بين ترامب وهاريس.. صراع شرس في السباق الإنتخابي الأميركي
أظهرت النتائج الأولية تقدم ترامب على هاريس بعدد الولايات، وفوز الاحيرة بولايات نيويورك وكولورادو وديلاوير وكونيتيكيت وميريلاند وماساشوستس ورود آيلاند، مقابل فوز الرئيس السابق بولايات أوهايو وتكساس ووايومنغ وداكوتا الشمالية وأركنساس وفلوريدا وألاباما وكار
نص الحلقة
مايا رزق: أرحّب الآن هنا معنا في الاستوديو بالدكتورة بهية حلاوي مُديرة الميادين أونلاين. أهلاً ومرحبًا بك بهية.
ولكن قبل أن نبدأ قراءة هذا المشهد بطبيعة الحال، إسمحي لي بأن أذهب إلى كراكاس، بما أننا تحدّثنا عن الصوت اللاتيني، حيث ينضمّ إلينا مراسل الميادين في فنزويلا علي حجازي.
مرحبًا بك علي. في كاراكاس كيف ينظرون إلى هذا السباق الرئاسي؟ هل فعلاً يهتمّون بمَن سيفوز في هذا السباق، عِلمًا بأنه في عهد ترامب كانت هناك مُضايقات من قِبَل واشنطن على فنزويلا، فنزويلا تقول بأنها تعرّضت إلى خَنْقٍ اقتصادي، إلى حِصار اقتصادي، إلى تدخُّل في شؤونها الداخلية، إلى التحريض، وإلى ما هنالك، حيث حصلت أيضًا أعمال عُنف، وكذلك الأمر بالنسبة لعهد بايدن، كان هناك تشكيك في الانتخابات الرئاسية الفنزويلية ومحاولات عديدة لخَنْق فنزويلا ليس فقط اقتصاديًا، بل أيضًا عَزْلها سياسيًا؟
علي حجازي: صباح الخير مايا. فعلاً أحلاهما مُرّ، كما يُقال. الطرف الجمهوري كما ذكرت مع ترامب، شَهِدَت فنزويلا أصعب أيامها إذا صحّ التعبير، الحِصار والعقوبات الاقتصادية وصلت إلى ذروتها مع إدارة ترامب، ومع إدارة بايدن لا يمكن أن نقول إن الأمور تحسَّنت بل خفَّت سوءًا، لأنّ فقط موضوع النفط تحسَّن حيث سمحت إدارة بايدن ببيع النفط الفنزويلي عبر إصدار رُخَص خاصة لبيع هذا النفط في الولايات المتحدة، فنزويلا هي خامس أكبر مُصدِّر للنفط الذي تستورده الولايات المتحدة، وبالتالي الشركات الأميركية لا تزال تعمل هنا، لكن ليس بالواقع الذي يجب أن تعمل به. هي فقط استفادة مباشرة تزامَنت مع عددٍ من جلسات الحوار بين كاراكاس وواشنطن التي تمَّت في ميلانو الإيطالية والدوحة القطرية، وصدر عنها عدد من الاتفاقيات، لكن في اللحظة الأخيرة كما قال الرئيس نيكولاس مادورو، أنّ واشنطن انسحبت من هذه الاتفاقيات بشكلٍ كاملٍ، بعد أن كان مُقرّرًا بحسب الجلسات أن تُدشَّن القنصليات من جديد، ويُعاد فتح السفارة، لأنّ العلاقة كما تعلمين مايا مقطوعة دبلوماسيًا بين واشنطن وكاراكاس. لا يوجد أيّ تمثيل دبلوماسي، وكما ذكرت الولايات المتحدة وعلى رأسها إدارة الديمقراطيين، لم تعترف بنيكولاس مادورو رئيسًا للجمهورية، وقادت حملة كبيرة جدًا عبر أدواتها إنْ صحّ التعبير في العالم اللاتيني، كي لا تعترف بنيكولاس مادورو.
ترامب ربما يكون الطرف الأصعب بالنسبة إلى فنزويلا لأنّ ترامب كان قد انتقد هذه الرُخص، رُخص بيع النفط، قال لماذا يجب علينا أن ندعم فنزويلا ونسمح لها ببيع النفط. على عكس ذلك، نيكولاس مادورو قال إنه يرغب بشدّة في أن يلتقي بترامب، لأنه كان يعتقد أنه لو التقى به شخصيًا، كان يمكن ربما للأمور أن تتغيّر قليلاً، لكنه قال إنّ مُساعدي ترامب منعوا هذا اللقاء، وعملوا كل ما باستطاعتهم لكي يمنعوا هذا اللقاء.
نقطة أيضًا مهمّة يجب أن نذكرها، أن اليد اليُمنى ربما لترامب، أحد أقوى الرجال الآن في أميركا والعالم، إيلون ماسك صاحب إكس وتويتر سابقًا، شنَّ حملة قوية جدًا ضدّ مادورو ولا تزال مستمرّة حتى الآن. هنا في كاراكاس مايا لا وجود لإكس، المنصّة ممنوعة منذ الانتخابات الرئاسية، وإيلون ماسك كان قد دعم بقوّة المعارضة اليمينية المتطرفة ماريا كورينا ماتشادو ضدّ مادورو، وبالتالي كما ذكرنا، نعود إلى البداية، الخياران مُرَّان بالنسبة إلى كاراكاس إلا إذا حصل تغيير، لا نعلم ماذا سيكون، فقط عامِل الوقت هو الذي سيُحدِّد كيف ستكون علاقة واشنطن بكاراكاس. فنزويلا تؤكّد أنها ماضية في طريقها في تحالفات جديدة، وقال أمس نيكولاس مادورو إنه سيُعطي الأولوية والامتيازات في حقول الطاقة والنفط إلى دول البريكس.
مايا رزق: شكرًا جزيلاً لك علي حجازي مراسل الميادين في فنزويلا، كنت معنا من كاراكاس. وبما أنك أتيت على ذِكر إيلون ماسك، أذهب بهذا الإسم إليك بهية حلاوي.
كنّا نتابع قبل قليل هذه المشاهد من ولاية فلوريدا بالتحديد. في هذه الولاية بالتحديد يجلس الآن دونالد ترامب لمُتابعة نتائج الانتخابات، إلى جانبه تمامًا يجلس الملياردير إيلون ماسك.
في الشكل، هو يجلس إلى جانبه، وأيضًا دعمه بمليارات الدولارات، وجنَّد بطبيعة الحال منصّاته الإلكترونية دعمًا لدونالد ترامب.
هذه المشهديّة ماذا تقول؟
بهية حلاوي: ماسك سخَّر الشهرة، وأيضًا سخَّر موضوع الثروة الطائلة التي لديه لخدمة ترامب ولتسهيل الطريق وتعبيدها أمامه للوصول إلى البيت الأبيض مرة جديدة مايا. هنا نتحدّث عن زواج خطير وشراكة خطيرة جدًا بين القوّة الاقتصادية والقوّة السياسية، وبطبيعة الحال بعد شراء إيلون ماسك لمنصّة إكس، أضيفت إلى هاتين القوّتين القوّة الإعلامية وقوّة التأثير على الناخِب الأميركي والمُتابعين، وحتى صناعة الرأي، لأنّ هذه المنصّات يمكن تحديثها على وجه السرعة، من دون أيّ تحكّم، وليست كوسائل الأخبار التقليدية التي لديها آليات ونُظُم مختلفة وأكثر تعقيدًا.
كان في السابق، هذه إشارة لافتة جدًا مايا لنفهم نوايا إيلون ماسك من خَلْف هذه العملية التشارُكية، كان في السابق إيلون ماسك يؤيّد ترشيح عدد من المُرشّحين الديمقراطيين، لا ننسى أن علاقته كانت جيّدة جدًا بباراك أوباما وكذلك الأمر بهيلاري كلينتون، ولكن موضوع باراك أوباما مهم جدًا، لأن باراك أوباما كانت لديه أيضًا اهتمامات لافِتة جدًا بموضوع التكنولوجيا، ربما كان عرّاب الـBig Data، وهو أدخل كل هذه الاختبارات الجديدة بموضوع الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الكبيرة إلى البيت الأبيض. بالتالي آنذاك كان إيلون ماسك ربما يطمح إلى توطيد العلاقة وتعبيد وتسهيل عملية التشارُك مع القطاع العام، وتسهيل عملية تلزيم الشركات الخاصة التي لديه للقطاع العام، وبرعاية البيت الأبيض.
اليوم برأيي هو كلّ ما يحاول القيام به، دائمًا مدفوع بدايةً بموضوع المال، ومحاولة توسيع النفوذ. إيلون ماسك يطمح الآن مايا، لتسهيل عملية استكشاف الفضاء من خلال شركة سبيس إكس التي بحوزته، حتى يتمكّن من تنفيذ هذا الأمر هو بحاجةٍ إلى تحرير الحكومة من الضوابط والقيود المُتشدِّدة على هذا القطاع، واعتبار أنّه المعنيّ الأول أو أكثر الأشخاص حظّاً، هو والشركات التابعة له بطبيعة الحال، ليتمّ تلزيمهم بهذا المسار الطويل.
طبعًا نضيف إلى هذا الموضوع، الموضوع الاقتصادي والأرباح المالية، نضيف إلى هذا الموضوع موضوع الضوابِط على المنصّات وحرية التعبير. هو لطالما أراد أن تكون هذه المنصّات مُتحرِّرة أيضًا من القيود والضوابط التي تسير عليها. هو لديه مواقف أيضًا أقلّ ربما تقدّمية من عددٍ من الشخصيات التي انخرطت بالمشهديّة السياسية، خاصة لجهة موضوع المثليين، لأنّ الموضوع يمسّه بطريقةٍ شخصيةٍ، حيث إنّ واحدة من أبنائه أعربت عن ميولها المثلية، وعزت الموضوع لغياب والدها عنها بفترة النمو، والفترة التي كانت تحتاجه فيها.
هذا يُحيلنا أيضًا بالمقابل للحديث عن التكتيك المقابل الذي انتهجته كامالا هاريس. هي ذهبت باتجاه توظيف والاستفادة من باقة واسعة جدًا من المؤثّرين، ربما على رأس هؤلاء تايلور سويفت التي في يوم واحد، عندما قامت بتزكية كامالا هاريس، حوالى 400 ألف دخلوا وسجّلوا أسماءهم للمُشاركة بعملية التصويت. أوباما بطبيعة الحال هو كان أيضًا من العوامِل المُساعِدة، خاصة عند محاولة التحدُّث والتأثير في فئة الرجال السود، على وجه الخصوص، ومجموعة أيضًا كبيرة جدًا من الفنّانات والمُّغنيات.
مايا رزق: جنيفر لوبيز، أليشيا كيز التي ذهبت ودقّت الأبواب وطرقت على أبواب الناخبين وحثّتهم على التصويت لكامالا هاريس. سنرى إذا ما كانت هذه الحملات فعلاً.
بهية حلاوي: وأوبرا وينفري بطبيعة الحال لأنها من الشخصيات المؤثرة أيضًا عند فئة واسعة جدًا من المُتابعين. بعد ساعات ربما نجد الإجابات عن فعاليّة كل من الحملتين، وأيّ مستقبل سنستشرف عن طبيعة العلاقة بين إيلون ماسك ودونالد ترامب، وبين كامالا هاريس وهذا الدعم الكبير جدًا بين المؤثّرين التقليديين الذين يشكّلون المنظومة الأساسية، المنظومة الحاكِمة، أو الوجه الناعِم لهذه المنظومة في الولايات المتحدة.
مايا رزق: تفضّلي بالبقاء معنا بهية. بطبيعة الحال سوف نقرأ ونُحلّل المزيد من النتائج في هذه الانتخابات الرئاسية الأميركية. كما ذكرنا سابقًا مشاهدينا الكرام، لن يكون من المُفاجئ أن يفوز دونالد ترامب بأصوات الرجال البيض في الولايات المتحدة الأميركية. بحسب مركز إديسون، ترامب حصل حتى اللحظة على 58% من أصوات الرجال البيض، مقابل حصول هاريس على 39% فقط من أصوات هؤلاء.
نذهب إلى مراسل الميادين محمد كريم الذي ينضمّ إلينا مباشرة من العاصمة الأميركية واشنطن، حيث كما تابعنا قبل قليل هناك مظاهر احتفالية في عددٍ من الساحات، بعد فوز كامالا هاريس مُرشَّحة الحزب الديمقراطي في مُقاطعة كولومبيا.
إذاً تفضّل محمد، وهلاّ نقلت لنا المشهد ليس فقط في واشنطن، بل المشهد الانتخابي في هذه الأثناء؟
محمد كريم: بالتأكيد، كامالا هاريس، ربما الحملة الآن التي تجري في جامعة هاورد في العاصمة واشنطن، حيث تقيم هنالك مهرجانًا لربما يتابع من خلاله أنصار المُرشَّحة الديمقراطية نتائج الانتخابات، أيضًا من المتوقّع أن تُدلي بكلمةٍ بحسب مُقرَّبين من حملتها، لتُخاطِب من خلالها مُناصريها في العاصمة الأميركية واشنطن التي حَظِيَت بالفوز فيها، وأيضًا بولاية ميريلاند المجاورة هي الأخرى أيضًا التي حقَّقت فيها فوزًا. ولكن السائد في حملة هاريس هو القلق والحذر، لماذا؟ لأنّ الأرقام التي تمّ إعلانها حتى الآن في المقاطعات في مختلف الولايات الحاسِمة هي مُنْخَفِضة نسبيًا، مُقارنةً بالأرقام التي حصل عليها الرئيس الحالي جو بايدن، والذي كان مُرشَّحًا عن الحزب الديمقراطي في الانتخابات الماضية عام 2020.
في المقابل، هنالك لربما تفاؤل وارتياح إنْ جاز القول على الجهة الأخرى، لدى حملة مُنافسها دونالد ترامب الذي يُقيم أيضًا مهرجانًا شبه احتفالي في مقر إقامته في ولاية فلوريدا. طبعًا من أين يأتي هذا التفاؤل والارتياح؟ بحُكم الأرقام المُرتِفعة والنِسَب التي كما ذكرتها مايا قبل قليل، خصوصًا لجهة مشاركة الذكور الذين صوّتوا لترامب، ليس فقط من الأميركيين البيض، بل حتى من الأميركيين من أصولٍ لاتينية، وهذه مسألة ربما تكون لافِتة، بالرغم من أن ترامب لطالما هاجم المُهاجرين الذين بطبيعة الحال أغلبهم من أصولٍ لاتينية والذين يأتون عبر الحدود الجنوبية، بل ذهب إلى أكثر من ذلك عندما هدَّد رئيسة المكسيك الحالية وقال بأنه سيفرض ربما رسومًا جمركية بنسبة 25% إذا ما استمرّ تدفّق المُهاجرين عبر حدود المكسيك.
اللافِت أيضًا في ما يتعلّق بالتفاؤل لدى حملة ترامب، هو أنّ ولاية فيرجينيا المجاورة للعاصمة واشنطن، هذه الولاية لطالما صوَّتت للحزب الديمقراطي، الآن وبعد احتساب 60% من الأصوات ربما، دونالد ترامب يتقدّم على هاريس ولو بنسبةٍ ضئيلةٍ، بصَرْف النظر إنْ كان سيحصل على هذه الولاية أم لا ولكن الأرقام المُرتَفِعة لهذه الولاية، تعطي مؤشّرًا لترامب بأنه يُحقِّق لربما الهدف الذي كان يصبو إليه.
بالمُجْمَل وبُعجالة، الحديث الآن عن نورث كارولاينا وكذلك عن جورجيا، إذا ما خسرتها هاريس عليها أن تفوز بولايات ويسكونسن وفيرجينيا وبنسلفانيا، وإلا إذا خسرت إحدى هذه الولايات الثلاث فإنها ستكون بالفعل بعيدة كل البُعد من الوصول إلى هنا، إلى واشنطن كرئيسةٍ للولايات المتحدة.
مايا رزق: شكرًا لك مراسل الميادين محمد كريم، كنت معنا من واشنطن.
اسمحوا لي مشاهدينا الكرام بأن أرحِّب بالسيّد مهدي عفيفي، مُحلّل سياسي وعضو في الحزب الديمقراطي الأميركي، هو معنا من نيويورك.
بالنسبة لفرجيينا، كما ذكر زميلنا محمد كريم قبل قليل، يبدو أننا أمام تنافُس حادّ في هذه الولاية. على ما يبدو، وبحسب ذا هيل، تقول إن هاريس تتقدَّم، ولكن الفارِق هو ضئيل، وأرقامها حتى اللحظة هي أقلّ من الأرقام التي حصل عليها جو بايدن في انتخابات 2020.
أريد أن أقرأ معكم هذه الأرقام التي تحصل عليها كامالا هاريس حتى اللحظة. من الواضح أن هناك تراجعًا مُقارنة بالأرقام التي حصدها جو بايدن وبالتالي أوصلته إلى البيت الأبيض، وأيضًا نضيف إلى ذلك ما قاله جو بايدن قبل قليل، هو في البيت الأبيض يراقب الانتخابات، يُحيط به عدد من مُستشاريه وعدد من القادة في البيت الأبيض، وقال بأنني لو خضت هذه الانتخابات، لفزت فيها على دونالد ترامب.
كيف يتابع الحزب الديمقراطي هذه الأرقام؟ هل هناك ربما نوع من ندم في هذه اللحظات على استبدال بايدن مثلاً بهاريس؟
مهدي عفيفي: تحية لك وللمشاهدين الأعزّاء.
في الحقيقة ما نراه في هذه الانتخابات هو انعكاس للحال الطبيعية داخل الولايات المتحدة الأميركية من انقسام شديد ومن متابعتنا لهذه الأرقام بالتوالي، نجد أن هناك فارِقًا طبقيًا في هذه الأرقام، فمثلاً كثير ممَّن نُسمِّيهم أصحاب الياقات الزرقاء أو طبقة العمال والفلاحين، ذهبوا إلى ترامب، مع أنّ مثلاً نسبة تصويت هؤلاء دائمًا تكون مُنْخَفِضة، ولكن ما رأيناه الآن هو ارتفاع هذه النسبة بشكلٍ كبير لصالح دونالد ترامب. في نفس الوقت هناك جزء كبير جدًا من أهمّ المُصوِّتين ألا وهم الشباب الذين رأوا أنّ هناك ردَّة فعل لما تقوم به الإدارة الحالية تجاه غزَّة، والاحتلال الإسرائيلي، فممّا نرى، أن هناك جزءًا من المُعاقبة للديمقراطيين، حتى ولو أتي بالجمهوريين. هذه الصورة لم تكن موجودة في عهد بايدن. بدأ بايدن إدارته بعدما انتصر على دونالد ترامب الذي كان لديه كثير من المُشكلات في التعاطي مع الأقلّيات والنساء والقوانين التي أُصْدِرَت وارتفاع نسبة التضخّم بشكل كبير وارتفاع الاقتراض ست مرات داخل الولايات المتحدة الأميركية. ما نراه الآن هو تخوّف من كل الأطراف، من كلا الحزبين، لما يمكن أن يحدث في الولايات المتحدة الأميركية، ومع انخفاض نسبة البطالة بشكلٍ كبيرٍ، وأيضًا انخفاض التضخّم بشكلٍ كبير، ولكن طبقة العمال والفلاحين ما زالت تعتقد أنها في تخوُّف مما يمكن أن يحدث. لذلك ما نراه الآن هو ردّ فعل طبيعي. ما قاله الرئيس بايدن قد يكون رأيًا شخصيًا، هو في الحقيقة لا يساعد الحزب الديمقراطي، بل على العكس يوحي بأن هناك خطأ داخل المنظومة الديمقراطية، ولكن أعتقد أنه من المُبْكِر جدًا أن نحكم، ولكن كلا الطرفين في ترقُّب، خاصة الديمقراطيين، هناك حال من الذُعر داخل أقطاب الحزب الديمقراطي الآن.
مايا رزق: إسمح لي سيّد عفيفي بأن أشير إلى هذا العاجِل نقلاً عن مركز إديسون، بعد فرز أكثر من 70% من الأصوات في كارولاينا الشمالية، تقدَّم ترامب بـ52.3% مقابل 46.5% لهاريس. نحن نتحدَّث عن نورث كارولاينا، عدد الأصوات في المجمع الانتخابي هو 16 صوتًا.
تحدّثنا أكثر عن هذه الولاية بطبيعة الحال، التي ربما اتّشحت باللون الأحمر منذ عام 2012. هل يفعلها دونالد ترامب ويفوز بها، وبالتالي يجعل البيت الأبيض أبعد عن كامالا هاريس، إذ إننا نتحدّث عن ولاية مُتأرجِحة؟
مهدي عفيفي: بالطبع الولايات المُتأرجِحة تلعب دورًا أساسيًا في هذه الانتخابات، وما نراه هو نوع من ردَّة الفعل في هذه الولايات. هناك بعض الولايات إنْ لم تفز بها هاريس لن تفوز بهذه الانتخابات. كما نعلم هناك 7 ولايات مُتأرجِحة. الولايات الأخرى الـ43، هناك ما هو محسوب على الديمقراطيين وما هو محسوب على الجمهوريين، ومن المتوقَّع أن يتمّ التصويت بناء على هذا، لكن الولايات المُتأرجِحة الآن في شكل مختلف قلبًا وقالبًا. بعض منها فاز بها بايدن من ذي قبل مثل ولاية ميشيغان مثلاً. هذه الولايات قد تصدر مُفاجأة في هذه الليلة، لذلك هناك ترقُّب شديد من الحزب الديمقراطي بالذات على ما يحدث في الولايات المُتأرجِحة، وهناك كما نرى بعض الأريحيّة لدى الجمهوريين في هذه الولاية.
مايا رزق: إسمح لي سيّد عفيفي بأن أنقل لكم وللسادة المشاهدين ما تنقله أو تُحلّله فايننشال تايمز، وهي تقول، مع احتفاظ ترامب بتقدّمه في ولايتي كارولاينا الشمالية وجورجيا، نتحدَّث عن ولايتين مُتأرْجِحتين، يبدو من المُرجَّح بشكلٍ مُتزايد أن ينحصر السباق في ولايات الجدار الأزرق الثلاث، نتحدث عن بنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن. هذا يشبه مشاهدينا إلى حدٍّ بعيد ما حصل عام 2016، هذا الجدار ساهم بفوز دونالد ترامب على هيلاري كلينتون وقتذاك، مُرشّحة الحزب الديمقراطي بطبيعة الحال.
انضمّ إلينا الآن مسلم شعيتو مدير مكتب الميادين في موسكو. أهلاً ومرحبًا بك مسلم.
كيف تتابع روسيا هذه الانتخابات؟ هل هناك تفضيل لأيٍّ من المُرشّحَين، عِلمًا بأنهما بطبيعة الحال تطرّقا إلى الملف الروسي في حملاتهما الانتخابية؟ قال دونالد ترامب بأنه سيُنهي الحروب في المنطقة وتحديدًا تلك الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، كذلك الأمر كانت هناك تصريحات بالنسبة لكامالا هاريس. كيف ينظرون في روسيا إلى ما يجري في الولايات المتحدة الأميركية الآن؟
مسلم شعيتو: صباح الخير لك ولضيفك.
نعم، الانتخابات في الولايات المتحدة تعني روسيا بشكلٍ مباشر لما ترتبط روسيا في هذا الوقت تحديدًا بالصِراع في أوكرانيا، وهو صِراع مع الناتو، وهذا ما تشهده كل الأحداث التي تجري في تلك المنطقة، بالإضافة لما يحدث في كثير من الجبهات، إنْ كان في الشرق الأوسط، أو إنْ كان في منطقة تايوان، كوريا الشمالية، الجنوبية، كل ذلك مُرتبط مباشرة بالسياسة الأميركية.
هذه السياسة الأميركية بالنسبة لروسيا لن تتغيّر جوهريًا بانتقال السلطة من الديمقراطي إلى الجمهوري أو العكس تمامًا. هذه الانتخابات لها بُعد داخلي أميركي، كما قالت زاخاروفا منذ وقت ليس طويلاً، أنهم يجب أن يحلّوا مشاكلهم الداخلية على أساس النتائج التي ستصدر في الولايات المتحدة الأميركية.
إذاً روسيا ترى أنها ستنعكس سلبًا على الداخل الأميركي بغضّ النظر عن النتائج التي ستحصل عليها، وبالتالي حُكمًا ستنعكس سلبًا على الكثير من الأمور الدولية التي تعني روسيا وتعني الصِراعات التي تحصل في المناطق، إنْ كان في الشرق الأوسط أو في أوكرانيا، ونحن نلاحظ، أنه إذا كان ترامب يسعى لتخفيف الصِراع في أوكرانيا ليس محبَّة بروسيا، وإنما للتفرُّغ لسياسته التي يدعم بها إسرائيل، وبالتالي حُكمًا هذه السياسة في الشرق الأوسط إذا ما استمرّ بها، أيضًا ستنعكس سلبًا.
مايا رزق: ولكن خصوم ترامب مسلم، في الولايات المتحدة الأميركية، يقولون بأن فوز ترامب في الولايات المتحدة الأميركية، هذا يعني فوزًا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
مسلم شعيتو: العامِل الروسي في الانتخابات الأميركية هو عامِل مهمّ جدًا من أجل التحريض ومن أجل استقطاب المُرشّحين والصراع في ما بينهم، ولكن روسيا لا تستطيع أن تلعب دورًا كما يدّعون في الانتخابات الأميركية. بالعكس تمامًا، زاخاروفا اليوم قالت إنه في كاليفورنيا هناك لا يُسأل الشخص عن الأوراق الثبوتية لكي ينتخب، لأن القانون أقرّ، مَن يصدّقونه عندما يقول هو لأيّ جنس يتبع، رجل أم امرأة، لا يجب أن يسألوه عند الانتخابات. وبالتالي هذه الانتخابات هي بطبيعتها يمكن الشكّ بها انطلاقًا من القوانين الأميركية، وليس انطلاقًا مما تقوم به روسيا أو الحملات التي يدّعون أنّ روسيا تمارسها.
روسيا حاليًا قد تعنيها انتخابات جورجيا القريبة من الحدود الروسية أكثر ممّا يعنيها ما يجري في الولايات المتحدة الأميركية مباشرة. بالمُحصّلة نحن نعتبر أن مَن يصل إلى السلطة في الولايات المتحدة سيُمارس نفس السياسة لكن بأولويات] مختلفة. إنْ كان ترامب، تعنيه السياسة في الشرق الأوسط والصين، وهاريس تعنيها أولوية أوكرانيا ومن ثم الشرق الأوسط. هذا تبادُل أدوار. حتى الآن، روسيا بدأت تعي تمامًا وتتصرَّف على هذا الأساس، أن المعركة واحدة لكن جبهاتها مختلفة، إنْ كان في الشرق الأوسط أو في منطقة تايوان أو حتى في أوكرانيا التي مباشرة تقود روسيا فيها الحرب مع الولايات المتحدة.
مايا رزق: شكرًا جزيلاً لك مسلم شعيتو مدير مكتب الميادين في موسكو، كنت معنا من العاصمة الروسية، على هذه المُداخلة وعلى هذه القراءة في ما يخصّ النظرة الروسية والنظرة الأميركية لهذه الانتخابات الرئاسية، وأيضًا للعلاقات بين البلدين.
مشاهدينا الكرام، حتى اللحظة وبحسب فوكس نيوز، يمكن أن نقول بأنّه تمّ فرز الأصوات في أكثر من نصف الولايات الأميركية. 33 ولاية تمّ فرز الأصوات فيها، وهي باتت محسومة إما للمعسكر الجمهوري أو للمعسكر الديمقراطي. حتى اللحظة ترامب فاز بـ21 ولاية، وبالتالي فاز بالمقاعد في المجمع الانتخابي، أو بأصوات المجمع الانتخابي الموجودة في هذه الولايات، مقابل 12 ولاية حتى اللحظة تضاء باللون الأزرق، في إشارة إلى فوز هاريس فيها.
إذًا حتى هذه اللحظة، هاريس ووالز جمعا حتى هذه اللحظة، 117 صوتًا من المجمع الانتخابي، مقابل 205 أصوات للثنائي ترامب وفانس.
أذهب إليك بهية مجدّدًا، وربما تضعيننا في صورة ما يحصل الآن على منصّات التواصُل الاجتماعي. لا شكّ بأنها تعجّ بالأنباء والتحليلات والأخبار وإلى ما هنالك. تفضّلي.
بهية حلاوي: تمامًا. هذه قواعد العرض أمامنا مايا. التفاعُلات على وَسْم وعبارات مرتبطة بالانتخابات الأميركية عام 2024 تخطّت عشرات الملايين من التغريدات والمنشورات. واضح أنه بدأت الأسئلة التي يطرحها المُتابعون تذهب باتجاه أسئلة مُحدَّدة حول بعض الولايات التي كان من المتوقَّع أن تحسم الانتخابات، وبالفعل النتائج توضِح لنا أنّها هي التي ستُحدِّد بنهاية المطاف ما الذي سيحصل أو مَن سيدخل إلى البيت الأبيض في هذه الجولة. لو أردنا أن نستعرض أيضًا بالتوازي بعض المواقع الإخبارية التي تعرض بصورةٍ حيّة نتائج الفرز حتى هذه الساعة، بالنسبة لنيويورك تايمز، ربما نرصد أعلى نسبة من إعطاء فرضيّة فوز ترامب وتجاوزت الـ80%، هنا كفّة الفوز تميل أكثر من أيّ وقتٍ مضى لصالح دونالد ترامب، وكما ذكرنا تخطّت 80%، واضح من الخريطة التفاعلية انها بدأت تتشح باللون الأحمر بشكل أكبر نسبيًا، ولكن ما زالت العيون شاخِصة على الولايات المُتأرجِحة بنفس الشكل.
أيضًا لو ذهبنا إلى موقع الغارديان، وبنفس الصورة، حاولنا تتبُّع التفاعُلات وتتبُّع النتائج الأولية التي تظهر هنا أمامنا على الشاشة، سنجد كذلك الأمر العيون شاخِصة على جورجيا، ميشيغان، ويسكونسن وبنسلفانيا بشكلٍ أساسي. ونفس الأمر بالنسبة لسي أن أن التي تقول إن بعض المخاوِف بدأت تظهر عند القيِّمين على حملة هاريس، بطبيعة الحال، بقراءة بعض المؤشّرات، ربما ذكرت البعض منها مايا، في العواجِل التي وردت، بالدرجة الأولى يمكن أن نقف عند موضوع فلوريدا على وجه الخصوص التي اتّجهت نحو اليمين بشكلٍ أكبر، دائمًا في هذه الأجواء أو في هذه اللحظات نتحدَّث عن حال استقطاب واسعة جدًا في البلاد، حال انقسام أفقية وأيضًا عمودية عندما تتّجه هذه الولاية نحو اليمين أكثر، هذا يدعو لدراسة الانخفاض الكبير بعدد أصوات الديمقراطيين في هذه الولاية. أيضًا تظهر استطلاعات الرأي تقدُّم ترامب بين الرجال السود واللاتينيين تحديدًا، مع العلم أن هاريس ما زالت تتفوَّق بالمُجْمَل من الأرقام، ولكن النِسَب التي حصلت عليها أقلّ مما حصل عليه بايدن في الانتخابات السابقة، هذا أيضًا أمر لافِت، ولو أردنا أن نقف عند هذه الجزئيّة تحديدًا، سنجد أن موضوع الاقتصاد ربما هو أساسي لهذه الفئة من الناخبين، مُقارنة بالانتخابات السابقة، عندما استطاع جو بايدن أن يفوز بنِسَبٍ أعلى من التي تفوز بها اليوم هاريس، ربما دونالد ترامب هو كان بنفسه دفع هؤلاء للابتعاد عنه بسبب بعض التصريحات العُنصرية وما شابه، ولكن بعدما جرَّبوا إدارة بايدن الأولى ولمسوا وعودًا لم يتمّ الالتزام بها في بعض الولايات المُتأرجِحة، يبدو أن هذه الشرائح من الناخبين والتي يهمّها الوضع الاقتصادي والمعيشي بشكلٍ عام وفُرَص العمل والبطالة وكل ما شابه، ذهبت باتجاه دونالد ترامب إيمانًا منها بأنه يركِّز على الجانب الاقتصادي أكثر من كامالا هاريس التي لطالما وصِفَت أنه ليس لديها خطة عمل مُقْنِعة للناخِب الأميركي على موضوع الاقتصاد بشكل أو بآخر.
ربما أيضًا ما يحصل في فلوريدا هو مؤشّر على توجّهات الناخِب من أصول لاتينية، وهذا سنستدلّ عليه بعد قراءة النتائج الكاملة لتعطينا الصورة الأدقّ، وبحسب التجزئة الديموغرافية بكل ولاية.
مايا رزق: لمُنتظري المُفاجآت الانتخابية مشاهدينا الكرام، يبدو وبحسب هذا العاجِل عبر شاشة الميادين، بأنها بدأت تظهر تباعًا، وتحديدًا من هذه الولاية، ولاية جورجيا، حيث بعد فرز 85.5% من الأصوات فيها، هناك تقدُّم لترامب على هاريس بـ51% مقابل 47%.
أذهب إليكم أستاذ عفيفي لقراءة هذه الأرقام. بايدن كان قد فاز في جورجيا على ترامب بفارق ضئيل جدًا. نتحدّث عن 13 ألف صوت فقط مكَّنت بايدن من الفوز بهذه الولاية.
بمَ تشي هذه الأرقام الآن نقلاً عن مركز إديسون؟
مهدي عفيفي: في الحقيقة هناك نقطتان مهمّتان جدًا في هذه الانتخابات، ولا يتحدَّث عنها كثيرون. منذ سنوات كثيرة كان لدينا دائمًا هذا التساؤل، هل المجتمع الأميركي جاهز لانتخاب امرأة؟ وما نراه من نتائج اليوم أن الفارِق بين بايدن الرجل الأبيض في الحزب الديمقراطي وكامالا هاريس المرأة من أصولٍ غير بيضاء، واضح وجليّ في ردود فعل حتى الديمقراطيين، فلذلك هذه النقطة هامّة جدًا لا يُنْظَر إليها، لكنها من أصل الأميركيين. الأميركيون أكثر تحفّظًا من الأوروبيين، ولذلك فإنّ اختيار امرأة سيكون بشكلٍ كبير، خاصة مع الفئات المتوسّطة والمُنْخَفِضة في الشعب الأميركي، ترى أن الولايات المتحدة ليست جاهِزة لانتخاب امرأة.
نقطة ثانية هامة جدًا، وقد رَصَدْتها بنفسي ليلة انتخاب ترامب مع كلينتون. في هذه الليلة أشارت جميع الاستطلاعات إلى فوز كلينتون، حتى إنه في وقتٍ مُتأخّر من الليل كانت لدينا مناقشة على الهواء، وتقدّم صديقي الجمهوري وقال ألف مبروك على الفوز، لذلك دائمًا ما نحتاط من هذه النتائج. ولكن الفارِق الذي نراه هذه المرة هو أنّ الفارِق بين بايدن وبين أداء هاريس بات واضحًا وجليًا، أنه ما زالت الولايات المتحدة في نظرها إلى إمكانية انتخاب امرأة لتقود هذه الدولة القوية، لا يرى الكثيرون خاصة من هذه الطبقات، أنّ باستطاعة هاريس أن تقود هذه الدولة، ولذلك أعتقد ومع كل هذا، ما زلنا أمام ليلة طويلة وأيام قادمة طويلة، لا أعتقد أن هذه الانتخابات ستُحْسَم هذه الليلة.
مايا رزق: بما أنك تتحدَّث عن الأيام الطويلة ربما لفرز وحسم النتائج، نتائج الانتخابات، نشير إلى هذا العاجِل في ما يخصّ ولاية أريزونا بالتحديد، التي تأخّرت فيها النتائج لأيامٍ في انتخابات 2020، بحسب مركز إديسون، بعد فرز 50.9% من الأصوات في ولاية أريزونا المُتأرجِحة، هناك تقارُب كبير بين ترامب وهاريس بـ49.5% لهاريس، ومن هنا نشير إلى أن هذه الولاية مشاهدينا الكرام تاريخيًا هي جمهورية، ما عدا مرّتين، انتخابات عام 1996 وعام 2020، خسرها ترامب في عام 2020 بفارِقٍ ضئيل جدًا في مواجهة جو بايدن، ولكنه فاز على هيلاري كلينتون في هذه الولاية في انتخابات 2016، دائمًا نتحدّث عن أريزونا.
أذهب إليك مجدّداً بهية لنتحدَّث عن أريزونا وغيرها من الولايات المُتأرجِحة، عن ربما المُحدَّدات الموجودة في هذه الولايات، عن عناوين اهتمام الناخبين فيها. عندما نقول أريزونا، ما الذي يهمّ الناخبين هناك؟
بهية حلاوي: ربما في هذه الجولة المُحدّد سيكون موضوع الهجرة. دائمًا مايا لنوضح أن مجموعة المُحدّدات العامة هي تهمّ جميع الناخبين الأميركيين، ولكن عندما نتحدَّث عن خصوصية كل ولاية من الولايات المُتأرجِحة، ربما هي التي ستُشكّل النقطة الفارِقة أو التي تعطي النتيجة النهائية. في أريزونا كما ذكرت، والتصويت للجمهوريين ولكن قلبها جو بايدن كما ذكرت مايا، هذه المرة تظهر استطلاعات الرأي أن ترامب يتقدَّم بهذه الولاية ولو بفارِقٍ ضئيل. نُذكِّر أن أريزونا ولاية حدودية، أظهرت العديد من استطلاعات الرأي أنّ ما يهمّ الناخِب هناك الهجرة والسيطرة على الحدود، أي الأمن على الحدود، وتعتبر هذه من القضايا الأساسية لعددٍ كبيرٍ من السكان. بالنسبة لهاريس، هي وعدت بتأمين الحماية بطريقةٍ مُتقدّمة أكثر وتوظيف المزيد من التكنولوجيا، تكنولوجيا الرقابة على المنطقة الحدودية، وتساهُل أكثر أو إعادة النظر بموضوع التأشيرات التي يحصل عليها مَن سبق ودخل.
بالنسبة لدونالد ترامب، نعرف موقفه المُتشدِّد بهذه الجزئية، هو يريد ترحيل ملايين المُهاجرين.
مايا رزق: تحرير البلاد، هكذا يقول.
بهية حلاوي: تمامًا، ووقف ما يُسمّيه غزو المُهاجرين، خاصة على الحدود مع المكسيك.
بالنسبة لجورجيا، ربما تكون من العوامل المؤثّرة في هذه الجولة، تكلفة المعيشة، ونحن نتحدّث عن ارتفاع بأسعار المعيشة، هي أيضًا مَعْقِل تقليدي للجمهوريين، أصبحت ديمقراطية مع جو بايدن، هذه المرة يمكن أن تحدّد هذه الجزئية، موضوع الاقتصاد وكلفة المعيشة، شكل التصويت النهائي في جورجيا. وعدت هاريس بخفض الضرائب في هذه الولاية، وفي المقابل تعهَّد ترامب بإنهاء التضخُّم، لينعكس الموضوع بنوعٍ من الرخاء، أو نسبيًا حال معيشية أو اقتصادية أفضل بالمُقارنة مع الأوضاع الحالية.
لو ذهبنا إلى ميشيغان، وهي طبعًا من الولايات المؤثّرة بشكل كبير، وليس فقط على مستوى النتيجة النهائية للانتخابات، ولكن أيضًا الحال المعنوية التي يعيشها عدد كبير من المُتابعين في الولايات المتحدة وخارج الولايات المتحدة، موضوع حرب إسرائيل على غزَّة ربما يكون من العوامِل الأساسية جدًا في تحديد الشكل النهائي للتصويت. تظهر أرقام الاستطلاع أن هاريس تتقدَّم بفارِقٍ ضئيل، ولكن ماذا فعل ترامب؟ هو يأمل أن يساعده أنصاره المسلمون كما سمَّاهم بقَلْبِ النتيجة، هو وعدهم بموضوع السلام إنْ كان في لبنان أو حتى في غزَّة، ولكن هنالك دائمًا مخاوِف من علاقة ترامب مع نتنياهو ومواقفه السابقة، أو في الولاية السابقة التي كان فيها رئيسًا للبلاد، مع إسرائيل ودولة الاحتلال بشكلٍ عام. طبعًا هاريس وعدت مِرارًا وتكرارًا أيضًا بإنهاء الحرب، ولكن لا ثقة عند عدد كبير من الناخبين بهذه الوعود، ويعتبرون أنّها لو كان بإمكانها أن توقِف هذه الحرب، لماذا لم توقِفها عندما كانت نائبة للرئيس في البيت الأبيض.
مايا رزق: ماذا عن بنسلفانيا بهية؟
بهية حلاوي: بنسلفانيا هي أيضًا من الولايات المهمّة بشكلٍ كبير. بالإضافة إلى المخاوف بشأن الانقسام السياسي، الهجرة، الاقتصاد، وموضوع الإحهاض المهم جدًا في بنسلفانيا، موضوع الطاقة والتكسير الهيدروليكي بشكلٍ أو بآخر في هذه الولاية يلعب دورًا عند عددٍ من الناخبين. هاريس طبعًا تعارِض هذا المسار، ولكن بالنسبة لترامب هو قال إنه سينسحب مرة أخرى من اتفاقية باريس عام 2015، طبعًا هذا من العوامِل المؤثّرة. ولو ذهبنا إلى ويسكونسن.
مايا رزق: قبل أن تحدِّثينا عن وسكونس، إسمحي لي بأن أنقل هذا العاجِل الذي يَرِد على الشاشة، مركز إديسون يقول، هناك تقدُّم لهاريس على ترامب في ولاية ويسكونسن الحاسِمة بنسبة 49.3% مقابل 49.1% بعد فرز أكثر من نصف الأصوات في هذه الولاية. نتحدَّث عن ويسكونسن، هذه الولاية الزرقاء منذ عام 1988 باستثناء فقط عام 2016.
بإيجاز تحدّثيننا قليلاً عن ويسكونسن قبل أن نعود ونُشْرِك معنا في النقاش السيّد مهدي عفيفي.
بهية حلاوي: ربما موضوع الرعاية الصحية سيكون من العوامِل المؤثّرة في هذه الولاية مايا خاصة من خلال محاولة استمالة الناخبين البيض من الطبقة العامِلة كما ذكرنا. هم كانوا غير راضين عن الأجور والارتفاع في تكاليف الرعاية الصحية. هاريس وعدت بتحسينات في هذا الإطار، ولكن ترامب يقول إنه سيستبدل النظام الصحّي بشكلٍ كاملٍ، أو قانون الرعاية المُيسرّة، لأنه كما يقول مُكْلِف وغير مفيد للناخبين.
نذهب مباشرة إلى نيفادا. موضوع البطالة أيضًا من العوامل الأساسية. نيفادا ربما تعاني من معدّل بطالة هو الأعلى، أو فقط يمكن أن نقول إن واشنطن العاصمة تتفوّق على نيفادا بموضوع البطالة. وعدت هاريس بمراجعة الوظائف الفدرالية ولمحت لموضوع الشهادات والتخصّصات وإعادة النظر باحتياجات كل وظيفة وما ترتبط به من اختصاصات. بالنسبة لترامب، وعد بمعالجة التضخّم، هذا بالنسبة لنيفادا.
مايا رزق: تبقى لدينا نورث كارولاينا. سنتحدّث عنها، ولكن يشاركنا في التحليل دائمًا الأستاذ مهدي عفيفي. ربما أطلنا عليك أستاذ مهدي.
كما تحدّثنا دائمًا بأن ليس فقط الأميركي هو المهتمّ بهذه الانتخابات. العالم كله ينتظر نتائج هذه الانتخابات بطبيعة الحال، خصوصًا وأننا في مرحلةٍ مفصليةٍ في أكثر من بقعةٍ جغرافية على هذا الكوكب.
يقول ستيفن كوك في فورين بوليسي، العرب في الخليج يرغبون في عودة نهج السياسات الذي اتبعه ترامب. لماذا هذه الميول برأيك؟
مهدي عفيفي: في الحقيقة أعتقد أنّ ما قام به ترامب مع الدول العربية، وأنه لا ينظر في قضايا أساسية ينظر إليها الديمقراطيون مثل حقوق الإنسان وحرية التعبير، يجعل تلك الدول في أريحيّة في التعامُل مع ترامب الذي هو يهتمّ فقط بما يمكن أن يجمعه من هذه الدول، وقال هذا قولاً صريحًا، وهذه ليست استنتاجات، فلذلك مثل الدول العربية مثلاً ترى أن عودة ترامب هي أفضل لسياسات هذه الدول. وهناك أيضًا دول أخرى لا بدّ من ذِكرها، مثلاً كوريا الجنوبية ترى أن عودة ترامب هي كارثة بسبب علاقته مع رئيس كوريا الشمالية. فحسب المنطقة في العالم هناك ردود فعل. إسرائيل، الداخل الإسرائيلي، اليمين المُتطرّف، مع عِلم إسرائيل بأن كلا الحزبين يدعم إسرائيل بشكلٍ غير مسبوق، ولكن الميول من اليمين المُتطرّف الإسرائيلي أكثر إلى ترامب، خاصة وأنه مدعوم من اليمين المسيحي داخل الولايات المتحدة الأميركية. لذلك كل منطقة في العالم لها خصوصيّة معيّنة في ما ستقوم به الولايات المتحدة الأميركية، وتعلم تأثير الولايات المتحدة في السياسة الدولية.
هناك نقطة مهمّة جدًا بالنسبة لروسيا، مع إنكار روسيا، وما نسمعه من روسيا، ولكن الواقع داخل الولايات المتحدة الأميركية يقول إن هناك تدخّلات روسية في الانتخابات، ليست مباشرة، ولكن من خلال التأثير في وسائل التواصُل الاجتماعي، ومن المعروف أن ترامب مثلاً قال إن بوتين صديقه وإنه يصدِّق بوتين أكثر مما يصدِّق المؤسّسات الأمنية داخل الولايات المتحدة الأميركية. يرى الكثيرون أن العلاقة الشخصية بين بوتين وترامب قد تؤثّر على التقليد الطبيعي بين الولايات المتحدة وروسيا.
مايا رزق: ولكن ألا تعتقد أن هناك مُبالغة في وصف هذه العلاقة الشخصية بين ترامب وبوتين؟ العبارة توحي بأنهما ربما يتهاتفان يوميًا أو بين الفينة والأخرى، وهذا الأمر ليس موجودًا، وربما يُسْتغَلّ مثل هكذا عنوان في الخصومات والمُنافسة السياسية الداخلية بين الحزبين.
مهدي عفيفي: قد يكون هناك بعض المُبالغة ولكن المؤسّسات الأمنية في الولايات المتحدة الأميركية لا تنحاز لديمقراطي أو جمهوري. مَن يعلم طبيعة هذه المؤسّسات فإن همّها الأساسي هو حماية الولايات المتحدة، وترى هذه المؤسّسات أن هناك بلدانًا كبيرة على رأسها روسيا وإيران والصين لها تدخّلات لمصالح مختلفة. على رأس هذه الدول هي روسيا التي تدخّلت ==مثلاً بهجوم سيبراني أكثر من مرة في الولايات المتحدة الأميركية أثناء الفترات الديمقراطية. هناك ما نسمعه دائمًا من ترامب شخصيًا، وهناك تخوّف من داخل الدائرة الضيّقة حول ترامب من طبيعة هذه العلاقة. بالطبع هناك أمور مثل ما فرضه ترامب على روسيا من عقوبات، ولكن بالمُقارنة بما فرضته الإدارات الديمقراطية على روسيا، هناك فارِق شاسِع، لذلك هناك تخوّف. هذا التخوّف لا يرتقي لأن يكون ترامب تابعًا لروسيا، ولكن العلاقة التقليدية بين روسيا وبين الولايات المتحدة الأميركية تتَّسم بصفاتٍ مختلفة، أثناء توليّ ترامب، وما يقوله ترامب حتى ولو كان هذا على سبيل القول، وما يقوله الديمقراطيون. لذلك هذه العلاقة بالذات لديها كثير من علامات الاستفهام داخل السياسي الأميركي وداخل المؤسّسات الأمنية الأميركية.
مايا رزق: نشير إلى هذا العاجِل. رويترز نقلاً عن موقع ديسيجن دسك للنتائج يتوقّع فوز ترامب بولاية جورجيا الحاسِمة. إذاً هذا أول توقُّع في ما يخصّ فوز ترامب بولاية جورجيا، هذه الولاية التي تعدّ من الولايات المُتأرجِحة، ربما تُحْسَم لترامب بحسب ديسيجن ديسك.
أعود إليك بهية. كنا سنتحدّث عن نورث كارولاينا، ولكن قبل ذلك أشير إلى هذا العاجِل أيضًا، مركز إديسون: تقدّم ترامب على هاريس في ولاية بنسلفانيا بـ50.8% مقابل 48.2% بعد فرز 60.3% من الأصوات. إذاً يبدو أنّ هناك تقدُّمًا في جورجيا وفي بنسلفانيا بالنسبة لترامب، بنسلفانيا التي تعدّ فعلاً هي المفتاح للبيت الأبيض، هكذا يصفها معسكر كامالا هاريس. إذاً حتى اللحظة يبدو بحسب الاستطلاعات والأرقام الأولية، على ما يبدو أنّ ترامب حتى اللحظة هو قادر على التقدّم في الولايات المُتأرجِحة. طبعًا ننتظر كل الأرقام الرسمية، وننتظر المزيد من فرز الأصوات.
أعود إليك بهية. كنا نتحدَّث بطبيعة الحال عن عناوين اهتمام الناخبين في هذه الولايات المُتأرجِحة. وصلنا إلى آخر ولاية، نورث كارولاينا.
بهية حلاوي: نعم، عندما تحدّثنا عن نورث كارولاينا، استوقفنا موضوع الإجهاض وهو موضوع أساسي وحسّاس، هذه الولاية الوحيدة من بين الولايات المُتأرجِحة مايا هذا العام التي فاز بها سابقًا دونالد ترامب. الإجهاض هو قضية رئيسية في هذه الولاية، بعد أن ألغت المحكمة العليا حُكم محكمة، هنا الديمقراطيون اليوم يأملون، تأمل هاريس أن تستفيد من مواقفها حول موضوع الإجهاض لتستميل فئة النساء بشكلٍ أساسي من كلا الحزبين. طبعًا حظوظ هاريس مع النساء من الأصول الأفريقية واللاتينية وما شابَه هي مُرتفعة أكثر، ولكن كانت هناك محاولات ضمن الحملات الإعلامية أن تتوجّه أيضًا للنساء البيض على اعتبار أن هذا الموضوع مُشترك ومن ضمن الاهتمامات المشتركة. مواقف هاريس هي مع حرية الخيار حول هذا الموضوع، ولكن ترامب نعرف أنه ضدّ قوانين الإجهاض. ربما مُقارنة بفترة ولايته السابقة، أصبح أكثر ليونة حيث أنه اكتشف أهمية هذا الموضوع عند النساء وعند الفئات الشبابية وقرّر أن يُبقي حرية الخيار للولايات الفردية بكيفيّة التعامُل مع هذا الموضوع.
في الإطار العام هذا سيكون من المُحدّدات لأصوات النساء في مختلف الولايات وليس فقط في ولاية نورث كارولاينا.
مايا رزق: أختم معك سيّد عفيفي وأسالك عن توقّعاتك لهذه النتائج التي تتكشّف تِباعًا، لحظة تلو الأخرى، دقيقة تلو الأخرى، ساعة تلو الأخرى، ربما باتت الأرقام أقرب إلى الرقم الذهبي المُنتظر، 270 صوتًا في المجمع الانتخابي. هذا ما يحتاجه أحد المُرشّحَين للوصول إلى البيت الأبيض.
مهدي عفيفي: هناك نقطة هامة جدًا ألا وهي أنه ما تعلّمناه في السابق هو لا بدّ من النظر داخل الولاية. كل الولايات لها مناطق حَضَريَة كبيرة مثل فيلادلفيا داخل ولاية بنسلفانيا. هذه المقاطعات لا تأتي إلا في نهاية النتائج الانتخابية، فلا بدّ من الحذر وأخذ وقت كي نرى هذه النتائج. أيضًا التقدّم والتقارُب الكبير بين دونالد ترامب وبين هاريس يجعل التكهُّن بنتائج الانتخابات شبه مستحيل، وخاصة أنه كما ذكرت هناك عامِل جديد هذه المرة ألا وهو عامل وجود المُرشّح الثالث، مع أنه لن ينافس على الانتخابات، ولكن أية أصوات تذهب إلى جيل ستاين في هذا الوقت من أيّ من الطرفين ستؤثرّ بشكل كبير، ومن التقليدي أن المُرشّح الثالث دائمًا يأخذ من الديمقراطيين، فلذلك هناك حَذَر شديد وتخوّف داخل أروقة الحزب الديمقراطي من أن تؤثّر الأصوات المُنتقلة من الشباب ومن العرب والمسلمين لجيل ستاين على إمكانية فوز هاريس، خاصة في الولايات المُتأرجِحة.
مايا رزق: في هذه الأثناء وقبل أن نختم هذه الساعة من التغطية نشير إلى الأرقام التي ينشرها موقع فوكس نيوز. ترامب فانس هذا الثنائي مُتقدّم بمئة صوت في المجمع الانتخابي. بحوزة ترامب الآن 211 صوتًا في المجمع الانتخابي، مقابل 117 صوتًا لكامالا هاريس، أقلّ من مئة بقليل، بستة أصوات. هذا هو الفارق بين المعسكرين الجمهوري والديمقراطي.
إذاً نختم هذه الساعة من التغطية. ترامب هو أقرب إلى البيت الأبيض، ولكن لا شيء محسومًا. ابقوا دائمًا مع الميادين، بعد أن أشكر مهدي عفيفي، مُحلّل سياسي وعضو في الحزب الديمقراطي الأميركي، كان معنا من نيويورك. وأيضًا أشكرك دكتورة بهية حلاوي مديرة الميادين أونلاين.
إذاً مشاهدينا الكرام ابقوا دائمًا مع الميادين لمعرفة المزيد ولمواكبة هذا السباق الرئاسي إلى البيت الأبيض. إلى اللقاء.