"ذا ناشونال إنترست": كم تبلغ تكلفة الوجود الأميركي في الشرق الأوسط؟
تستنزف البحرية الأميركية بسرعة كبيرة صواريخها الاعتراضية الباهظة الثمن في صراعات الشرق الأوسط، ما يثير المخاوف بشأن نقص الإمدادات، وارتفاع تكاليف الدفاع، والاستعداد لصراع محتمل مع الصين.
-
نظام اعتراض جوّي في "إسرائيل"
مجلة "ذا ناشونال إنترست" الأميركية تنشر تقريراً تفصّل فيه تكلفة أنظمة اعتراض الصواريخ الباليستية التي ترسلها الولايات المتحدة إلى "إسرائيل"، والتي تستخدمها الأخيرة في حروبها في الشرق الأوسط.
يركّز التقرير على استنزاف مخزون الصواريخ الاعتراضية، وأهمية هذه الصواريخ في مواجهة الصين، ومحدودية القاعدة الصناعية الأميركية، ويخلص إلى أنّ الانخراط العسكري الأميركي في الشرق الأوسط يستنزف ذخائر استراتيجية كان يُفترض حفظها لصراع محتمل مع الصين، في ظل ارتفاع التكاليف وضعف القدرة الصناعية على تعويض النقص.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
في حديثه أمام المشرعين الأميركيين يوم الثلاثاء، صرّح القائم بأعمال رئيس العمليات البحرية، الأدميرال جيمس كيلبي، بأنّ البحرية الأميركية تستهلك أنظمة اعتراض الصواريخ الباليستية بمعدلات مثيرة للقلق. وأوضح في شهادته أمام لجنة المخصصات في مجلس الشيوخ، أنّ البحرية تمتلك ذخائر مثل نظام "RIM-161 Standard Missile 3"، المصمم لاعتراض الصواريخ الباليستية القصيرة والمتوسطة المدى لمواجهة التهديدات العالمية المباشرة.
ومع ذلك، فقد أدّت الحملة المستمرة منذ نحو عامين ضد الحوثيين، ثم الحملة الأخيرة ضد الهجمات الإيرانية على "إسرائيل"، إلى استنزاف المخزون. وقال كيلبي للمشرّعين: "نحن نستخدمها بمقدار كبير في الدفاع عن إسرائيل".
يُعدّ الصاروخ القياسي (SM-3) جزءاً من نظام "إيجيس" القتالي عالي الكفاءة، والمستخدم على مدمرات الصواريخ الموجهة من فئة "Arleigh Burke" وطرادات "Ticonderoga"، وهو في الأساس مركبة قتال حركية قادرة على اعتراض صواريخ العدو أثناء تحليقها.
صاروخ SM-3 باهظ الثمن
ظهر الصاروخ لأول مرة في القتال في نيسان/أبريل 2024، عندما استخدم لصدّ الصواريخ الباليستية الإيرانية التي أُطلقت على "إسرائيل". وأفاد موقع "Business Insider" بأنّ صاروخ "SM-3" أكثر تطوراً من أنظمة الاعتراض الأخرى، ويمكنه "الاشتباك مع أهداف في الفضاء"، إلا أنّ قدراته تأتي بكلفة مرتفعة جداً. واعتماداً على الطراز، تتراوح تكلفة كل صاروخ "SM-3" بين 10 و30 مليون دولار.
وفي أيار/مايو الماضي، مُنحت شركة "Raytheon"، التابعة لشركة "RTX" والمصنّعة لهذه الذخائر، عقداً بقيمة مليار دولار لمواصلة إنتاج "SM-3 Block IB"، بتكلفة تُقدّر بنحو 9.7 مليون دولار للصاروخ الواحد، وفقاً لهذا العقد.
حتى صاروخ "Standard Missile 2 Block IV" الأقل فعالية يمكن أن تصل تكلفته إلى 2.1 مليون دولار، في حين تبلغ تكلفة صاروخ "Standard Missile 6" نحو 4 ملايين دولار للوحدة الواحدة.
صواريخ "SM-3" و"SM-6" ستُستخدم ضد الصين
تُعدّ صواريخ "SM-3" و"SM-6" عناصر حاسمة في حال اندلاع حرب بين الولايات المتحدة والصين. وسيكون من الضروري توفيرها بكميات كبيرة، وخصوصاً إذا سعت البحرية الأميركية للعمل ضمن "سلسلة الجزر الثانية"، ما سيضع قواتها السطحية في مرمى صواريخ الجيش الصيني القاتلة لحاملات الطائرات، ولا سيّما صاروخ "دونغ فنغ-26" (DF-26).
كُشف عن صاروخ "DF-26"، وهو صاروخ باليستي متوسط المدى يعمل بالوقود الصلب ومتحرك على الطرق، في عرض عسكري في أيلول/سبتمبر 2015، ويُعد تهديداً كبيراً للسفن الحربية الأميركية، ولا سيّما حاملات الطائرات التي تعمل بالطاقة النووية. يبلغ مداه المُعلن 4000 كيلومتر، ويمكن استخدامه لضرب أهداف برية وبحرية تقليدية أو نووية.
من المحتمل أن يُستكمل هذا النظام بصاروخ "DF-21"، الذي دخل الخدمة قبل أكثر من 30 عاماً، ليحلّ محلّ الصاروخ الأقدم "CSS-1". ويُعدّ "DF-21" أول صاروخ صيني يعمل بالوقود الصلب، وهو متحرّك على الطرق، بمدى يتراوح بين 500 و2150 كيلومتراً، ويمكنه حمل رأس حربي بوزن 600 كغم، ويتميّز "DF-21D" برأس حربي قابل للمناورة بدقة تصل إلى 20 متراً.
الولايات المتحدة تحتاج إلى المزيد من الصواريخ لمواجهة الصين
رغم أنّ الخطر الأكبر يتمثّل في مواجهة الصين، فإنّ خطر اندلاع صراع أوسع مع إيران ووكلائها قد يؤدي إلى استنزاف أكبر للمخزون. وقد لا تتمكن القاعدة الصناعية الأميركية من مواكبة وتيرة الطلب على إنتاج صواريخ من فئة "SM" بالسرعة الكافية. حتى مع زيادة التصنيع، فإنّ التكاليف ستزداد بالتأكيد.
تُكلف الصواريخ الاعتراضية ما يقارب ضعف تكلفة الصواريخ المضادة للسفن المصممة لتدميرها. ومع محدودية البدائل، تدرس البحرية الأميركية استخدام تقنيات الليزر وأسلحة الطاقة الموجهة (DEWs)، إلا أنّ تطويرها قد يستغرق سنوات.
في الوقت نفسه، تعاني القاعدة الصناعية من محدودية الطاقة الإنتاجية، ونقاط ضعف في سلسلة التوريد، ونقص في العمالة الماهرة على جميع المستويات، من المهندسين إلى الفنيين.
أدّى توحيد الجهود داخل قطاع الدفاع إلى تقليص المنافسة ورفع الأسعار، وهي تكاليف سيتحمّلها دافع الضرائب الأميركي في نهاية المطاف.
نقلته إلى العربية: بتول دياب.