"ذا ناشونال إنترست": هل تواجه حرب "إسرائيل" على غزة نقطة تحول؟
إنّ إرهاق الجيش الإسرائيلي وصمود حركة حماس يشيران إلى احتمال التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة خلال الشهرين المقبلين.
-
"ذا ناشونال إنترست": أثبّتت "حماس" قدرتها على مواصلة إعادة الوحدات العسكرية والصمود
مجلة "ذا ناشونال إنترست" الأميركية تنشر تقريراً يتناول الوضع العسكري والسياسي المتدهور في غزة، واحتمال التوصّل إلى وقف إطلاق نار خلال الشهرين المقبلين، وسط مؤشرات على إرهاق "الجيش" الإسرائيلي، وصمود حركة حماس المستمرّ بعد أكثر من 21 شهراً من الحرب.
أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:
يظهر أنّ نيل الإرهاق من "الجيش" الإسرائيلي وصمود حركة حماس العنيد قد يفضيان إلى احتمال وقف إطلاق النار في غزّة في الشهرين المقبلين. مع ذلك، يستمرّ "الجيش" الإسرائيلي في توسيع عملياته في القطاع، إذ طلب في 20 الشهر الجاري من السكّان إخلاء منطقة قريبة من بلدة دير البلح الساحلية التي بنيت حول مخيم للاجئين أقيم للفلسطينيين الذين فرّوا من قراهم ومدنهم عام 1948.
وتواصل حركة حماس السيطرة على دير البلح، رغم أكثر من 650 يوماً من الحرب التي يشنّها "الجيش" الإسرائيلي على القطاع، ومحاولته الآن في دير البلح هي للضغط على "حماس" للتوصّل إلى اتّفاق لوقف إطلاق النار، إذ لم يتمكّن الطرفان من عقده خلال الأسابيع الماضية، فيما يشرع رئيس أركان "الجيش" الإسرائيلي إيال زامير في خوض حرب معقدة من دون استراتيجية واضحة من القيادة السياسية الأعلى.
ولا توجد طريقة واضحة لاستبدال حكم "حماس" في القطاع. كما تعارض الحكومة الإسرائيلية حكم السلطة الفلسطينية على غزّة من الضفة الغربية. وعلى هذا النحو، من المحتمل أن يحدث فراغ في إدارة القطاع.
وكانت أعمال "الجيش" الإسرائيلي بإجبار المدنيين على مغادرة المناطق التي يعمل فيها، ما أدّى إلى نقلهم جميعاً إلى المناطق الخاضعة لسيطرة "حماس"، حيث تتشبث الحركة بعدد قليل من الأماكن على الساحل، مثل دير البلح.
الحرب الإسرائيلية على غزّة و"حماس" مستمرّة منذ 21 شهراً، بعد هجوم عنيف لحركة حماس على "إسرائيل" قتل فيه أكثر من 1200 شخص وأخذ 251 كأسرى، ولا يزال 50 رهينة في غزّة حتّى الآن. وبالنسبة إلى الجنرالات الإسرائيليين، فإنّ الهدف الرسمي للحرب هو إعادة الرهائن، لكن ليس واضحاً كيف سيحدث ذلك. عموماً، لم يتمكّن "الجيش" الإسرائيلي من تحرير سوى قلّة بسيطة من الأسرى إلّا من خلال غارات القوّات الخاصّة.
عاد معظم الرهائن في صفقتين؛ الأولى في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2023، والأخرى في كانون/الثاني هذا العام. وقد دعمت الولايات المتحدة الصفقة، وحاولت قطر ومصر الوساطة. وتستضيف الدوحة القادة السياسيين لحركة حماس، ما يسمح لها باستضافة المحادثات. ومع خسارة "حماس" العديد من قادتها في غزّة، يبدو أنّ القادة السياسيين في قطر يتولّون زمام النفوذ على القرارات المستقبلية للحركة.
بالنسبة إلى حركة حماس، فهي خاضت الحرب بشكل عام كلعبة انتظار. وبعد الهجوم الأوّلي على "إسرائيل"، تخفى مقاتلوها في الغالب تحت الأرض في الأنفاق. حتّى في المناطق التي حوّلتها "إسرائيل" إلى أنقاض، تستمرّ "حماس" في العودة إليها. وفي بيت حانون، وهي منطقة قريبة من الحدود الإسرائيلية، قتلت "حماس" 5 جنود إسرائيليين مطلع الشهر الجاري. وهذا يدلّ على أنّ الحركة لا تزال تعمل في مناطق يوجد فيها كثافة عديد للجيش الإسرائيلي.
في كثير من الحالات، انسحبت "حماس" من المناطق، ثمّ عادت لاحقاً. على سبيل المثال، كان "الجيش" الإسرائيلي قد واصل اغتيال قادة "حماس" في جباليا ودراج تفاح في شمال غزّة في منتصف الشهر، وهم يديرون وحدات من كتائب "حماس" كان "الجيش" الإسرائيلي يعتبر أنّه دحرها منذ نهاية العام 2023. وهكذا تثبّت "حماس" قدرتها على مواصلة إعادة الوحدات العسكرية والصمود.
وعن السؤال: كيف تحصل "حماس" على المزيد من المقاتلين؟ يعود إلى حقيقة أنّ نحو مليوني فلسطيني مدني يعيشون في منطقة صغيرة في وسط غزّة التي تسيطر عليها "حماس"، ما يسهل على الحركة الاستمرار في تجنيد المقاتلين، وهي تحتاج فقط إلى تجنيد نسبة صغيرة من الشباب لمواصلة القتال. وعلى هذا النحو، فإنّ "حماس" لديها مجموعة جاهزة من المجندين المحتملين.
وفي حين أنّ حركة حماس، وعلى الرغم من الخسائر، لا تزال مستمرّة في أجزاء من غزّة، حيث يواجه "الجيش" الإسرائيلي تحدّيات متزايدة. ووفقاً لتقارير بثتها وسائل الإعلام الإسرائيلية، يواجه جنود الاحتياط في "الجيش" الإسرائيلي إرهاقاً هائلاً بعد أطول حرب تخوضها "إسرائيل" في تاريخها.
كذلك، تواجه "إسرائيل" أيضاً تحدّيات في التجنيد للجيش الإسرائيلي، لأن 80,000 رجل يهودي متطرّف معفيون من الخدمة العسكرية لأسباب دينية وسياسية، وهذا يعادل عدّة فرق من الجنود المقاتلين. ويبدو أنّ قادة "الجيش" الإسرائيلي يطالبون بتوسيع العمليّات في غزّة في الشهرين الجاري والمقبل قبل سحب القوّات.
وهذا يعني أنّ المدّة المذكورة تمثّل فرصة أخرى لإنهاء الحرب على غزّة، فيما هناك العديد من الأسئلة حول الشكل الذي قد تبدو عليه الصفقة، إذ ستحاول حركة حماس البقاء في السلطة؛ فقد قاتلت لمدّة 21 شهراً من دون أن تستسلم أو تنشقّ، في حين لم تظهر أيّ جماعة في غزّة تتحدّى حكمها.
وفي حين أنّ "إسرائيل" تدعم ميليشيا صغيرة في غزّة منذ أبريل/نيسان الماضي، ولكن ليس من الواضح ما إذا كانت هذه الجماعة تسيطر على أكثر من منطقة صغيرة في رفح في جنوب غزّة. كما دعمت الولايات المتحدة مبادرة إنسانية تسمى مؤسسة غزة الإنسانية، التي وزّعت الموادّ الغذائية في عدّة مواقع في القطاع بحسب ما تقول، لكنّ المجتمع الدولي رفض العمل معها، لأنّ المناطق المحيطة بمواقع توزيع المساعدات الإنسانية تشكل خطراً على الفلسطينيين الذين يسعون للحصول على بعضها.
وبحسب التقارير، إنّ الساعين للحصول على المساعدات قتلوا بأعداد كبيرة في تلك المواقع المحدّدة للتوزيع، فيما يشكّك "الجيش" الإسرائيلي في هذه الادّعاءات. ومع ذلك، لا جدال في أنّ 20 شخصاً قتلوا في تدافع في موقع واحد في 15 الشهر الجاري. وقد دفع ذلك بريطانيا و27 دولة أخرى إلى الدعوة إلى إنهاء الحرب على غزّة. ويجمع العالم على أنّ الحرب على غزة يجب أن تنتهي. كما أيّدَت الولايات المتحدة وقف إطلاق النار وسعت إلى الجمع بين "إسرائيل" و"حماس" من خلال محادثات في قطر.
كذلك، تريد دول أخرى في الشرق الأوسط مثل السعودية إنهاء الحرب، في وقت تظهر استطلاعات الرأي أنّ 74% من الإسرائيليين يرغبون أيضاً في رؤية نهاية للأعمال العدائية، فيما إثارة مخاوف "الجيش" الإسرائيلي بشأن إرهاق جنود الاحتياط، ستفرض بالضرورة تحقيق أهداف الحرب أو التوصّل إلى اتّفاق.
نقله إلى العربية: حسين قطايا.