كورونا والتعليم عن بعد في غزة.. تجربة ناجحة رغم الصعوبات
تجربة التعليم عن بُعد في مدارس قطاع غزة في ظل القيود التي فرضها انتشار فيروس كورونا تختلف عن غيرها، حيث الظروف الصعبة والحصار الذي يفرضه الاحتلال والإمكانيات المادية الضئيلة، ورغم ذلك قيمت وزارة التربية والتعليم التجربة بالناجحة للتعامل مع الظروف الطارئة.
فرض انتشار فيروس كورونا واقعاً جديداً في كل أنحاء العالم، وجب التعايش والتأقلم معه، ولم يعد التعليم كما كان سابقاً، فتم إقفال المدارس لأسابيع وشهور وتم البدء بخطط طارئة للتعليم عن بعد.
لم يكن الطلاب والأساتذة يتصورون أن يصبح التعليم عن بعد جزءاً من يومياتهم، إذ لم يكن شائعاً لدى كثيرين في العالم.
في قطاع غزة، كانت تجربة التعليم عن بعد مختلفة عن غيرها، حيث يعاني القطاع التعليمي فيها الظروف الصعبة والحصار، ومع ذلك كانت التجربة غنية وثرية، وحققت فائدة كبيرة كبداية وكاستجابة، وأيضاً بداية تحول في استراتيجية وزارة التربية والتعليم التي تواجه أزمات متعددة مع الاحتلال الإسرائيلي.
التعليم أونلاين في ظل الاحتلال
مدير عام الاشراف التربوي في وزارة التعليم بقطاع غزة محمود مطر تحدث لـ الميادين نت عن تجربة التعليم عن بُعد، وقال إنها تجربة جديدة للوزارة، ووضعتنا أمام محك صعب جداً كنتيجة للظروف الصعبة التي تعيشها غزة في ظل حالة الحصار المطبق على القطاع منذ سنوات طويلة.
وكشف مطر أن الوزراة بدأت استعدادتها واستجابتها للظروف الطارئة بشكل عاجل منذ بداية الأزمة، وبدأت بتفعيل إذاعة التربية والتعليم، وتفعيل التعليم عن بعد التي كانت متاحة لدى الوزارة، لكن كان أمامها تحديات كبيرة. ورغم هذه التحديات استطاعت الوزارة تحقيق إنجازات كبيرة في هذا المجال، منها إطلاق "قناة الروافد التعليمة" التي تبثّ عبر البثّ الرقمي الأرضي، وأيضاً عبر إطلاق قنوات أو بطاقات للتعليم الذاتي، وإعادة النظر في محتوى المناهج.
تجربة جديدة.. سلبياتها وايجابياتها
وفي هذا الإطار، أكد مطر على جهود الوزارة الكبيرة التي قامت بها مع الكثير من المؤسسات الدولية والمحلية، في محاولة لدعم قطاع التعليم وإطلاق خطة العودة الآمنة للمدراس، لأن الظروف كانت صعبة جداً في ظل ظروف الحصار الخانق، وأثرها الكبير على استجابة المجتمع المحلي لأدوات التعليم عن بعد، وكذلك قدرة الوزارة على التعاطي مع متطلبات التعليم عن بعد.
وأشار إلى أن كل هذه الظروف كانت تشكل تحديات كبيرة لوزارة التعليم، وربما أكبر هاجس كانت تعاني منه هو تحقيق العدالة في وصول أدوات التعليم عن بعد لجميع الطلبة. وكما يعلم الجميع فإن قطاع غزة هو قطاع مرهق من الناحية الاقتصادية وهذا كان ينعكس على الظروف الاقتصادية لأولياء الأمور وقدرتهم على توفير أدوات التعليم عن بعد، حيث أن هناك الكثير من العائلات لم يستطيعوا توفير جزء كبير من أدوات التعليم عن بعد مثل أجهزة التعليم الذكي، وخطوط الانترنت، الضعيفة والمتهالكة، والتي لا تستجيب لمتطلبات التعليم عن بعد.
المسؤول التربوي لفت إلى أن كل هذه الصعوبات شكلت تحديات، وربما أثرت على عدالة التعليم، وكان هذا تحدياً كبيراً للوزارة التي حاولت الاستجابة والتعامل مع هذه القضية، خاصة بعدما أشارت في التقرير الذي أصدرته قبل شهرين إلى أن نسبة التحاق الطلبة بالصفوف الافتراضية لم يتجاوز الـ65 بالمئة، كما أن عدد الطلبة المتفاعلين على هذه الصفوف هو دون الـ40 بالمئة، وهذا الأمر شكل تحدياً كبيراً جداً وهذا يعني أن هناك 40 بالمئة تقريباً هم خارج منظومة الصفوف الافتراضية، ولأجل ذلك بدأت الوزارة بإطلاق أدوات مساندة للصفوف الافتراضية، مثل بطاقات التعلم الذاتي، وهي بطاقات ورقية وإلكترونية في نفس الوقت، تمّ إعدادها لتوجيه الطلبة نحو التعلم الذاتي. وهو ما قامت به الوزارة من خلال فرق عملت على مدار الساعة لإعداد هذه البطاقات، التي تضمنت تعليمات واضحة لأولياء الأمور في كيفية التعامل مع أبنائهم، في ظل الظروف الصعبة، وفي إطار الدراسة المنزلية.
إطلاق قناة وإذاعة خاصة للتعليم عن بعد
وكشف مطر أن الوزارة أطلقت أيضاً "قناة روافد التعليمية"، إلا أن الوزارة لم تستطع تحمّل التكلفة المادية لهذه القناة كقناة فضائية، وبالتالي لجأت إلى إطلاق قناة أرضية تبثّ داخل قطاع غزة، عبر البثّ الرقمي الأرضي، لتبثّ الدروس التعليمية على مدار الساعة.
كذلك كانت إذاعة التربية والتعليم تبثّ الدروس التعليمية على مدار الساعة من خلال الإذاعة أو عبر صفحتها على "فيسبوك" وألحقت عشرات ومئات الدروس المصورة عبر بوابة "روافد التعليمية".
خبرة إضافية للتعامل مع حالات الطوارىء
وعن مدى نجاح هذه التجربة، تحدث مدير عام الاشراف التربوي في وزارة التعليم بغزة عن هذه التجربة، وأكد أن هناك تفاوتاً في مستوى نجاح هذه التجربة، وطبعاً هذا يعود لطبيعة المدرسة، وموقعها الجغرافي، وظروف بعض المدارس، وبعض المجتمعات المحلية.
وأشار إلى أن كل هذه العوامل تؤثر على تقييم هذه التجربة، لكن بلا شك كونها تجربة فريدة وجديدة على وزارة التربية والتعليم، فهي شكلت خبرة إضافية للوزارة في قضية التعامل مع الحالات الطارئة، وإدارة التعليم في فترات الطوارىء.
واعتبر المسؤول التربوي أن الاستجابة بشكل عام وحتى الآن هي مقبولة إلى حدّ ما ليست استجابة مثالية، لأننا نعلم أن هناك تحديات كبيرة تتعلق بظروف وبإمكانات وزارة التربية والتعليم، إضافة إلى إمكانات المجتمع المحلي، لأن العملية هي تكاملية بينهما، وكل هذه الظروف أثرت بشكل كبير على استجابة المجتمع المحلي للتعليم عن بعد بصفة عامة.
وختم قائلاً، لكن في الإجمال هذه التجربة غنية وثرية وحققت فائدة كبيرة كبداية واستجابة، وبداية تحول في استراتيجية وزارة التربية والتعليم في اعتماد سياسة التعليم المدمج، وكانت تجربة ناجحة إلى حدّ ما.