"الغارديان": لا تنخدعوا.. قادة "إسرائيل" يخططون لغزة بلا فلسطينيين

على الرغم من وقف إطلاق النار، يستسلم بنيامين نتنياهو للمتطرّفين الذين لا يجدون أيّ مشكلة في التطهير العرقي، وقد وجدوا داعماً وهو دونالد ترامب.

0:00
  • "الغارديان": لا تنخدعوا.. اليمين المتطرّف في "إسرائيل" يخطط لغزة بلا فلسطينيين

مقال رأي في صحيفة "الغارديان" البريطانية للكاتب بن ريف، يرجّح أن يستأنف رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الحرب على غزّة بعد انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق، وذلك لأغراض سياسية وشخصية. كاتب المقال دعم رأيه بما حدث في لبنان، حيث إنّ نتنياهو لم يلتزم ببنود الاتفاق وخرقه بالبقاء في جزء من الأراضي اللبنانية.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

الآن دخلت اتفاقية وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" وحماس أسبوعها الثاني. وعلى مدى عطلتَي نهاية الأسبوع الماضيتين، سلّمت حماس سبعة أسرى إسرائيليين في مقابل إطلاق سراح ما يقرب من 300 فلسطيني معتقلين في السجون الإسرائيلية، كما بدأت الاستعدادات بالفعل لتبادل مزدوج في نهاية الأسبوع المقبل. ولكن الأمر لم يكن خالياً من العقبات.

وبعد يومين من وقف إطلاق النار، أطلق جنود إسرائيليون النار على مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة إلى منازلهم بالقرب من الحدود الجنوبية لقطاع غزة، مما أسفر عن مقتل طفل.

حصلت بعض الانتهاكات لاتفاق وقف إطلاق النار بسرعة. ولكن لا ينبغي أن تكون هناك أوهام حول المسار الذي يتجه إليه هذا الاتفاق. إذ لا ينوي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يمضي به إلى وقف إطلاق نار دائم؛ ولا ينوي سحب القوات الإسرائيلية بالكامل من قطاع غزة. ولن يمنعه دونالد ترامب، الذي سارع كثيرون إلى إعطائه الفضل في إجبار نتنياهو على الموافقة على وقف إطلاق النار في المقام الأول، من نسفه أيضاً.

أولاً، لنعُدْ إلى سياق الأحداث. لا جدال في أنّ نتنياهو عرقل عمداً المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في غزة على مدار العام الماضي. والواقع أنّ نتنياهو متهم بتأخير الاتفاق، وتسريب معلومات سرية من المحادثات إلى الصحافة، وتجاوز مجلس الحرب لتقليص تفويض المفاوضين الإسرائيليين، والتراجع عن الاتفاقات التي تمّ التوصّل إليها خلال اجتماعات مجلس الوزراء، وغزو معقل المدنيين الأخير في غزة، رفح، عندما كانت الصفقة على الطاولة، وتضخيم الفجوات بين مواقف "إسرائيل" وحماس وإضافة "خطوط حمر" جديدة بشكل تعسفي بعد أن قبلت حماس شروط "إسرائيل" السابقة. والآن بعد أن وافق في النهاية على وقف إطلاق النار، سواء بسبب ضغوط من ترامب أو حساباته السياسية الخاصة، تخشى عائلات الأسرى الإسرائيليين أن يتخلّى نتنياهو عن أحبّائهم من أجل استئناف الحرب.

ولكنْ هناك أسباب وجيهة للخوف. فحتى قبل أن توافق الحكومة الإسرائيلية رسمياً على اتفاق وقف إطلاق النار في 18 كانون الثاني/يناير، ظهرت تقارير تلقي بظلال من الشك على التزام نتنياهو بتحقيقه بالكامل. ويبدو أنّ رئيس الوزراء وافق على مطلب وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرّف بتسلئيل سموتريتش باستئناف القتال بعد انقضاء المرحلة الأولى من مراحل وقف إطلاق النار الثلاث. ورغم أنّ نتنياهو امتنع عن الاعتراف بهذا علناً، فإنّ المصادر الحاضرة في تلك المناقشات وكذلك الصحافيون المقرّبون من نتنياهو أكّدوا أنّ فرص وصول الاتفاق إلى مرحلته الثانية تقترب من الصفر.

ولكن لماذا استسلم نتنياهو لسموتريتش؟ على ما يبدو للسبب نفسه الذي جعله متردّداً في الموافقة على وقف إطلاق النار في المقام الأول: كان سموتريتش يهدّد بإسقاط الحكومة. وبعد أن انسحب إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي اليميني المتطرّف، من الائتلاف الحاكم ردّاً على موافقة مجلس الوزراء الأمني ​​الإسرائيلي على الاتفاق، لم يتبقّ لنتنياهو سوى أغلبية ضئيلة في البرلمان.

وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة بشكل ساحق إلى أنّ رئيس الوزراء سيواجه صعوبة في العودة إلى السلطة إذا أجريت الانتخابات اليوم. وعلى هذا فإنّ بقاءه السياسي وقدرته على صدّ استكمال محاكمته بتهمة الفساد والمساءلة عن الإخفاقات المحتملة في الفترة التي سبقت هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر، أصبح الآن بين يدي رجل تتلخّص رؤيته لغزة في السيطرة الإسرائيلية الدائمة والتطهير العرقي للفلسطينيين.

وفي إطار هذا الطموح، يبدو أنّ سموتريتش وجد حليفاً في البيت الأبيض. في نهاية الأسبوع الماضي، قال ترامب للصحافيين: "أنت تتحدّث عن مليون ونصف المليون شخص على الأرجح، ونحن سنقوم بتطهير هذا الأمر برمّته"، مقترحاً نقل سكان غزة بشكل دائم إلى مصر أو الأردن. ووفقاً لكبار المسؤولين الإسرائيليين، لم يكن هذا زلّة لسان. والواقع أنّ بعض أعضاء حكومة نتنياهو ينظرون إلى الفكرة بشكل إيجابي، وقد طرح أحد مسؤولي انتقال ترامب بالفعل إمكانية نقل الناس مؤقتاً من غزة إلى إندونيسيا.

كان ترامب غير ملتزم إلى حد كبير بالاتفاق نفسه. في يوم تنصيبه، اعترف بأنه "غير واثق" من أنه سيصمد، مضيفاً أنّ "هذه ليست حربنا، إنها حربهم". يزعم نتنياهو نفسه أنّه تلقّى تأكيدات من ترامب وجو بايدن بأنّ الولايات المتحدة ستمنح "إسرائيل" دعمها الكامل لاستئناف هجومها على غزة إذا انهارت المفاوضات قبل المرحلة الثانية (رفض مبعوث ترامب الجديد إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، تأكيد أو نفي ذلك).

كما استأنف ترامب إمداد "إسرائيل" بقنابل تزن 2000 رطل والتي أوقفتها إدارة بايدن بسبب مخاوف بشأن كيفيّة استخدامها في غزة. وفي الوقت نفسه، أعرب مايك هاكابي، سفير ترامب لدى "إسرائيل"، سابقاً عن وجهة نظر مفادها أنّه "لا يوجد حقاً شيء اسمه فلسطيني". هذا هو الرجل الذي ينتظر الكثيرون منه إجبار نتنياهو على الالتزام بوقف إطلاق النار وتمكين إعادة إعمار غزة في ظلّ الحكم الذاتي الفلسطيني.

في 3 شباط/فبراير، من المقرّر أن يبدأ المفاوضون من "إسرائيل" وحماس في تسوية التفاصيل قبل المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار. وهذا من شأنه أن يمنح نتنياهو الفرصة المثالية لانهيار المحادثات، وإلقاء اللوم على حماس، واستئناف الحرب إذا اختار ذلك. ويتعيّن على المجتمع الدولي، الذي وقف متفرّجاً لمدة خمسة عشر شهراً بينما كانت "إسرائيل" تسحق غزة وسكانها، أن يستغلّ كلّ أداة في ترسانته لضمان صمود الاتفاق.

في الأسبوع الماضي، تراجع نتنياهو عن التزام حكومته بسحب القوات الإسرائيلية من لبنان في غضون ستين يوماً، رغم أنّه ألقى باللوم على لبنان. ويبدو أنّ هناك القليل جداً من الأسباب التي تمنعه ​​من القيام بالشيء نفسه، بل وربما أسوأ، في غزة. وسوف تكون العواقب وخيمة على مليوني فلسطيني بدأوا للتو في لملمة شتات حياتهم المحطّمة.

نقلته إلى العربية: بتول دياب.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.