كارثة معمل الجية في لبنان

ما تفاصيل كارثة معمل الجية في لبنان؟ ما المسار الدبلوماسي الذي اتّبعه لبنان لانتزاع حقوقه أممياً ودولياً؟ قصف العدو الإسرائيلي عام 2006 في الأيام الأولى لبدء العدوان على لبنان معمل الجية الحراري لتوليد الكهرباء، ممّا أدى إلى إحتراق 45 ألف متر مكعب من مادة الفيول وتسرّب كمية قدِّرت في حينها بما لا يقل عن 15 ألف متر مكعب في البحر. أضافت دار النشر البريطانية "أوكتوبوس" بإضافتها هذه كارثة معمل الجية إلى موسوعتها لتكون ضمن قائمة " 501 كارثة مدمرة أصابت البشرية". الكارثة البيئية التي لحقت بالشواطىء اللبنانية والسورية، لاقت اهتماماً إقليمياً ودوليّاً واسعاً، حيث أُدرجت على جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة وطالبت "حكومة إسرائيل"، "أن تتحمل المسؤولية عن تقديم التعويض الفوري والكافي إلى الحكومة اللبنانية عن تكاليف إصلاح الضرر البيئي الناجم عن التدمير، بما في ذلك إصلاح البيئة البحرية". القرار الصادر يطالب "إسرائيل" بدفع تلك التعويضات والمقدرة بحوالي 856.4 مليون دولار أمريكي، وصوّت لصالح القرار 158 دولة فيما عارضته 9 دول وامتنعت 6 دول أخرى عن التصويت.

نص الحلقة

<p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>سُمّي البحر المتوسّط الأبيض لشدّة عذوبته وصفاء مائه، لكن حُسن حاله هذا مرتبطٌ بحُسن حال ساكني شطآنه، والأحوال هنا لم تكن ناصعةً دوماً. على حدّ المياه والرمال حوّل جسمٌ حالكٌ الأبيض النقي لأحمر ناري فأسود نفطي.&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>إسرائيل تهاجم لبنان عام 2006، وخلال عدوانها تقصف مخازن معامل الجية الحراري متسبّبةً بكارثةٍ بيئية كبرى. عن هذه الكارثة، تفاصيلها، آثارها والخسائر التي تسبّبت بها نسأل، وعن المسار السياسي والدبلوماسي الذي اتّبعه لبنان لانتزاع حقّه أممياً ودولياً نستفهم، فماذا حدث؟&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>بيرج هاتيرجيان: في بداية العدوان الإسرائيلي على لبنان تمّ قصف معمل الجية الحراري، حيث قصف بتاريخ 13 تموز خزاناً يضمّ 15 ألف طن احترق بالكامل، وحين وجد العدو أن إدارة معمل الجية تمكّنت من إخماد حريق هذا الخزان أعاد قصف خزان كبير آخر موجود أمامنا هنا وفيه 25 ألف طن.&nbsp;</p> <p>طلال قشوع: في اليوم التالي تواصل معنا معالي وزير الطاقة الحاج محمد فنيش وأصرّ على تشغيل المعمل، فتمّ قصف الخزان الثاني واندلع الحريق وامتدّ إلى باقي الخزانات.&nbsp;</p> <p>حبيب معلوف: احترق 45 طناً في الهواء لمدة أسبوعين وأفرز غاز الديوكسين المُسَرْطن، بالإضافة إلى تسرُّب 15 طناً في البحر ووصلت إلى شاطئ طرطوس في سوريا.&nbsp;</p> <p>هبة محمود: كم كانت كمية النفط في الخزانين الأول والثاني؟ &nbsp;&nbsp;</p> <p>طلال قشوع: كل خزان كان يضمّ 15 ألف طن، كان الصيف واعداً والسياحة أيضاً وكانت كل خزانات معمل الجية ممتلئة بالنفط في تلك الفترة.</p> <p>هبة محمود: كم استغرقت عمليات الإنقاذ وإطفاء الحريق؟ &nbsp;</p> <p>طلال قشوع: في اللية الأولى حوالى 12 ساعة حيث استطعنا إخماد حريق الخزان الأول، وفي الليلة الثانية استمرّ الحريق لفترةٍ طويلة وامتدّ إلى الخزانات الأخرى ما أدّى إلى اشتعالها جميعاً. الخزان الكبير الموجود عند مدخل المعمل تأثّر بالحرارة واستمرّ بالاشتعال حتى بعد انتهاء الحرب.&nbsp;</p> <p>بيرج هاتيرجيان: كما ترين فإن هذا الخزان قريب جداً من المعمل، وكي لا يمتدّ الحريق إلى المعمل وتحصل كارثة كبرى قمنا نحن فريق عمل معمل الجية بإقامة حاجزٍ رملي بحيث إذا مال الخزان بهذا الاتجاه لا يحترق المعمل. كنا نأخذ التوجيهات من الدكتور جاسم بشارة الذي كان مديراً عاماً للبيئة في الكويت، وكان هو المسؤول عن إطفاء الآبار التي احترقت خلال حرب العراق والكويت، وأهمّ التوجيهات التي أعطانا إيّاها أنه يجب عدم توجيه المياه إلى الخزان لأن حرارته مرتفعة جداً والمياه قد تسبّب تفسّخات سريعة بالخزان ويُفرَغ محتواه في البحر، تسرّب 15 ألف طن من الزيوت الثقيلة.</p> <p>طلال قشوع: الحصار الذي حدث بعد قصف المعمل والزوارق الإسرائيلية الموجودة في البحر كانت تعيق عملية وصول فرق الدفاع المدني بسبب القنص على خطّ الساحل وتدمير الجسور، وأصبحنا نسلك طرقات أطول.</p> <p>هبة محمود: هل اضطررتم للالتفاف بغية الوصول إلى المعمل بسبب القنص؟</p> <p>طلال قشوع: بسبب القنص وتدمير الجسور حيث تمّ تدمير جسر الوادي وجسر السعديات ما أعاق وصول الآليات، فكنا نسلك الطرقات الفرعية. &nbsp;</p> <p>هبة محمود: أي أنكم خلال عمليات الإنقاذ كنتم تتوقّفون في فترة الليل كي لا يتمّ استهدافكم.</p> <p>طلال قشوع: صحيح، لقد تلقّينا تعليماتٍ من الجيش بأن أي إنارة في عملية الإطفاء سيتمّ اعتبارها هدفاً ويُعاد القصف مجدّداً.</p> <p>بيرج هاتيرجيان: الحوادث البحرية تحصل عندما تأتي حاملات النفط في عرض البحر ويحدث اصطدام فينسكب النفط منها، البلدان التي يتسرّب فيها هذا النفط يكون لديها الوقت للتحرّك حيث يمكنها وضع حواجز بحرية وتحذير المعامل والمرافئ بضرورة الإقفال. أما في حادثة لبنان النفطية الكارثية والتي ذُكرت في كتاب صدر في بريطانيا عن 500 كارثة حول العالم ومن ضمنها كارثة الجية، فالفارق بين كارثة لبنان والكوارث الأخرى أن ذلك حصل في ظل الحصار الجوي والبحري والبري، وثانياً هذه الكارثة امتدّت من البر إلى البحر وعادت إلى اليابسة، وأيضاً نوع النفط المُتسرّب هو نفط ثقيل يشبه الزفت ويلتصق على الصخور والرمال فتتأذّى المخلوقات البحرية بشكل كبير.&nbsp;</p> <p>يعقوب الصراف: للمرة الأولى في تاريخ المنطقة الشرق أوسطية القريب يحصل تلوّث بيئي ناتج من اليابسة إلى البحر، وهذا حتّم علينا معالجةً معاكسة لكل الخبرات التقنية العاديةـ اعتمدنا أسلوباً معاكساً تماماً فحاولنا حماية البحر من الضرر البيئي الناتج من الأرض، وأقمنا الحواجز لحصر البقعة النفطية في النقطة الأقرب إلى الساحل بشكلٍ يمكننا استيعابها على حساب بيئة شواطئنا.&nbsp;</p> <p>بيرج هاتيرجيان: الطائرات تأتي من الجنوب باتجاه الشمال، ولسوء الحظ وبسبب وجود النفط على الشاطئ قام العدو بضرب كل الشواطئ من هنا وصولاً إلى شاطئ اللاذقية حيث تضرّرت الكثير من الشواطئ ومنها شاطئ الرملة البيضاء، العبدة، محمية جزر النخل وهي محمية طبيعية مهمة جداً لهجرة الطيور.&nbsp;</p> <p>يعقوب الصراف: اختفى نوعٌ من المخلوقات البحرية في لبنان وهو التوتيا، منذ العام 2006 وحتى اليوم لا يوجد توتيا على الشاطئ اللبناني وهذه خسارة كبرى للصيادين وللمواطن والبيئة. &nbsp;&nbsp;</p> <p>بيرج هاتيرجيان: معالجة هذه الكوارث تستغرق سنواتٍ للتخلّص من نتائجها، فكان علينا بدايةً أن نزيل النفط من الأمكنة التي يتمّ الصيد فيها لأن الصيادين دفعوا الثمن غالياً لأن حياتهم تعتمد على الصيد، فبدأنا بالمواقع الاقتصادية ومن ثم توجّهنا إلى المناطق الحسّاسة بيئياً.</p> <p>يعقوب الصراف: في المعالجة السياسية فإن القرار الاستراتيجي الأول كان بعدم تقديم الشكوى إلى مجلس الأمن، والأمر الثاني كان جمع الدعم قبل أن يعرف العدو أن هناك حملة يجري التحضير لها. الجامعة العربية ساعدتنا كثيراً حيث كانت رئاسة وزراء البيئة العرب بيد المملكة العربية السعودية التي أتقدّم بالشكر لها، واللاعب الأهم برأيي كان المنظمة الدولية للملاحة، وكان المؤتمر الأول لدعم لبنان في أثينا بعد ثلاثة أيام من وقف إطلاق النار، ولكن الحصار كان لا يزال قائماً واضطررتُ للذهاب إلى حمص ثم إلى الشام ومنها إلى أثينا لأحضر هذا المؤتمر، وبالفعل استطعنا تحصيل الدعم الدبلوماسي التقني والاستراتيجي. هناك الكثير من البلدان التي أرسلت خبراء إلى لبنان، على سبيل المثال وزير البيئة الفرنسي كان هنا وبحضوره أعلنتُ بأنني سأتقدّم بشكوى وكان هو مُجبراً على القول بأنه يدعم لبنان في شكواه، وحين وصلت الشكوى إلى الجمعية العمومية لم يعد هنالك مجالٌ للتراجع. &nbsp; &nbsp;</p> <p>هبة محمود: أي أنه كان في زيارةٍ على أرض الواقع ورأى بأمّ العين نتائج هذه الكارثة. &nbsp; &nbsp;</p> <p>يعقوب الصراف: اصطحبتُه إلى ميناء الدالية وهي الأكثر تضرّراً في بيروت.</p> <p>هبة محمود: هل كان هنالك عمل مشترك مع سوريا تحديداً لأنها تضرّرت؟</p> <p>يعقوب الصراف: حكماً ولقد أصرّيتُ على دعوة سوريا إلى مؤتمر أثينا وحضرت، قمنا بمسحٍ مشترك للشاطئ المشترك بين العريضة وبانياس، وتمّ أخذ عيّنات من الرواسب النفطية في سوريا وجرت مقارنتها مع الرواسب الموجودة هنا، وتأكّدنا بأنه من المصدر نفسه. هنا نتحدّث من ناحيةٍ إنسانية وليست سياسية، إن استثمار البيئة في السياسة عوضاً عن حماية الإنسانية هي جريمة.&nbsp;</p> <p>بيرج هاتيرجيان: طلبنا من برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن يقدّم تقريراً عن الواقع البيئي الناتج من هذا الانسكاب النفطي ولكنه كان مشوباً بشوائب علمية عديدة، فأرسلنا هذه التعليقات إلى نيروبي مركز هذا البرنامج، قاموا بمراسلتنا وأصرّوا على إطلاق هذا التقرير الذي كاد أن يكون براءة ذمّة للعدوان الإسرائيلي، والذي أرشدنا إلى ذلك هو وزير البيئة الفلسطيني الدكتور يوسف أبو صفية رحمه الله لأنه خلال الاجتياح الإسرائيلي لغزّة طلب وزير البيئة الفلسطيني تنظيم تقرير عن واقع البيئة ما بعد العدوان، وأُطلق هذا التقرير في فلسطين وتبيّن أنه غير موثوق علمياً، فنبّهني الدكتور أبو صفية إلى ضرورة التعليق عليه بطريقة علمية للتأكّد من صحّة وقائعه.&nbsp;</p> <p>هبة محمود: أي أنه محاولة لتقديم صكّ براءة لإسرائيل بأن هذا الاعتداء لم يتسبّب بأيّ ضررٍ بيئي.&nbsp;</p> <p>بيرج هاتيرجيان: لقد اختصرتِ كل أفكاري بجملة، أشكركِ. أُطلق هذا التقرير في ألمانيا لأن الحكومة اللبنانية رفضت إطلاقه من لبنان، ونحن حتى اليوم لم نعترف به. تابعنا عملية التقييم والتنظيف بمساعدة النروج لأنها دولة نفطية والكويت أيضاً وغيرها من الدول الكريمة التي ساعدتنا، وإذ تأتينا مساعدة من الوكالة الأميركية للتنمية بقيمة خمسة ملايين دولار حيث وقّعنا على اتفاقية وقالوا بأنهم أنهوا عمليات التنظيف في منطقة جبيل، فطلبنا من الوكالة الأميركية للتنمية بيان كيفيّة صرف هذه الملايين الخمسة فعجزت عن ذلك، وعُلّقت يافطات من جنوب لبنان إلى أقصى الشمال تفيد بأن الوكالة الأميركية قامت بتنظيف كامل الشاطئ، سبقونا إلى الإعلام ولكنهم على أرض الواقع لم يفعلوا شيئاً. تصدّينا لهذا الأمر ورفضناه وقدّمنا تقريراً إلى الأمين العام للأمم المتحدة يوثّق كل هذه الأمور، وأحد الأمور الأساسية التي حاول المسؤول عن كتابة هذا التقرير أن يضعها هو التأكيد على أن معمل الجية هو مركز عسكري. حصل كباشٌ دبلوماسي في ما بيننا وأكّدنا أن معمل الجية هو معمل مدني لتوليد الطاقة وليس هنالك أي إجراء عسكري في هذا المعمل. &nbsp; &nbsp;</p> <p>يعقوب الصراف: العقبة الأولى كانت داخلية، أنا لا أعترف بشرعية إسرائيل أو بالكيان الإسرائيلي لكنني مستعدٌّ أن أدّعي وأقاوم وأحارب وأرفع الدعاوى للاستحصال على حقّي بغضّ النظر عن اعترافي. لسوء الحظ في لبنان وبعد جريمة المرفأ تنطلق جمعيات تقوم بحملات تثقيفية ونشر ملصقات وحملات إعلامية لكن على الأرض تبيّن لنا أن من ضمن الجمعيات السبعين التي سُجّلت في وزارة البيئة لمساعدتنا خمس منها فقط التي عملت فعلياً. &nbsp; &nbsp; &nbsp;</p> <p>بيرج هاتيرجيان: صدر القرار لمصلحتنا في العام 2007 وتكرّر صدوره سنوياً حتى السنة الماضية وتُضاف إليه فقراتٍ لمصلحة لبنان ضدّ العدو الإسرائيلي. الإضافة المهمة كانت في العام 2017 حيث حُدّدت قيمة الأضرار البيئية التي حصلت بسبب هذا الانسكاب وُقدّرت بحوالى 860 مليون دولار، وطالبت الهيئة العامة للأمم المتحدة العدو الإسرائيلي التعويض على لبنان بهذه القيمة.</p> <p>يعقوب الصراف: أميركا لم توافق على أيّ قرار منذ القرار الأول الصادر في العام 2006 وحتى اليوم، وفي كل مرة يصدر قرار بإلزام إسرائيل بالتعويض على لبنان إلا ورفضته أميركا.&nbsp;</p> <p>حبيب معلوف: التعويضات كانت قليلة جداً، وفي العام 2014 تمّ تحديدها في الجمعية العامة للأمم المتحدة ب 856 مليون دولار، أعتقد أن هذا الرقم كان هزيلاً والرغم من هزالته فإن إسرائيل لم تدفعه حتى الآن، والجمعية العامة للأمم المتحدة تكرّر هذا القرار سنوياً وتطالب إسرائيل بدفع هذا المبلغ. &nbsp;&nbsp;</p> <p>هبة محمود: ولكن هم بدأوا بأن تقديرهم للمبلغ وما يجب تعويضه ب 150 مليون دولار، وما استطاع لبنان الحصول عليه هو 856 أي أنه حقّق قفزة دبلوماسية وسياسية عالية في قيمة التعويض. &nbsp;</p> <p>حبيب معلوف: هم تحدّثوا عن تنظيف الشاطئ ولكن في مثل هذه الحالات يتحدّثون عن التنظيف والتأهيل وعن الأضرار المباشرة وغير المباشرة، والأضرار الفورية والبعيدة المدى، الترسّبات النفطية عادةً في التقارير الدولية تبقى آثارها السلبية لمدة ثلاثين سنة على الأقل، والبعض يتحدّث عن تأثيراتٍ أبدية، فهذه المواضيع لم تُدرَس بشكلٍ كافٍ وتمّ وضع التقرير على عَجَل من أجل دفع التعويضات الفورية لمعالجة المشكلة، ولم &nbsp;يكن أحد يتخيّل أن الأمر سيستغرق كل هذا الوقت للحصول على هذه التعويضات التي يبدو أننا لن نحصل عليها إلا بعد رفع الدعاوى إلى محكمة الجنايات الدولية أو محكمة العدل الدولية. &nbsp;&nbsp;</p> <p>يعقوب الصراف: المال لا يمكنه أن يعوّض دماء شهيدٍ واحد، ما استحصلنا عليه لا يغطّي قسماً ممّا كان يجب أن نستحصل عليه. الحادثة كانت هي الأولى من نوعها في لبنان فتمّت مقارنة النِسَب بحوادث مشابهة قد لا تغطّي الضرر الفعلي. نحن لم نقصّر، هذه المرة الأولى في تاريخ العالم العربي منذ ثمانين سنة التي تُقاضى فيها إسرائيل وينجح الأمر حيث أدينت إسرائيل بجريمة وطُلب منها التعويض، هذا انتصار وسابقة.&nbsp;</p> <p>هبة محمود: أنت ترجّح اللجوء إلى أساليب أخرى غير الجمعية العامة للأمم المتحدة وطَرْق أبواب المحاكم الدولية. &nbsp;&nbsp;</p> <p>حبيب معلوف: كان يجب أن يُدرس الملف جيداً لأن الأضرار كبيرة جداً بل هي أكبر من تلك المذكورة في التقرير، كما تحدّثتُ عن تلوّث الهواء في أكثر من مكانٍ وعن أثر هذا العدوان، كذلك تحدّثتُ عن تأهيل الأماكن التي تضرّرت بشكلٍ أو بآخر من هذا الموضوع وهذا الأمر مكلف جداً، بالإضافة إلى معالجة المخلّفات. إذاً كان يجب دراسة هذا الموضوع بشكلٍ أفضل، وكان على الدولة أن تتحرّك ولا سيّما وزارتي الخارجية والبيئة لكي تقوما بإعداد دراسات حول كيفية رفع الدعاوى إلى المحاكم الدولية مثل محكمة الجنايات أو محكمة العدل الدولية.&nbsp;</p> <p>يعقوب الصراف: لبنان كان ولا يزال مقصّراً، هذا الموضوع يُذكر مرة سنوياً في ذكرى التحرير أو عند صدور القرار الجديد سنوياً ومن ثم يُغلق حتى السنة اللاحقة.&nbsp;</p> <p>هبة محمود: ما هي الخيارات المطروحة أمامهم في المقابل؟&nbsp;</p> <p>يعقوب الصراف: أولاً استمرار إعداد الدراسات لأن الدراسة قمنا بها في العام 2006 ولكن الضرر يتراكم، قد يكون الضرر اليوم أكبر بثلاثة أضعاف. ثانياً علينا تنظيم مؤتمر إلزامي للبيئة في لبنان، نحن لم نشكر مَن ساعدنا، لو قام وزير البيئة أو وزير الخارجية بجولةٍ على الدول المهتمّة بهذا الموضوع وشكرها على ذلك للتصويت لصالحنا لبقيت هذه القضية حيّة، ولكننا نسيناها. &nbsp;</p> <p>هبة محمود: هل استعاد الشاطئ اللبناني عافيته بعد هذه الكارثة؟</p> <p>بيرج هاتيرجيان: سؤالٌ في مكانه، أعتقد أن الشاطئ اللبناني لم يتعافَ، ونحن لا زلنا نترقّب ونتابع لمعرفة مدى تأثير هذه الكارثة. بلا شكّ حين نقول إن حيواناً ما انقرض فهذا ضرر، هذا الأمر هو من أهم كوارث العالم والبيئة بحاجة إلى الوقت لتضمّد جراحها وتعود إلى ما كانت عليه قبل الحادثة.</p> <p>يعقوب الصراف: الاستدامة هي أساس في الحياة سواء في الاقتصاد أو السياسة أو البيئة أو النضال، يجب ألا أخرق الغد لمكسب اليوم، والغد أهم من اليوم لأننا قمنا بما علينا القيام به وننتظر أن نجني، حين تزرعين شجرةً يأكل أبناؤك ثمارها، والمثال الأعلى على ذلك هو القضية الفلسطينية، هي مستمرة حتى الجيل السادس، تصوّري استدامة مفهوم الثورة والمظلومية والقهر وتناميها عبر الأجيال. &nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>على هذه الشواطئ أتمشّى بين الرمل والزبد، إن المدّ سيمحو آثار قدمي وستذهب الريح بالزبد، أما البحر والشاطئ فيظلان إلى الأبد، قالها جبران خليل جبران.&nbsp;</p> <p>وإلى الأبد في الحق والسياسة تقول القاعدة إن لا أحد يحترم عدواً ضعيفاً، والضعيف هو مَن يمتلك حقاً ولا يصرّ عليه، لم يكن لبنان في كارثته ضعيفاً، لقد واجهها بالعمل الميداني على الأرض وبالفعل السياسي في أروقة الدبلوماسية الأممية وما زال، هذا ما حدث... &nbsp;</p>