"ميدل إيست آي": الحرب على غزّة قرّبت المغرب من "إسرائيل" وليس العكس

لقد تعزّزت علاقات المغرب مع "إسرائيل" خلال الحرب على غزة على الرغم من كون معارضة شعبها الأقوى من بين الدول العربية.

0:00
  • عشرات الآلاف من المغاربة يحتجون على العلاقات مع
    عشرات الآلاف من المغاربة يحتجّون على العلاقات مع "إسرائيل" عشية ذكرى 7 أكتوبر عام 2024

موقع "ميدل إيست آي" ينشر تقريراً تحدّث فيه عن توسّع العلاقات بين المغرب والاحتلال الإسرائيلي خلال الحرب على غزّة، رغم أنّ الشعب المغربي سجّل تظاهرات واعتراضاً هو الأكبر من بين الدول العربية.

أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية بتصرّف:

قال يوسف عمراني سفير المغرب لدى الولايات المتحدة لقناة "الحرّة" التلفزيونية في 13 شباط/فبراير إنّ "الحرب في غزة والوضع الكارثي في ​​الشرق الأوسط أدّيا إلى تجميد التعاون بين الدول العربية وإسرائيل".

ويبدو أنّ هذا الوضع صحيح بالنسبة لبعض الدول، مثل المملكة العربية السعودية، ولكن بالتأكيد ليس بالنسبة للمغرب، الذي عمّق علاقاته مع "إسرائيل" من دون أن يخفي ذلك. أحدث مثال على ذلك هو شراء 36 نظام مدفعية ذاتية الحركة من طراز "Atmos 2000" من الشركة المصنّعة الإسرائيلية "Elbit Systems"، والذي تمّ الإعلان عنه في أوائل شباط/فبراير.

يبتعد المغرب مرة أخرى عن أحد مورّديه التقليديّين، فرنسا، التي اشترت منها في عام 2020 نظام "Caesar"، الذي تصنعه "KNDS" وهو مشابه لمنافسه الإسرائيلي. هذه مدافع مفيدة بشكل خاص في الصحراء بفضل قدرتها على الحركة.

في تموز/يوليو الماضي، تخلّت القوات المسلحة الملكية المغربية بالفعل عن استبدال أقمار التجسس محمد السادس (أ) ومحمد السادس(ب)، التي تصنعها شركتا "إيرباص" و"تاليس" الأوروبيتان، بـ  نماذج "صنع في فرنسا".

ولجأ الجيش المغربي بدلاً من ذلك إلى شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية (IAI) لتغييرها. وستوفّر الشركة الإسرائيلية في غضون أربع سنوات طائرتين من الجيل الأحدث من طراز "Ofek-13" مقابل مليار دولار. وهذا هو أكبر عقد تمّ توقيعه حتى الآن مع "إسرائيل".

وتتوالى الصفقات مع المغرب واحدة تلو الأخرى لصناعة الأسلحة الإسرائيلية، مع شراء معدّات مثل طائرات "Heron" من دون طيار، وقبّة "Skylock" لإسقاط الطائرات المعادية من دون طيار، ونظام "Barak MX" المضاد للصواريخ.

في عام 2023، كانت "إسرائيل" بالفعل ثالث أكبر مورّد للمغرب (11% من الطلبات)، بعد الولايات المتحدة وفرنسا، وفقاً لمعهد "ستوكهولم لأبحاث السلام". وبهذه الوتيرة، ستتمّ إزاحة فرنسا قريباً من المركز الثاني.

كانت العلاقات بين المغرب و"إسرائيل" جيدة دائماً في السرّ، وخاصة منذ الثمانينيات. حتى أنّ شمعون بيريز، رئيس الوزراء آنذاك، ذهب إلى الرباط في عام 1986 للقاء الملك الحسن الثاني سرّاً، والد الملك الحالي محمد السادس.

أعادت الدولتان تأسيس علاقاتهما الدبلوماسية رسمياً في كانون الأول/ديسمبر 2020، عندما انضمّت المغرب إلى اتفاقيات أبراهام بناءً على طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وفي مقابل صفقة التطبيع هذه، اعترف الأخير بمطالبات الرباط بالسيادة على الصحراء الغربية، وهي مستعمرة إسبانية سابقة استولى عليها المغرب بين عامي 1975 و1979.

ثمّ استمرّ أعضاء الحكومة الإسرائيلية في القدوم إلى الرباط لتوقيع الاتفاقيات. وزار وزير الدفاع بيني غانتس المملكة للمرّة الأولى في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 لإبرام صفقة بشأن الدفاع والتعاون الصناعي في مجال التسلّح والتدريب العسكري. وسبقت رحلته رحلة رئيس الأركان الإسرائيلي آنذاك أفيف كوخافي. وكان من المقرّر أن يزور رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المملكة في خريف عام 2023، لكنّ الحرب على غزة عطّلت كلّ الخطط.

وبعد بدء الحرب، اختفى الزوّار الإسرائيليون من المغرب أو أصبحوا أكثر تحفّظاً، مثل أمير بيريتس، ​​رئيس شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية، الذي زار المملكة في صيف عام 2024 لتوقيع عقد أقمار "أوفيك 13"، لكنّ الأعمال التجارية استمرّت بقوة.

في الأشهر الأخيرة، قامت السلطات المغربية بخطوات لم تسمح بها أيّ دولة عربية أخرى، ولا دول غربية مثل إسبانيا، تجاه "إسرائيل".

في أوائل حزيران/يونيو 2024، توقّفت سفينة الإنزال الكبيرة "INS Komemiyut" التابعة للبحرية الإسرائيلية، والتي كانت متجهة من بينساكولا (الولايات المتحدة) إلى حيفا، في ميناء طنجة للتزوّد بالوقود بعد أن رفضت الحكومة الإسبانية السماح للسفينة باستخدام موانئها.

وفي كانون الأول/ديسمبر، وافقت المغرب على إعادة نسيم كليبات، وهو مواطن فلسطيني متهم بالإرهاب وتمّ اعتقاله في المملكة، رغم عدم وجود معاهدة لتسليم المجرمين بين البلدين.

معارضة شعبية قوية

إنّ المغرب هو بلا شكّ البلد في شمال أفريقيا - وربما البلد العربي - حيث كانت المسيرات المؤيدة للفلسطينيين الأكثر تكراراً وعدداً. لقد نظّمتها الجبهة المغربية لنصرة فلسطين ومناهضة التطبيع، وهي تحالف يهيمن عليه حزب العدل والإحسان الإسلامي، وقد جرت هذه المسيرات في جميع أنحاء المملكة، بما في ذلك في أكثر أركانها بعداً. وفي المدن الكبرى مثل الرباط والدار البيضاء، جمعت مئات الآلاف من الناس في الشوارع.

ويطالب المتظاهرون، الذين ما زالوا ينزلون إلى الشوارع، على وجه الخصوص بإلغاء الاتفاقيات مع "إسرائيل". وكشف استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "عرب باروميتر" في حزيران/يونيو الماضي أنّ 13% فقط من المغاربة يؤيّدون تطبيع بلادهم مع "إسرائيل"، في حين كانت النسبة 31% قبل الحرب.

كما وصلت الاحتجاجات إلى الجامعات، بما في ذلك جامعة محمد السادس متعدّدة التخصّصات، وهي مؤسسة خاصة يرتادها النخبة، حيث يدرس ولي العهد مولاي الحسن.

في أيار/مايو الماضي، أرسل 1256 طالباً رسالة إلى رئيس الجامعة هشام الهبطي، يطالبون فيها "بقطع العلاقات" مع شركائها الأكاديميين الثمانية الإسرائيليين. ولكن من دون جدوى: فقد تمّ الحفاظ على هذه العلاقات.

في الأثناء، أعرب ديفيد جوفرين، رئيس مكتب الاتصال الإسرائيلي السابق في الرباط، عن أمله في أن تمنع السلطات المغربية التظاهرات من الانتهاء بحرق العلم الإسرائيلي علناً.

لقد قدّمت حكومة نتنياهو للقصر الملكي المغربي، وهو المركز الحقيقي للسلطة، بعض الخدمات من أجل إنقاذ النظام الملكي من الوقوع في موقف محرج للغاية مع الرأي العامّ. وعلى وجه الخصوص، سمحت "إسرائيل" بعدة شحنات من المساعدات الإنسانية والإمدادات الطبية من المغرب إلى غزة، والتي بدأت في آذار/مارس 2024 بإسقاط جوي. وقد حظيت هذه الشحنات بتغطية إعلامية واسعة النطاق في المغرب.

لكن لماذا يحرص المغرب على الحفاظ على علاقاته مع "إسرائيل"، بل وحتى تعزيزها، في حين أنّ حرب "إسرائيل" على غزة غير شعبية إلى هذا الحدّ؟ علماً أنّه خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية (2000-2005)، فعلت الرباط العكس من ذلك بقطع العلاقات الدبلوماسية مع "إسرائيل" التي أقيمت في عام 1994.

نقلته إلى العربية: بتول دياب.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.