في اليابسة والمحيطات والقلوب.. علم فلسطين يتخطى حدودها

المعركة، التي يشنّها وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، على العلم الفلسطيني، لم تأخذ في الاعتبار أنّ هذا الرمز الوطني لم يعد محصوراً داخل حدود فلسطين، وهو ما يعني هزيمة إضافية للاحتلال.

  • في اليابسة والمحيطات.. علم فلسطين يتخطى حدودها
    في اليابسة والمحيطات والقلوب.. علم فلسطين يتخطى حدودها

معركة، تمتد عقوداً، يشنّها الاحتلال الإسرائيلي ضدّ العلم الفلسطيني، بدأت منذ اليوم الأول لاحتلال فلسطين، وصولاً وليس انتهاءً بقرار وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، والقاضي بإزالة الأعلام الفلسطينية، ومنع رفعها في الأماكن العامة. لكن، يبدو أنّ بن غفير لا يجيد قراءة التاريخ جيداً، فحركات التحرر، التي شهدتها عدة دول، كانت الأعلام الفلسطينية أحد أهم رموزها، ناهيك بحضورها في معظم المحافل الدولية، والمناسبات السياسية والثقافية والرياضية، الأمر الذي يعني أنّ القضية باتت أبعد مما يرى بن غفير والمسؤولون في حكومة الاحتلال.

كيف أُجهض قرار بن غفير؟

على عكس ما يشتهي بن غفير، جاءت ردة الفعل الشعبية الفلسطينية. وبعد أنّ ظن أنّه يستطيع إرهاب الشارع الفلسطيني، خرج الأخير للرد عليه عبر رفع الأعلام الفلسطينية في شوارع القدس المحتلّة، وأزقتها، وعلى أعمدة الكهرباء ومآذن المساجد، في الأحياء والبلدات المقدسية.

بالتوازي، مع التحرك الميداني، حصلت انتفاضة افتراضية شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، تضامناً مع فلسطين ورفضاً لقرار بن غفير، بحيث أطلق ناشطون حملةً للتغريد في مواقع التواصل الاجتماعي، تحت وسم "ارفَعْ_علمك". 

ولأنّها السّبّاقة في دعم القضية الفلسطينية، أطلقت الميادين حملة #علمي_هويتي"، تضامناً مع الشعب الفلسطيني، الذي يخوض اليوم "معركة العلم"، نظراً إلى ما يمثّله من رمز للهوية والتحرر والنضال.

العلَم الفلسطيني تخطّى حدود فلسطين

الحديث عن العلم الفلسطيني، بالنسبة إلى الفلسطينيين، يعني مقاومة الاحتلال، والانتماء إلى الوطن، والتضحية في سبيله، الأمر الذي يجعل منه ذا قيمة سياسية، وليس مجرد شعار للدولة. 

رمزية العلم، فيما يتعلق بمقاومة الاحتلال والعنصرية، تجاوزت حدود فلسطين، لتشمل معظم حركات التحرر الوطني، التي شهدتها دول العالم.

 فعند كل محفل دولي مقاوم للإمبريالية الأميركية، يُرفع العلم الفلسطيني، مجسّداً مسيرة نضال ممتدة منذ أعوام ضدّ المحتل، باعثاً نموذجاً حيّاً، موجَّهاً إلى الشعوب الأخرى، عن المقاومة والدفاع عن الأرض والحق والعِرض والمقدسات.

ويُسجّّل لعدد من دول أميركا اللاتينية كثيرٌ من المحطات الداعمة لفلسطين، على رأسها فنزويلا، وكذلك البرازيل، التي أقالت أمس سفيرها لدى "إسرائيل"، ورفضت ظهور علَم الاحتلال خلال الشغب .

  • فلسطين
    الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في أثناء رفعه العلم الفلسطيني

ومن اليابان، انطلقت الناشطة اليسارية والزعيمة السابقة والمؤسِّسة للجماعة، التي حُلَّت لاحقاً، والمعروفة بالجيش الأحمر الياباني، فوساكو شيغينوبو، ثم أمضت 20 عاماً في السجن بسبب شنّها هجمات حول العالم مناصِرةً للقضية الفلسطينية، ورفعت العلم الفلسطيني في أكثر من محطة، كما أبت أن تغادر السجن من دون ارتداء الكوفية الفلسطيينة.

  • فلسطين
    فوساكو شيغينوبو في أثناء خروجها من السجن مرتدية الكوفية الفلسطينية في 22 أيار/مايو 2022

كذلك، شهدت عدة دول فعاليات متنوعة تضامناً مع فلسطين، وتنديداً بجرائم الاحتلال في غزّة والضفة، وكانت الأعلام الفلسطينية الحاضرة الأبرز فيها.

  • فلسطين
    العلم الفلسطيني مرفوعا أمام الكابيتول في العاصمة الأميركية واشنطن

ومثلاً، شهدت مدينة شيكاغو الأميركية، العام الماضي، فعالية نوعية تُقام للمرة الأولى، تمثَّلت برفع العلم الفلسطيني وسط المدينة التابعة لولاية إلينوي.

كما رفع ناشطون أيرلنديون، علَماً عملاقاً لفلسطين عام 2018، كُتبت إلى جانبه عبارة "الحرية لفلسطين"، على قمة جبل بلاك الشهير "Black Mountain"، في بلفاست، شمالي أيرلندا، وذلك اعتراضاً على إقامة مباراة كرة قدم بين فريقين إسرائيلي وإيرلندي.

  • الخطوة تأتي كرد فعل احتجاجي على إقامة مباراة كرة قدم بين فريقين إسرائيلي وإيرلندي
     ناشطون أيرلنديون يرفعون علم فلسطين على قمّة جبل بلاك عام 2018 

العلم الفلسطيني في ملاعب الرياضة

كثيرة هي الأحداث الرياضية العالمية التي شهدت رفع العلم الفلسطيني في مدرّجات الملاعب. على سبيل المثال لا الحصر،  قامت جماهير منتخب سيلتيك الإسكتلندي، المعروفة بدعمها فلسطين، برفع الأعلام الفلسطينية في عدد من المباريات، جنباً إلى جنب لافتات أخرى تَدِين |لاحتــلال الإسرائيلي. هذه الأحداث جرت على رغم تهديدات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) المستمرة بشأن منع إدخال الشعارات السياسية لكرة القدم، والتي آلت، في أكثر من مرة، إلى توقيع عقوبات مالية على النادي.

  • مشهد لجماهير سيلتيك هي ترفع علم فلسطين
    جماهير سيلتيك ترفع علم فلسطين خلال مبارة ضد نادي أبردين عام 2022

كما شهدت مباراة باريس سان جيرمان مع "مكابي حيفا" الإسرائيلي، في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ضمن الجولة الـ5 من دور المجموعات في دوري أبطال أوروبا، رفع مشجعي الفريق الباريسي لافتات داعمة للقضية الفلسطينية.

ومؤخراً، على رغم أنّ الفلسطينيين لم يشاركوا في منافسات مونديال قطر 2022، فإنّ ألوان العلم الفلسطيني الأحمر والأخضر والأبيض والأسود أصبحت مشهداً مألوفاً في شوارع العاصمة القطرية، كما في الملاعب. هناك، قرّر المشجعون من مختلف البلدان، الذين يدعمون مختلف المنتخبات المشاركة، التعبير عن دعمهم الشعب الفلسطيني من خلال ارتداء العلم الفلسطيني كعباءة فوق قمصان فِرَقهم، وهو ما شكّل ضربة قاضية لإسرائيل باعتراف الإعلام العبري، الذي علّق على الأمر قائلاً إن "العلم الفلسطينيّ سَحَقَنا في مونديال قطر ".

رفعُ العلم الفلسطيني في المحافل الرياضية لم يقتصر على الجماهير، فلقد سُجّلت لعدد من اللاعبين العالميين مواقف تضامنية مع فلسطين، من الأسطورة الأرجنتينية الراحل دييغو أرماندو مارادونا، وصولاً إلى النجم البرتغالي، كريستيانو رونالدو. 

  • النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو يرتدي
    النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو يرتدي وشاح العلم الفلسطيني

 

  • فلسطين
       النجم الأرجنتيني دييغو مارادونا يرفع وشاح العلم الفلسطيني في أرض الإمارات عام 2013

العلم الفلسطيني في ميادين الفن

لم يقتصر التضامن مع فلسطين على الفعاليات السياسية، بل امتد أيضاً إلى الفن. فعدد من الحفلات الفنية في روما ولندن ومدن أخرى شهدت رفعاً للأعلام الفلسطينية، وأغاني مناصرة وتضامنية مع الشعب الفلسطيني. 

  • مطرب الراب ويجز خلال احيائه حفلاً كبيراً في لندن في تشرين الأول 2022
    مطرب الراب المصري ويجز خلال إحيائه حفلاً كبيراً في لندن في تشرين الأول/أكتوبر 2022

 

  • الفنان البريطاني روجر ووترز يرفع العلم الفلسطيني أثناء حفل له في روما 2018
    الفنان البريطاني روجر ووترز يرفع العلم الفلسطيني في أثناء حفل له في روما 2018

 العلم الفلسطيني يرفرف في عمق المحيطات 

وفي البحر أيضاً، حضر العلم الفلسطيني، حيث قام ناشطون من مختلف دول العالم، بغرسه في أعماق المحيطات، تعبيراً عن حبهم لفلسطين.

  • فلسطين
    العلمان الفلسطيني والجزائري في عمق البحر في ولاية مستغانم الجزائرية، 25 تشربن الأول/أكتوبر 2015

 

  • فلسطين
    رفع العلم الفلسطيني في أعمق نقطة في المحيط الهندي عام 2015

بعد هذا العرض الموجز، على بن غفير أن يقلق فعلاً. فالعلَم الفلسطيني لم يعد مرتبطاً بحدود فلسطين، بل أضحى حالةً منتشرة في عدد من الدول، وهويةً للنضال والمقاومة وثقافة المواجهة وعدم الرضوخ والاستسلام، وهو ما يخشاه العدو الذي يعيش أزمة بقاء، بدأت تلاحقه في الفترة الأخيرة، وخصوصاً عندما يتخطى علم فلسطين حدودها الجغرافية، ويصل إلى أقاصي المحيطات.. والأهم عندما يسكن القلوب.

الاحتلال الإسرائيلي يستهدف العلم الفلسطيني، في أولى القرارات الاستفزازية لحكومة نتنياهو المتطرفة.. حملة إعلامية تطلقها شبكة الميادين للتضامن مع الفلسطينيين وعلمهم، والتأكيد على أن العلم الفلسطيني رمز عربي وعالمي للنضال في مقارعة الظلم والاحتلال.

اخترنا لك