"نيويورك تايمز": لورا لومر.. أداة ترامب الوقحة

لا تملك لورا لومر المحرّضة اليمينية المعادية للإسلام سوى عدد قليل من الأصدقاء في الجناح الغربي للبيت الأبيض، لكنّها تحظى بمعجب كبير في المكتب البيضاوي.

  • "نيويورك تايمز": لورا لومر.. أداة ترامب الوقحة

صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية نشرت مقالاً يتناول الدور المتزايد والجدلي للصحافية اليمينية المتطرفة لورا لومر داخل دوائر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وتأثيرها على قراراته السياسية والإدارية، رغم كونها شخصية مثيرة للجدل ومعروفة بعدائها للإسلام والمسلمين.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف:

في المعارك الكبيرة والصغيرة التي يخوضها الرئيس ترامب منذ تولّيه منصبه، تبرز بينها أكثرها حدّة، يسببها انفتاح الرئيس على آراء وأصوات كانت ذات يوم هامشية، مثل صوت الصحافية لورا لومر المؤثّر على ترامب، والتي يخوض بعض أقرب مساعدي الرئيس صراعاً مريراً لاحتوائها.

فالمحرّضة اليمينية لورا لومر المتفاخرة بعدائها للإسلام والمسلمين، نصّبت نفسها في دور المنقذة للنقاء الأيديولوجي، ما جعل لها اليد العليا والسامّة لدى بعض أعضاء الدائرة المقرّبة من الرئيس ترامب. وفي شهر آذار/مارس الماضي، لفتت انتباه الرئيس بمنشوراتها على منصّة "إكس"، انتقدت فيها العديد من أعضاء مجلس الأمن القومي، واعتبرتهم غير موالين للرئيس ترامب بدرجة كافية.

استجاب ترامب وطلب من لومر عبر الهاتف أن تحضر إلى المكتب البيضاوي في الأسبوع التالي. وبعد وقت قصير جداً، جلست لومر أمام الرئيس وفي حجرها ملفّها السميك تشرح بالتفصيل ما توصّلت إليه بشأن نائب مستشار الأمن القومي أليكس وونغ، على أنّه عمل في الحملة الرئاسية لعام 2012 مع المرشّح ميت رومني، وكان منتقداً لترامب، وزوجته عملت كاتبة لدى القاضية سونيا سوتومايور التي شاركت في محاكمة المتّهمين في أحداث اقتحام مبنى الكابيتول عام 2021.

كما انتقدت لومر 12 مساعداً آخرين بحضور عدد من مسؤولي الإدارة بينهم مستشار الأمن القومي حينها مايكل والتز، الذي حضر من دون دعوة في منتصف الاجتماع. بعد انتهاء لورا لومر من عرض تقريرها صرخ الرئيس ترامب في وجه والتز، "أريد طردهم جميعاً"، ثمّ صرف الحضور، وعانق لومر عند خروجها. 

لقد نجا أليكس وونغ في ذلك اليوم، لكنّ 6 موظفين ذُكروا في تقرير لورا لومر طُردوا من وظائفهم. وبعد شهرين، حقّق موظّفو البيت الأبيض انتصاراً صغيراً، حين حضر الرئيس ترامب ليلة افتتاح مسرحية "البؤساء" في مركز كينيدي، وحاولت لومر صعود الدرج المؤدّي إلى حجرات كبار الشخصيات في الصالة، حيث كان الرئيس ينتظر رفع الستارة، لكنّ أحد موظفي البيت الأبيض منعها من ذلك، مع أنّها أصرّت على حيازتها إذناً لرؤية الرئيس، لكنّ الموظف جادلها لعدّة دقائق ما أغضبها وقفلت عائدة إلى أسفل القاعة.

لكنّ، هذا الاستهزاء لم يثنها عن استغلال شهرتها في وسائل التواصل الاجتماعي لترويج موقفها الداعم لأجندة الرئيس ترامب. وفي الأسبوع الماضي، وفي إشارة واضحة إلى جميع سكان الولايات المتحدة من أصل إسباني، أعربت عن استمتاعها باحتمالية أن يؤكل الناس أحياء في أثناء محاولتهم الهرب من مركز احتجاز المهاجرين في المعتقل المعروف باسم "التمساح" في المستنقعات. وكتبت: "الخبر السارّ أنّ التماسيح ضمنت الحصول على ما لا يقلّ عن 65 مليون وجبة إذا بدأنا الآن".

وفي واحدة من بين أكثر من 12 مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" نفت لومر البالغة من العمر 32 عاماً، فكرة كونها متطفّلة تفتقر إلى المصداقية لدى الرئيس. وقالت: "نقطة وصولي إلى البيت الأبيض هي دونالد ترامب. وهذا أمر يصعب على الناس فهمه".

داخل البيت الأبيض، تعتبر لورا لومر قوة سامّة لا يمكن السيطرة عليها، حتّى إنّ ولاءها العميق للرئيس ترامب لم يخفّف ميلها إلى الانقلاب على أيّ شخص تقريباً، حتّى على حلفائها. لن يجرؤ أن يتحدّث عنها أيّ عضو من الدائرة المقرّبة للرئيس ترامب علناً.

كما أنّ سمات شخصيتها وافتقارها التامّ للخوف على ما يبدو، التي تقرّبها من الرئيس وتدفعه للاتّصال بها مرّات عديدة شهرياً، تجعل العديد من كبار موظّفي الإدارة يعاملونها بحذر، كما لو كانت على وشك تفكيك قنبلة يدوية.

لقد رفعت لورا لومير دعوى تشهير قضائية ضدّ الممثل الكوميدي بيل ماهر وشبكة "إتش بي أو"، بسبب تلميحه في برنامجه في أيلول/سبتمبر الماضي إلى أنّ لومر كانت على علاقة جنسية مع ترامب. واعترضت على ذلك بقولها: "لمجرّد أنّ امرأة قادرة على الوصول إلى الرئيس، وهي ليست مليونيرة، ولا تعمل في الحزب الجمهوري، فلا بد من أنّها تقيم علاقة جسدية مع الرئيس؟ لا أحب استخدام هذا المصطلح، لأنّني لا أريد أن أبدو ليبرالية، ولكن هناك بالفعل الكثير من كراهية النساء".

مع ذلك، تقرّ لومر بأنّ الرئيس محور حياتها. وتقول إنّها أخبرت صديقها بأنّ "الرئيس ترامب يأتي أوّلاً". وبعد لقاء واحد مع ترامب عام 2023، كتبت بحماسة في منصّة "إكس": "أحبّه كثيراً".

من جانبه، كثيراً ما يثني الرئيس ترامب على لومر، واصفاً إيّاها في التجمّعات بأنّها "امرأة رائعة، ووطنية حقيقية ومذهلة". يقول ستيفن ك. بانون، الذي كان مستشاراً بارزاً في إدارة ترامب الأولى عنها: "لديها الحدّة نفسها التي كانت لدى روي كوهن"، في إشارة إلى المحامي الملاكم الذي ساعد ترامب في أن يصبح مصارعاً في نيويورك منذ عقود.

لقد بذلت لورا لومر جهداً كبيراً لتجعل نفسها جديرة بهذا الدور، من خلال تصوير نفسها على أنّها من أشدّ الموالين للرئيس ترامب، معلنةً في الشهر الماضي أنّ "أميركا أوّلاً هي ما يقوله الرئيس ترامب". وهي تدرك تماماً أهمّية المظهر الخارجي. قالت: "في كلّ مرّة أزور فيها الرئيس، أبتاع زيّاً جديداً، لأنّي أريد أن أبدو في أبهى صورة".

وقد توهّجت شهرتها في إحدى أمسيات الشهر الماضي، حين تناولت العشاء في مطعم كابيتال غريل في واشنطن، مع مراسل صحيفة "نيويورك تايمز" ومحاميها لاري كلايمان، الذي أمضى يومه في مساعدة موكّلته على الاستعداد للإدلاء بشهادتها في الدعوى المرفوعة ضدّ الممثّل ماهر. وفي قاعة الطعام المزدحمة تبادلت لومر التحايا الحارّة مع السيناتور تيد كروز، الجمهوري من تكساس، بينما جاء جيمس بلير، نائب رئيس موظّفي البيت الأبيض إلى طاولتها ليعانقها.

لطالما اعترضت لومر على وصفها بأنّها "منظرة مؤامرة وناشطة معادية للمسلمين". وتصرّ على أنّها شخصية ذات نفوذ كبير قائلةً: "أتواصل يومياً مع أقوى وأغنى شخصيات العالم". ومن الممكن بطبيعة الحال أن يكون كلا الوصفين صحيحاً.

نشرت لومر ذات مرّة مقطع فيديو في منصّة إكس تقول فيه إنّ هجمات 11 أيلول/سبتمبر كانت "عملاً داخلياً"، إلّا أنّها زعمت لاحقاً أنّ المنشور فسّر على نحو خاطئ. وهي تشير باستمرار إلى هزيمة ترامب الانتخابية في عام 2020 وهو العام نفسه الذي خسرت فيه انتخابات الكونغرس في فلوريدا، بأنّها "الانتخابات المسروقة". وبعد عامين من خسارتها الانتخابات التمهيدية عن "الحزب الجمهوري لعضوية الكونغرس، رفضت لومر قبول الهزيمة، وقالت إنّها "لا تسلّم بالخسارة عندما يكون الأمر متعلّقاً بالسرقة.

لطالما كان خطاب لومر الكاره للإسلام أكثر انتشاراً، وقالت بـأنّها فخورة بتمتّعها بالإسلاموفوبيا" على منصّة تويتر في عام 2017 قبل عام من حظرها من قبل المنصّة بسبب خطاب الكراهية الذي وجّهته للنائبة إلهان عمر عن "الحزب الديمقراطي" في ولاية مينيسوتا، وإحدى أوّل امرأتين مسلمتين انتخبتا لعضوية الكونغرس.

قالت لورا لومر: "لا أعتقد أنّ الإسلام دين حقيقي"، زاعمة من دون دليل أنّ الحكومة القطرية هي المموّل الأكبر لحركة "حياة السود مهمّة". وبعد فوز زهران ممداني المسلم في الانتخابات التمهيدية الأخيرة عن "الديمقراطيين" لعمدة مدينة نيويورك، حذّرت لومر من أنّ "حادثة 11 سبتمبر أخرى ستقع في مدينة نيويورك، وسيكون ممداني هو المسؤول".

من بين متابعيها البالغ عددهم 1.7 مليون شخص على حسابها المعاد تنشيطه في منصّة "إكس"، نائب الرئيس جيه دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير الدفاع بيت هيغسيث، ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كاش باتيل، ورئيسة موظفي البيت الأبيض سوزي وايلز، وكبير مستشاري الرئيس للسياسة الداخلية ستيفن ميلر. كما يسعى المرشحون الجمهوريون إلى تأييدها بشدّة، وفي الشهر الماضي، دعا فانس لورا لومر للاجتماع به في مكتبه.

ومؤخّراً في أثناء قيامها بدوريّات في أروقة مبنى الكونغرس، مسلّحة فقط بهاتف محمول، كان من السهل ملاحظة نظرة الرعب المنتشرة على وجوه الجمهوريين الذين مرّوا في طريقها. فلا أحد يريد أن يكون المشرّع التالي الذي تطلق عليه لومر لقب "الجمهوري بالاسم فقط" أي الخائن.

قال الإعلامي اليميني تاكر كارلسون الذي هاجمته السيدة لومر مؤخّراً في مواقع التواصل الاجتماعي لانتقاده التدخل العسكري الأميركي في الحرب ضد إيران، "إنّها كطفل يحمل سلاحاً ناريّاً محشوّاً هو التغريدة، ولا ألومها، بل ألوم الكبار الذين يأخذونها على محمل الجدّ".

ويبدو أنّ تجميد حساباتها الأصلية في فيسبوك وإنستغرام مناسباً لشخصية لا تزال متمردة على التيار السائد.  وهي مضطرة بموجب تسوية ملزمة بعدم التحدّث باستخفاف عن مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية، وتدفع للمنظّمة غير الربحية 1200 دولار شهرياً لسداد التكاليف القانونية والرسوم الأخرى بعد رفض دعوى قضائية رفعتها ضدّهم لعدم جدّيتها.

يتذكّر أحد زملاء الدراسة حسن باركغين المسلم المولود في تركيا بأنّ "لورا كانت تعبر غالباً عن آراء متطرّفة".

تقول لومر إنّها بدأت التفكير في الإسلام بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر، عندما كانت في الثامنة من عمرها. وغالباً ما تبرّر هجماتها على المسلمين بالاستعانة بدينها، وعلى الرغم من أنّها تعترف بأنّها ليست ملتزمة بشكل خاص، إلّا أنّها تطلق على نفسها اسم "اليهودية الشجاعة" وغالباً ما ترتدي قلادة نجمة داود حول رقبتها.

 مع مرور الوقت، بدأت خطاباتها المعادية للمسلمين تلاحقها. وبحلول عام 2019، منعت من جميع شبكات التواصل الاجتماعي الرئيسية، وحتّى من شركتي خدمات السيارات أوبر وليفت، بعد أن كتبت: "لا أريد أبداً دعم سائق مهاجر مسلم آخر". وفي سنّ 25 فقط فقدت لومر نفوذها الإعلامي، وخشيت أن تكون مسيرتها المهنية قد انتهت.

ثم انتقلت لورا لومر إلى بالم بيتش. وفي عام 2019 استعدت للترشّح لعضوية الكونغرس. ورغم حداثتها السياسية، أثبتت نشاطها في الحملات الانتخابية وجهودها في جمع التبرعات، ما أهلها للفوز في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري ونيل تأييد ترامب. ومع ذلك، خسرت بفارق نحو 20 نقطة في دائرة انتخابية ذات أغلبية زرقاء في عام 2020 أمام النائبة الديمقراطية لويس فرانكل.

كذلك خسرت مرّة أخرى عام 2022، في الانتخابات التمهيدية للجمهوريين في دائرة انتخابية مختلفة، أمام النائب الحالي، دانيال ويبستر. وكان الرئيس ترامب قد امتنع عن تأييد أي مرشّح في الانتخابات التمهيدية، التي فاز بها ويبستر بفارق يقارب 7 نقاط. وادّعت لومر حدوث تزوير ورفضت الاعتراف بالهزيمة.

وخرجت من تلك المنافسة مفلسة ويائسة، لكنّها سرعان ما وجدت شريان حياة. الأوّل هو المالك الجديد لمنصّة "إكس" إيلون ماسك، الذي بدأ باستعادة الحسابات المحظورة، بما فيها حسابها، بعد فترة وجيزة من حيازته الشركة. والثاني هو صفقة أبرمتها مع رامبل، وهي منصّة بثّ فيديو يمينية، دفعت لها 15 ألف دولار شهرياً لإنتاج محتوى مع شركة إعلامية في فيرو بيتش في فلوريدا.

بعد ذلك أعادت لومر تقديم نفسها كمناصرة شرسة للرئيس ترامب، وركّزت على مهاجمة حاكم فلوريدا رون ديسانتيس، الذي كان من المتوقّع أن يكون منافس ترامب الرئيسي على ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة لعام 2024. 

وفي العام 2023، أثارت لومر فوضى صاخبة في حفل توقيع كتاب للسيد ديسانتيس، ثمّ باغتها ترامب باتّصال مفاجئ، "مرحباً لورا، هذا رئيسك المفضّل. أعجبني ما فعلته اليوم". كانت تلك أوّل مرّة يتّصل بها الرئيس السابق، وطلب منها زيارته شخصياً.

تقضي لومر 14 ساعة على الأقلّ يومياً على هاتفها، تتصفّح المنصّات وتقرأ مئات الرسائل النصية الواردة، وتستقبل المكالمات الهاتفية، وتكتب منشورات طويلة، أثناء بحثها عن مرشّح محتمل أو خصم مفترض للسيد ترامب، تعتمد على أدوات إلكترونية أساسية، بما في ذلك غوغل ولينكدإن وإنستغرام وموقع لجنة الانتخابات الفيدرالية. وفي سعيها للعثور على معلومات دامغة، غالباً ما تركز على زوج أو زوجة الشخص المعني وأطفالهما.

وقد وقعت في زلة نادرة في أيّار/مايو، عندما أدّت دوافعها المعادية للإسلام إلى انتقاد إدارة ترامب لقبوله طائرة 747 فاخرة من الحكومة القطرية كهدية، ووصفت المسؤولين القطريين بـ"الجهاديين ذوي البدلات".

اتصل بها ترامب في اليوم التالي من طائرة الرئاسة في طريقه إلى السعودية، ووفقاً لعدة مصادر مطلعة على المحادثة، أعرب عن استيائه الشديد منها. ثمّ اعتذرت في منشور مطول على منصة "إكس"، ذكرت فيه الآخرين بقربها الخاص من الرئيس، قائلةً: "أعلم أنّه كان بإمكاني إجراء محادثة خاصّة مع الرئيس حول الطائرة بدلاً من ذلك".

وتزعم لومر أنّها أجرت 4 محادثات على الأقلّ مَع الرئيس ترامب منذ ذلك الحين، وهي واثقة من أنّ علاقتهما لا تزال قوية كما كانت دائماً.

نقله إلى العربية: حسين قطايا.