"العفو الدولية" تحذر: تأخير العدالة في سوريا يهدد بتكرار الفظائع

منظمة العفو الدولية تدعو الحكومة السورية الجديدة إلى اتخاذ خطوات فورية نحو تحقيق العدالة ومعرفة الحقيقة والتعويض وتطبيق إصلاحات لمنع المزيد من الانتهاكات.

0:00
  • "العفو الدولية" تدعو إلى اتخاذ خطوات فورية وملموسة نحو تحقيق العدالة في سوريا

دعت منظمة العفو الدولية الحكومة السورية الجديدة إلى اتخاذ خطوات فورية وملموسة نحو تحقيق العدالة ومعرفة الحقيقة والتعويض، لمعالجة إرث البلاد المدمر من الانتهاكات، وتطبيق إصلاحات تستند إلى مبادئ حقوق الإنسان لمنع وقوع المزيد من الانتهاكات.

انتهاكات واسعة النطاق 

من عام 2011 إلى عام 2024، وثَّقت منظمة العفو الدولية ارتكاب الجرائم التي يشملها القانون الدولي بشكل واسع، من ضمنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان على يد حكومة الرئيس بشَّار الأسد.

ووثَّقت المنظمة أيضاً ارتكاب جرائم فظيعة من قبل القوى الحليفة للحكومة، من بينها روسيا، ومن قبل الجماعات المسلحة المعارضة للحكومة وحليفتهم تركيا، وسلطات الأمر الواقع بقيادة الكرد والقوى المتحالفة معهم.

ورأت أن أمام الحكومة الانتقالية الجديدة، التي يقودها الرئيس أحمد الشرع والتي تشكلت في 29 مارس/آذار 2025، فرصة حاسمة لطي صفحة الماضي وضمان عدم تكرار هذه الفظائع.

وحددت المنظمة اليوم الخطوات ذات الأولوية التي ينبغي للسلطات اتخاذها لتحقيق ذلك وللامتثال لالتزامات سوريا بموجب القانون الدولي. في 14 أبريل/نيسان 2025، أرسلت هذه التوصيات إلى السلطات السورية، وطلبت إجابات على سلسلة من الأسئلة والمستجدات بشأن خطط السلطات، لكنها لم تتلقَّ رداً حتى الآن.

اقرأ أيضاً: دمشق ترد على تقرير "العفو الدولية" بشأن أحداث الساحل: نحقق في الانتهاكات

تأخير العدالة يهدد بتكرار المجازر 

وقالت كريستين بيكرلي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: "لضمان طي صفحة الماضي، يجب على الحكومة السورية صون الحق في معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة والتعويض لجميع الناس في سوريا. لقد التزمت السلطات علناً بالتعامل بجدية مع مطالب العدالة. ووفاءً لهذا الوعد، من المهم أن تضمن المشاركة الهادفة للناجين والضحايا ومنظمات المجتمع المدني السورية طوال العملية، فضلًا عن الالتزام بأقصى قدر من الشفافية.

وأضافت: "تقف سوريا في وجه تحديات هائلة، ولكن ثمة أسس جوهرية لبناء سوريا جديدة أكثر عدالة، وتشمل ضمان المساءلة عن الجرائم التي ارتكبتها جميع الأطراف المتحاربة، وتقديم التعويضات للضحايا وعائلاتهم، الذين لا يزال كثيرون منهم يتعذبون من جرّاء فقدان أقاربهم المختفين قسراً والمفقودين، وتنفيذ إصلاحات قائمة على مبادئ حقوق الإنسان في قطاعَيْ العدالة الجنائية والأمن في سوريا، وضمان معرفة عائلات المختفين بحقيقة ما حدث لأحبائها". 

ودعت السلطات إلى إعادة بناء الثقة بين الدولة والشعب في سوريا، معتبرة أن تأخير تحقيق العدالة لن يؤدي إلا إلى زيادة خطر إراقة الدماء مثل أحداث القتل الجماعي الأخيرة للمدنيين العلويين في الساحل السوري.

وطالبت السلطات "بتقديم جميع المشتبه في مسؤوليتهم الجنائية عن الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وأعمال التعذيب والاختفاء القسري للعدالة، وذلك في محاكمات عادلة أمام محاكم مدنية عادية بدون أي تأخير".

ودعت المنظمة المجتمع الدولي إلى دعم الشعب السوري في سعيه لمعرفة الحقيقة وتحقيق العدالة والحصول على التعويض وبناء مستقبل أكثر عدلًا بعد سنوات من المعاناة.

وأضافت: "وبينما تواصل العديد من البلدان دعم جهود العدالة الحاسمة في سوريا، أضافت دول أخرى المزيد من التحديات لتلك التي تواجهها البلاد أصلًا، فقد قطعت الولايات المتحدة بشكل عشوائي التمويل الأجنبي عن أولئك الذين يقدمون مساعدات إنسانية حيوية ويقومون بأدوار حقوقية حيوية في سوريا في أوائل 2025. ومنذ سقوط الحكومة السابقة، نفذت تركيا وإسرائيل أيضًا غارات جوية، ما أسفر عن مقتل وإصابة مدنيين وإلحاق أضرار بالبنية التحتية المدنية".

اقرأ أيضاً: العنف الطائفي يتوسع في سوريا.. "رويترز" تنقل شهادات عن طرد العلويين من منازلهم

الأولوية للعدالة والتعويض

ورأت أنّ إحدى أكثر القضايا إلحاحاً في سوريا اليوم هي تحقيق العدالة لضحايا الاختفاء القسري الجماعي. فبعد سقوط الحكومة بقيادة الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، كانت عشرات الآلاف من العائلات تأمل في إطلاق سراح أحبائها المفقودين. وعوضًا عن ذلك، لم يعد أي منهم تقريباً، والكثيرون اختفوا.

وقالت: "بينما أعلنت الحكومة عن إنشاء اللجنة الوطنية العليا المعنية بالأشخاص المفقودين في 27 فبراير/شباط 2025، قال ممثلو جمعيات عائلات المفقودين والمختفين لمنظمة العفو الدولية إنه لم يتمّ التشاور معهم بشأن تشكيل اللجنة وصياغة صلاحياتها، ولم يشهدوا أي تقدم ملموس بعد خمسة أشهر من سقوط الحكومة بقيادة الأسد".

وطالبت الحكومة الجديدة بتصحيح هذا الوضع على الفور من خلال ضمان الإشراك الكامل والهادف للضحايا وممثليهم في تشكيل اللجنة، وصياغة صلاحياتها، وإطار عملها التشغيلي، وفي آليات الإشراف التي تضمن الشفافية والمساءلة.

وطلبت من الحكومة أيضاً إنشاء برامج تعويض تسترشد بتجربة الناجين وعائلات الضحايا وتقدم علاجات شاملة تعترف بمعاناة الضحايا وتساعد على إعادة بناء حياتهم، والسعي للحصول على تعويضات من دول مثل روسيا وتركيا والولايات المتحدة، والجهات الفاعلة الأخرى، بما في ذلك الشركات المسؤولة عن انتهاكات حقوق الإنسان.

المجازر بحق العلويين: جرائم حرب

كذلك، وثقت المنظمة على مدى أكثر من عقد من الزمان قبل سقوط الحكومة السابقة انتهاكات ممنهجة، بما في ذلك الاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري، ارتكبها ضباط إنفاذ القانون السابقون وأجهزة الاستخبارات، وداخل نظام السجون.

وإضافة إلى ذلك، وثقت المنظمة عمليات اختطاف وتعذيب وقتل بإجراءات موجزة على أيدي جماعات مسلحة سابقة غير حكومية، بعضها مدمج الآن في وزارتي الدفاع والداخلية.

ودعت السلطات السورية إلى إنشاء آلية لضمان التدقيق الصارم لجميع المسؤولين الحكوميين والقادة العسكريين وغيرهم من الشخصيات المعينة المشتبه في مسؤوليتهم الجنائية، بما في ذلك الجرائم المرتكبة في حقبة ما بعد حكومة الأسد – مثل المجازر ضدّ المدنيين العلويين في منطقة الساحل السوري.

ووثَّقت وقوع عمليات قتل غير مشروعة، بما في ذلك الاستهداف المتعمد لمدنيين من الأقلية العلوية، في منطقة الساحل السوري في مارس/آذار 2025، والتي يجب التحقيق فيها بوصفها جرائم حرب.

وأشارت إلى أن السلطات السورية الجديدة قامت بخطوة أولى مهمة نحو التحقيق في عمليات القتل من خلال إنشاء لجنة مخصصة لتقصي الحقائق. وسيشكّل مسار عمل هذه اللجنة موشرًا هامًا وسابقةً بارزة.

وأكدت أن عملية الإصلاح يجب أن تشمل إلغاء القوانين التي لا تتوافق مع القانون الدولي والمعايير الدولية، وسن تشريعاتٍ تكفل تمتُّع جميع الناس بحقوق الإنسان، بما في ذلك حقهم في نيل محاكمة عادلة، وفي معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة والحصول على التعويض؛ وفي عدم التعرُّض للتعذيب والإخفاء؛ وفي المساواة وعدم التمييز، بما في ذلك على صعيد الحق في السكن والملكية. ويجب أن تتسم أي لجان تُشكل للقيام بهذه المهام بسهولة الوصول إليها، وبالشمول، وأن تكون قائمةً على المشاركة، بحسب قولها.

اقرأ أيضاً: المرصد السوري: انتهاكات وتهديدات بارتكاب مجازر في حمص والساحل

اخترنا لك