وادي زبقين.. آخر المواقع الحرجية جنوب لبنان في خطر!

إحدى أجمل اللوحات النادرة التي رسمتها الطبيعة في جنوب لبنان، وادي زبقين –العزية، يهدده مشروع لشق طريق عام وتجاهل لمطالب الأهالي والجهود المبذولة من قبل المعنيين بالمحافظة على الإرث الطبيعي وتصنيفه محمية طبيعية.

تراجعت "الحياة البريّة" في لبنان 61% من مجمل الأراضي
تتزايد التهديدات التي تواجه "الحياة البرية" في لبنان مع تزايد عدد سكانه. فمنذ عقود كان اللون الأخضر يحتل 74% من مساحة الأراضي اللبنانية، وبفعل عوامل عدة، منها التمدد العمراني والحرائق الكارثية وعمليات التخريب، فضلاً عن تداعيات أزمة النفايات التي يعاني منها لبنان وإنشاء "المطامر"، تدنت نسبة الغطاء الحرجي الأخضر لتصبح 13% من مجمل الأراضي. 

انطلاقاً من ذلك، عملت جمعية "الجنوبيون الخضر" التي تُعنى بالحفاظ عى الإرث الطبيعي البيئي والثقافي في لبنان على اقتراح إعلان وادي  زبقين – العزية محمية طبيعية لكونه آخر المواقع الحرجية التي تتمتع بمنظومة بيئية متكاملة ومستقرة في لبنان عامة والجنوب خاصة. وكانت في وقت سابق قد عملت جمعيات تُعنى أيضاً بالشأن البيئي بالتعاون مع وزارة البيئة على تحويل مواقع حرجية إلى محميات طبيعية للحفاظ عليها ويذكر منها محمية وادي الحجير ومحمية شاطئ صور في الجنوب وحرش إهدن في الشمال. 

وادي زبقين – العزية.. "لوحة الله راسمها"

تتشعب أحراج وادي زبقين – العزية وتمتد إلى داخل منطقة صور وبنت جبيل على مساحة تقدر بأكثر من 20 كيلومتراً مربعاً تصل حتى حدود فلسطين المحتلة حيث يحتل شعابه جزءاً من منطقتي علما الشعب والناقورة. 

ويشكل الوادي نظاماً بيئياً متكاملاً عبر توافرعناصر وخصائص عدة فيه تتجلى بوجود أنواع عديدة ونادرة من الأشجار والحيوانات البرية بالإضافة إلى أنواع مختلفة من الطيور. ويكتمل النظام البيئي الخاص بالوادي بانتشار العديد من الينابيع والأنهار بالإضافة إلى وجود المغاور والكهوف فيه.
 
عوامل عدة تهدد الوادي. من جهة، تتعدى بعض الجهات على هذا الإرث الطبيعي وتستغل مساحته لإنشاء الكسارات للمصلحة الذاتية، ومن جهة أخرى فإن عجز الدولة اللبنانية عن إيجاد حلّ لأزمة النفايات استغله البعض لطمر نفايات أهالي المناطق الواقعة على تخومه. أضف إلى ذلك إهمال المتنزهين فيه ورميهم فضلات طعامهم وشرابهم بطريقة عشوائية تهدد بنشوب حرائق قد يصعب السيطرة عليها في ظل إمكانات محدودة وبالنظر إلى طبيعة الأرض والوصول إليها. وجود القنابل العنقودية الإسرائيلية من مخلفات حرب تموز عام 2006، تجسد خطراً وتهديداً إضافياً على الزوار وأهالي المنطقة فضلاً عن الحيوانات البرية في الوادي.

 

مشاهد من وادي زبقين - العزية

وادي زبقين : مشروع محمية طبيعية

المجلس البلدي لبلدية زبقين أقر تبني اقتراح جمعية "الجنوبيون الخضر" الذي عملت عليه رسمياً من شهر تموز/ يوليو عام 2015، وإعلان الوادي محمية طبيعية واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لدى السلطات المختصة. وكانت الجمعية قد قامت في وقت سابق بإنجاز استطلاعات ومسح أولي ودراسة موسعة جمعت فيها بيانات وخرائط في خطوة تهدف إلى الإسراع في تصنيف الوادي كمحمية طبيعية.

بيد أن مشروعاً لشق طريق عام تموله بحسب الأهالي "جهة نافذة في لبنان" يشكل التهديد الأكبر لـ "قطعة السماء" ليحولها إلى قطعة لقيام بعض المشاريع عليها. وبحسب الجمعية فإن هذا الطريق قد يلحق بالغابة ضرراً نتيجة جرف نسبة من الأشجار وإدخال عامل التلوث كما سيشكل خطراً على استمرار عناصره البيئية التي لازالت مستمرة لقلة التعديات البشرية عليه. 

مصادر خاصة بالميادين نت، قالت إن "الجهة الممولة لمشروع شق الطريق مستمرة بمشروعها زاعمة بأن شق الطريق يفتح المناطق المجاورة على بعضها البعض، رغم محاولات الجمعية والبلديات المعنية إيقافه لما في ذلك مصلحة بيئية للوادي ولما فيه من مخالفة لقانون المحافظة على الثروات الحرجية 85/ 1991 وقانون حماية الغابات 558/ 1996، كذلك قانون حماية البيئة رقم 444.  وبحسب الجمعية فإن هذه الجهة لم تبلغ مجالس بلديات المناطق المشرفة على الوادي بإقدامها على تنفيذ مشروع شق الطريق، واللافت في الأمر أن الجمعية وبلدية زبقين قد علموا بذلك من خلال الفريق الهندسي الذي شوهد يرسم مخطط شق الطريق في الوادي.

وفي جولة ميدانية ببلدة زبقين المشرفة على الوادي التقى الميادين نت عضو جمعية "الجنوبيون الخضر" محمد بزيع ورئيس البلدية علي بزيع للتعرف أكثر على مشروع محمية وادي زبقين – العزية.

مقابلة الميادين نت مع رئيس بلدية زبقين وعضو جمعية "الجنوبيون الخضر"

تصريحات وزارة البيئة بما يخص إعلان الوادي محمية طبيعية

وزارة البيئة اللبنانية قالت للميادين نت إن "مقترح إعلان وادي زبقين محمية طبيعية قد وصلها في 17 شباط/ فبراير من العام الجاري وستجري دراسته وإحالته إلى الوزير لكن ذلك يتطلب وقتاً". هذا في حين أن الجمعية كانت قد تقدمت بطلب من الوزارة بتحديد موعد للقاء ووزير البيئة وتقديم المقترح له شخصياً لتعجيل إقرار قانون إعلان الوادي محمية طبيعية قبل تنفيذ مشروع شق الطريق العام فيه.

اخترنا لك