دراسة: صعود السلالم مفيد لصحة الجسم والعقل.. لماذا؟

دراسات عديدة تجد أنّ صعود السلالم يُحسّن التوازن ويُقلّل من خطر السقوط لدى كبار السن، ويُحسّن قوة الجزء السفلي من أجسامهم. وتجد بعض الدراسات أنه يمكن أن يؤثّر صعود السلالم إيجاباً على القدرات المعرفية والذاكرة.

  • صعود السلالم غير كافٍ لتقليل الوفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية
    صعود السلالم غير كافٍ لتقليل الوفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية

مع أنّ استخدام المصعد أو الدرج الكهربائي قد يكون مغرياً، إلّا أنّ صعود بضع درجات يومياً قد يُحسّن صحتك وعقلك.

فقد وجد باحثون أنّ صعود السلالم يُحسّن التوازن ويُقلّل من خطر السقوط لدى كبار السن، ويُحسّن قوة الجزء السفلي من أجسامهم.

كما وجدت دراسات أخرى أنّ صعود بضع درجات يمكن أن يؤثّر إيجاباً على قدراتنا المعرفية، مثل حلّ المشكلات والذاكرة القوية، وربما التفكير الإبداعي.

وباعتباره شكلاً من التمارين الرياضية "منخفض التأثير"، فإنّ قضاء أوقات قصيرة في صعود الدرج يمكن أن يساعد في تحسين اللياقة القلبية التنفّسية وتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. ويمكن أن تعادل النتائج الإيجابية وتحسّن اللياقة الهوائية الناتجة عن صعود الدرج في المنزل تلك المكتسبة باستخدام أجهزة الدرج في صالة الألعاب الرياضية.

إنّ التسلّق والقوة المكتسبة ببساطة من أعظم مزايا صعود الدرج. فالسلالم موجودة في كل مكان- نصادفها في المنزل والعمل والأماكن العامة.

إنّ اختيار صعود الدرج بدلاً من القفز على السلم المتحرّك أو ركوب المصعد يوفّر لنا شكلاً عرضياً من التمارين الرياضية التي يمكن أن يكون لها تأثير كبير على صحتنا.

يقول أليكسيس ماركوت-شينارد، الباحث بعد الدكتوراه في صحة القلب والرئة والأوعية الدموية بجامعة كولومبيا البريطانية في كيلونا، كندا: "إنه تمرين يمكن للجميع تقريباً القيام به لأنه متاح لهم، ويمارسونه يومياً".

يبحث ماركوت-شينارد في كيفية استخدام التمارين الرياضية والتغذية للحدّ من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بما في ذلك آثار "وجبات من التمارين الخفيفة"- وهي فترات قصيرة ومتباعدة من النشاط البدني المكثّف لمدة دقيقة واحدة أو أقلّ، وتُمارس على مدار اليوم.

يقول ماركوت-شينارد: "إنّ صعود السلالم يُعدّ وجبة خفيفة واعدة لممارسة التمارين الرياضية، إذ يُمكن تعديل صعوبتها بسهولة من خلال تغيير وتيرة أدائها، ولا تتطلّب معدات معقّدة أو تكلفة باهظة".

وتشهد الأبحاث المتعلقة بوجبات التمارين الخفيفة، المعروفة أيضاً باسم "snacktivity" أو "VILPA" (نشاط بدني مكثّف متقطّع)، تزايداً في الوقت الذي يبحث فيه الباحثون عن أفضل حلّ رياضي لمكافحة العادات المستقرة والخمول البدني، الذي يُعرّض حالياً ما يقرب من 1.8 مليار بالغ حول العالم لخطر الإصابة بالأمراض.

لكن ما الذي يجعل صعود السلالم تمريناً بدنياً فعّالاً لهذه الدرجة؟

أولاً، يُعدّ صعود السلالم طريقة سهلة لرفع معدل ضربات القلب، وهو جزء مهم من الحصول على فوائد فسيولوجية. لكن لصعود السلالم فوائد فريدة مقارنةً بأنواع التمارين الأخرى.

ويمكن لصعود السلالم أن يزيد من حجم عضلات الفخذ وقوتها، كما يتطلّب استخدام عضلات البطن للثبات عند الصعود.

وقد لا تحتاج حتى إلى الركض على الدرج للحصول على الفوائد. في حين أنّ القفز خطوتين (أي درجتين) في كل مرة قد يكون أكثر صعوبة، ويتطلّب جهداً أكبر من العضلات المحيطة بالكاحل والركبة، إلّا أنّ الأبحاث منقسمة حول ما إذا كان صعود درجة واحدة في كلّ مرة يحرق سعرات حرارية أكثر.

وهناك سبب آخر لاختيار صعود الدرج بدلاً من جهاز الدرج في صالة الألعاب الرياضية، وهو النزول.

تنقبض عضلات مقدّمة فخذيك بطريقتين مختلفتين: عند صعود الدرج، تقصر، وتُعرف باسم الانقباضات المركزية، وعند نزول الدرج، تطول، وتُعرف باسم الانقباضات اللامركزية. وعلى الرغم من أنّ الانقباضات المركزية تتطلّب المزيد من الأوكسجين، وتحرق سعرات حرارية أكثر أثناء التمرين نفسه، وتُعتبر أكثر صعوبة، إلّا أنّ تكرار الانقباضات اللامركزية يُرجّح أنها تُؤدي إلى نمو عضلي أكبر وأقوى، وذلك لأنّ الانقباضات اللامركزية تُسبّب تلفاً عضلياً أكبر أثناء التمرين، وبالتالي تُحرق سعرات حرارية أكثر على المدى الطويل أثناء الإصلاح والتعافي.

ولا تقتصر الفوائد على عضلات الفخذين فحسب، فقد وجد الباحثون أنّ صعود الدرج يُؤدي إلى تحسينات مذهلة في القدرات الإدراكية.

يرتبط صعود أكثر من خمسة طوابق من السلالم يومياً بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية التصلبية.

كما وجدت دراسة أخرى نشرها باحثون في كلية الدراسات العليا للطب بجامعة ياماغوتشي في اليابان أنّ الأشخاص الذين صعدوا طابقين من السلالم أظهروا تركيزاً أكبر في حل المشكلات مقارنةً بمن استخدموا المصعد. لكن لم يُلاحظ أيّ تحسّن في حلّ المشكلات عند صعود خمسة أو ثمانية طوابق من السلالم، مما يشير إلى أنّ التأثير لا يعتمد على عدد الدرجات.

صعود السلالم غير كافٍ لتقليل الوفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية

ويحرص الباحثون على استكشاف ما إذا كانت هناك أي آثار متأخّرة لصعود السلالم. إذ تركّز معظم الدراسات على الآثار المعرفية فور صعود بعض السلالم. ومع ذلك، وجدت دراسة حديثة أنّ صعود السلالم يُحدث بعض التحسّن في الذاكرة، ويستمر تأثيره حتى اليوم التالي عند اقترانه بنوم جيد.

ويشير الباحثون إلى أنّ صعود أكثر من خمسة طوابق من السلالم يومياً (ما يعادل 50 درجة سُلّم) يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية التصلبية (ASCVD)، وهو تراكم اللويحات في الشرايين.

لا تُجمع جميع الأبحاث على أنّ صعود الدرج في المنزل هو الحلّ، إذ يُشير البعض إلى أنه نشاط بدني غير كافٍ لتقليل خطر الوفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية والوفاة المبكرة. بالإضافة إلى ذلك، قد يجد المصابون بهشاشة العظام في الركبة أنّ صعود الدرج مُرهق. حتى أنّ الدراسات القائمة على الملاحظة تُشير إلى أنّ بعض الفئات السكانية، مثل الإناث والأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن، أقل ميلاً لاستخدام الدرج عندما يتوفّر بديل.

ولكن بالنسبة لأولئك القادرين على صعود الدرج، فإنّ اختياره بدلاً من المصعد الكهربائي قد يكون طريقة رائعة لممارسة بعض التمارين الرياضية العرضيّة التي تُفيد الجسم والعقل.. "نراكم في الأعلى".

من غير المرجّح أن يصل معظمنا إلى مثل هذه الارتفاعات المذهلة، ومع ذلك، قد يكون صعود بضع درجات في حياتنا اليومية أمراً نطمح إليه.

ووفقاً للأبحاث، يمكن أن يكون لصعود السلالم فوائد مذهلة لصحتك البدنية وعقلك من دون الحاجة إلى الاندفاع وصعود درجتين في المرة الواحدة أو تحطيم الأرقام القياسية.