ميدفيدف: "العقوبات الأميركية على روسيا مسألة مستمرة .. ونحن لا نخشاها"

صرح ناب رئيس مجلس الأمن الروسي، ديميتري ميدفيدف، أن فصل روسيا عن نظام سويفت لن يكون كارثة، و لديها الكثير من الحلول والبدائل.

  • نظام
    يُعَدّ "سويفت" نظاماً مالياً بدأ نشاطه رسمياً عام 1972

في لقاء مع عدد من وسائل الإعلام الروسية ، ركز نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، ديميتري ميدفيديف، على القضايا المالية والعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على روسيا.

تحدث ميدفيديف عن إمكانية استبدال التعامل بالدولار، واستخدام عملات أخرى مثل اليورو أو اليوان. كما اعتبر أن فرض العقوبات على روسيا هو أمر دائم ومستمر، ولم يتغير، وأن روسيا لا تخشاه، إنما بالعكس؛ أن روسيا استفادت من هذه العقوبات، ويقصد بذلك ما أشار إليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أكثر من مناسبة، وهو تعزيز الاقتصاد الروسي والاضطرار إلى التصنيع الداخلي في ظل عدم القدرة على الاستيراد بشكل كاف بسبب العقوبات.  

كما أكد ميدفيديف أن حديثه حول العقوبات ليس "تبجحاً ولا استعراضاً"، وإنما هو "حقيقة ما حدث بالفعل"، و أن "الولايات المتحدة تفرض العقوبات على روسيا لاسترضاء قاعدة ناخبين أو مؤسسات سياسية معينة".

واحدة من الملاحظات التي تناولها ميدفيديف كانت عدم قلق روسيا من الخروج من نظام الدفع المصرفي الدولي "سويفت".

ما هو نظام "سويفت"؟ 

بدأ نشاط النظام المالي، "سويفت" (SWIFT)، رسمياً عام 1972، وهو اختصار لاسم "جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك" (Society for Worldwide Interbank Financial Telecommunications)، ومقرها الرئيسي في بلجيكا.

 ويعمل هذا النظام على تمكين المؤسسات المالية في جميع أنحاء العالم من إرسال المعلومات بشأن المعاملات واستقبالها، في بيئة آمنة وموحَّدة وموثوقة.

وترتبط بهذا النظام أكثر من 11 ألف مؤسسةٍ كبيرةٍ في 200 دولة، من أجل إرسال رسائل مؤمَّنة وأوامر الدفع المالي. ومع عدم وجود بديلٍ مقبولٍ عالمياً، يُعَدّ نظاماً أساسياً للتمويل العالمي.

ماذا تتوقع واشنطن من فصل روسيا عن نظام "سويفت"؟ 

فصل روسيا عن نظام "سويفت" سيجعل من الصعب على المؤسسات المالية إرسال الأموال إلى البلاد، أو أخذها منها، الأمر الذي سيتسبب بصدمةٍ مفاجئةٍ للشركات الروسية وعملائها الأجانب، ولاسيما المشترين لصادرات النفط والغاز المقوَّمة بالدولار الأميركي، وفق ما ذكره موقع "سي أن أن". 

ونقل الموقع، عن بحثٍ لمركز "كارنيغي" في موسكو، أنّ "الفصل سيُوقف جميع المعاملات الدولية، ويؤدي إلى تقلبات في سعر العملة، وتدفق ضخم لرؤوس المال إلى الخارج".

كيف إذن تواجه روسيا تداعيات فصلها عن نظام "سويفت"؟ 

وعلى الرغم من هذه التبعات الصعبة المتوقعة على الاقتصاد الروسي، فإنّ موسكو تبدو غير قلقةٍ من هذه الخطوة، وهذا ما ظهر على لسان رئيس مجلس الأمن الروسي، دميتري مدفيديف، الذي أعلن أنّ بلاده  ليست خائفة من عقوبات دائمة.

واعتبر أنّ انقطاع روسيا عن هذا النظام المالي "لن يكون كارثة"، مشيراً إلى أنّ "إبدال التعامل بالدولار واستخدام اليورو أو اليوان، أمر ممكن وواعد".

في الواقع، فإنّ روسيا بدأت التجهيز منذ عدة أعوام لمثل خطوة كهذه لتخفيف التبعات المترتبة عنها في حال حدوثها. فهي بدأت على العمل على نظام مالي دولي رديفٍ لـ "سويفت" عام 2014، هو "SPFS". وكان البنك المركزي الروسي قام بتطوير نظام "SPFS"، واعتمده عام 2017 بديلاً لنظام "سويفت". 

بالإضافة إلى ذلك، قامت بإنشاء شبكة الإنترنت المستقلة الخاصة بها، "Runet"، الأمر الذي يتيح لروسيا فصل نفسها عن شبكة الإنترنت العالمية، التي تملك الولايات المتحدة جزءاً كبيراً منها. 

كذلك، عزّزت موسكو مكانتها في التكتلات الناشئة، مثل "البركيس" و"منظمة شنغهاي"، واتفقت مع  إيران على استخدام العملة المحلية في التجارة بدلاً من الدولار. وقبل ذلك، اتفقت مع الصين على استخدام عملتيهما في التبادل التجاري عام 2019. 

فصل روسيا عن "سويفت" سيؤثّر في أميركا ودول الغرب

 أكد رئيس اللجنة الشرقية للاقتصاد الألماني، أوليفر هيرميس، أنّ فصل روسيا عن نظام "سويفت" للتعاملات المصرفية "سيخلق مشاكل كبيرة لاقتصادات الغرب، وسيكبده مليارات الدولارات".

وأضاف هيرميس أنّه "في حال ذلك، فإنّ موسكو وبكين ستشددان عقوباتهما الاقتصادية ضد الغرب. ونتيجة مثل هذا التطور في الأحداث، فإنّ الغرب لن يحصل على أي مكاسب".

وأشار إلى أنّ المؤسسات المالية العاملة مع روسيا ستعاني أضراراً اقتصادية، وخصوصاً أن "البنوك والمؤسسات الائتمانية الغربية ستخسر المليارات، وستصبح الاتصالات التجارية معقدة للغاية، إلى درجة أنّ عدداً من التعاملات سيفقد معناه".

هذا الأمر أكّده أيضاً نائب رئيس مجلس الاتحاد في البرلمان الروسي، نيكولاي جورافليف، الذي صرّح، بصورة واضحة، أنّ الدول الأوروبية لن تتمكن من الحصول على الغاز والنفط والمعادن من روسيا، في حال فصل الأخيرة عن نظام الدفع الدولي. 

العقوبات المالية قد تقوّض مكانة الدولار الأميركي

الباحث دانييل دريزنر جادل، في مقال له نهاية العام الماضي، في مجلة "فورين أفيرز"، أنّ هناك أضراراً ستلحق بقيمة الدولار ووضعه كعملة عالمية في حال استمرار الولايات المتحدة في فرض العقوبات على الدول، التي بدورها ستلجأ إلى حلول أخرى. 

وذكر دريزنر في مقاله أنّ "القلق الأكبر على المدى الطويل هو أنّ العقوبات المالية يمكن أن تقوّض مكانة الدولار الأميركي كعملة احتياطية أساسية في العالم"، على الرغم من أنّ "الدور البارز للدولار، إلى جانب مركزية أسواق رأس المال الأميركية، هو الذي مكّن من ازدهار العقوبات المالية في المقام الأول".

ورأى الكاتب أنّه بعد جيلٍ كامل من هذه العقوبات، يبحث المستهدَفون عن بدائل للدولار لحماية أنفسهم من الإكراه، في وقت صارت العملات الرقمية أحد المخارج من هذه القيود. مثلاً، طرح بنك الصين الشعبي يواناً رقمياً سيمكّن أولئك الذين يستخدمونه من تجاوز الدولار الأميركي تماماً. 

وأضاف: "حتى حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا طوروا أداةً لدعم التبادل التجاري (INSTEX)، وهي وسيلة يمكنهم من خلالها التحايل على الدولار والتداول مع إيران"، معتبراً أنّه "لا عجب إذاً في أنّ حصة الدولار الأميركي من احتياطيات النقد الأجنبي العالمية انخفضت إلى أدنى مستوى لها منذ 25 عاماً، في نهاية عام 2020". 

وبحسب دريزنر، فإنّه في الوقت الحالي، لا يزال الدولار هو العملة الاحتياطية العالمية الأساسية، لكن "إذا انخفض استخدامه أكثر، فإنّ قوة الحكم المالي الأميركي ستنخفض أيضاً".

اخترنا لك