"Responsible Statecraft": توصيات لإدارة ترامب الجديدة تستهدف الشرق الأوسط.. ما هي؟

مخطط "تحالف فاندنبرغ" يريد من ترامب إعطاء "إسرائيل" الأولوية والحفاظ على إيران باعتبارها العدو الأول.. ماذا أيضاً؟

  • الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو
    الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو

مجلة "Responsible Statecraft" الأميركية تنشر تقريراً تتناول فيه خطط "تحالف فاندبرغ" الأميركي، وهو معسكر ومنصّة لمجموعة تضمّ عشرات من المسؤولين الحكوميين السابقين المؤيّدين لـ "حزب الليكود" الإسرائيلي، والقوميّين العدوانيين، واليمين المسيحي. 

"تحالف فاندبرغ" أعطى سلسلة توصيات سياسية واسعة لإدارة ترامب الجديدة، تستهدف غزة ولبنان وسوريا والعراق، وتسعى إلى جعل إيران العدو الأوّل للولايات المتحدة، وإلى إتمام صفقة التطبيع مع السعودية، وغيرها من القضايا. 

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

أعلن أحد أبرز "المحافظين الجدد" خلال العقود الماضية إليوت أبرامز، سلسلة توصيات سياسية واسعة لإدارة ترامب الجديدة حول منطقة الشرق الأوسط، وهي بمثابة توجّه وأفكار من الممكن أن يتبنّاها بنيامين نتنياهو وحزبه بكلّ سعادة.

يرأس أبرامز "تحالف فاندبرغ"، الذي أسسه بعد وقت قصير من تولّي الرئيس السابق جو بايدن منصبه، وهو معسكر ومنصّة لمجموعة تضمّ عشرات من المسؤولين الحكوميين السابقين المؤيّدين لـ "حزب الليكود" الإسرائيلي، والقوميّين العدوانيين، واليمين المسيحي، الذين عملوا منذ مطلع القرن الحالي في حشد الدعم العامّ لـ "الحرب العالمية على الإرهاب"، وغزو العراق عام 2003، والابتعاد عن حلّ الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وخاصّة في ظلّ إدارة جورج دبليو بوش التي عمل فيها أبرامز كمساعد خاصّ للرئيس ومدير أوّل لشؤون الشرق الأدنى وشمال أفريقيا.

التوصيات التي صدرت في 16 صفحة بعنوان "صفقات القرن: حلّ الشرق الأوسط"، وكما كان متوقّعاً دعت إلى "استخدام كلّ عناصر القوّة الأميركية لمنع إيران، التي تشكّل التهديد الأعظم لمصالح الولايات المتّحدة في الشرق الأوسط من امتلاك قنبلة نووية". ويصف التقرير "إسرائيل" بأنّها "الحليفة الأساسية في المنطقة، ويتوجّب تزويدها بالأسلحة التي تحتاجها للفوز بالحرب ومنع التصعيد على نطاق أوسع".

وتدعو التوصيات إدارة ترامب، إلى إبقاء تمركز القوّات العسكرية الأميركية في كلّ من العراق وسوريا، وتعليق كلّ أنواع المساعدات للقوّات المسلّحة اللبنانية "حتّى تُظهر استعدادها لمعارضة حزب الله". وأيضاً، إلى تسريع مبيعات الأسلحة الأميركية إلى الإمارات العربية المتحدة وتوسيع التعاون الاستخباراتي معها، وتعزيز التعاون العسكري والأمني ​​مع المملكة العربية السعودية، شريطة أن "تبتعد عن الصين وروسيا".

كما يدعو التقرير السعودية إلى "زيادة التزاماتها بالاستثمار المباشر في الصناعات الأميركية"، و"الامتناع من الإدلاء بتصريحات عامّة تنتقد إسرائيل وتدعم إيران". وتؤكّد التوصيات أنّ "التعاون المعزّز مع المملكة العربية السعودية يجب أن يكون مشروطاً بأن يكونوا واضحين بمواقفهم".

كذلك، يجب تصنيف قوّات الحشد الشعبي العراقية المدعومة من إيران والميليشيات المرتبطة بها كمنظّمات إرهابية أجنبية، وأن تتوقّف واشنطن عن التعامل معها سياسياً، وأن تعمل مع المجلس الرئاسي اليمني المدعوم من السعودية ضدّ الحوثيين الذين أشاد التقرير بتصنيفهم كمنظّمة إرهابية أجنبية في الأسبوع الماضي. وبما يتعلّق بالحكومة الجديدة في سوريا، يقول التقرير إنّ العقوبات المستمرّة التي شلّت اقتصاد سوريا، لا ينبغي رفعها "ما لم تُثبت الحكومة الجديدة أنّها جهة فاعلة ومسؤولة"

وبعيداً عن وضع إيران باعتبارها العدوّ الأوّل، فقد احتوت التوصيات على ازدراء خاصّ لقطر، التي أدّت دوراً محورياً في التوسّط بين "إسرائيل" وحركة حماس بشأن تبادل الأسرى الإسرائيليين في غزّة مع الفلسطينيين المعتقلين في سجون "إسرائيل". كما احتوت التوصيات على ازدراء مماثل للسلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس، وللوكالات المختلفة التابعة للأمم المتّحدة، ولا سيّما "الأونروا"، التي عملت مع اللاجئين الفلسطينيين وأسرهم في مختلف أنحاء الشرق الأوسط لأكثر من 70 عاماً، ولم ينجُ أيضاً كبار مسؤولي مفوّضية حقوق الإنسان في المنظّمة الأممية، خاصّة الذين يتعاملون مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. كذلك، على واشنطن "وقف كلّ تمويل للأونروا فوراً"، وأيضاً لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتّحدة المنتشرة على طول الحدود اللبنانية الإسرائيلية، "ما لم تظهر السلطة الإرادة لمواجهة قوّات حزب الله".

أمّا بالنسبة لقطر فيصف التقرير، أنّها "عملت على تقويض المصالح الأميركية من خلال التعاون مع إيران وإيواء الجماعات الإرهابية مثل حركة حماس". ومع وجود أصدقاء أفضل بكثير مثل السعوديين، "لم تعد واشنطن بحاجة إلى التسامح مع السلوك القطري المزعزع للاستقرار"، ويجب نقل المقرّ الأمامي للقيادة المركزية الأميركية من قاعدة العديد الجوّية في قطر وإلغاء "وضع الحليف الرئيسي غير التابع لحلف شمال الأطلسي" الذي تتمتّع به الدوحة ما لم تبدّل سلوكها، ومنح هذا الوضع للإمارات عوضاً عن قطر، شريطة "تقليل أبو ظبي من اعتمادها على مشتريات المعدّات العسكرية من روسيا والصين".

تصف التوصيات سياسات إدارة بايدن في الشرق الأوسط في أكثر من مناسبة بأنّها "استرضائية"، خاصّة تجاه إيران. كذلك كان ترامب قد أعلن في الشهر الماضي عن أنّ مشكلات "الشرق الأوسط سوف تُحلّ"، وهي العبارة التي ألهمت بلا شك عنوان التوصيات، التي حدّدت ما أسمته "المصالح الأميركية الرئيسية في المنطقة". وبينما يضع التقرير "منع إيران من تطوير سلاح نووي على رأس توجّهاته"، لكنه يعرب أيضاً عن انزعاجه من توغّلات الحزب الشيوعي الصيني في المنطقة، باعتباره "العدو العالمي الرئيسي" لواشنطن. وفي صدى للحرب العالمية على الإرهاب، يقول التقرير إنّ واشنطن يجب أن "تحرم الإرهابيين الجهاديين من ملاذ آمن"، في إشارة إلى الضرورة التي يشعر بها المحافظون الجدد لإبقاء القوّات الأميركية في سوريا والعراق.

ويؤكّد التقرير أنّ "تحالف أميركا مع إسرائيل يشكّل محور المصالح الأميركية في المنطقة، نظراً لأنه يعزّز القيم الأميركية في الشرق الأوسط ويوفّر خط الدفاع الأول ضدّ العدوان الإيراني". وعلاوة على ذلك، يتوجّب على واشنطن أن تحاول توسيع نطاق اتفاقيات "أبراهام"، و"لا ينبغي للقضية الفلسطينية أن تعيق تطبيع إسرائيل مع الدول العربية والإسلامية أو تعرّض أمنها للخطر بأيّ شكل آخر، وضمان حصول إسرائيل على المعدات اللازمة للدفاع عن نفسها". 

ووفقاً للتقرير فإنّ هناك مصلحة أخرى تتمثّل في توسيع نطاق وصول حلفائنا وشركائنا في أوروبا وأماكن أخرى إلى إمدادات الطاقة في المنطقة. ولزيادة الضغط على إيران، لا ينبغي لواشنطن أن تعيد فرض حملة "الضغط الأقصى" التي شنّها ترامب فحسب، بل يجب أن تدرج ضمنها إقناع بريطانيا وفرنسا وألمانيا بفرض "عقوبات سريعة" على طهران في الأمم المتحدة. وربما يكون من اللافت للنظر أنّ هذا يوفّر إمكانية التوصّل إلى اتفاق نووي جديد من شأنه "منع تخصيب اليورانيوم الإيراني بما يتجاوز الكميات الصغيرة اللازمة لبرنامج نووي مدني"، وهو ما حقّقته خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، التي انسحب منها ترامب في عام 2018، تحت تأثير المحافظين الجدد مثل إليوت أبرامز. وإذا أمكن التوصّل إلى اتفاق وفقاً للتوصيات، فيجب التعامل معه باعتباره معاهدة، أي إخضاعه لأغلبية الثلثين من الأصوات في مجلس الشيوخ.

وفيما يتصل بالفلسطينيين في أعقاب الحرب الإسرائيلية على غزّة، فإنّ "السياسة الأميركية تجاه الفلسطينيين لا بدّ وأن تعطي الأولوية لأمن إسرائيل وشركائنا العرب". ويتعيّن على واشنطن "أن تفرض معايير الحكم الرشيد، وأن تسمح لوصاية عربية بالسيطرة على غزة بعد الحرب". وبكلمات لا بدّ وأن تُسعد نتنياهو. ويشير التقرير إلى أنّ "ضعف السلطة الفلسطينية وعدم كفاءتها يعنيان أنّها غير قادرة على حكم غزّة"، وأنّ "إسرائيل سوف تحتاج إلى الحفاظ على السيطرة الأمنية لمنع حماس من إعادة بناء قواتها، ولكن لا ينبغي لها أن تحكم غزّة بنفسها".

لقد كان لأبرامز تاريخ طويل مع فلسطين وغزّة، خاصّة أثناء إدارة بوش بعد فوز "حماس" غير المتوقّع في انتخابات عام 2006، والتي أشيد بها باعتبارها الانتخابات الأكثر حرية وعدالة في العالم العربي في ذلك الوقت، لكنّ أبرامز وغيره من كبار المسؤولين شجّعوا على شنّ انقلاب مسلّح ضدّ "حماس" بقيادة زعيم فتح المحلي المفضّل لدى أبرامز محمد دحلان، والذي أشعل بدوره حرباً أهلية قصيرة في القطاع خرجت منها "حماس" منتصرة وأقوى من أيّ وقت مضى. وبعد الكارثة، انتقل دحلان إلى الإمارات العربية المتحدة، وقيل الكثير بإطار التكهّنات بأنه سيؤدّي دوراً رئيسياً نيابة عن الإمارات، إذا تقرّر نوع من "الوصاية العربية" إلى جانب قوات الأمن الإسرائيلية على غزّة كما جاء في التوصيات.

نقله إلى العربية: حسين قطايا