"الساحرة المستديرة".. هل تنجح واشنطن في "أمركتها" وحرمان أوروبا الريادة الكروية؟

يستمر الحلم الأميركي بالسيطرة على اقتصاديات كرة القدم وإجراءات جديدة تهدف إلى "أمركة اللعبة".

  • التحليلية.. مشروع السوبر ليغ الأفريقي وأمركة كرة القدم إلى أين تذهب اللعبة؟
    بعد فشل المقترح الأول في أوروبا يحاول انفنتينو تنظيم بطولة مشابهة في أفريقيا

الحلم الأميركي بالسيطرة على اقتصاديات كرة القدم يستمر، بدأت القصة مع قضايا الفساد عام 2015، إذ أُطيح الرئيسان السابقان للاتّحاد الدولي جوزيف بلاتر، والأوروبي ميشال بلاتيني، وباقي أعضاء اللجنة التنفيذية للفيفا بعد تحقيقاتٍ أجراها مكتب التحقيقات الفيدرالي "أف بي آي".

بعد عام وصل إلى رئاسة جمهورية كرة القدم جياني انفنتينو بدعمٍ أميركيٍ واسع، تنصيبٌ يُراد منه تطبيق سياساتٍ معيّنة من أجل أمركة الساحرة المستديرة وتطبيع الأوروبيون تحت خيمة الشركات الأميركية، على غرار دوري المحرفين لكرة السلة NBA.

طُرح مشروع السوبر ليغ الأوروبي، لكنه أُجهض بضغط الجماهير والاتّحادات الوطنية في أوروبا، مع مؤازرةٍ من يويفا.

تحولت الخطط صوب القارة السمراء، انتفنتينو ونظيره الأفريقي باتريمو سيبي خطّطا من أجل تعميم تلك البطولة على مستوى العالم، والغاية هي جني مزيد من الأرباح المالية، فوُلدَت بطولة الدوري الأفريقي. 

المسابقة القارية الضخمة وُضعت حيّز التنفيذ، وتنطلق الشهر المقبل بالموازاة مع هجرة أهم نجوم عالم الملاعب الأوروبية بإغراءاتٍ ماليةٍ سعوديةٍ وأميركية.

البرتغالي كريستيانو رونالدو بات لاعباً في النصر، وليونيل ميسي نجماً لإنتر ميامي، لاعبان أسطوريان لديهما قيمةٌ تسويقيةٌ خياليةٌ مع هالةٍ إعلانيةٍ لكلّ منهما تدمغ أيّ مكانٍ يحضران إليه.

تطوير الساحرة المستديرة في أفريقيا قد يُستخدَم لتحجيم قوة الأندية الأوروبية فنياً واقتصادياً. أندية القارة العجوز الكبرى ومنتخباتها بنت أمجادها في العقود الأخيرة بجهود لاعبين أفارقةٍ وأميركيين جنوبيين، مثلوا نحو 65% من مجموع النجوم. 

الجوائز المالية الضخمة للبطولة الأفريقية قد تمنع اللاعبين مستقبلاً من الرحيل إلى الجنة الأوروبية، إذ قد يتجذرون في أوطانهم، وتتحول أولويتهم الى أندية القارة السمراء. 

وفي هذا السياق أكد مقدّم البرامج الرياضية في الميادين مايك شلهوب، أن ثمانية أندية قد اختيرت للنسخة الأولى، وجعلتها كأنها تجمع ضخم بُني على أسسٍ تاريخيةٍ، وجماهيريةٍ ومالية، فمعظمها يمثّل دولاً غنيةً بالنفط والمعادن والتسويق القوي. 

وبعد أن فشل مشروع السوبر ليغ في أوروبا انتقل إلى القارة السمراء، ليُبصر النور في شهر تشرين الأول/أكتوبر القادم، أي بعد شهرين تقريباً، بمجموع ثمانية أندية، على أن يصبح 24 نادياً في المدى المنظور. وتحديداً مع توسع دائرة دخول الأموال السعودية إلى هذه البطولة بعد نحو عامين من الآن.  

وأضاف شلهوب أنه "منذ وصوله الى رأس الفيفا، رسم جاني انفنتينو هذا المخطط بالتعاون مع الجهات الأميركية، ومن هنا تمّت تسمية أيضاً رئيس الاتّحاد الافريقي موتسيبي، لينفذ هذا المشروع الذي سيبصر النور في أقل من شهرين".

مراسل الميادين في أبيدجان علي مرتضى قال إن أفريقيا كانت الورقة الرابحة لكرة القدم، حتى بالنسبة للأوروبيين، ولفت إلى أن أغلب اللاعبين المشهورين، الذين يحققون شهرة كبيرة يأتون من الدول الأفريقية.

وأضاف مرتضى "إذا تغيرت طريقة التعاطي مع كرة القدم،وأصبح للأفارقة دوري السوبر،الذي سيأتي بالأموال، ويجدد البنى التحتية، وينعش الأندية الافريقية، فمن الممكن أن تكون بالفعل أفريقيا الرابحة، بشرط ألا تكون هذه محاولة فقط لتطويع الأوروبيين، والعودة إلى هناك". 

"أمركة كرة القدم"

يقول قتيبة الصالح محلل الميادين للشؤون العربية والاسلامية، برز اتجاه "أمرك" كرة القدم الأوروبية داخل أروقة الرياضة على أكثر مستوى، وهذه الأمركة تأخذ طابعاً مباشراً عبر الاستثمار في ملكية الأندية، وبالتحديد في الدوري الانكليزي والأندية الكبيرة.

عملية "الأمركة" الأخرى التي يمكن وصفها بالأمركة الفكرية، وهي انتقال الفكر الرأسمالي، إلى كرة القدم الأوروبية، بحيث تنتفي أهم ركيزتين داخل كرة القدم، وهي المنافسة والتقاليد، كون جل الأندية في أوروبا تمثّل مدناً أو مجتمعات محلية، مثل نادي أتلتيك بيلباو في إقليم الباسك، برشلونة في اقليم كتالونيا، ونابولي بالنسبة لمدينة نابولي. 

بالتالي ما يفعله هذا الفكر هو إدخال العنصر التجاري بشكل مبالغ به، وتحويل الأندية نفسها إلى منتج، والمشجعين الى مستهلكين، أي رسم عملية اقتصادية تجارية يمكن تسميتها بـ"أمركة" كرة القدم الأوروبية. 

ويؤكد أن عملية "أمركة" بعض الأندية الكبرى كانت جارية بالفعل في أوروبا ما ساعد في تحويل الأندية إلى شركات تجارية، أكثر منها أندية تمثّل جماهير.

ويتوقع الصالح أن تكون هذه البطولة هي عملية تحويل كرة القدم إلى "بزنس"، بعيداً عن الرياضة، ومناطحة بين شركات تجارية، بالتالي فإن الخاسر الأكبر سيكون الجماهير لأن الشركات الكبرى ستخطف المواهب الأفريقية حتى قبل وصولها إلى الأندية المحلية.  

من جهته يقول شلهوب إن هذه المحاولات بدأت منذ عام 2018 حين اتفق بيكهام مع ميسي على الانتقال إلى انتر ميامي، مايدل على أن هذه الخطة ليست وليدة الصدفة. وقبل عام 2018 أطاح الأميركيون بجوزيف بلاتر رئيس الفيفا، وأتوا بجاني انفنتينو الرجل المدلّل للسياسة الأميركية. 

ويضيف شلهوب "منذ أن دخل ميسي إلى الولايات المتّحدة الأميركية،بيعت التذاكر بنسب فاقت 100%،  

أما عن انعكاس الصراع المالي على كرة القدم بين أميركا وأوروبا على كرة القدم الافريقية، فيرى مرتضى أنه من الممكن أن ينعكس إيجاباً على الكرة الأفريقية، لأن جائزة دوري السوبر الأفريقي 100مليون دولار أميركي، سيحصل الفائز منها على 11.5 مليون دولار، وكل مشارك سيحصل على قيمة مبدئية 2.5 مليون دولار،إضافة إلى  54 دولة عضو في الاتّحاد الأفريقي، ستأخذ كل دولة منها مليون دولار سنوياً لتطوير الكرة.

ويضع شلهوب دفع السعودية لعشرات الملايين من الدولارات على شكل رعاية للبطولة، في سياق تخطيطها لاستضافة كأس العالم، تماماً كما حصل مع قطر العام الماضي.

ويؤكد أن السعودية قد بدأت هكذا مشروع منذ وقت سابق عبر التوأمة مع أندية إسبانية، لاتاحة الفرصة للاعبيها للاحتكاك مع اللاعبين الكبار في تلك الدوريات. 

أما عن تأثير دوري السوبر على البطولات الأفريقيةـ، فيرى مرتضى أنه غير واضح حتى اللحظة، ويتوقع أن يكون ناجحاً من ناحية المشاهدة، خاصة مع وجود رعاة كبار. 

اخترنا لك