"نيويورك تايمز": ترامب وإيران وشبح حرب العراق
يُفكّر الرئيس ترامب في القيام بعمل عسكري سريع ضد إيران. وكانت هناك توقّعات مماثلة بأن تكون الحرب في العراق سريعة ومنتصرة.
-
جندي مشاة بحرية أميركي يبكي أثناء مراسم تأبين 31 جندياً أميركياً قُتلوا في معسكر أميركي في العراق، في 2 شباط/فبراير 2005.
صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تنشر مقالاً تحليلياً يناقش المخاوف المتصاعدة من تكرار الولايات المتحدة لخطأ غزو العراق عام 2003، عبر انخراطها في حرب جديدة ضدّ إيران، ويركّز على أوجه الشبه بين اللحظة الراهنة ومرحلة ما قبل غزو العراق، محذّراً من العواقب الكارثية لأيّ عمل عسكري متهور.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرّف:
قبل أكثر من 22 عاماً بقليل، كانت واشنطن متوترة، إذ وقف رئيس على شفا غزو بغداد. كان التوقّع أن تكون المهمة سريعة ومنتصرة، وأن تُنجز.
بحلول الوقت الذي انسحبت فيه الولايات المتحدة بعد ما يقرب من تسع سنوات، وبعد مقتل أكثر من 4000 أميركي و100 ألف عراقي، أصبحت الحرب درساً تاريخياً في سوء التقدير والعواقب غير المقصودة.
يخيّم شبح العراق الآن على واشنطن المنقسمة بشدة والمضطربة. الرئيس ترامب، الذي شنّ حملة ضد "حروب أميركا الأبدية"، يفكّر في نشر سريع للقوة العسكرية الأميركية في إيران. هذه المرة، لا يوجد نحو 200 ألف جندي أميركي محتشدين في الشرق الأوسط، ولا تظاهرات مناهضة للحرب حول العالم. لكن الشعور بالرعب والمجهول يبدو متشابهاً من نواحٍ عديدة.
قال فالي نصر، وهو أميركي من أصل إيراني وأستاذ في كلية "جونز هوبكنز" للدراسات الدولية المتقدّمة: "كثير من هذا يُروى بالقصة نفسها مجدّداً". في قديم الزمان، لم نكن نعرف ما هو أفضل، وصدّقنا كلّ الكلام المتفائل عن العراق. لكن كلّ افتراضاتنا ثبت خطأها.
هناك أوجه تشابه عديدة. اعتبرت إدارة بوش وحلفاؤها غزو العراق "سهلاً"، ووعدوا باستقبال القوات الأميركية كمحرّرين. وكانت هناك خلافات داخلية حول المعلومات الاستخباراتية التي برّرت الحرب. وضغطت مجموعة من المحافظين الجدد بقوة من أجل فرصة التخلّص من صدام حسين.
وكانت أميركا تنتظر بفارغ الصبر إعلان الرئيس جورج دبليو بوش قراره النهائي.
ويجادل حلفاء ترامب اليوم بأنّ مساعدة "إسرائيل" بإلقاء قنابل "خارقة للتحصينات" وزنها 30 ألف رطل على فوردو، الموقع النووي الأكثر تحصيناً في إيران، قد تكون حدثاً استثنائياً من شأنه أن يُحدث تغييراً جذرياً في الشرق الأوسط.
وهناك خلاف حول المعلومات الاستخباراتية بين تولسي غابارد، مديرة الاستخبارات الوطنية في إدارة ترامب، التي صرّحت في آذار/مارس أنّ إيران لا تُصنّع سلاحاً نووياً بنشاط، وترامب، الذي ردّ يوم الثلاثاء قائلاً: "لا يهمّني ما قالته". وأضاف أنّ إيران كانت في الواقع قريبة من امتلاك سلاح نووي.
بعض المحافظين الجدد الذين دافعوا عن حرب العراق، يدفعون الآن باتجاه حرب مع إيران. قال ويليام كريستول، أحد معارضي ترامب ورئيس تحرير صحيفة "ذا بولوارك" والمدافع البارز عن الحرب مع العراق: "عليكم خوض الحرب مع الرئيس الحالي. إذا كنتم تعتقدون حقاً أنّ إيران لا تستطيع امتلاك أسلحة نووية، فلدينا فرصة لمحاولة إنهاء المهمة".
ومرة أخرى، تنتظر الأمة قرار رئيسها. قال ترامب يوم الأربعاء، عندما سُئل عن رأيه في ضرب المنشآت النووية الإيرانية: "قد أفعل ذلك، وقد لا أفعله، لا أحد يعلم ما سأفعله".
هناك الأسئلة المألوفة حول نهاية اللعبة. هبط بوش على متن حاملة الطائرات أبراهام لينكولن، وتحت شعار "المهمة أُنجزت"، أعلن بانتصار انتهاء العمليات القتالية في العراق. لكن البلاد كانت في حالة من الفوضى أثناء حديثه.
ويخشى العديد من المسؤولين الأميركيين اليوم من اندلاع حرب أوسع نطاقاً إذا قصفت الولايات المتحدة قاعدة فوردو، بما في ذلك شنّ هجمات انتقامية على قواعد أميركية في المنطقة من قبل حلفاء لإيران، وضربات على السفن في البحر الأحمر من قبل اليمنيين.
أعرب الأدميرال ويليام ف. فالون، الذي أشرف على جميع العمليات العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط عامي 2007 و2008 بصفته قائد القيادة المركزية الأميركية، يوم الأربعاء عن مخاوفه من خروج إيران عن السيطرة بعد ضربة أميركية.
قال: "ما هي الخطة؟ ما هي الاستراتيجية؟ ما هي النتيجة المرجوّة؟ نحن نتصرّف بانفعال".
قال السيد نصر إنّ السيناريو المأمول بعد الضربة هو تدمير فوردو بالكامل، وقبول إيران التفاوض على إنهاء برنامجها النووي. لكن إذا ردّ الإيرانيون عسكرياً، كما يقولون، فسيضطر ترامب إلى شنّ هجوم مضاد، خاصةً إذا قُتل أميركيون في قواعد أميركية بالمنطقة.
وقال: "وعندها لا أحد يعلم أين سينتهي الأمر، وترامب يُخاطر حقاً بتكرار حرب العراق". وأشار إلى أنّ "إيران أكبر من العراق، إذ يبلغ عدد سكانها نحو 90 مليون نسمة، وجيشها الوطني أكثر قدرة بكثير من الجيش العراقي".
كان جون بولتون، المحافظ الجديد الذي شغل منصب أحد مستشاري الأمن القومي لترامب في ولايته الأولى، من أشدّ المؤيّدين للحرب في العراق، وهو الآن مؤيّد لهجوم أميركي على إيران.
قال بولتون إنه لا يعلم ما سيقرّره السيد ترامب. ولم يكن متأكّداً مما إذا كان ترامب نفسه يعلم. لكن من واقع خبرته، قال بولتون إنّ ترامب كان "مذعوراً ومضطرباً" في أزمات الأمن القومي.
نقلته إلى العربية: بتول دياب.