اكتشاف جينات الكوليرا الوراثية.. هل سيحد انتشارها إلى الأبد؟

بُعيد انتشار وباء الكوليرا أخيراً وخصوصاً في السودان، دراسة جديدة تكشف أسرار الجينات القاتلة للكوليرا والعوامل الوراثية المتعلقة بها، ما قد يغيّر من قواعد الوقاية والحدّ من انتشارها عالمياً.

  • جينات الكوليرا.. اكتشاف قد يغير قواعد الوقاية إلى الأبد!
     الكوليرا تعدّ مرضاً إسهالياً مميتاً يهدّد ملايين الأشخاص حول العالم حيث يُسجّل نحو 4 ملايين حالة سنوياً و143.000 حالة وفاة

كشف خبراء في دراسة جديدة  أسرار الجينات القاتلة للكوليرا، ما يفتح آفاقاً واسعة لفهم العوامل الوراثية وراء تفشّي المرض وتطوير استراتيجيات فعّالة للوقاية والحدّ من انتشاره على مستوى العالم.

فقد نشرت مجلة Nature Communications، وقادتها الباحثة أتانيا دوتوريني، من جامعة نوتنغهام بالتعاون مع معهد  علم الأوبئة ومكافحة الأمراض في بنغلاديش (IEDCR) والمركز الدولي لأبحاث أمراض الإسهال في بنغلاديش وجامعة نورث ساوث، دراسة كشفت بعضاً من خبايا الجينات القاتلة للكوليرا.

واستخدم فريق البحث خلال الدراسة نهجاً حاسوبياً متطوراً للكشف عن العوامل الوراثية التي تجعل بكتيريا الكوليرا شديدة الخطورة، ما قد يكون مفتاحاً لمنع انتشار هذا المرض القاتل.

المعروف أنّ الكوليرا تعدّ مرضاً إسهالياً (الإسهال) مميتاً، يهدّد ملايين الأشخاص حول العالم، حيث يُسجّل نحو 4 ملايين حالة سنوياً و143.000 حالة وفاة.

في بنغلاديش وحدها، يتعرّض نحو 66 مليون شخص لخطر الإصابة بالكوليرا، مع أكثر من 100.000 حالة و4.500 وفاة سنوياً.

وفي هذا الإطار قالت البروفيسور دوتوريني: "لقد أحرزنا تقدماً كبيراً نحو تطوير علاجات أكثر فعالية من خلال تحديد العوامل الوراثية التي تزيد من شدة المرض وانتشاره، ما قد يسهم في إنقاذ آلاف الأرواح عالمياً".

جينات الكوليرا وطرق جديدة لمكافحتها

حددت الدراسة جينات وطفرات فريدة في  السلالة المهيمنة من بكتيريا الكوليرا، التي كانت وراء تفشّي المرض المدمّر في عام 2022. وترتبط هذه السمات الوراثية بقدرة البكتيريا على التسبّب في أعراض شديدة مثل الإسهال المطوّل، وآلام البطن، والقيء، والجفاف، وهي أعراض قد تؤدي إلى الوفاة في الحالات الحرجة.

كما أظهرت النتائج أنّ هذه الطفرات تزيد من قدرة البكتيريا على البقاء في الأمعاء البشرية ممّا يجعلها أكثر فعّالية في الانتشار والتسبب بالمرض.

ووفق دوتوريني فإنّ "النتائج التي توصلنا إليها تفتح الباب أمام عصر جديد من أبحاث الكوليرا"، مضيفةً أنه "يمكننا الآن العمل على تطوير أدوات تساعد في التنبؤ بالتفشي الشديد للمرض ومنعه قبل حدوثه".

ولفتت إلى أنّ الهدف النهائي هو "تحويل هذه النتائج إلى حلول واقعية تحمي الفئات السكانية الأكثر عرضة للخطر".

وكشفت نتائج الدراسة أيضاً أنّ بعض هذه السمات المسببة للأمراض تتداخل مع تلك التي تساعد البكتيريا على الانتشار بسهولة أكبر. وتُظهر النتائج كيف مكّنت هذه العوامل الوراثية بكتيريا الكوليرا من البقاء على قيد الحياة في أمعاء الإنسان، مما يجعلها أكثر قدرة على الصمود في مواجهة الضغوط البيئية وأكثر كفاءة في التسبب في  المرض. وتسلّط هذه الدراسة الضوء على التفاعلات المعقدة بين التركيبة الجينية للبكتيريا وقدرتها على التسبب في أمراض خطيرة.

تفشي الكوليرا في السودان

وفي الوقت الذي يحرز فيه العلماء تقدماً في فهم جينات الكوليرا، يعاني السودان خصوصاً من  تفشّي وباء الكوليرا بسبب الظروف البيئية المتدهورة. وأعلنت وزارة الصحة السودانية رسمياً تفشي وباء الكوليرا في البلاد نتيجة للمياه غير الصالحة للشرب وسوء الأحوال الصحية في عدد من المناطق.

وأكّد وزير الصحة السوداني، هيثم إبراهيم، في تصريحات صحافية، أنّ "الفحص المخبري أثبت وجود ميكروب الكوليرا"، مشيراً إلى أنّ "ولايتي كسلا والقضارف في شرق السودان هما الأكثر تضرراً من الوباء"، من دون تحديد عدد الحالات المصابة.

وكانت منظمة "الصحة العالمية" أعلنت في آب/أغسطس الماضي وفاة 28 شخصاً وتسجيل 658 حالة بعد تفشي وباء "الكوليرا" في 5 ولايات سودانية، وذلك منذ الإعلان عن انتشار المرض في الـ12 من آب/أغسطس.

يُذكر أنّ السودان شهد خلال الأسابيع الماضية أمطاراً غزيرة، تسببت في  نزوح الآلاف وانتشار العديد من الأمراض، خاصة الإسهال الذي أصاب عدداً كبيراً من الأطفال.

اقرأ أيضاً: ارتفاع أعداد الوفيات بسبب الكوليرا في جميع أنحاء العالم