"الهجوم المحدود" على إيران.. تساؤلات إسرائيلية حول فعاليته وتداعياته
تناقش "إسرائيل" خيار "شنّ هجوم محدود على المنشآت النووية الإيرانية"، وسط "قلق من اتفاق أميركي - إيراني لا يحقق تفكيكاً كاملاً للبرنامج النووي"، ما يثير تساؤلات حول فاعلية الهجوم وتداعياته، وفق ما كشف إعلام إسرائيلي.
-
إعلام إسرائيلي: "إسرائيل" قلقة بشأن احتمال أن تؤدي المحادثات إلى اتفاق لا يؤدي إلى تفكيك كامل للبرنامج النووي الإيراني
تحدّث موقع "القناة الـ12" الإسرائيلي عن "معضلة الهجوم الإسرائيلي المحدود" على إيران، وسط "قلق في إسرائيل بشأن احتمال أن تؤدي المحادثات بين الولايات المتحدة وواشنطن إلى اتفاق لا يؤدي إلى تفكيك كامل للبرنامج النووي الإيراني".
وفي التفاصيل، قال الموقع إنّ التفاؤل في محادثات النووي بين الولايات المتحدة وإيران، والتقارير التي تفيد بأنّ عمان أخبرت بأنّ واشنطن تنازلت عن مطلبها بتفكيك كامل لبرنامج إيران النووي، "تثير مخاوف كبيرة في إسرائيل".
يأتي هذا في ظل نشر "تقرير دراماتيكي" في "نيويورك تايمز" يفيد بأنّ "خططاً إسرائيلية لضرب المنشآت النووية في إيران - ربما في الشهر المقبل - قد أُلغيَت من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لمصلحة مفاوضات مع طهران".
ومع ذلك، أفادت وكالة "رويترز" يوم السبت الماضي بأنّ "إسرائيل لا تزال تفكر في "هجوم محدود" قد يتطلب دعماً أميركياً أقل.
ووفقاً لما ورد في "نيويورك تايمز"، فقد "قدمت إسرائيل في الأشهر الأخيرة للإدارة الأميركية عدة خيارات لشن هجوم في إيران، بما في ذلك خيارات مع جداول زمنية للربيع وللصيف المقبل".
وأشارت إلى أنّ هذه الخطط "تشمل مزيجاً من الهجمات الجوية وعمليات القوات الخاصة بمستويات خطورة مختلفة"، ولكن التقرير الجديد يشير إلى خطة أصغر حجماً.
وقال الموقع إنّه "يجري تقييم التوقيت الحالي على أنّه استراتيجي نسبياً من وجهة النظر الإسرائيلية"، فقد "تكبدت حماس في غزة وحزب الله في لبنان، ضربات قاسية، كما يتعرض اليمن لضربات أميركية"، إضافة إلى أنّ "إسرائيل تسببت في أضرار كبيرة لأنظمة الدفاع الجوي الإيرانية في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي"، وفقاً لوجهة النظر الإسرائيلية.
ماذا يمكن أن يشمل "الهجوم المحدود" في إيران؟
في هذا السياق، قال الباحث في معهد "أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي ومعهد "مسغاف" لموقع "القناة الـ12"، كوبي ميخائيل، بشأن مناقشة مدلولات "الهجوم المحدود" وتداعياته، إنّه "ليس من الواضح بالضبط ماذا يُقصد بتعريف الهجوم المحدود"، متسائلاً عمّا إذا كان الحديث يدور عن هجوم محدود للبنية التحتية النووية فقط، أم للبنية التحتية العسكرية أو الاقتصادية".
لكن في كل الأحوال، فإنّ "أي هجوم، وبالتأكيد محدود، لن يقضي على كل البنية التحتية النووية، بل سيؤخر عملية التخصيب فقط"، وفق ميخائيل.
ووفقاً لتقرير نُشر قبل نحو شهرين في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، فإنّه "كان من المفترض أن تشمل الأهداف الرئيسية للهجوم الإسرائيلي منشأتي فوردو ونطنز - وهما موقعان رئيسيان في البرنامج النووي الإيراني"، بحيث تحتوي "نطنز" على البنية الأساسية لأجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم، بينما "فوردو" هي منشأة تحت الأرض محمية للغاية ضد الهجمات.
وفي الإطار، أوضح ميخائيل: "حتى لو أصبنا المنشأتين النوويتين، وخاصة في نطنز، فلن نتمكن من ضرب المنشآت التي تقع على عمق يراوح بين 60 و80 متراً تحت الأرض - لأنّنا لا نملك القنابل المناسبة لذلك".
وأضاف أنّه "بخلاف التعاون مع الولايات المتحدة الذي كان من المفترض أن يعيد البرنامج النووي إلى الوراء لمدة عام، فإنّ أي هجوم مستقل من المتوقع أن يحقق نتائج أقل بكثير".
ما هي تداعيات "هجوم محدود"؟
تقدير الخبراء، بحسب ما اقتُبس في "واشنطن بوست"، هو أنّ "هجوماً إسرائيلياً على المنشآت النووية الإيرانية سيقيّد نشاط إيران في أفضل الأحوال لبضعة أشهر، وربما فقط لعدة أسابيع". علاوة على ذلك، فإنّ مثل هذا الهجوم "قد يحفّز إيران على مواصلة تخصيب اليورانيوم إلى مستوى السلاح".
"من منظور الإيرانيين، ضرب المنشآت النووية هو أمر أخطر بكثير ممّا فعلناه في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، لذا سيكون ردهم أشد بكثير"، يوضح ميخائيل.
وتابع: "إضافة إلى ذلك، نحن قد نزيد من تعقيد الأمور بالنسبة إلى الأميركيين في سائر جبهات العمل في المنطقة التي قد تكون عرضة لتحركات أخرى مثل اليمن، والعراق، وأماكن أخرى لم نفكر فيها بعد".
ما الفرق بين هجوم إسرائيلي مستقل وهجوم مشترك أميركي - إسرائيلي؟
وبشأن الفرق بين هجوم إسرائيلي مستقل وهجوم مشترك أميركي - إسرائيلي، يقول ميخائيل إنّ "هجوماً بمشاركة أميركية سيكون أكثر أهمية بكثير، حيث تشمل ضربات ليست فقط للبنية التحتية النووية، ولكن أيضاً للبنية التحتية الأمنية والدولية، ما يعجّل في سقوط النظام الإيراني"، بحسب قوله.
وأضاف أنّ "ضرب البنية التحتية النووية بالطريقة التي يستطيع الأميركيون ضربها باستخدام قنابل خارقة للتحصينات التي تصل إلى عمق 60 متراً في الأرض، لن يترك شيئاً تقريباً".
وفي تقرير "واشنطن بوست"، جرت الإشارة إلى أنّه وعلى الرغم من أنّ إدارة ترامب وافقت في الماضي على بيع مجموعات تدريب لقنابل خارقة للتحصينات لـ"إسرائيل"، إلاّ أنّ المصادر العسكرية الأميركية قالت إنّ "إسرائيل ستحتاج على الأرجح إلى دعم من الجيش الأميركي في الأسلحة المناسبة لمهاجمة المنشآت المحصنة، نظراً إلى التعقيدات الكبيرة".
"إسرائيل" لوحدها لن تستطيع إحداث تغييرات جوهرية في بنية #إيران السياسية والعسكرية"
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) April 10, 2025
الخبير في الشؤون الإقليمية حبيب فياض في #المسائية@FayyadHabib@ramiaalibrahim pic.twitter.com/FEIfU4fadk
اقرأ أيضاً: وزير خارجية الاحتلال ينفي لـ"التلغراف": لم نخطط لمهاجمة إيران الشهر المقبل
ما هي مدلولات الهجوم من دون دعم أميركي كامل؟
ووفقاً لتقرير "رويترز"، فإنّ "إسرائيل أشارت إلى أنّها ستظل بحاجة إلى ضمان من واشنطن للحصول على دعم دفاعي في حالة رد إيراني".
ورأى ميخائيل، في هذا الخصوص، أنّ "إسرائيل بحاجة إلى دعم أميركي سيقود تحالفاً إقليمياً ودولياً، كما حدث في المرات السابقة لمواجهة الرد الإيراني، وإلاّ فستكون أكثر عرضة للخطر".
ولفت إلى أنّه "إذا عملت إسرائيل بشكل مستقل أثناء المفاوضات التي تجريها الولايات المتحدة، فسيكون من الصعب إقناع الأميركيين بتوفير مظلة دفاعية"، وبالتالي "ستكون الأضرار المحتملة أكبر بكثير".
وذكّر أنّه "في الهجومين الإيرانيين، في نيسان/ أبريل وتشرين الأول/ أكتوبر، استفادت إسرائيل من مظلة دفاعية قادتها الولايات المتحدة مع فرنسا، وبريطانيا، والدول في المنطقة".
كيف يُتوقع أن يرد الأميركيون على هجوم إسرائيلي مستقل؟
ولكن وفق موقع "القناة الـ12"، فإنّه "حتى إذا كانت لدى إسرائيل القدرة على ضرب المنشآت النووية الإيرانية بشكل مستقل وفعال في وقت قصير، فإنّ ترامب - الذي منع سابقاً الخطة المشتركة - قد لا يمنح الضوء الأخضر".
وبحسب ميخائيل، فإنّ ذلك "سيكون تحدياً خطيراً ضد الولايات المتحدة، التي تقود حالياً مسار المفاوضات مع إيران"، معتقداً أنّ "إسرائيل ليست في وضع يسمح لها بالتحرك بطريقة تتناقض بشكل واضح مع المسار الذي يقوده الرئيس الأميركي"، فمثل هذا التصادم مع رئيس كترامب "قد يترتب عليه ثمن باهظ".
""إسرائيل" خاضعة للولايات المتحدة الأميركية، ولا يمكنها الإقدام على ضرب #إيران دون موافقة واشنطن"
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) April 11, 2025
منسق تحالف آنسر ضد الحروب والعنصرية في سان فرانسيسكو ريتشارد بيكر في #المسائية#الميادين pic.twitter.com/vm1C7Ome85
هل تستطيع "إسرائيل" التوصل إلى تسوية بشأن البرنامج النووي الإيراني؟
وبشأن إمكانية التوصل إلى تسوية بشأن البرنامج النووي الإيراني، يقول ميخائيل إنّ "إسرائيل قد تستطيع الاكتفاء على المدى الطويل بأقل من تدمير كامل لقدرات إيران النووية إذا كان هناك اتفاق أفضل بكثير من الاتفاق النووي السابق"، أي إذا كان "اتفاقاً يسمح بمراقبة أكثر فعالية مع آلية من العقوبات المؤلمة وقدرة تدخل دولي".
ولفت الموقع في هذا الخصوص، إلى أنّ "هناك قلقاً في إسرائيل، بشأن احتمال أن تؤدي المحادثات إلى اتفاق لا يؤدي إلى تفكيك كامل للبرنامج النووي الإيراني".
فبعد اجتماع سري في باريس بين المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف ورئيس "الموساد" ديفيد برنياع والوزير رون درمر، أكّدت الولايات المتحدة أنّها ستوافق على امتلاك إيران للبرنامج النووي شرط أن يتم توجيهه لأغراض مدنية فقط.