"فورين أفيرز": عودة داعش في سوريا

منذ سقوط نظام الأسد عام 2024، شنّ تنظيم داعش حملة إرهابية في جميع أنحاء سوريا وأعاد بناء نفسه.

0:00
  • "فورين أفيرز": عودة داعش في سوريا

مجلة "فورين أفيرز" الأميركية تنشر تقريراً يتناول الوضع السوري بعد سقوط نظام بشار الأسد، مركزاً بشكل خاص على عودة نشاط تنظيم داعش وتصاعد التحديات الأمنية والسياسية في البلاد.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف:

بعد تسعة أشهر من إطاحة نظام بشار الأسد، تواجه سوريا سلسلة من التحديات الجديدة. فالبلاد، التي تقودها الآن جماعة هيئة تحرير الشام المسلحة، تواجه اشتباكات طائفية عنيفة متكررة، وضربات إسرائيلية متتالية على الأراضي السورية، وخلافات داخلية داخل الحكومة الجديدة. ويزيد من حدة الاضطرابات عودة ظهور أحد أكثر التحديات ديمومة في سوريا: تنظيم "داعش".

منذ سقوط نظام الأسد عام 2024، شنّ تنظيم داعش حملة إرهابية في جميع أنحاء سوريا، مستهدفاً الحكومة السورية الجديدة، إضافة إلى الأقليات المسيحية والشيعية والكردية. وفي ذروة قوته عام 2014، سيطر داعش على ما يقرب من ثلث البلاد. على الرغم من أنّ التنظيم لم يعد يسيطر على أي أراضٍ في سوريا، وأعداده قد تضاءلت من نحو 100,000 مقاتل إلى 2,500 مقاتل اليوم، إلا أنه يستغل فوضى ما بعد الأسد في سوريا لإعادة بناء صفوفه، ما يضع عقبات جديدة أمام الاستقرار الذي طال انتظاره في البلاد.

أثبتت قدرات التنظيم على الاستهداف أنها أكثر تواتراً ودقةً وتطوراً من أي وقت مضى، حيث تستهدف مواقع تتجاوز بكثير نطاقات عمليات داعش التقليدية. في حزيران/يونيو، على سبيل المثال، هاجم انتحاري مرتبط بداعش كنيسة للروم الأرثوذكس في دمشق، ما أسفر عن مقتل 25 شخصاً وإصابة 63 آخرين. بعد شهرين، شنّ التنظيم أكثر من 24 هجوماً في شمال شرق سوريا، معتمداً على مزيج من أساليب حرب العصابات، بما في ذلك نيران الأسلحة الصغيرة والكمائن والاغتيالات والعبوات الناسفة المرتجلة التي استهدفت نقاط التفتيش العسكرية والمركبات الحكومية. في العام الماضي، أعلن داعش مسؤوليته عن 294 هجوماً في سوريا، بزيادة على 121 هجوماً في عام 2023؛ وتشير تقديرات الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان إلى أن العدد أعلى من ذلك.

تُشكّل هذه الهجمات تحدياً صارخاً لمحاولات الإدارة الجديدة لتحقيق الاستقرار في البلاد. يتسم الوضع الأمني ​​الهش أصلاً في سوريا باشتباكات متكررة بين الطوائف السنية والعلوية والدرزية. ومع تزايد وتيرة الهجمات الإرهابية، تُخاطر الحكومة السورية الجديدة بتبديد شرعيتها السياسية بفشلها في حماية الأقليات في البلاد. في غضون ذلك، يواجه الشعب السوري احتمالاً حقيقياً لعودة الإرهاب على نطاق واسع.

يرى داعش فرصةً سانحةً في سوريا المنقسمة. يسعى قادته إلى استغلال الانقسامات الطائفية والأيديولوجية في البلاد لتجنيد مقاتلين جدد وإعادة بناء خلافتهم. ويأمل داعش، من خلال هجماته، في إثبات عجز الحكومة السورية الحالية أو عدم رغبتها في حماية السكان، وخاصة الأقليات. وقد خلص تقريرٌ حديثٌ صادرٌ عن فريق الرصد التابع للأمم المتحدة إلى أنّ داعش "سيواصل فرض تهديدٍ خارجي.. إذا أتاحت له الانقسامات في البلاد مساحةً مناسبةً للتخطيط لهجماته وتنفيذها".

في الواقع، كان داعش منشغلاً بشكلٍ خاص في الربيع الماضي. ففي آذار/مارس، وفي أعقاب أعمال العنف بين السنة والعلويين في مدينة اللاذقية الساحلية، شنّ داعش سلسلةً من الهجمات ضد قوات سوريا الديمقراطية. ثم في أيار/مايو، شنّ التنظيم وابلاً آخر من الهجمات عقب اشتباكاتٍ جنوب دمشق، بين قوات الأمن التابعة للإدارة الجديدة والطائفتين السنية والدرزية. في الشهر نفسه، وبعد أسبوع واحد فقط من لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الرياض بالرئيس السوري الجديد، الجهادي السابق أحمد الشرع، شنّ تنظيم داعش سلسلة من التفجيرات والكمائن في أنحاء سوريا والعراق. كما تبنى التنظيم زرع عبوة ناسفة استهدفت "آلية للنظام الكافر" في جنوب سوريا، مما أسفر عن سقوط ما لا يقل عن سبعة قتلى من الجيش السوري، في أول هجوم مسجّل على قوات الحكومة السورية منذ سقوط الأسد. وبعد أسبوع، نفّذ داعش هجوماً آخر بالقنابل في جنوب سوريا استهدف مقاتلين من الجيش السوري الحر، وهي ميليشيا مدعومة من الولايات المتحدة. والجدير بالذكر أنّ جميع هذه الهجمات وقعت في عمق الأراضي الخاضعة لسيطرة الحكومة.

نقلته إلى العربية: بتول دياب.