"Responsible Statecraft": ما خلفيات صفقة ترامب مع اليمن؟
إعلان ترامب المفاجئ عن اليمن، يأتي بعد أن تمكّنت القوات المسلحة اليمنية من ضرب مطار بن غوريون الإسرائيلي يوم الأحد.
-
مؤتمر صحافي لترامب يعلن فيه وقف ضرب اليمن
مجلة "Responsible Statecraft" الأميركية تنشر مقالاً حلّلت فيه خلفيات إعلان ترامب وقف الضربات الجوية على اليمن ودوافعه، ومصلحته من ذلك.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
أثار إعلان ترامب وقف الضربات الجوية على اليمن تكهنات حول ما إذا كان الاتفاق يشمل هجمات الحوثيين على "إسرائيل". يبدو أنّ "إسرائيل" لم تكن على علم بالاتفاق، إذ بدا أن بيان ترامب يتعلق حصرياً بالشحن في البحر الأحمر.
في 4 أيار/مايو، سقط صاروخ حوثي بالقرب من مطار بن غوريون، ما يدل على قدرة الجماعة على اختراق القبة الحديدية الإسرائيلية وأنظمة الدفاع الصاروخي "ثاد". رداً على ذلك، قصفت "إسرائيل" والولايات المتحدة مواقع الحوثيين، بالإضافة إلى البنية التحتية الحيوية للمدنيين اليمنيين، بما في ذلك ميناء الحديدة ومطار صنعاء. قصفت الولايات المتحدة اليمن كل ليلة منذ 15 آذار/مارس، عقب قرار شن هجمات أميركية رغم عدم وجود أي تهديد وشيك للمواقع الأميركية، كما أقر بذلك مسؤولون في الإدارة في جلسة دردشة جماعية عُقدت في قضية "سيغنال جيت".
ليس من الواضح ما إذا كانت الهدنة مع الحوثيين ستدوم. من المقرر أن يبدأ الرئيس ترامب أولى رحلاته الدولية في ولايته الثانية في 13 أيار/مايو، حيث سيزور السعودية والإمارات وقطر. وتحرص دول الخليج على تجنّب اندلاع حرب بين الولايات المتحدة وإيران. وقد أعلنت طهران أنّه إذا سمح شركاء أميركا العرب للولايات المتحدة بشنّ هجمات من أراضيهم، فسيُعدّون أهدافاً للرد الإيراني.
لذلك، قد يكون إعلان ترامب يهدف إلى تهدئة التوترات قبل اجتماعاته مع قادة الخليج في الرياض وأبو ظبي والدوحة. وفي هذا الصدد، قد لا يختلف الإعلان عن وقف إطلاق النار قصير الأمد في غزة، والذي ضغط ترامب على نتنياهو لقبوله قبل تنصيبه؛ ثم لم يفعل ترامب شيئاً لضمان التزام "إسرائيل" بالاتفاق. فبعد أن سمحت "إسرائيل" في البداية بدخول بعض المساعدات إلى غزة، انتهكت الاتفاق بمنع جميع المواد الغذائية والمياه والوقود والأدوية من دخول غزة منذ 2 آذار/مارس، وفي 18 آذار/مارس، تخلت "إسرائيل" تماماً عن وقف إطلاق النار، واستأنفت قصفها اليومي لقطاع غزة. ولكن، من المؤسف، أنّ اهتمام ترامب بتهدئة التوترات مع الحوثيين قد لا يستمر أكثر من مدة وجوده في المنطقة، محاولاً تأمين صفقات مربحة مع شركائه السعوديين والإماراتيين والقطريين.
مع ذلك، ثمة احتمال بأن تستمر الهدنة مع الحوثيين، على الأقل طوال مدة مفاوضات إدارة ترامب مع طهران بشأن البرنامج النووي الإيراني. وقد تأكّد اهتمام ترامب بالمحادثات بقراره إقالة مستشاره للأمن القومي مايك والتز في 5 أيار/مايو، والذي تواطأ مع نتنياهو لمحاولة إفشال المفاوضات.
قد تعكس هدنة الحوثيين أيضاً وعي ترامب بتفضيلات قاعدته الانتخابية. ففي منشور على موقع "X" بتاريخ 2 أيار/مايو، أعربت النائبة مارجوري تايلور غرين عن إحباطها قائلةً: "لقد دافعتُ في حملتي عن وقف الحروب الخارجية". وتابعت: "لا أعتقد أنه ينبغي لنا قصف دول أجنبية نيابةً عن دول أجنبية أخرى، خاصةً عندما تمتلك أسلحتها النووية وقوتها العسكرية الهائلة"، ما يجعلها واحدة من السياسيين الجمهوريين القلائل المستعدين للتشكيك في دعم أميركا غير المشروط لـ "إسرائيل".
تتوافق تفضيلات قاعدة ترامب الانتخابية مع تفضيلات حلفائه الخليجيين. في السنوات الأخيرة، حاول ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي كان متشدداً في السابق، تجنب الصراع غير الضروري، سواء مع طهران أو صنعاء، من أجل تشجيع السياحة والاستثمار الأجنبي لدعم رؤية 2030، وهي خطته لتقليل اعتماد مملكته على الوقود الأحفوري. وافقت كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على هدنة مع الحوثيين في أيار/أبريل 2022 بعد أن أثبتت الجماعة أنّ صواريخها قادرة على ضرب عواصمها. لقد كلف القصف الأميركي للحوثيين أكثر من 3 مليارات دولار، بالإضافة إلى سبع طائرات مسيرة من طراز MQ-9 Reaper، تبلغ قيمة كل منها ملايين الدولارات، ناهيك بالحادثة المحرجة لسقوط طائرة مقاتلة من طراز F/A-18E Super Hornet - تزيد قيمتها على 60 مليون دولار، من حاملة طائرات أميركية في البحر الأحمر.
من جانبهم، أكّد الحوثيون قدرتهم على وقف الهجمات على السفن الحربية الأميركية إذا توقفت الهجمات الأميركية، لكنهم أكدوا أنّ الهجمات على "إسرائيل" ستستمر حتى توقف حربها المستمرة منذ 18 شهراً على غزة.
وأكد البيان: "يظل الشعب اليمني متمسكاً بخيارات الضغط على الكيان الإسرائيلي حتى يتوقف العدوان على غزة ويرفع الحصار". وأضاف البيان: "لن يمر العدوان الإسرائيلي والأميركي من دون رد، ولن يثني اليمن عن مواصلة موقفه الداعم لغزة".
مع أنّ ترامب قد يرغب أساساً في وقف هجمات الحوثيين سعياً منه لطمأنة حلفاء أميركا الأثرياء في الخليج، إلا أنّ مصالح أميركا ستتحقق على أفضل وجه بتجنب المزيد من التصعيد في البحر الأحمر.
نقلته إلى العربية: بتول دياب.