الحكومة الفرنسية الجديدة ترى النور بعد ولادة متعثرة
بايرو هو رابع رئيس وزراء في فرنسا خلال عام واحد، وهذا مؤشر على انعدام الاستقرار السياسي، وهو وضع لم تشهد فرنسا مثيلاً له منذ عقود.
أخيراً، وبعد أيام من الترقب والتأجيل المتكرر، أعلن عن ولادة حكومة فرانسوا بايرو في فرنسا... خطوة تشبه الولادة من الخاصرة. صعوبات كثيرة رافقت المشاورات التمهيدية قبل أن ينجح رئيس الحكومة في إخراج هذه التشكيلة الجديدة، التي ضمت اثنين من أسلافه في رئاسة الحكومة مع إعطائهما منصبي وزيري دولة وهما إليزابيت بورن التي ستشغل حقيبة التربية والتعليم العالي، ومانويل فالس وأنيطت به حقيبة المناطق الواقعة ما وراء البحار.
عدد من الوزراء في حكومة بارنييه السابقة احتفظوا بحقائبهم وفي مقدمهم وزير الداخلية برونو روتايوه، فيما عاد وزير الداخلية السابق جيراد دارمانان ليتبوأ حقيبة العدل وهي حقيبة سيادية أيضاً، علماً أنّه كان يرنو إلى وزارة الشؤون الخارجية التي بقي فيها جان نويل بارو كذلك وزير الجيوش سيباستيان لوكورنو.
بايرو هو رابع رئيس وزراء في فرنسا خلال عام واحد، وهذا مؤشر على انعدام الاستقرار السياسي، وهو وضع لم تشهد فرنسا مثيلاً له منذ عقود.
رئيسة كتلة "فرنسا غير الخاضعة" في البرلمان ماتيلد بانو، قالت إنّ الحكومة الجديدة مليئة بأشخاص تمّ رفضهم في صناديق الاقتراع وساهموا في تراجع فرنسا، واتهمت بايرو بالاستناد إلى دعم التجمع الوطني وزعيمته مارين لوبان، وهو ما وافقها عليه رئيس الحزب الاشتراكي أوليفييه فور.
ثلاثة أسابيع تفصل بايرو عن مثوله أمام الجمعية الوطنية لعرض بيانه الوزاري، وهو يأمل في أن لا يواجه طرحاً لحجب الثقة عن حكومته، وهو أمر متوقع مع تلويح حزب فرنسا غير الخاضعة به منذ أيام، وتمنع بقية مكونات تحالف اليسار من الانضمام إلى هذه الحكومة.
اقرأ أيضاً: مارين لوبان: ماكرون انتهى.. وأستعد لخوض سباق انتخابات رئاسية مبكرة
كثيرة هي التحديات التي سيتوجب على بايرو ووزرائه التعامل معها، لا بل وإيجاد تسويات تراعي مطالب الكتل النيابية المؤثرة لتجنب حجب الثقة، وهنا مكمن الخطر فما قد يقبل به تحالف اليسار يمكن أن يرفضه أقصى اليمين.
ومن هذه القضايا إعادة بحث قانون التقاعد، وعدم اللجوء إلى تمرير مشاريع قرارات عبر مراسيم بعيداً عن تصويت النواب، بالاضافة إلى إقرار ميزانية العام المقبل. وهذا هو الأمر الأصعب نتيجة تباين القوى السياسية حول أولوية النفقات أو رفض المزيد من الضرائب، إضافة إلى موضوع الهجرة الذي تنقسم حوله القوى السياسية.
المهمة ليست سهلة إذاً، والخطوة الأولى تكمن في تعزيز شعبيته المتهاوية، 34% من الفرنسيين يدعمونه بحسب استطلاع لـ"إيفوب-لو جورنال دو ديمانش"، وهذا يعني أنّ الثلثين الآخرين يعارضونه ربما لأنهّم يرون فيه أيضاً ما تراه قوى سياسية مناهضة، امتداداً لرئيس الجمهورية وسياساته التي قسمت الفرنسيين وفي ذلك مجازفة كبيرة يمكن أن تعرقل مهمته وأن يعقِّدها، وهو الذي اعترف أنّه انتزع موافقة ماكرون على تعيينه لرئاسة الوزراء من دون قناعة كبيرة.
بُعيد ولادة حكومته، بدأ بايرو حملة علاقات عامة في محاولة لتحسين صورته في أعين مواطنيه من خلال مقابلة مطولة على إحدى القنوات المحلية عرض فيها الظروف التي صاحبت المشاورات وولادة الحكومة ورؤيته للقضايا المطروحة على الساحة الفرنسية، من دون أن يقدم التزاماً واضحاً بأي من الملفات الضاغطة.
من حظ الحكومة الفرنسية الجديدة أنّها رأت النور عشية أعياد الميلاد ورأس السنة، وهذا سيمنحها فرصة التنفس بهدوء قبل الانطلاق الجدي بداية العام المقبل حيث تعود الحرارة إلى الحياة السياسية في فرنسا ومعها مسلسل السجالات الحادة.