بكتيريا في إمعائك مسببة للأرق .. تعرّف إليها وإلى طرق علاجها

دراسة بريطانية جديدة تكشف أنّ الأرق مرتبط بنقص كبير في كمية سبع مجموعات من بكتيريا الأمعاء، وأهمها بكتيريا "أودوريباكتر".. تعرّف إلى طرق العلاج.

  • بكتيريا في إمعائك مسببة للأرق .. تعرف عليها وطرق علاجها
    نقص كبير في كمية سبع مجموعات من بكتيريا الأمعاء وأهمها بكتيريا "أودوريباكتر" تزيد خطر الإصابة بالأرق 

كشفت دراسة بريطانية حديثة أنّ الأرق يرتبط بخلل في توازن بكتيريا الأمعاء، إذ كشف تحليل لبيانات عشرات الآلاف أنّ 14 مجموعة بكتيرية تزيد خطر الإصابة مقابل ثماني مجموعات تقلّل منه، أبرزها بكتيريا "أودوريباكتر" التي ترتبط بارتفاع الاحتمال بشكل ملحوظ.

تدعم هذه الدراسة وجود علاقة سببية ثنائية الاتجاه بين الأرق و"ميكروبيوم الأمعاء"، ما يفتح الباب أمام خطط علاجية قائمة على "البروبيوتيك" و"البريبايوتيك" وزرع الميكروبيوم لتحسين النوم.

يمكن أن تؤثر صحة الأمعاء في كل شيء، بدءاً من المزاج ووصولاً إلى الجهاز المناعي، لكنها قد تكون أيضاً سبباً في الأرق بحسب ما خلصت إليه الدراسة، فقد ربط الباحثون بين أنواع معينة من بكتيريا الأمعاء وخطر الإصابة بالأرق، في حين وُجد أنّ الأرق نفسه يرتبط بزيادة وفرة بعض أنواع البكتيريا في الأمعاء.

يصيب الأرق الذي يعني صعوبة الاستغراق في النوم أو الاستمرار فيه، نحو ثلث البالغين في المملكة المتحدة، وقد يكون سببه القلق أو الضوضاء أو الكحول أو الكافيين أو العمل بنظام النوبات، وفقاً لـ "هيئة الخدمات الصحية الوطنية".

بحثت دراسات عديدة في تأثير "ميكروبيوم الأمعاء" - وهو المجتمع المتنوّع من البكتيريا والكائنات الدقيقة في الجهاز الهضمي - في خصائص النوم وجوانبه المختلفة، بيد أنه لم يتضح بعد الدور الذي تؤدّيه مجموعات مختلفة من بكتيريا الأمعاء في زيادة خطر الإصابة بالأرق.

هذه الدراسة الجديدة المنشورة في مجلة الطب النفسي العام "جنرال سايكاتري"General Psychiatry استندت إلى بيانات مستقاة من دراسة سابقة تشمل 386533 شخصاً يكابدون الأرق، إضافة إلى بيانات خاصة بـ"ميكروبيوم" الأمعاء" لدى 18340 شخصاً من التحالف الدولي للبحوث "مي بيو جين" MiBioGen (المعني بدرس تأثير البكتيريا المعوية في الجينات البشرية)، وبيانات حول "ميكروبيوم الأمعاء" لدى 8208 أشخاص من مشروع الـ"ميكروبيوم الهولندي"Dutch Microbiome Project ، مع تحديد 71 مجموعة بكتيرية مشتركة بين المجموعتين.

اقرأ أيضاً: قاوم القلق والأرق واضطرابات النوم بالمغنيسيوم

في النتيجة أظهر تحليلهم وجود صلات بين أنواع محددة من بكتيريا الأمعاء وبين الإصابة بالأرق، وفي المجمل وجد الباحثون أنّ 14 مجموعة من بكتيريا الأمعاء مرتبطة بالأرق، في مقابل ثماني مجموعات أخرى مرتبطة بتراجع هذه المشكلة، مما يشير إلى دور محتمل في الوقاية أو التخفيف منها.

وتبيّن أنّ الأرق مرتبط بنقص كبير في كمية سبع مجموعات من بكتيريا الأمعاء راوحت نسبتها ما بين 43 و79 في المئة. وفي المقابل ازدادت كمية 12 مجموعة أخرى بنسبة راوحت ما بين 65 في المئة وأكثر من أربعة أضعاف، ووجد الباحثون أنّ البكتيريا من فئة "أودوريباكتر" Odoribacter  خصوصاً ارتبطت بصورة كبيرة بزيادة خطر الإصابة بالأرق.

تؤدي بكتيريا "أودوريباكتر" دوراً في إنتاج مركّبات داخل الجسم تسمّى "الأحماض الدهنية القصيرة السلسلة" short-chain fatty acids، من قبيل مادة "البوتيرات" butyrate، التي تساعد عند وجودها بالمستويات المناسبة في الحفاظ على صحة الأمعاء.

ومع ذلك يشير الباحثون إلى أوجه نقص تشوب هذه الدراسة ومن بينها أنّ جميع المشاركين متحدّرون من أصل أوروبي، مما يحدّ ربما من قابلية تعميم النتائج على نطاق أوسع، وذلك أنّ تكوين الـ"ميكروبيوم" يختلف باختلاف الإثنيات العرقية والمناطق الجغرافية. وكذلك لم تؤخذ في الاعتبار عوامل مثل النظام الغذائي ونمط الحياة اللذين يؤثّران في الـ"ميكروبيوم"، فعلى رغم أنّ البكتيريا مرتبطة بالأرق لكن هذه البكتيريا نفسها قد تتشكّل بفعل عادات الأكل ومستويات التوتر والبيئة المحيطة.

وقال مؤلفو الدراسة إنّ "التأثيرات المتداخلة بين الأرق و"ميكروبيوم الأمعاء" تمثّل علاقة ثنائية الاتجاه ومعقّدة، تشمل تنظيم الجهاز المناعي والاستجابة الالتهابية للجسم تجاه الإصابة أو العدوى، وإفراز النواقل العصبية (علماً أنها مواد كيماوية تساعد الخلايا العصبية في التواصل بعضها ببعض)، إضافةً إلى عمليات أخرى تحدث داخل جزيئات الجسم وخلاياه".

اقرأ أيضاً: "البروبيوتيك" يحقق التوازن في الجهاز الهضمي.. ما هي مصادره؟

وخلص الباحثون في الدراسة إلى القول إنّ "دراستنا تقدّم دليلاً أوّلياً يدعم وجود علاقة سببية بين الأرق من جهة وميكروبات الأمعاء من جهة أخرى، واضعة بين أيدينا أفكاراً قيّمة تساعد في تطوير خطط علاجية مستوحاة من الميكروبيوم لمحاربة الأرق في المستقبل".

ويقترح الباحثون أن تشمل هذه الخطط العلاجية استخدام الـ "بروبيوتيك" probiotics (بكتيريا نافعة لتحسين صحة الأمعاء) أو الـ"بربيوتيك" prebiotics (ألياف تغذي البكتيريا النافعة في الأمعاء)، أو زرع ميكروبيوم الأمعاء البرازي اختصاراً FMT والذي يتمثّل في نقل براز من متبرّع سليم إلى الجهاز الهضمي لمريض بهدف استعادة التوازن البكتيري في الأمعاء عن طريق استبدال بكتيريا نافعة بالبكتيريا الضارة.

اقرأ أيضاً: النوم أولاً.. وإلا ستواجه 172 حالة صحية