنسقط طائراتهم ونضرب عملاءهم دون هوادة ودعونا نجبرهم على تذوق ما أذاقونا من عذاب على مدى قرن من الزمن.