"نيويورك تايمز": ترامب يُصدر إشارات ورسائل متضاربة بشأن المحادثات النووية الإيرانية

بدأت إدارة ترامب المفاوضات بهدف إجبار إيران على تفكيك برامجها النووية والصاروخية، ثم بدأ كبير مفاوضيها بتخفيف لهجته، واضطر إلى التراجع.

0:00
  • الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووزير خارجيته ستيف ويتكوف
    الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووزير خارجيته ستيف ويتكوف

صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تنشر مقالاً يستعرض تغير موقف الإدارة الأميركية بشأن المفاوضات مع إيران، وتوقعات بشأن مستقبلها.

أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:

قبل بضعة أسابيع فقط، حدّد مايكل والتز، مستشار الأمن القومي للرئيس ترامب، وهو من أكثر الصقور تشدداً في الملف الإيراني، هدف الإدارة في المفاوضات بشأن برنامج طهران النووي بعبارات واضحة وضوح الشمس. قال: "التفكيك الكامل". ثمّ سرد ما يعنيه ذلك: اضطرار إيران إلى التخلي عن منشآت تخصيب الوقود النووي، ومنشآت "التسليح"، وحتى صواريخها بعيدة المدى.

لكن ما بدا هدفاً صعب المنال في برنامج حواري يوم الأحد بدأ يتكشف. ففي الساعات الأربع والعشرين الماضية، ترك المسؤولون سلسلة من الرسائل المتناقضة والمربكة، تُشير إلى أنّ الإدارة قد تكتفي بوضع حدود لأنشطة إيران، كما فعل الرئيس باراك أوباما قبل عقد من الزمن.

يبدو أنّ هذا التناقض متجذر أيضاً في الانقسامات داخل فريق الأمن القومي لترامب، وهو يُعاود التعامل مع واحدة من أقدم المشاكل وأكثرها إزعاجاً في السياسة الخارجية الأميركية: كيفية وقف البرنامج النووي الإيراني من دون اللجوء إلى الحرب. وحتى الآن، كانت النتيجة سلسلة من الرسائل المُختلطة والإشارات المُتضاربة والتهديدات المُبالغ فيها، تماماً كما يتحدث ترامب ومساعدوه عن استراتيجيتهم باستمرار بشأن التعرفات الجمركية.

برزت هذه القضية على السطح ليلة الإثنين عندما بدأ ويتكوف الحديث عن لقائه الأول مع وزير الخارجية الإيراني يوم السبت الماضي في عُمان. وقال إنّ الاجتماع سار على ما يُرام، وغاص في عالم البرنامج النووي الإيراني المُعقد، الذي أوصله إلى عتبة صنع سلاح نووي. خرج ويتكوف من ذلك الاجتماع مُتخيلًا نوعًا مُختلفًا تمامًا من الاتفاق مع إيران عن ذلك الذي وصفه والتز.

في مقابلة ودية مع قناة "فوكس نيوز"، تحدث عن بناء نظام "تحقق" لإنتاج اليورانيوم المخصب، "وفي نهاية المطاف، التحقق من التسليح، وهذا يشمل الصواريخ، ونوع الصواريخ التي خزنوها هناك، ويشمل ذلك الزناد اللازم لقنبلة". وأشار إلى أنّ إيران قد لا تزال قادرة على إنتاج اليورانيوم بمستويات منخفضة، تلك اللازمة لإنتاج الطاقة النووية، ولم يتطرق قط إلى "تفكيك" البرنامج النووي الإيراني.

كان يصف، باختصار، نسخة منقحة، يُفترض أنها أكثر تشابهاً مع الاتفاق الذي أبرمته إدارة أوباما مع إيران قبل عقد من الزمان. وقال: "من حيث المبدأ، يمكن تحسين الاتفاق النووي الأصلي". وقد سخر ترامب من هذا الاتفاق بانتظام ووصفه بأنه "كارثة"، وانسحب منه في عام 2018، واصفاً إياه بأنه "اتفاق فظيع أحادي الجانب ما كان ينبغي إبرامه أبدًا".

بعد بضع سنوات، أعلنت إيران أنه إذا لم تلتزم الولايات المتحدة بالاتفاق القديم، فلن تلتزم به هي الأخرى. وبدأت بتخصيب اليورانيوم إلى درجة قريبة من درجة صنع القنبلة، ما جعلها على بُعد أيام أو أسابيع فقط من امتلاك الوقود اللازم لصنع ستة أسلحة نووية أو أكثر. وخلصت وكالات الاستخبارات الأميركية إلى أنّ الباحثين الإيرانيين يعملون على وسيلة "أسرع وأكثر بدائية" لتحويل هذا الوقود إلى سلاح.

لم يدم تصريح ويتكوف طويلًا. ففي صباح الثلاثاء، كان ترامب وكبار مسؤولي الأمن القومي، بمن فيهم ويتكوف، في غرفة العمليات، يناقشون السياسة تجاه إيران، في اجتماع كان موقع "أكسيوس" أول من نشره. وبحلول منتصف الصباح، نشر ويتكوف رسالة في وسائل التواصل الاجتماعي أعلن فيها أنّ "على إيران وقف برنامجها للتخصيب والتسليح النووي والقضاء عليه"، وهو وصف لم يستخدمه قط في الليلة السابقة.

وقال: "لن تكتمل الصفقة مع إيران إلا إذا كانت صفقة ترامب". في مؤتمر صحافي عُقد بعد ساعات قليلة، صرّحت كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض، أن ترامب أبلغ المضيفين العُمانيين للمحادثات الإيرانية "بضرورة أن تُنهي إيران برنامجها النووي من خلال المفاوضات". وتُستأنف المفاوضات يوم السبت.

في الواقع، جادل ويتكوف ونائب الرئيس جيه دي فانس داخلياً بأنّ الإصرار على التفكيك الكامل للأسلحة النووية سيُفسد المفاوضات، وفقاً لمسؤولين مُطلعين على النقاش الدائر، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم. وقد أعلن الإيرانيون بالفعل أنهم لن يتخلوا عن برنامجهم النووي بالكامل، وبالتالي عن خيارهم في السعي نحو امتلاك قنبلة نووية. وبدلاً من ذلك، جادل الاثنان بأن على الإدارة السعي جاهدةً لوضع نظام تحقق صارم، ربما تُديره الولايات المتحدة، بدلاً من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لضمان الامتثال.

لكن هذا يُذكرنا بتسوية في عهد أوباما.

وقال غاري سامور، الذي تناول القضية الإيرانية باستفاضة بصفته المسؤول النووي الأعلى في البيت الأبيض خلال إدارتي كلينتون وأوباما: "أعتقد أن القضاء على قدرة إيران النووية أمرٌ بعيد المنال. لا أعتقد أن إيران ستوافق على القضاء على البرنامج بأكمله حتى تحت تهديد القوة العسكرية".

جميع الأساليب التي استُخدمت حتى الآن، التخريب والعقوبات والدبلوماسية، كانت كلها لكسب الوقت. لا أعتقد أنّ ترامب يريد خوض الحرب، كما أنّ الإيرانيين لا يريدونها أيضاً. وهذا يُشير إلى إمكانية وجود مجال للاتفاق.

نقلته إلى العربية: بتول دياب.