"بوليتيكو": ترامب يبدو مستعداً لشطب قارة أفريقيا بأكملها
يقول مسؤولون في الإدارة الأميركية إنّ الدول الأفريقية لا تستطيع اللجوء إلى الصين للحصول على المساعدات.
-
"بوليتيكو": ترامب يبدو مستعداً لشطب قارة أفريقيا بأكملها
صحيفة "بوليتيكو" الأميركية تنشر تقريراً يناقش التحول الجذري في سياسة الولايات المتحدة تجاه أفريقيا خلال إدارة الرئيس دونالد ترامب. ويركز التقرير على التحول من المساعدات إلى التجارة، والانسحاب الأميركي من القارة.
أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية بتصرف:
لقد وعد العديد من الرؤساء بتغيير جذري في علاقة الولايات المتحدة مع أفريقيا، مع التركيز أكثر على التجارة وأقل على المساعدات. وقد يحقق الرئيس دونالد ترامب هذا التحول بالفعل.
للوهلة الأولى، تبدو تحركات ترامب الأخيرة وكأنها قطيعة مفاجئة، وفوضوية للغاية، مع قارة بأكملها. فمن تفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية إلى التفكير في منع الزوار من العديد من الدول الأفريقية، يبدو أنّ الولايات المتحدة تتخلى عن هذه الدول لتتعامل بمفردها مع التحديات التي تراوح بين مكافحة الإيدز وضعف أنظمة التعليم. ومن المتوقع أيضاً أن تغلق الولايات المتحدة العديد من السفارات في أفريقيا، ويشير بعض التقارير إلى أنّ ترامب يريد تقليص العمليات العسكرية الأميركية في القارة.
وبينما تقوم إدارة ترامب بالتقليص على الصعيد العالمي وفرض الرسوم الجمركية في جميع أنحاء العالم، يبدو أنّه ليس هناك منطقة أقل أهمية بالنسبة للبيت الأبيض من أفريقيا.
ويجادل الأشخاص الذين يدورون في فلك ترامب، وحتى بعض السياسيين الأفارقة، بأنّ هذه التحركات ستعود بالنفع على الولايات المتحدة والقارة على المدى الطويل. والهدف، كما يقولون، هو دفع الحكومات الأفريقية إلى استثمار المزيد من أموالها في الخدمات العامة واتخاذ خطوات لتعزيز قطاعاتها الخاصة، وربما حتى جعلها أكثر تقبلاً لاحتياجات المواطنين.
وهذا رهان محفوف بالمخاطر، بالنظر إلى أن البعض يجادل بأن المساعدات الأميركية تساعد في تفادي صراعات أكبر في القارة، وتمنع حدوث أزمات صحية عالمية، وتوفر ثقلاً موازناً للنفوذ الصيني في المنطقة. ولكن يبدو أن هذه مخاطر تبدو إدارة ترامب مرتاحة لخوضها.
إذا أرادت الحكومة الأفريقية علاقات قوية مع واشنطن، بما في ذلك مساعدات التنمية في المستقبل، فعليها أن تدفع بطرق أخرى، بدءاً من إتاحة الوصول إلى المعادن إلى قبول المرحلين، كما أخبرني مؤيدو ترامب.
"هذا استثمار. ليس الأمر كما لو أننا سنستمر في الدفع لمدة 40 عاماً من أجل الحصول على الرعاية الصحية"، هذا ما قاله أحد مسؤولي إدارة ترامب المشاركين في مناقشات المساعدات الخارجية للحكومات الأفريقية.
يبذل ترامب وفريقه جهوداً حثيثة لتحقيق هدف عبّر عنه الرؤساء الأميركيون الآخرون، بمن فيهم أسلافه الأربعة الديمقراطيون والجمهوريون السابقون المباشرون، بدرجات متفاوتة، وهو تغيير طبيعة علاقة الولايات المتحدة مع أفريقيا. وشهد كل منهم بعض التقدم، ولكن لم يكن أي منهم على استعداد لخفض المساعدات بشكل عميق ومفاجئ. والشعور السائد بين المسؤولين الأفارقة هو أنهم بحاجة إلى تقديم ما في وسعهم لشراء حب ترامب بشكل فعال، أي المعاملات التي اشتهر بها.
فبعض الدول الأفريقية سيكون من الأسهل عليه البقاء على رادار الولايات المتحدة ببساطة بسبب نفوذها السياسي في القارة (مثل كينيا وإثيوبيا)، أو أهميتها لأسواق الطاقة (نيجيريا) أو لأسباب أخرى غير متكررة. وبعضها أكثر قدرة مالياً وسياسياً على امتصاص صدمة فقدان المساعدات الأميركية من غيره. لكن البعض الآخر لن يكون لديه الكثير ليقدمه لمصلحة واشنطن، وقد يختارون الوقوف إلى جانب خصوم الولايات المتحدة على الساحة العالمية، سواء في الأمم المتحدة أم في الحرب.
لا يُساعد ضعف السلك الدبلوماسي الأفريقي في واشنطن على تحسين الوضع، ولا سيما سفارات دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، التي تعاني من ضعف التمويل، والتي لا تحظى بتغطية إعلامية كافية.
وأخبرني أحد الدبلوماسيين الأفارقة أنّ جماعات الضغط تتواصل مع السفارات عارضةً خدماتها كمُحاور مع فريق ترامب، لكن العديد من المناصب الدبلوماسية يفتقر إلى الأموال اللازمة لتوظيف مثل هؤلاء. ويتوقع البعض أنّ تتقلص ميزانياته الدبلوماسية مع محاولة الحكومات سد الثغرات التي خلفتها برامج المساعدات الأميركية التي جرى إغلاقها.
إلى جانب ذلك، لم يملأ فريق ترامب حتى الآن العديد من المناصب الرفيعة المستوى المتعلقة بأفريقيا، لذا فإنّ الدبلوماسيين الأفارقة ليسوا متأكدين ممن يتجهون إليه. وقال لي دبلوماسي آخر من هؤلاء الدبلوماسيين إنّ "الوضع فوضوي".
إحدى الطرق التي حاولت بها الدول الأفريقية تقليدياً ممارسة المزيد من النفوذ العالمي هي العمل الجماعي عبر الاتحاد الأفريقي. لكن دبلوماسيين أفارقة أخبروني أنه يبدو من غير المجدي التعامل مع إدارة ترامب من خلال الاتحاد الأفريقي، لأنّ ترامب ومساعديه يرفضون عموماً الهيئات المتعددة الأطراف ويفضلون الصفقات الثنائية. إضافة إلى ذلك، فإنّ معظم المؤسسات الأفريقية المتعددة الأطراف ليست موحدة حول كيفية التعامل مع ترامب.
ويؤيد العديد من المشرعين الديمقراطيين نقل العلاقة مع أفريقيا بعيداً من المساعدات، لكنهم يجادلون بأنه كان على إدارة ترامب العمل مع الكونغرس لتقديم نموذج جديد. (يقول الديمقراطيون أيضاً إن ترامب خالف القانون بتفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية من دون استشارة الكونغرس).
لكن مسؤولي إدارة ترامب يسخرون من فكرة أن الكونغرس كان سيساعدهم على إصلاح البنية التحتية للمساعدات الخارجية الأميركية وعلاقتها مع أفريقيا بسرعة. ويقولون إنّ المشرعين الأميركيين مدينون بالكثير من المصالح إلى درجة تمنعهم من اتخاذ خطوات كبيرة.
لدي إحساس، لدهشتي، بأن فريق ترامب ليس قلقاً جداً بشأن الصين. فالاقتصاد الصيني يكافح، ونهج الصين في المساعدات الخارجية أقل سخاءً بكثير من النهج الأميركي، بما في ذلك الاعتماد أكثر على القروض. إضافة إلى ذلك، يشك البعض في فريق ترامب في أن التهديد الصيني مبالغ فيه من قبل مؤسسة المساعدات التي أخذت الكثير من الأموال المخصصة للمحتاجين في الخارج.
وقال مسؤول في إدارة ترامب: "هذه خرافة، يقولون لك ذلك لبيع المساعدات".
ماذا عن الرسوم الجمركية؟ عندما أشرت إلى أنها قد تلحق الضرر بقدرة الشركات الأفريقية على القيام بأعمال تجارية مع الولايات المتحدة، قيل لي إنه من المحتمل أن تكون هناك صفقات مستقبلية لتخفيف الألم.
وقال تيبور ناجي، مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون أفريقيا في ولاية ترامب الأولى، والذي شغل حتى وقت قريب منصباً آخر رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأميركية بالوكالة: "آمل أن يكون ذلك نوعاً من الاضطراب قصير الأجل الذي سيجري العمل على تسويته".
عندما يتعلق الأمر بأفريقيا، فقد تغير النموذج في عهد ترامب، سواء كان الناس مستعدين أم لا.
وقال ناجي: "سيكون تغييراً جوهرياً.. وستكتشف الدول الأفريقية أنّ العلاقة الجديدة ستكون أكثر صحة لمجتمعاتها. ربما ليس بالنسبة للنخب، ولكن بالتأكيد بالنسبة لمجتمعاتهم وللشباب الذين هم في أمس الحاجة إلى الوظائف. وهذا ما يجب أن تكون سياستنا بأكملها موجهة نحوه".
نقله إلى العربية: الميادين نت.