"المايكروويف".. علماء يدحضون شائعات أضراره على الطعام!
رغم الحالات النادرة التي سُجلت إثر الإصابة بإشعاعات "المايكروويف" إلّا أنّ الخبراء يؤكّدون أنّ هذه الأجهزة تنبعث منها إشعاعات كهرومغناطيسية أقلّ من تلك التي تولّدها الشموع!.. كيف؟
أصبحت أفران "المايكروويف" حالياً من المعدّات الأساسية في المطابخ بجميع أنحاء العالم، ما أحدث تغييراً جذرياً في الطريقة التي يطهو بها الأفراد ويستهلكون الطعام. لكن على الرغم من ذلك، ظهرت دعوات صغيرة تنمو يوماً بعد يوم، تدعو للاستغناء عن استخدام "المايكروويف" خوفاً من "احتمالية تأثيره على الصحة، ولعدم الثقة في جودة الطعام الذي يجري تسخينه بداخله".
وانتشرت على منصات التواصل الاجتماعي حوارات عديدة أظهرت وجود خوف شائع بين الناس من أن يكون "المايكروويف خياراً غير آمن لتسخين الطعام". وشارك العديد من الأشخاص الواثقين من قرارهم بالاستغناء عن "المايكروويف" لعيش حياة أكثر صحة عبر تجاربهم الشخصية في شهادات عادةً ما ترافقها عبارات "لم أندم على قراري أبداً". ويزعم البعض أنّ الطهي في هذا السخّان يجرّد الطعام من عناصره الغذائية ويضر بالصحة.. هل لهذه المخاوف أساس من الصحة؟
تعتمد أفران "المايكروويف" على شكل فريد من الإشعاع غير المؤيّن، المعروف باسم "الموجات الميكروية الدقيقة"، والذي يختلف عن الإشعاع المؤيّن الموجود في الأشعة السينية وغيرها من مصادر الطاقة العالية.
ووفقاً لعالم الفيزياء كريستوفر بيرد، من "جامعة غرب تكساس إيه آند إم" والمتخصص في المجال الكهرومغناطيسي، فإنّ "أفران المايكروويف في مطابخنا تعتمد على شكل من أشكال الإشعاع الكهرومغناطيسي المشابه للموجات الراديوية".
يقول بيرد: "من النادر للغاية أن يتعطل فرن المايكروويف بدرجة كافية لإيذاء إنسان قريب منه، وحتى في تلك الحالات شديدة الندرة، لا يحدث أي ضرر يتجاوز الحروق والضرر السطحي للأعصاب".
فكرة "المايكروويف"
على الرغم من أنّ "المايكروويف" يُعد جزءاً أساسياً من المطبخ الأميركي في وقتنا الحالي، إلّا أنّ هذا الأمر لم يكن كذلك في وقت سابق.
صُممت أفران "المايكروويف" في البداية على يد بيرسي سبنسر عام 1945 بعد أن لاحظ الموجات الدقيقة المولّدة للحرارة المنبعثة من المغنطرون أثناء تجربة الرادار.
وخلال محاولات سبنسر الأولى لتحويل هذه الملاحظة إلى جهاز منزلي، صمم جهازاً عملاقاً يبلغ ارتفاعه حوالى ستة أقدام ويزن أكثر من 750 رطلًا. وهو بعيد كل البعد عن النماذج الحديثة.
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، جرى تكييف التقنيات المرتبطة بالحروب مع الأجهزة المنزلية، ما أسفر عن ظهور أفران "المايكروويف" أصغر حجماً وأسهل في الاستخدام. وفي وقت لاحق، شهدت السبعينيات تحولاً ملحوظاً في عادات الأكل الأميركية. وأولت شركات الأغذية اهتماماً متزايداً للأسر والأفراد المنشغلين أو أولئك الذين لا يفضّلون الطبخ بأنفسهم، ووسعت نطاق عروضها لتشمل وجبات العشاء والوجبات الخفيفة المجمّدة والقابلة للتسخين في "المايكروويف"، وهو الاتجاه الذي زاد من اعتماد الفرد الأميركي على الأطعمة الجاهزة والسهلة، وصولاً إلى يومنا هذا.
وأصبحت الوجبات الجاهزة مثل اللازانيا وفطيرة الدجاج خياراً مناسباً للميزانية، وفي الوقت ذاته سهل التحضير ويتم إعدادها في دقائق.
وشهد سوق الأطعمة المجمّدة مبيعات بقيمة 72.2 مليار دولار في عام 2022، واستأثرت الوجبات المجمّدة وحدها بأرباح تقدر بـ25.8 مليار دولار.
كيف يعمل "المايكروويف"؟
الموجات الدقيقة (Microwaves) مسؤولة عن طيف من الاختراعات التي غيرت حياة البشر، مثل: الراديو والرسائل النصية عبر الهاتف المتنقل والأشعة السينية ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS).
بالنسبة لفرن "المايكروويف" فإنّ قلبه يكمن في أنبوب "المغنطرون" الذي يولّد هذه الموجات الميكروية الدقيقة. بمجرد إطلاقها، ترّتد الموجات عن الجدران الداخلية المعدنية للفرن، مما يخلق بيئة مناسبة للطهي يمكن التحكم فيها بصورة كبيرة، وعندما تواجه الموجات الدقيقة جزيئات الماء، فإنها تُحِدث اهتزازاً سريعاً داخل هذه الجزيئات، مما يولّد الاحتكاك أثناء تدافعها ضد بعضها البعض، وهذا الاحتكاك بدوره يولّد حرارة أو طاقة حرارية تؤدي إلى تسخين الطعام بشكل فعّال.
أولاً، تعمل أجهزة "المايكروويف" على طهي الطعام من الأجزاء الخارجية إلى الداخلية، وتُطهى الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الماء، مثل الخضروات الطازجة، بشكل أسرع لأنّ إشعاع "المايكروويف" يسّخن الماء بسهولة. ويغيّر الإشعاع المؤيّن الذرات والجزيئات ويدمّر الخلايا في المادة العضوية، في حين أنّ الإشعاع غير المؤيّن يؤدي فقط إلى التسخين عن طريق الطاقة الحرارية. ونظراً لأنّ الإشعاع غير المؤيّن يصدر طاقة أقلّ حتى من الضوء المرئي دون أن يغير الذرات والجزيئات داخل الجسم، فيمكن استخدامه بأمان داخل المنزل، وذلك وفقاً للمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها.
هل يفسد "المايكروويف" فوائد الطعام؟
تحتفظ الأطعمة التي يتم تسخينها "المايكروويف" بالرطوبة على سطحها، مما يخفي المظهر المحبب للطعام، مثل الطبقة الذهبية المقرمشة عند القلي مثلًا. ومع ذلك، تؤكد نتائج دراسة نشرت عام 2020 على أنّ الطبخ السريع بـ"المايكروويف"، ودرجات حرارة التسخين المنخفضة، ومستويات الطاقة المنخفضة نسبياً، تساهم كلها في الحفاظ على العناصر الغذائية في الطعام وعدم فقدانها. بل إنها قد تعزز من بعض الفيتامينات لدى الطهي باستخدام "المايكروويف"، مثل: (فيتامينات A و C).
أمّا طبخ سمك السلمون المرقط مثلاً في "المايكروويف" فقد أثبت زيادة ملحوظة في فيتامين (K).
كما يُدحض "المعهد الدولي لطاقة المايكروويف"" أيضاً شائعة منتشرة مفادها أنّ "دولاً مثل اليابان وروسيا حظرت استخدام أفران المايكروويف بسبب إشعاعاتها".
ويؤكّد المعهد أنه "لا يوجد أي دليل يدعم هذه الادعاءات"، التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي خلال السنوات القليلة الماضية.