من الضاحية الجنوبية لبيروت: قلب ينبض من دون جراحة!
الطب يتقاطع مع الألم والأمل، ويصنع الفرق بحكمة القرار ودقة القسطرة… لا بالجراحة فقط، ولبنان يقدّم انجازاً طبياً عالمياً جديداً عبر مستشفى الرسول الأعظم في الضاحية الجنوبية لبيروت.
-
في هذا المستشفى اللبناني الرائد يتجسّد التفوّق بكل ما في الكلمة من معانٍ (غرافيك: حوراء علي)
دأب القطاع الطبي اللبناني على تقديم المآثر السبّاقة، منها ما تجلّى وذاع صيته اقليمياً وعالمياً، وربما تطوّر وتعدد، لولا الحرب والاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، والظروف الاقتصادية والمعيشية التي يرزح تحتها اللبنانيون، وأدّت إلى هجرة بعض الأطباء والممرضين والممرضات.
اقرأ أيضاً: ابتكارات طبية لبنانية في "الزمن الصعب" لمواجهة كورونا!
ولبنان الذي أبهر دولاً كبرى بتجاوز أزمة "فيروس كورونا" بفعل تضافر القطاعات الطبية والإسعافية والاجتماعية والخيرية، وبوجود وزير الصحة الأسبق النشط الطبيب حمد حسن، وهو بالمناسبة وزير رشّحه حزب الله وهو مكوّن أساسي في الحكومات اللبنانية، وأيضاً فقد أبلت "الهيئة الصحة الإسلامية" التابعة للحزب البلاء الحسن في هذا المضمار.
بلد "الأمل رغم الألم"!
قد يقول قائل إن لبنان "يجترح المعجزات"، وهو فعلاً بلد "الأمل رغم الألم"، فكيف إذا كان مضمار تحقيق الانجاز جرى في مستشفى الرسول الأعظم الكائن في الضاحية الجنوبية لبيروت التي تعرضت وتتعرّض لعدوان إسرائيلي سافر، وآخرها في ليلة عيد الأضحى في 5 حزيران/ يونيو الماضي.
افتتح المستشفى سنة 1988، وفي ظل افتقار الضاحية الجنوبية للمؤسسات الاستشفائية، كانت الحاجة ملحّة خاصة لعلاج جرحى المقاومة والجرحى المدنيين الذين كانوا يصابون من جرّاء الاعتداءات آنذاك، بالإضافة إلى خدمة عوائل الشهداء والمقاتلين.
نقلة نوعية في مستشفى الرسول الأعظم
افتتاح مركز "بيروت للقلب" كان نقلة نوعيّة في تاريخ مستشفى الرسول، فالقسم افتتح بداية في أحد طوابق مستشفى الرسول الأعظم في العام 2004 برعاية الأمين العام لحزب الله سيد شهداء الأمة الأمين حسن نصر الله.
وخلال وقت قصير، ونظراً للحاجة تم التوسيع والتطوير والرفد بأطباء متخصصين بمختلف أمراض القلب، ما جعل منه مهجعاً طبياً على صعيد لبنان، يُجري ما يفوق الـ1000 عملية جراحية سنوياً.
والمركز يقوم ببعض العمليات النادرة للقلب التي تُعد متقدمة ومعقدة ودقيقة طبياً كعمليات الكيّ وزراعة القلب الاصطناعي والطبيعي وزراعة الصمام من خلال القسطرة (بدون جراحة) وذلك منذ انطلاقة المركز عام 2010، ما جعله مركزاً مقصوداً من جميع أنحاء لبنان والعالم العربي.
في هذا المستشفى اللبناني الرائد، يتجسّد التفوّق بكل ما في الكلمة من معانٍ، وترسم التضحيات أبهى حللها، خاصة في الملمّات والأزمات والاعتداءات الإسرائيلية السافرة التي لا توفر مستشفىً أو مدرسة أو حضانة أو مستوصف..الخ
يشغل قسم جراحة القلب 3 غرف عمليات مجهزة وفق أعلى المعايير العالمية لتكون قادرة على استقبال أشد الحالات الطبية تعقيداً من أطفال وبالغين.
فقد أجرى فريق من أطباء القلب في مستشفى الرسول الأعظم عام 2000، زرع قلب كامل اصطناعي برئاسة الجرَّاح محمد صعب لمريض يبلغ من العمر 22 عاماً، كان يعاني قصورا في البطين الأيسر والأيمن، جعله يمكث في أحد المستشفيات 3 أشهر.
ومن الانجازات الهامة، التي نذكرها على سبيل المثال، لا الحصر، إنجازٌ جديد في قسمي الأعصاب وجراحة الأعصاب. وللمرة الأولى قام كادر من الأطباء ذوات الخبرة والكفاءة في قسم الجراحة من إجراء عملية غرس جهاز DBS (Deep Brain Stimulation) وهدفه التخفيف من عوارض مرض الـ parkinson .
انجاز طبيّ جديد
ومنذ أيام، وضمن برنامجها المتطور لعلاج أمراض القلب البنيوية عبر القسطرة، أعلن "مركز بيروت للقلب" في المستشفى عن إنجاز طبي نادر، تم فيه إنقاذ مريضين يعانيان من فشل حاد في عمل صمام صناعي بالقلب نتيجة تخثّر دموي، وهي حالة خطيرة ومعقّدة قد تُهدد الحياة مباشرة.
ورغم استخدام العلاج الدوائي، لم تتحسن الحالتان، وكان الخيار الجراحي الثالث عالي الخطورة نظراً لخضوع المريضين سابقاً لعمليتي قلب مفتوح.
وأمام هذا التحدي، اختار الفريق الطبي حلاً تداخلياً دقيقاً وغير جراحي، عبر تحرير الصمام باستخدام القسطرة والبالونات الدقيقة، دون الحاجة لفتح الصدر.
View this post on Instagram
وتمّت العملية بنجاح بإشراف الدكتور واصف قرعوني رئيس وحدة القلب التداخلي البنيوي، وقالت إدارة المركز إن هذا النجاح "يندرج ضمن تطوير وحدة القلب التداخلي البنيوي (Structural Heart Disease Program) في المستشفى، والتي أصبحت اليوم تقدّم:
- علاجاً دقيقاً للصمامات بالقسطرة بدون جراحة (TAVI- Mitral clip) وغيره.
- بدائل آمنة للحالات الطبية المعقدة.
- تقنيات تضمن تعافياً أسرع وجودة حياة أفضل.
اقرأ أيضاً: من التطور الطبي عام 2024: تقنيات غير مسبوقة.. ولكن!
إنه الطب حين يتقاطع مع الألم والأمل، ويصنع الفرق بحكمة القرار ودقة القسطرة… لا بالجراحة فقط.