"رويترز": خنق الاقتصاد بالضفة الغربية يهدّد إقامة الدولة الفلسطينية
وكالة "رويترز" تتحدث في تقرير عن صعوبة إقامة الدولة الفلسطينية، بسبب الخنق الإسرائيلي للاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية، التي من المقرّر إقامة الدولة على أراضيها.
-
أحد الأسواق الفلسطينية في الضفة الغربية (أرشيفية)
قالت وكالة "رويترز"، في تقرير، اليوم الثلاثاء، إنّ خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام في غزة تضع الخطوط العريضة لمخطط إقامة دولة فلسطينية، ولكن في الضفة الغربية، حيث ستتحقق هذه الرؤية، يتم خنق الآفاق الاقتصادية للمنطقة.
فقد قسمت شبكة من المستوطنات الإسرائيلية ممرات النقل التي تستخدمها الشركات، ولم يتقاضَ موظفو المؤسسات الفلسطينية رواتبهم بسبب منع "إسرائيل" تحويل عائدات الضرائب، كما أن تحويلات العمال المتجهين إلى الأراضي المحتلة عام 1948، والتي تعد ركيزة أساسية، قد جفت منذ بدء الحرب على غزة، وفقاً للوكالة.
تساؤلات عن إمكان قيام دولة فلسطينية قابلة للبقاء
"رويترز" ذكرت أن ترامب حصل على دعم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس الاثنين، لمقترح السلام الذي ترعاه الولايات المتحدة لإنهاء الحرب المستمرة منذ عامين تقريباً على غزة، بينما هناك دعم دولي متزايد لإقامة دولة فلسطينية.
لكن السلام في غزة ليس مضموناً، فهناك تساؤلات عمّا إذا كانت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس ستقبل الخطة، وقال ترامب إن "إسرائيل" يمكنها "أن تفعل ما يجب أن تفعله" إذا رفضت الحركة الخطة.
كما أن قيام دولة فلسطينية قابلة للبقاء في غزة والضفة الغربية قد لا يكون وشيكاً أيضاً بحسب تقرير الوكالة.
فالسلطة الفلسطينية، التي تمارس حكماً محدوداً للمناطق التي يعيش فيها معظم السكان الفلسطينيين، تعدّ نفسها الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني.
لكن مصداقيتها تراجعت بسبب تأثير ضغط "إسرائيل" مالياً عليها، وسوء إدارتها للاقتصاد، والبناء الاستيطاني الإسرائيلي السريع على أراضٍ يريدها الفلسطينيون لإقامة دولتهم، وغياب الإصلاحات السياسية، على حد قول "رويترز".
في هذا السياق، قال البنك الدولي في تقرير "أدت الضغوط المالية المستمرة إلى تآكل قاعدة إيرادات السلطة الفلسطينية بشدة ما فرض قيوداً شديدة على تمويل الخدمات الأساسية".
وجاء في التقرير أيضاً: "وإذا ما استمرت هذه الآليات، فقد تؤدي إلى انهيار مالي".
في المقابل، نفت السلطة الفلسطينية مزاعم الفساد، وقالت إن "إسرائيل تشن حرباً مالية لمنع إمكان قيام دولة فلسطينية قابلة للبقاء".
"إسرائيل تحتجز الأموال"
بموجب ترتيب قائم منذ فترة طويلة، تجمع السلطات الإسرائيلية الضرائب على البضائع التي تمر عبر الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48 إلى الضفة الغربية، وتقوم بتحويلات شهرية إلى السلطات في مدينة رام الله.
ومنذ أيار/مايو الماضي، تحتجز وزارة المالية الإسرائيلية نحو 10 مليارات شيكل (2.96 مليار دولار) من الأموال التي تجمعها من الضرائب والرسوم نيابة عن السلطة الفلسطينية، التي تقلص الآن الرواتب وتعجز عن دفع مبالغ مستحقة للمتعاقدين.
وبعيد شن الحرب على غزة، بدأ وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، باقتطاع جزء من تلك الإيرادات، يعادل المبلغ الذي تحوّله السلطة الفلسطينية إلى غزة، حيث تواصل الإدارة التي يقودها الرئيس محمود عباس تمويل الخدمات والرواتب والمعاشات التقاعدية، على الرغم من سيطرة حماس على القطاع.
من جانبه، قال وكيل وزارة الصحة الفلسطينية، وائل الشيخ، إن هناك نقصاً حاداً في الأدوية، بما في ذلك أدوية الأورام ومستلزمات الجراحة العامة.
وأضاف: "اليوم، إذا تكلمنا عن نقص في الأدوية، لدينا 150 صنفاً برصيد صفري في المستودعات، منهم أدوية حيوية عددها 40 صنفاً، وأدوية أورام ومنهم 15 صنفاً أدوية بيولوجية، وأصناف أخرى والمستهلكات الطبية تقريباً 30 صنفاً رصيدها صفر في المستودعات، منها 20 صنفاً تخصصات طبية تخصصية".
يُذكر أيضاً أن الرواتب التي تدفعها السلطة الفلسطينية خُفضت إلى نحو 70 % من الأجور الكاملة، منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، ثم انخفضت أكثر في منتصف 2025 بعد تعليق تحويل إيرادات المقاصة من "إسرائيل".
وفي أيار/مايو الفائت، دُفعت الرواتب بنسبة 60%، ثم انخفضت المدفوعات إلى 50%، في حزيران/يونيو السابق.
بدوره، قال وزير التخطيط والتعاون الدولي الفلسطيني، اسطفان سلامة: "لم يعد لدينا القدرة على الاقتراض من البنوك، كل الحلول الفنية الداخلية قمنا بها، كل موضوع تقليل المصاريف قمنا به".
في السياق، قالت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، بدورها، إنّ "إسرائيل" تدبّر انهياراً اقتصادياً في الضفة الغربية، وشرحت فيه واقع البطالة والأزمة الاقتصادية التي يخلقها الاحتلال الإسرائيلي ما قبل الحرب على غزة وخلالها منذ نحو عامين، في الضفة.