حوار خاص مع أحد أبطال عملية نهاريا
يعتبر الأسير المحرر أحمد الأبرص من أهم كوادر المقاومة الفلسطنية وكان نائب الشهيد سمير القنطار في عملية "جمال عبد الناصر"، وهو يؤكد للميادين نت أن الأسرى في سجون الاحتلال لا يمكن أن يخرجوا إلا بعمليات خطف لجنود الاحتلال وأسرهم.
يصادف 22 نيسان/ أبريل ذكرى عملية "جمال عبد الناصر" التي قادها الشهيد القائد سمير القنطار عام 1979 ، وقد اعتمدت الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال هذه الذكرى من كل عام يوماً للأسير العربي .
في هذه المناسبة أجرى الميادين نت حديثاً مع الشهيد الحي الأسير المحرر أحمد الأبرص(65 عاماً) في ألمانيا حيث يعيش مع أولاده وقد أجرى قبل مدة عدة عمليات جراحيه لعينيه.
والأبرص هو الشخص الوحيد الذي بقيّ حياً بعدما استشهد رفاقه الثلائة في عملية نهاريا التي أعلنتها جبهة التحرير الفلسطنية بقيادة طلعت يعقوب وأبو العباس واُطلق عليها عملية "جمال عبد الناصر" بقيادة الشهيد سمير القنطار.
يقول أحمد الأبرص عضو اللجنة المركزية لجبهة التحرير الفلسطنية إن "فكرة عملية عبد الناصر ولدت كردّ على زيارة السادات لإسرائيل واتفاقية كامب ديفيد".
ويضيف: "نحن في الأصل كنّا ككوادر نتدرب بشكلٍ مستمر على عمليات خاصة من أجل تنفيذ عمليات على الاحتلال. وفي هذه الأجواء وتم اختيارنا لتنفيد عملية "جمال عبد الناصر" بعد أن تم تدريبنا كمنفذين مدة سبعة أشهر في لبنان. وبالأخص على بعض شواطئ الجنوب في صيدا وصور وفي إحدى القرى بين النبطية والشقيف.
ويسرد قصة العملية بقوله بأن"الذي وقّت تنفيذ العملية كان المسؤول العسكري للجبهة اَنذاك أبو العباس ومسؤول الجنوب العسكري فيها الشهيد سعيد يوسف وأتخذا القرار بالعملية، وقد بقيت خطة العملية سرية حتى تاريخ تنفيذها".
انطلاق العملية من صور جنوب لبنان
ويضيف الأبرص: "الانطلاق للعملية بدأ في زورق بحري من رأس العين بعد صور، أبحرنا حوالى 3 ساعات ووصلنا إلى نهاريا. وجرى تدريبنا على علم الخرائط. وصلنا ليلا في الساعة 10.45 إلى شاطئ نهاريا. وكان بحوزتنا جهاز لاسلكي نتحدث عبره بلغة الشيفرة مع قائد الجبهة أبو العباس".
ويضيف: "عند وصولنا لشاطئ نهاريا كان يوجد زورق ويوجد ميناء صغيرة. وبمجرد أن نزلنا منه، أتت دورية، إلا أنها لم تكتشفنا بعد أن الاختباء وراء بعض الصخور على شاطئ الميناء".
ويتابع: بعد أن دخلنا من نهاريا باتجاه بيت دان هيرا عالم الذرة الإسرائيلي عبر الخريطة التي بحوزتنا، ولدى وصولنا لمنزله أطلقنا النار على حراسه فقتلوا على المدخل ثم دخلنا المنزل. وعلى الفور أسرنا "دان هيرا وأبنته".
"لدى عودتنا دخلنا في بناية مكونة من 3 طوابق بعد اكتشفتنا قوات الاحتلال وبدأ تبادل إطلاق النار. وبالفعل اطلقنا قذيفة أر. بي. جي" على سيارة عسكرية له وتم انفجار السيارة وقتل من فيها.وفي هذه اللحظة استشهد رفيقنا الشهيد ماجد أصلان، تابعنا الإنسحاب باتجاه شاطئ نهاريا مع الاسيرين "دان هيرا وابنته"، وعندما حاولنا الصعود للزورق كانت الإمدادات العسكرية للاحتلال وصلت وبقينا نتبادل اطلاق النار حتى 12.30 بعد منتصف الليل. ولدى صعود الشهيد محمد علي للزورق تم اطلاق النار عليه فاستشهد".
اشتباك مع العدو
هنا في هذه اللحظة - يقول الأبرص - "تشاورت سريعاً مع قائد العملية الشهيد سمير القنطار بأن نعرض عليهم أن يوقفوا إطلاق النار علينا مقابل أن نطلق سراح الفتاة إبنة دان هيرا، وتحدث الشهيد سمير بالإنكليزية إلى هيرا بأن يخبرهم عرضنا، وبالفعل توقفوا لثواني عن إطلاق النار ومباشرة بعدها أطلقوا 4 طلقات على الفتاة فقتلت على الفور، وفي هذه اللحظة تحدثت مع سمير أنه طالما قتلت الفتاة فلن يتركونا لأنهم قتلوها".
ويتابع الأبرص سرده: "هنا مباشرة تموضعنا كأي عسكري وكلانا أخذ موقعه. ويقول الأبرص بأنه في هذا الوقت أطلق من سلاحه "ل. ب. ك. س" 40 طلقة بسبب أنه لم يعد أي أمل لديه بأي خيار اَخر. وبقينا في الاشتباك وأمامنا شاطئ رملي ولا يوجد أي سواتر،وتطور الاشتباك بطلقات متسلسلة نطلق ونقف وهم يتقدموا ونحن نطلق عليهم وبقي تبادل إطلاق النار معهم حتى 6 صباحاً حتى أصبنا إصابات بليغة: أنا اصبت بـ 4 طلقات في عيني ويدي ورجلي، وسمير أصيب إصابة بليغة في رئته. وتم أسرنا مباشرة".
"بعد الأسر مارس الاحتلال أشد انواع التعذيب علينا وبقينا حوالى سنة نتعرض لتحقيق يومي أجريت لنا 46 جلسة محاكمة في محكمة حيفا. وتم نقلنا إلى سجن عسقلان وبقينا فيه حوالى سنة، ثم نقلنا إلى سجن الرملة لمدة 7 أشهر وبقينا مع سمير في نفس الزنزانة. وفي سجن الرملة التقينا بالأسرى "حسين فياض وخالد ابو أصبع" أبطال عملية دلال المغربي، والياباني وكوزو أوكاموتو بطل عملية مطار اللد عام 1973، وكنا في هذه الفترة كل في زنزانته الخاصة إلا أنه كان يسمح لنا بالخروج إلى ساحة السجن باستثناء أوكاموتوا فقد بقيّ معزولاً وتعرض لتعذيب لا يوصف من شرطة الاحتلال"، يشرح الأبرص.
قائد المنطقة الشمالية الإسرائيلي: قتل معي 5 عناصر
ويشير إلى أنه اثناء المحاكمة حضر قائد المنطقة الشمالية الذي تعرّض للإصابة في عملية نهاريا وأصيب حسبما ذكر بـ 12 طلقة اخترقت جسمه فاضطروا لتركيب أمعاء اصطناعية له، وفور إدلائه بشهادته وقوله: "قتل معي 5 عناصر من قوات الجيش في المواجهة" أمر القاضي بتوقيف الجلسة وإخراج الصحفيين وكل الحضور من قاعة المحكمة لأن المعلومات تؤثر سلباً على الرأي العام "الإسرائيلي".
ويتذكر الأبرص أن شرطة الاحتلال في سجن الرملة كانت تأتي 3 مرات في الأسبوع للسجن وتنهال بالضرب علينا. وهنا يلفت إلى أنه فور البدء بالضرب كان ينام مباشرة على جسد سمير أي فوقه لكي لا يصل الضرب إليه مخافة أن يموت فوراً بسبب خطورة إصابته بالرئة.
حكمت محكمة الاحتلال على الأبرص بمدة 754 سنة ونصف، وعلى سمير القنطار لمدة 547 سنة ونصف. وبقي الأبرص 6 سنوات في الأسر حتى حصلت عملية التبادل التي قادتها الجبهة الشعبية بقيادة أحمد جبريل.
ويكشف لنا الأبرص أن سبب خروجه قبل سمير هو أن الاحتلال اشترط كما نقل رئيس وزراء اليونان الأسبق باباندريو أن يخرج هو أو سمير في هذه العملية في ظل استحالة أن يخرج كلاهما، بشرط أن يحدد الاحتلال الأسم.
ويضيف: "أحمد جبريل أخبرني أن عملية التبادل أُوقفت 6 شهور لأجلك ولأجل سمير وتم التسوية بأن نختار نحن الإسم، وقررنا أن نجري قرعة 3 مرات ليخرج واحد منكما وقد كانت نتيجة القرعة في كل مرة: أحمد الأبرص".
للأسير أحمد الابرص ذكريات جميلة في الأسر مع سمير القنطار يأمل أن يسعفه الوقت بسبب مرضه أن يسجلها في مذكرات.
ويؤكد الأبرص بعد تجربتة الطويلة أن الأسرى في سجون الاحتلال لا يمكن أن يخرجوا إلا بعمليات خطف لجنود الاحتلال وأسرهم.