دراسة: العلاج المبكر لمرضى السكري من النوع الثاني يقلص نسبة الوفيات
باحثون يتوصّلون إلى نتائج تعزّز أهمية تشخيص المصابين بمرض السكري في وقت مبكر لتقليل مضاعفاته والسيطرة عليه، عبر التقليل من الغلوكوز في الدم بواسطة الأنسولين والأدوية لإطالة عمر المرضى.
وجد باحثون أنّ التشخيص المبكر للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، يساعد في المباشرة بالعلاج باكراً، وتقليل أخطار مضاعفات المرض المؤدية إلى الوفاة.
فقد أظهر بحث طويل المدى أنّ لجوء المصابين بالسكري من النوع الثاني إلى العلاج اللازم في مرحلة مبكرة عن طريق السيطرة على نسبة السكر في الدم باستخدام الأنسولين والأدوية المطلوبة، من شأنه أن يطيل عمر هؤلاء المرضى، ويقلّص خطر مواجهتهم مضاعفات في المستقبل من قبيل النوبات القلبية، الفشل الكلوي، وفقدان البصر.
في الدراسة حلل علماء من جامعتي "أكسفورد" و"إدنبره" بيانات تمتد على أكثر من أربعة عقود مستقاة من "دراسة مرضى السكري المحتملين في المملكة المتحدة" (UKPDS)، علماً أنها واحدة من أطول التجارب السريرية الخاصة بداء السكري من النوع الثاني.
بينت النتائج أنّ السيطرة على نسبة الغلوكوز في الدم في مرحلة مبكرة من المرض، باستخدام حقن الأنسولين أو أقراص الأدوية التي تحفّز الخلايا الموجودة في البنكرياس، على إنتاج مزيد من هذا الهرمون مثل "السلفونيل يوريا" sulfonylureas، والتي أفضت إلى تراجع في عدد وفيات هذا الداء بنسبة 10%، وانخفاض النوبات القلبية بنسبة 17%، إضافةً إلى تقليص المضاعفات الناجمة عن السكري بنسبة 26%، بحسب الباحثين.
وفي الوقت نفسه أيضاً، فقد أدّى استخدام دواء "ميتفورمين" (metformin) - معروف عنه أنه يساعد الأنسولين الذي ينتجه الجسم على العمل بشكل أفضل - إلى تراجع عدد النوبات القلبية لدى المرضى بنسبة 31%، وانخفاض عدد الوفيات بنسبة 20%.
وتطرّق المدير المؤسس لـ"وحدة تجارب داء السكري" في "جامعة أكسفورد" وكبير الباحثين في "دراسة مرضى السكري المحتملين في المملكة المتحدة" البروفيسور روري هولمان إلى النتائج التي وصفها بالرائعة، قائلاً إنها "تؤكد الأهمية البالغة لاكتشاف الإصابة بالسكري من النوع الثاني، ومن ثم المباشرة بالعلاج المكثّف في وقت مبكر ممكن".
وأضاف هولمان أنّ "مرضى السكري من النوع الثاني ربما يعانون من هذا الداء لسنوات طويلة قبل تشخيص إصابتهم به، ذلك أنهم يواجهون أعراضاً قليلة قبل أن تشهد نسبة السكر في الدم لديهم ارتفاعاً كبيراً".
دراسة مرضى السكري المحتملين في المملكة المتحدة" كانت قد انطلقت للمرة الأولى عام 1977، وجرى خلالها توزيع مرضى النوع الثاني الذين حصلوا على تشخيص حديث بإصابتهم على خطتين علاجيتين: خطة مكثّفة للتحكّم في نسبة الغلوكوز في الدم، وأخرى تقليدية.
وتضمنت الخطة العلاجية المكثفة استخدام "سلفونيل يوريا" أو العلاج بالأنسولين، أو العلاج بدواء "ميتفورمين"، بغية التحكّم في نسبة الغلوكوز في الدم، بينما تضمنت الطريقة المعتادة إدخال تغييرات إيجابية على النظام الغذائي.
وأظهرت النتائج أنه مقارنةً مع الحمية الغذائية (الطريقة التقليدية)، فإنّ التحكّم في نسبة الغلوكوز في الدم باستخدام "سلفونيل يوريا" أو الأنسولين أو "ميتفورمين"، أظهر تراجعاً في خطر الوفاة المبكرة والنوبات القلبية على مدى الحياة.
وفي وقت لاحق، جرى تغيير المبادئ التوجيهية في مختلف أنحاء العالم من أجل التوصية بهذه العلاجات المكثفة لجميع المصابين بداء السكري من النوع الثاني.
وفي هذا الشأن تحدثت مديرة "وحدة تجارب داء السكري" البروفيسورة أماندا أدلر، قائلةً إنّ النتائج "تؤشر على الأهمية البالغة التي ينطوي عليها العلاج المبكر والشامل للسكري من النوع الثاني".
وأوضحت البروفيسورة أدلر أنّ "محاولة السيطرة على نسبة الغلوكوز في الدم عبر ردّها إلى مستواها الطبيعي كلما ارتفعت بسبب تناول الطعام مثلاً ليس حلاً كافياً".
أما مدير "مركز بحوث اقتصاديات الصحة" في "جامعة أكسفورد" البروفيسور فيليب كلارك، فقال في السياق، إنّ "إحدى الفوائد الرئيسة التي تبقى مدى الحياة هي زيادة متوسط العمر المتوقّع لدى المرضى الذين خضعوا للتحكّم المكثّف في نسبة الغلوكوز في الدم".
وأضاف كلارك أنّ "تراجع نسبة كثير من المضاعفات المرتبطة بالسكري سيترك تأثيراً إيجابياً في نوعية الحياة بشكل عام".
تجدر الإشارة إلى أنّ المتابعة الخاصة بـ"دراسة مرضى السكري المحتملين في المملكة المتحدة" عرضت في الاجتماع الـ67 الذي عقدته "جمعية السكري اليابانية" في طوكيو باليابان، ونُشرت في مجلة "لانسيت" العلمية.