دونالد ترامب.. الرئيس الذي يُغضب شعبه دائماً

دائماً ما يكون ترامب نجم "تويتر" بتغريداته وتعليقاته العنصريّة، القاسية والمثيرة للجدل. خلال الشهور الأولى من العام 2020، لم يكن هو صانع الحدث على وسائل التواصل الاجتماعي، بل قرارته التي دفعت بالأميركيين إلى صنع حدث الهجوم الدائم عليه.

  • دونالد ترامب.. الرئيس الذي يُغضب شعبه دائماً
    الرئيس الأميركي رافعاً إصبعه نحو الصحفيين خلال إحدى مؤتمراته الصحفية عن كورونا شهر آذار/مارس (أ.ف.ب)

3 أشهر فقط مرّت من العام 2020. عامٌ ساخنٌ أميركياً، عامُ انتخاب الرئيس الـ46 المفترض للولايات المتحدة في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، سيصوّت الأميركيون في حدث مهم لم يزعزعه سوى انتشار فيروس كورونا عالمياً، لرئيسهم الجديد الذي قد يكون مجدداً المرشح الجمهوريّ، والرئيس الحالي المثير للجدل دونالد ترامب.

لم تكن تلك الشهور الثلاثة سهلة على ترامب؛ شهور مليئة بالأحداث، هي الأهم قبل الانتخابات، وكانت ربما الأسوأ لرئيس "أخطأ وكذّب كثيراً" برأي شعبه. جريمة اغتيال الفريق قاسم سليماني والقائد أبو مهدي المهندس، افتتحت سلسلة غضب أميركي على الرئيس الـ45، مروراً بمحاولة عزله، وصولاً إلى سوء إدارته لأزمة تفشي كورونا. أحداث ثلاثة، رسمت مسار ثلاث شهور من الغضب العالمي والمحليّ ضد ترامب، وهي ستترك من دون شك، آثاراً جمّة على الأميركيين عند انتخاب رئيسهم بعد شهور.   

إغتيال سليماني والمهندس: ترامب إرهابي وتهديد للأمن الوطني

لم يمر طبعاً حدث اغتيال قائد لواء فيلق القدس في حرس الثورة الإيراني الفريق قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس يوم 3 كانون الثاني/يناير 2020 بغارة قرب مطار بغداد الدولي، مرور الكرام عالمياً وفي الداخل الأميركي. افتتح ترامب العام بعمليّة كادت تؤدي إلى حرب عالميّة ثالثة، وأغضبت قسماً كبيراً من الشعب الأميركي ومجلسيّ شيوخه ونوابه. ترامب الذي لم يستشر الكونغرس، واتخذ قراراً متسرعاً باغتيال أهم شخصية في الشرق الأوسط وأبرز من ساهم في القضاء على تنظيم داعش، اتُهم من قبل شعبه بالإرهاب وتهديد الأمن الوطني.

وسوم كثيرة راجت خلال الشهر الأوّل من 2020، TerroristTrump# (ترامب الإرهابي)، TrumpsWar# (حرب ترامب)، TrumpIsANationalSecurityThreat# (ترامب تهديد للأمن الوطني)، TrumpIsAWarCriminal# (ترامب مجرم حرب)، عينة من وسوم هاجمت تهوّر الرئيس الأميركي، سعيه إلى حرب على إيران، ومحاولة التغطية على فضيحته بعد ضغطه على الرئيس الأوكراني من خلال قتل سليماني والمهندس. 

ولم يسلم الرئيس الأميركي أيضاً من السخرية. في مؤتمره الصحفيّ الأوّل بعد الرد الإيراني على قاعدة عين الأسد الأميركية في العراق، ظهر ترامب متحدثاً بتصرفات غربية الأطوار، فاتهمه الأميركيون من خلال تعليقات ساخرة، بتعاطي دواء Adderall لزيادة اليقظة والتركيز. ولا تزال العديد من هذه الوسوم مستخدمة حتى الآن، ويتمّ استرجاعها مع كل قرار جديد يتخذه ترامب ويثير غضب شعبه. 

تبرئة ترامب: اعزلوا الرئيس المذنب مجدداً

يوم 25 تموز/يوليو 2019، أجرى الرئيس الأميركي اتصالاً بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لمحاولة إجباره على فتح تحقيق قضائي ضد جو بايدن، المرشح الديمقراطي الأوفر حظاً لمنافسته في الانتخابات المقبلة، وابنه هانتر، مهدداً بوقف المعونات العسكرية في حال لم توافق أوكرانيا على إجراء التحقيق. الفضيحة التي كشفتها صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، قرر على إثرها الحزب الديمقراطي محاكمة ترامب سعياً لعزله. 

استمرت القضية في التفاعل حتى بلغت ذروتها بداية شهر شباط/فبراير الماضي، حين لم يتمكن مجلس الشيوخ من إدانة الرئيس من خلال التصويت، ومن دون الاستماع للشهود.

لم تنجح محاولة الديمقراطيين، بسبب التأييد الذي لازال يحظى به ترامب من قبل الجمهوريين، لكن فرحته بانتصاره الجديد على أعدائه، قابله غضب شعبيّ كبير، ومطالبات بمحاولات عزل جديدة. وسوم كثيرة انتشرت في الولايات المتحدة، اعتبرت أنّ تبرئة ترامب لا يعني أنّه "ليس مذنباً بنظر شعبه". 

AmericansFindTrumpGuilty# (الأميركيون يجدون ترامب مذنباً)، CorruptTrump# (ترامب الفاسد)، #ImpeachedForever (معزول إلى الأبد) و #ImpeachTrumpAgain (إعزلوا ترامب مجدداً)، هي بعض الأوصاف التي أطلقت على ترامب، والمطالبات التي رفعها ضده الشعب الأميركي. 

خلال الشهر نفسه، شهدت مؤشرات الأسهم في الولايات المتحدة تراجعاً كبيراً، خاصة المؤشر القياسي "ستاندرد اند بورز 500" الذي شهد أكبر خسارة له منذ الأزمة المالية العالميّة عام 2008، وذلك بفعل المخاوف المتنامية من أن يؤدي فيروس كورونا الذي بدأ بالانتشار عالمياّ خلال شهر شباط/فبراير، إلى ركود اقتصاديّ ضخم. 

حمّل الأميركيون رئيسهم مسؤولية هذا الانهيار، وأي انهيار اقتصاديّ مستقبليّ وتدهور لقدرتهم المعيشيّة، وذلك من خلال التغريد بكثافة عبر هاشتاغ TrumpCrash# (انهيار ترامب) و #StockMarketCrush (انهيار سوق الأسهم)، كما تمّ التغريد على هذين الوسمين بكثافة خلال شهر آذار/مارس الذي شهد بداية أزمة اقتصادية حقيقية للولايات المتحدة. 

وظهرت أوّل حالات كوفيد 19 في الولايات المتحدة نهاية شهر شباط، ولم تُقنع كل خطط ترامب وأفكاره الساعية إلى محاربة الفيروس شعبه، فغردوا ضده كثيراً مستخدمين وسم TrumpLiesAboutCoronavirus# (ترامب يكذب حول فيروس كورونا)، لتتوسع الحملة ضده خلال شهر آذار/مارس 2020، الذي شهد تفشياً واسعاً لكورونا في الولايات المتحدة، تخطى الصين. 

كورونا في الولايات المتحدة: ترامب الرئيس الأسوأ على الاطلاق 

  • دونالد ترامب.. الرئيس الذي يُغضب شعبه دائماً
    ترامب ممتعضاً خلال إحدى مؤتمراته الصحفيّة خلال شهر آذار/مارس 2020 (أ.ف.ب)

أكثر من 190 ألف إصابة بفيروس كورونا (كوفيد 19) في الولايات المتحدة حتى نهاية آذار/مارس فقط. استجابة ترامب للأزمة وخطته لمواجتها لم تعجب الأميركيين. مؤتمراته الصحفية اليومية من البيت الأبيض للحديث عن آخر مستجدات الفيروس في بلاده، ومحاولة تقديم أفضل صورة عن "الرئيس المثالي" لشعبه، غالباً ما كانت تنتهي بوسوم معارضة له وتتهمه بالكذب والفشل. 

الأكيد أنّ شهر آذار/مارس 2020 كان كارثياً على الولايات المتحدة كما على غالبية دول العالم التي تواجه كورونا وتبعاته الإنسانيّة والاقتصاديّة. ولكنه كان كارثياً تحديداً على ترامب، الذي تلقى حملات عديدة ضده من قبل الأميركيين. TrumpIsTheWorstPresidentEver# (ترامب الرئيس الأسوء على الإطلاق)، CancelTrump# (أزيلوا ترامب)، #trumpmeltdown (انهيار ترامب)، TrumpLiesAmericansDie# (ترامب يكذب الأميركيون يموتون)، جزء بسيط من وسوم كثيرة وجهت اتهامات صريحة وخطيرة لرئيس يُحتمل فوزه في الانتخابات القريبة. 

"لن نموت من أجل وول ستريت" NotDyingForWallStreet#، كانت إحدى آخر الصرخات ضد ترامب الذي يريد وبشدة إيقاف الحجر المنزلي وإعادة الحياة إلى طبيعتها في الولايات المتحدة بهدف إنقاذ العجلة الاقتصادية، قبل القضاء على فيروس كورونا، ما قد يتسبب بأزمة صحية وإنسانية أشد خطورة من الوضع الحالي. حتى أنّ غضب الأميركيين وصل إلى حد اتهام الرئيس الجمهوريّ بارتكاب إبادة جماعية بحقهم، وذلك من خلال استخدام هاشتاغ TrumpGenocide#. 

ماذا عن عنصرية ترامب في العام 2020؟ 

لم تخلو هذه الشهور الثلاثة طبعاً من إحدى سمات ترامب الأساسيّة التي يُعرف بها: العنصريّة. قام ترامب بإطلاق تسمية "الفيروس الصيني" على كورونا، في عنصرية تستهدف الشعب الصيني بأكمله. سخر من طول منافسه الديمقراطي مايك بلومبرغ واصفاً إيّاه طوال الوقت بـMini Mike، كما أفرغ كل غضبه من الانتقادات ضده بالصحفيين الذين طرحوا عليه أسئلة أقل ما يمكن وصفها بـ"المنطقية والمحقة". الصحفية في قناة NBC News ياميش آلسيندور، سألته في إحدى مؤتمراته الصحفيّة مؤخراً عن حلّه سابقاً لفريق البيت الأبيض المسؤول عن تنسيق الاستجابات للأوبئة، فأهانها واصفاً سؤالها بـ"البذيء". 

مراسل القناة نفسها بيتر ألكسندر، طلب فقط من ترامب أن يوجّه كلمة للأميركيين المذعورين والخائفين من انتشار كورونا، فكان رد ترامب الهجومي: "أنت مراسل فظيع". وباستخدام وسوم ChineseVirus، #NastyQuestion# وTrumpMeltDown#، انتقد الأميركيون بشدة ردود فعل ترامب الثلاثة المسيئة.

دائماً ما يكون ترامب نجم "تويتر" بتغريداته وتعليقاته العنصريّة، القاسية والمثيرة للجدل. خلال الشهور الأولى من العام 2020، لم يكن هو صانع الحدث على وسائل التواصل الاجتماعي، بل قراراته التي دفعت بالأميركيين إلى صنع حدث الهجوم الدائم عليه.

طبعاً، ليس من السهل التكهن بمن سيكون الرئيس المقبل للولايات المتحدة، ولكن يبدو أنّ من السهل الجزم، بأنّه في حال خسر ترامب منصبه أو فاز به من جديد، فإنّ مشكلته مع الشعب الأميركي وفقدان الثقة به، لن تقف عند هذا الحد.