هل تفي السيارات الذاتية القيادة بمتطلبات السلامة على الطرقات؟
حصلت السيارات، أو المركبات ذاتية القيادة، التي تتحكم بها أنظمة برمجية بدلاً من السياقة البشريّة، على الضوء الأخضر للعمل على الطرق السويسرية اعتباراً من شهر مارس المقبل. لكن ما تأثير هذا القرار؟ وهل يمكن أن نشهد قريباً انتشاراً واسعاً لهذه السيارات.
-
اختبرت مؤسسة "بوست بوس" (PostBus) أول حافلة ذاتية القيادة في سيون بسويسرا في عام 2016. (Manuel Lopez)
خلُصت الحكومة السويسريّة بعد سنوات من التجارب، إلى أن السيارات ذاتية القيادة يمكن أن تفي بمتطلبات السلامة على الطرق السريعة، في ظل ظروف معينة.
وترحب السلطات السويسرية بقرارها الأخير، بوسائل النقل ذاتية التحكم، لأنّها قد تُدخل تحسينات على نظام النقل العام، وتمثل حلاً محتملًا للاختناقات المرورية، وللحوادث التي تتسبب فيها السياقة البشريّة المتهوّرة. وتشارك العديد من البلدان الأخرى، في جميع أنحاء العالم، سويسرا هذه النتيجة.
واعتباراً من 1 أذار/ مارس 2025، أصبح بامكان السيارات أن تتجوّل على الطرق السريعة السويسرية باستخدام أنظمة القيادة المستقلة، التي تسمح للسيارة بالتوجيه الذاتي، والتحكم في السرعة، والكبح. ولكن يجب أن يكون من يمسك بعجلة القيادة مستعداً دائماًُ لإعادة السيطرة إذا لزم الأمر.
وستتمتع الكانتونات (وتسمى الولايات، في بلدان أخرى) بسلطة الموافقة على طرق معينة لهذه المركبات الآليّة، التي يراقبها مركز تحكّم عن بعد. وستكون هذه المركبات عادةً حافلات، أو سيارات أجرة، أو شاحنات توصيل.
Enns: Bursch (16) war nachts heimlich als Postbus-Chauffeur unterwegs https://t.co/XwvaszLsUV pic.twitter.com/F8qoIybLnm
— tips.at (@tipszeitung) July 25, 2025
كما سيُسمح بالوقوف الآلي، دون وجود السائق، في مواقف السيارات المخصصة لذلك.
وقالت بيتينا زهند، رئيسة قسم السلامة المرورية على الطرق في مجموعة الاستشارات (EBP) سويسرا: "لقد وُسّعت حدود النقل ذاتي القيادة في سويسرا".
نماذج من عدة دول
لقد نُفّذت مشروعات تجريبية على المركبات ذاتية القيادة، وأُدخلت تعديلات على التشريعات في العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم، بما فيها معظم الدول الأوروبية.
وتعد الصين وبعض الولايات والمدن في الولايات المتحدة، رائدة في السماح للمركبات التي تعمل دون سائق بشري (ما يسمى بالمستوى الرابع من الأتمتة، انظر المربع أدناه)، بالجولان على الطرقات العامة.
ففي عام 2020، أصبحت شركة وايمو أول مشغل يحصل على تصريح لتسيير خدمة سيارات الأجرة دون سائق في فينيكس. وبعد عامين، مُنحت شركة “بايدو” (Baidu) الضوء الأخضر لتشغيل أسطولها في مدينتي ووهان وتشونغتشينغ الصينيتين.
و في ظل تطور التقنيات التي تسمح للسيارات بقيادة نفسها ذاتياً، إلى أي مدى ينبغي أن تكون قادرة على شرح أفعالها وإعطاء إجابات فعلية لجهة تحمّل المسؤولية؟
Teenager "borgte" Postbus aus und fuhr mehrere hundert Kilometer https://t.co/amGFPTPJAH
— PULS 24 (@puls24news) July 25, 2025
شروط صارمة
وشهدت كلتا الدولتين منذ ذلك الحين، توسعاً في تشغيل أساطيل مختلفة من سيارات الأجرة في عدد متزايد من المدن. وخلال العاميْن الماضيين، شهدت اليابان، وسنغافورة، والإمارات العربية المتحدة، وألمانيا أيضاً، إصدار تراخيص لمركبات المستوى الرابع للتنقل على الطرق العامة.
وتمنح الحكومة السويسرية تصاريح لاختبارات المركبات ذاتية القيادة في ظل شروط سلامة صارمة.
وبعد مراجعة قانون المرور الطرقي في عام 2023، عبّرت السلطات الفدرالية عن ارتياحها الآن للسماح بمجموعة أكبر من وسائل التنقل الذاتي على الطرقات.
تقوم حاليا حافلاتٌ تشبه لعب الأطفال برحلات مكوكية داخل الموقع الفسيح الذي يحتضن مستشفى “بيل – إيديه” Belle-Idée في مدينة جنيف، في إطار تجربة فريدة للنقل العام بدون سائق.أما نويباور، ذو الدور الريادي في مشروع “بوست أوتو” لإدخال الحافلات ذاتية القيادة في نظام النقل العام، فيشير إلى أن لسويسرا أولويات مختلفة عن الدول الأخرى.
ويقول: "لا ينصبّ التركيز على سيارات الأجرة ذاتية القيادة، كما هو الحال في سان فرانسيسكو، بل على سيارات النقل التشاركي التي تنقل أكبر عدد ممكن من الركاب".
هل ستهيمن السيارات ذاتيّة القيادة على الشوارع؟
سيستغرق الأمر سنوات عديدة أخرى قبل أن تصبح السيارات دون سائق بشري سمة شائعة، أو يتجاوز عددها عدد السيارات التقليدية.
وفي هذا السياق، يتوقع نويباور أنه “بحلول عام 2030، قد يكون لدينا حوالى 100 سيارة ذاتية القيادة من المستوى الرابع على الطرقات العامة السويسرية، وقد يرتفع عددها إلى بضعة آلاف بحلول عام 2035. وقد لا نرى المستوى الخامس منها بالكامل، حتى عام 2035 على أقرب تقدير“.
16-Jähriger „borgte“ sich Postbus aus und fuhr durch Oberösterreichhttps://t.co/p87353uG4q
— MSN Österreich (@msnoesterreich) July 25, 2025
ويرجع السبب في ذلك جزئياً، إلى أنه مازال الكثير مما يجب علينا تعلمه عن كيفية تأثير هذه التكنولوجيا على الطرقات، قبل أن تُبدي شركات تصنيع السيارات استعدادها للمراهنة على هذه السيارات كثيراً.
وتتصدر شركات صناعة السيارات الصينية والأمريكية حالياً، سباق إنتاج أساطيل من المركبات ذاتية القيادة، في حين تتخلف نظيراتها الأوروبية في مجال إنتاج السيارات الكهربائية، التي قد تواجه صعوبة في مواكبة المنافسة في قطاع السيارات الآلية.
أهمية سلوك الركاب
فقد أشارت دراسة استقصائية أجرتها شركة (EBP) في عام 2017 بالنيابة عن الجمعية السويسرية للاتصالات السلكية واللاسلكية، إلى وجود قبول عام بين السكان للأنظمة التي تساعد على السياقة، ولكن، لا ترى الغالبية العظمى من المشاركين والمشاركات في الاستطلاع فائدة من هذه المركبات.
وقالت زهند إن سلوك الركاب في سويسرا، قد يكون له أيضاً تأثير في تحديد عدد الأشخاص الذين يستخدمون هذه السيارات في الرحلات الخاصة.
اقرأ أيضاً: "ريو سيتي" اللبنانية العالمية: القيادة في الصغر كالنقش في الحجر
وأضافت: ”لا أعتقد أن الجمهور ينتظر هذه السيارات بفارغ الصبر، فلا تعمل الفئات التي تركب السيارات على أجهزة الكمبيوتر المحمولة الخاصة بها كما يفعلون في القطارات. فلسويسرا نظام نقل عام جيد جداً، ما يستدعي استخدام القطار بدلا من السيارة إذا أراد الناس العمل”.