جرائم فرنسا النووية في الجزائر
سيبقى اسم رقان في جنوب الصحراء الجزائرية مرتبطا إلى الأبد بالتجارب النووية الفرنسية، أكبر مسرح جريمة بحق البشرية والإنسانية والبيئة على هذه الأرض وفوقها وحتى في باطنها.. حيث قامت فرنسا بنحو 60 انفجارا وتجربة نووية.. وصل فريق الميادين إلى النقطة صفر حيث وقع أول انفجار نووي فرنسي عام 1960 ويسمى "اليربوع الأزرق"، في رقان التقينا أبناء المنطقة شهودا يرون ماذا حدث في ذلك اليوم، والكوارث التي يمرون بها إلى الآن..
نص الحلقة
<p>هذا ما حدث</p>
<p>07-03-2023</p>
<p> </p>
<p> </p>
<p>إنه يوم الثالث عشر من شباط/ فبراير عام 1960، إنها الساعة السابعة صباحاً و4 دقائق و20 ثانية، ونحن هنا قريبون من النقطة صفر حيث وقع أول انفجارٍ نووي فرنسي ويُسمّى باسم "اليربوع الأزرق"، قُدّرت قوّته بسبعين ألف طن من المُتفجّرات ويُعدّ أكبر من انفجار هيروشيما في اليابان بخمسة أضعاف. </p>
<p> </p>
<p>هذه الصحراء الجزائرية ونحن هنا في الجنوب وتحديداً في رقّان التي سيظّل إسمها مرتبطاً إلى الأبد بالتجارب النووية التي أجرتها فرنسا هنا، هذه الصحراء الشاسعة تحوّلت إلى أخطر مسرحٍ لستين انفجار وتجربة نووية ولأكبر مسرح جريمةٍ بحق البشرية والإنسانية والبيئة، على هذه الأرض، فوقها وحتى في باطنها. </p>
<p>عقودٌ طويلةٌ مضت لكن الجريمة ما زالت حاضرةً حتى اللحظة وستبقى، فما حجم الكارثة هنا؟ وعلى مَن وماذا أثّرت؟ بالأرقام والإحصاءات والوقائع نسأل ماذا حدث؟ </p>
<p>وصل فريق الميادين إلى رقّان وهنا التقينا مع أبناء المنطقة شهوداً يروون ما حدث في ذلك اليوم وما مرّ عليهم، وضحايا يُخبروننا عن الكوارث التي يختبرونها منذ ذلك الحين. </p>
<p>هبة محمود: هل تتذكّر ذلك اليوم؟</p>
<p>عبد الله بو جمعة: أتذكّره جيداً، كنا صغاراً حينها، سمعنا صوت انفجار قنبلة ذرّية هنا في رقّان، لم نكن ندرك عَظَمة الانفجار، أخلينا ديارنا، كانت الطائرة في الجو وكان تحتها ضوء قوي، بعدها شعرنا بهزةٍ أرضيةٍ وبعد دقيقة سمعنا الانفجار، كان الصوت قوياً للغاية والدخان كثيفاً جداً، انتفخت الأرض. </p>
<p>هبة محمود: مثل الفرن.</p>
<p>عبد الله بو جمعة: تماماً. </p>
<p>عمار منصوري: في العام 1960 قامت فرنسا الاستعمارية بأول تفجيرٍ نووي لها في الحمودية برقّان، وكان هذا التفجير بطاقةٍ تساوي 70 ألف طن أي ما يفوق انفجار هيروشيما بخمس مرات، وكان له أثر كبير جداً على المنطقة برمَّتها وعلى 26 دولة أفريقية. </p>
<p>عبد الله بو جمعة: رغم أنني كنتُ أبلغ 12 عاماً حينها ولكن لاحقاً شعرتُ بمدى خطورة ما قامت به فرنسا.</p>
<p>العيد ربيقة: بداية التفجيرات النووية كانت منذ العام 1947، هذا الموضوع في الحقيقة شائك للغاية، أرادت إدارة الاحتلال الفرنسي أن تُقيم تلك التجارب والتفجيرات النووية لتندرج ضمن نادي البلدان التي تمتلك سلاحاً نووياً.</p>
<p>انطلقت فرنسا في رحلتها للدخول إلى النادي النووي العالمي منذ عام 1945 سعياً للحاق بالولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي وبريطانيا، ووقع اختيارها على صحراء الجزائر مُدّعيةً أمام العالم أنها منطقة مهجورة وقاحلة وغير مأهولة بالسكان. </p>
<p>هبة محمود: هل تكرَّرت الانفجارات؟ </p>
<p>عبد الله بو جمعة: تكرَّرت لاحقاً في العام 1961 ولكن لم تكن بهذا الحجم، انفجار 1960 كان الأخطر وبثّ فينا الرُعب والخوف في قلوبنا.</p>
<p> </p>
<p>كانت القنبلة الأولى بداية سلسلةٍ طويلةٍ من الانفجارات والتجارب النووية، أربعٌ منها في الجو و16 قنبلةً باطنية لجأت إليها فرنسا بعد ضغطٍ دولي. </p>
<p> </p>
<p>عمار منصوري: وتلت هذا التفجير تفجيرات أخرى سطحية، فكانت على التوالي اليربوع الأبيض واليربوع الأحمر واليربوع الأخضر، وبعد توجيه الإنذارات لفرنسا من الأمم المتحدة ومن دولٍ أفريقيةٍ ومن الدول النووية مثل أميركا والاتحاد السوفياتي وإنكلترا من خطورة التفجيرات السطحية، فتوجَّهت فرنسا الاستعمارية إلى التفجيرات الباطنية وذلك في عين إيكر، وفي هذا الجبل قامت فرنسا بما لا يقلّ عن 16 تفجيراً نووياً وكان أخطرها تفجير بيريل الذي تمّ في أول أيار 1962 وكان بمثابة تشرنوبيل واحد حيث أن سَحابة نووية خرجت من الجبل وحمم بركانية. إجمالي كل التفجيرات التي قامت بها فرنسا في الجزائر أكثر من 700 ألف طن. وزيادةً على ذلك قامت فرنسا الاستعمارية ب 35 تجربة نووية في آبار الحمودية تُسمَّى التجارب الإضافية، واستعملت فيها البلوتونيوم الذي هو مادّة كيميائية ونووية خطيرة جداً، ثم قامت بتجارب أخرى في عين إيكر بخمس تجارب وتُسمّى هذه التجارب التي استُعْمِل فيها البلوتونيوم في الهواء الطلق بحبوب اللقاح. </p>
<p>في رقّان فقط كانت المساحة المرصودة لمركز فرنسا العسكري نحو مئةٍ وثمانية آلاف كيلومترٍ مربّع، وضمّ هذا المركز عشرة آلاف شخص مدني وعسكري، 6500 منهم من العلماء والجنود الفرنسيين و3500 منهم من العمّال الجزائريين وبعض السُجناء بينهم 150 سجيناً جزائرياً أُخْرِجوا من سجن سيدي بلعباس لاستعمالهم فئران تجارب بعد أن رُبِطوا بالقرب من موقع التفجير لدراسة سلوكهم تجاه هذا الكمّ الكبير من الإشعاعات النووية.</p>
<p>عمار منصوري: للعِلم أن كل الدول النووية قد استعملت البشر في التجارب سواء كمُتطوّعين أو رغماً عنهم، إذاً فرنسا استعملت الجزائريين القريبين أو البعيدين من سكان رقّان الذين يبتعدون 30 كيلومتراً من مكان التفجير. إذاً فرنسا استعملت سكان المنطقة كفئرانِ تجارب، في 13 فبراير 1962 وزَّعت القلائد على السكان لتعريفهم عن هذه الأشعة لتستفيد منها فرنسا علمياً. </p>
<p>عبد الله بو جمعة: بعد وقوع الانفجار تمّ توزيع القلائد على السكان لقياس الأشعة النووية. </p>
<p>هبة محمود: قلادة وُضِعَت لتقيس شدَّة الإشعاع. </p>
<p>عبد الله بو جمعة: أتوا بالمُجاهدين والسُجناء. </p>
<p>هبة محمود: ألم يُحذِّروكم قبلها؟</p>
<p>عبد الله بو جمعة: فقط لمَن كانوا يعملون معهم. </p>
<p>هبة محمود: متى عُدتم إلى منازلكم؟ </p>
<p>عبد الله بو جمعة: عدنا في اليوم نفسه. </p>
<p>لم يقتصر الخِداع الفرنسي على عدم تحصين سكان المنطقة المُحيطة من الجزائريين، لكنه امتدّ إلى الجنود الفرنسيين أنفسهم الذين واجهوا الإشعاعات النووية بملابس عادية ومن دون حتى نظّاراتٍ للحماية، إذ كشفت بعض الوثائق التي تعود إلى الأرشيف النووي الفرنسي أن عدد النظّارات الموزّعة كان نظّارةً واحدة لكل 40 شخصاً، وبعد التجارب النووية كانت السلطات الفرنسية تُدخِل المُشاركين في جهازٍ سمَّته جهاز إزالة التلوّث الذي هو في الحقيقة مُجرَّد جهازٍ لكشف نسبة الإشعاع فقط.</p>
<p>وعلى الرغم من كل التطمينات والدعايات الفرنسية لكنّ الحقائق على الأرض كانت مُختلفةً عن ادّعاءات الإعلام إذ بدأ انتشار الكثير من الأمراض وفي مُقدّمها السرطان في أجساد أولئك الذين تعرَّضوا للإشعاع على مدار عشرات السنين. </p>
<p>العيد ربيقة: الأمّة الجزائرية لا تزال تلِد أطفالاً مُشوّهين خُلقياً، وهذه التشوّهات ناتجة من الإصابات بالأشعة النووية، وهي مُثبتة بصفةٍ علمية من طرف أساتذة مُختصّين من الأطباء يتمّ إيفادهم من وزارة الصحة دورياً. هناك أعدادٌ كبيرة من حالات الإصابة بالسرطان وهذه الأمراض ناجمة مباشرةً عن التعرُّض للأشعة النووية.</p>
<p>هبة محمود: في أسرتك أكثر من ثلاث أو أربع حالات وفاة بالسرطان. </p>
<p>عبد القادر حنطاوي: أختي وأمّي وأبي وزوجتي، في هذا العام ارتحتُ قليلاً من المستشفيات، كنتُ دائماً معهم هناك وأعاني معهم. </p>
<p>هبة محمود: كيف حالك عبد الرزاق؟ </p>
<p>عبد الرزاق: الحمد لله على كل حال. </p>
<p>هبة محمود: كم عُمرك</p>
<p>عبد الرزاق: 20 عاماً.</p>
<p>هبة محمود: هل وُلِدتَ بهذه الحال؟</p>
<p>عبد الرزاق: نعم.</p>
<p>هبة محمود: اشرح لنا وضعك الصحّي. </p>
<p>عبد الرزاق: المرض أصاب نصفي الأسفل. </p>
<p>هبة محمود: بماذا تشعر؟ </p>
<p>عبد الرزاق: حين كنتُ بعُمر الخمس سنوات كان بإمكاني المشي وحين تقدَّمتُ في العُمر منعني المرض من المشي، حتى أنني لا أستطيع النوم. </p>
<p>هبة محمود: هذا المرض يكبُر معك مع تقدّمك في العُمر؟ </p>
<p>عبد الرزاق: نعم. </p>
<p>هبة محمود: هل يكبر العضل أم الأعصاب؟ ماذا يحدث بالضبط؟ </p>
<p>عبد الرزاق: عضلات قدمي تتمدّد وجسمي يبقى كما هو. </p>
<p>هبة محمود: ما هي أكثر الأمراض التي تُصيب أهالي رقّان؟ </p>
<p>عبد القادر حنطاوي: التشوّه في العينين، تشوّه الأطفال، نحن نخاف أن نتزوَّج.</p>
<p>هبة محمود: عند حدوث ولادة ربّما السؤال الأول الذي يخطر في البال هو ما إذا كان الطفل مريضاً أو لا.</p>
<p>عبد القادر حنطاوي: لا يسأل عن جنس المولود بل عن صحّته وشكله. </p>
<p>هبة محمود: في الأسرة الواحدة تكون هناك مجموعة من الأمراض بحالاتٍ متنوِّعة. </p>
<p>عبد القادر حنطاوي: الأمراض متنوِّعة في أسرتي، لديّ أطفال يعانون من الصَمَم والبُكم، وأنا أعاني من مرضٍ في القلب.</p>
<p>عبد الرحمن تومي: نحن نعمل في هذا المجال نظراً لتفاقُم الوضع الصحّي للمرضى الذين تزايد عددهم، هناك حالات جديدة يومياً لم تكن موجودة على مستوى ولاية أدرار أو رقّان. بعض الخُبراء كانوا يقولون إنه بعد 50 عاماً سيتضاعف عدد المرضى لأن المنطقة تتميَّز بالرياح في شهر فبراير وهذه الرياح تحمل الرمال من المنطقة التي شهدت التفجيرات النووية على بُعد 40 إلى 50 كيلومتراً على سطح الأرض، هذه الرِمال المُتنقّلة وصلت حتى إلى فرنسا قبل العام الفائت، وقالوا بأن هذه الرِمال هي نتاج التجارب النووية الفرنسية في الجنوب، هذه التجارب النووية السطحية على مستوى سطح الأرض الموجودة في رقّان تسبَّب بأمراضٍ سرطانية متنوّعة غير معروفة على مستوى الوطن، وحتى الآن لا توجد دراسات تُنْبئ بما سيجري في السنوات القادمة. المُلاحَظ اليوم هو العُقم والإجهاض عند النساء، الوفيات كانت بين مَن تتراوح أعمارهم من 50 إلى 60، بينما مرضى السرطان لا يتجاوزون الأربعين عاماً، يومياً هناك نوع جديد من السرطان، وهذا نظراً للأشعة الموجودة لأننا نسكن بالقرب من النفايات النووية الفرنسية المتواجدة على مسافة 40 كيلومتراً. </p>
<p>هبة محمود: هل كانت هذه الأمراض موجودة في الجيل الأكبر من الآباء والأجداد؟</p>
<p>عبد القادر حنطاوي: هذه الأمراض حدثت بعد الانفجار، أختي توفّيت بمرض السرطان الذي أصابها منذ الصِغَر، كان العمى منتشراً في ذلك الوقت، كنا نسمّيهم معطوبي الحرب، أكثر الأطفال كانوا يصابون بالعمى، هذه جرائم كبرى. </p>
<p>عبد الرزاق: لا أستطيع الذهاب إلى المدرسة.</p>
<p>هبة محمود: ألا يمكنك متابعة دراستك؟</p>
<p>عبد الرزاق: كلا، لا أستطيع الجلوس طويلاً، يجب أن أمدِّد جسدي بسبب مرضي. </p>
<p>هبة محمود: هل لديكم إحصائيات بعدد الضحايا الجزائريين؟ </p>
<p>عمار منصوري: كما تعلمون أن فرنسا حينما غادرت الجزائر في العام 1967 أخذت كل الأرشيف، منظمة المُجاهدين في السنوات السابقة حدَّدت رقم 42 ألفاً.</p>
<p>هبة محمود: 42 ألف ضحية توفّيت نتيجة الإشعاع النووي.</p>
<p>عمار منصوري: منذ 1960 وحتى يومنا هذا. </p>
<p>عبد الرحمن تومي: لا يمكننا إحصاء الأرقام لأن هناك بعض الأشخاص لا يذهبون إلى المستشفيات فتكون حالتهم مُتأخِّرة.</p>
<p>الكارثة ليست صحية فقط إنما أيضاً بيئية.</p>
<p>عبد الله بو جمعة: النباتات لم تعد تنمو، منذ عشر سنوات تضاءل نموّها، مثل التمر، الحبوب، حتى المياه نقصت. تردّت الأحوال بعد أن كانت التمرة بحجم كفّ اليد ولكن الإشعاع قضى عليها نهائياً.</p>
<p>عمار منصوري: منطقة رقّان وعين إيكر تعانيان من التلوّث البيئي الذي أصبح يشكِّل خطراً على كل أنواع الحياة، حيث انقرض عدد كبير من الحيوانات، وهناك دراسة بريطانية تفيد بأن التأثير الجيني على الإنسان يكون لمدّة 22 جيلاً من التشوّهات الخلقية. </p>
<p>كابوس التجارب النووية فاجعةٌ مستمرة ونازفة تفتح باب المطالب الشعبية والرسمية في الجزائر، باريس ترفض حتى الآن الاعتذار عن جرائمها فيما يبدو التعويض عن الكوارث التي تسبّبت بها حلماً مستحيلاً. بدورها الجزائر تطالب فرنسا بحلٍّ نهائي للملف والكشف عن أرشيف هذه التجارب النووية لا سيّما بعد أن أقرَّت فرنسا في وقتٍ سابق بدفن شاحناتٍ وعتادٍ عسكري استُخدِم في الاختبارات، لكن هذا الملف لا يزال عالقاً بين البلدين.</p>
<p>العيد ربيقة: لمعالجة هذا الملف يتمّ الاعتماد على مُقاربةٍ شاملة، إذا تحدَّثنا عن الأوراق المتوافرة لدى الجزائر فهي لا تتجاوز بضعة ملفات خاصة بمختلف المجازر التي ارتكبها الاحتلال الفرنسي في الجزائر، حيث أن المجازر يتمّ التوثيق لها من طرف الجلّادين قبل الضحايا، الفرنسيون تركوا الكثير من المخطوطات والكتابات التي تؤكّد جرائمهم في الجزائر. </p>
<p>عمار منصوري: هناك ملفات حول المفقودين، والشهداء الذين قُطِعَت رؤوسهم، والتجارب الكيميائية، والغازات السامّة، والتعذيب، الملفات كثيرة لأن فرنسا مارست كل الجرائم التي عرفتها البشرية في الجزائر. </p>
<p>هبة محمود: ما هي قائمة المطالب الجزائرية لفرنسا؟</p>
<p>العيد ربيقة: نحن الآن بحاجةٍ إلى إعادة تأهيل المواقع التي كانت محل تلك التجارب، نريد معرفة أماكن دفن النفايات المُشِعّة حتى تتمّ معالجتها بالأساليب العلمية الدقيقة. </p>
<p>عمار منصوري: المشكلة هي في الأرشيف، لا بدّ من فتح الأرشيف النووي وبهذه الطريقة سنعرف حقيقة الوضع، لكن الجزائر تطالب فرنسا بالاعتذار عن كل الجرائم التي ارتكبتها والتعويض عنها وتنظيف كل ما لوَّثته.</p>
<p>العيد ربيقة: ملفات الذاكرة، بعد آخر زيارة للرئيس الفرنسي تمّ الاتفاق على تشكيل لجانٍ مشتركة تُعنى بهذه الملفات وأخذت منحىً جدّياً، ومؤخّراً عيَّن رئيس الجمهورية السيّد عبد المجيد تبّون لجنةً خُماسية مُشكّلة من أساتذةٍ من ذوي الاختصاص الذين لهم كفاءة في المجال حتى تتمّ دراسة هذه الملفات بالعناية اللازمة.</p>
<p>عبد الرحمن تومي: نحن باقون في هذه الأرض، الجزائر قدَّمت المُجاهدين الذين أخرجوا الفرنسيين من هذه المنطقة لأنهم حاربوا من أجل عدم إبقاء أيّ جزء مُحتلّ من الجزائر، ما وعد به الشهداء أوفوا به. </p>
<p>عمار منصوري: ليس مطلباً انتقامياً وإنما إنسانياً كي لا تكون هناك ضحايا جديدة لأن الإشعاع لا يرحم، حالياً فرنسا تُماطل وتؤجّل حتى يموت كل الذين يهتمّون بالتاريخ والذاكرة، ولكننا نقول جيلاً بعد جيل إننا سنواصل هذا النضال والكفاح، ولا بدّ لفرنسا من أن تعترف بجرائمها في الجزائر مهما طال الزمن.</p>
<p>هبة محمود: هل تخشى أن يضيع حق الجزائريين بهذه الجرائم والمجازر التي قامت بها فرنسا؟ </p>
<p>العيد ربيقة: لا أعتقد ذلك، الجزائريون قدَّموا النفس والنفيس في سبيل هذا الوطن، لا انتصار إلا الجزائر التي هي الخطّ الأول والأخير بالنسبة لكل الجزائريين. </p>
<p> </p>
<p>مُلطّخاً بالدماء والإجرام هو التاريخ الفرنسي في الجزائر، هذا ليس ملف ذاكرةٍ فحسب، إنه ملف حاضرٍ لا يموت بل يقتل الأبرياء يومياً ويترك آلامهم مستمرةً إلى مستقبل ما بعد الأحفاد، إنها جريمة أكل لحم أبناء البلد، نَهْش أبدانهم وتسميم حياتهم، إنه عَيْشٌ مع الموت في كل لحظة، جريمةٌ لا تسقط بالتقادُم إنما تتجلّى أهوالها وتكبر أكثر بمرور الزمن، هذا ما حدث... </p>