"Economic Times": "أميركا العظيمة" مصنوعة في الصين.. ما القصة؟

يُنتج مصنع صيني منذ عام 2016 منتجاتٍ تحمل شعار "لنجعل أميركا عظيمةً مجددًا" ويشمل ذلك القبعات واللافتات. يُعدّ هذا الكشف مُثيراً للسخرية، إذ يتناقض مع دعوات دونالد ترامب "اشترِ المنتجات الأميركية".

0:00
  • قبعة ترامب التي تحمل شعار
    قبعة ترامب التي تحمل شعار "اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" مصنوعة في الصين

صحيفة "The Economic Times" الهندية تنشر تقريراً تناول حملة سخرية شنّها ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي استهدفت حرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب التجارية على الصين. 

النص سلط الضوء على أنّ المنتجات التي تحمل الشعار الانتخابي لترامب "اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" مصنوعة في الصين، مشيرين إلى أنّ هذا الأمر يكشف مدى اعتماد الولايات المتحدة والعالم على المصانع الأميركية، ويطرح واقعاً مثيراً للسخرية خصوصاً في ما يخض دعوة ترامب للأميركيين إلى استعادة الصناعة الأميركية والاعتماد عليها. 

أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:

في تطور للأحداث يشبه السخرية السياسية، كشفت إحدى وسائل الإعلام الحكومية الصينية أنّ أحد المصانع في الصين كان ينتج بكميات كبيرة بضائع تحمل شعار "اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" (MAGA) منذ عام 2016.  هذه البضائع تشمل القبعات واللافتات التي أصبحت الشعار الشعبوي لدونالد ترامب.

يُضيف هذا الكشف، المصحوب بفيديو انتشر على نطاق واسع، لمسةً من السخرية اللاذعة ضد دعوة ترامب للأميركيين: "اشترِ المنتجات الأميركية، وظّف الأميركيين"، الذي جاء في خضم حرب تجارية ضد الصين.

لا يقتصر عمل مصنع شركة "جياهاو فلات" في مقاطعة آنهوي الصينية على تصنيع القبعات. فوفقاً لقناة "تشاينا 24" الإخبارية، يُنتج المصنع أكثر من ألف لافتة "لنجعل أميركا عظيمة مجددًا" يومياً، بسعر دولار أميركي واحد تقريباً لكل لافتة.

يعمل عمّال المضنع، وبعضهم بالكاد يعرف من هو دونالد ترامب، على نسج خيوط حركة سياسية أميركية، في الوقت الذي تخوض فيه بلادهم حرباً جمركية انتقامية من واشنطن بعد فرض التعرفات الجمركية.

وطنية مصطنعة

يُظهر تقرير "تشاينا 24" صخب المصانع، التي تعجّ بآلات الخياطة والأيدي العاملة، وتنتج لافتات شعار إعادة انتخاب ترامب. ولم تغب عن الأذهان تناقضات هذا المشهد. فبينما يواصل ترامب انتقاد الواردات الصينية وتهديده الشركات المحلية بعقوبات شديدة في حال الاستعانة بمصادر خارجية، يتبين أن جزءاً من هوية حملته الانتخابية يُصنع في البلد نفسه الذي يتهمه بالتخريب الاقتصادي.

في لحظةٍ مؤثرةٍ من الفيديو، يرفع عامل في مصنع لافتة لترامب شبه مكتملة، ويشرح: "يجب أن ننتج أكثر من ألفٍ منها يومياً". الرسالة الأساسية في المقطع يصعب تجاهلها: إنَّ النهضة الصناعية الأميركية المفترضة مخاطة حرفياً في الصين.

الحرب التجارية على "تيك توك"

يُعدّ هذا الفيديو جزءًا من موجة انتشار واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي انطلقت من الصين. وصفه الكثيرون بهجوم رقمي مضاد لسياسات ترامب الجمركية، لجأ منشئو المحتوى والمصنعون الصينيون إلى "تيك توك" ومنصات أخرى لكشف حقيقة التصنيع العالمي. من العلامات التجارية الفاخرة مثل "شانيل" و"لويس فويتون" إلى معدات حملة ترامب الانتخابية، يكشف المنتجون الصينيون مدى اعتماد العالم على مصانعهم.

لا تقتصر مقاطع "تيك توك" على الكشف عن العلامات التجارية فحسب. فالعديد من البائعين يعرضون الآن على المستهلكين علناً خطاً مباشراً إلى ما يسمونه "المصانع الأصلية"، مفتخرين بمواد عالية الجودة وعمالة ماهرة. وفي بعض الحالات، يعدون بشحن مجاني وتحمّل رسوم الاستيراد.

رسوم جمركية ذات حدين

تزداد المفارقة حدةً عند وضعها في سياق جيوسياسي أوسع. فقد قوبلت رسوم ترامب الجمركية على السلع الصينية، التي يصل بعضها إلى 145%، بإجراءات انتقامية بالقوة نفسها من بكين، بما في ذلك رسوم جمركية بنسبة 125% على الواردات الأميركية. وبينما منحت إدارة ترامب إعفاءات طفيفة لبعض الإلكترونيات، فإنها تستعد لفرض رسوم جمركية جديدة على أشباه الموصلات قريباً.

في غضون ذلك، لم تتردد وزارة التجارة الصينية في انتقاد ما وصفته بـ"الممارسة غير العادلة للرسوم الجمركية المتبادلة"، حاثةً الولايات المتحدة على "إلغاء" إجراءاتها التجارية بالكامل والعودة إلى "الاحترام المتبادل". ومع دخول البلدين في مواجهة محفوفة بالمخاطر، فإنّ صورة قبعات "لنجعل أميركا عظيمة مجددًا" المُخاطة في المصانع الصينية ليست ساخرة فحسب، بل تُجسد واقعاً اقتصادياً متشابكاً بعمق لا يمكن لأي من الجانبين فك تشابكه بالكامل من دون أضرار جانبية.

مفارقة الوطنية

في الوقت الذي يواصل فيه ترامب حملته لإعادة انتخابه على وعد القومية الاقتصادية، فإنّ الكشف عن أنّ سلعته المميزة تنبع من سلاسل التوريد العالمية، وخاصة تلك التي ترتكز على خصمه التجاري الرئيسي، أمرٌ مثير للسخرية بقدر ما هو مُنير. لقد تمت حياكة رسالة "لنجعل أميركا عظيمة مجددًا"، المصممة لاستحضار مجد الصناعة الأميركية، بعيدًا من التراب الأميركي.

إنّ قصة قبعات ترامب المصنوعة في الصين، تطرح السؤال عمّا إذا كان نسيج القومية منسوجاً محلياً حقاً، أم أنه مُستعان به سراً في الدول التي يُسيء معاملتها.

نقلته إلى العربية: بتول دياب.