مفوض حقوق الإنسان من رفح: في غزة كابوس
مفوض الأمم المتحدة يقول إنه سمع خلال زيارته الكثير من المخاوف عن المعايير المزدوجة في التعامل مع هذا الصراع، مضيفاً أن العالم لا يمكن أن يحتمل كلفة المعايير المزدوجة.
قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إنه رأى من معبر رفح البوابات المؤدية إلى "الكابوس المستمر الذي يختنق في ظله الناس تحت القصف المتواصل".
وقال تورك في مؤتمر صحافي عقده في العاصمة المصرية القاهرة، عقب زيارته للجانب المصري من معبر رفح، إن الناس في غزة يبكون على فقدان أسرهم، ويكافحون بحثاً عن الماء والغذاء والكهرباء والوقود، مشيراً إلى أن زملاءه في مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من بين المحاصرين وأولئك الذين فقدوا أفرادا من عائلاتهم، "يعانون من ليالٍ بلا نوم مليئةٍ بالعذاب والغضب واليأس".
وأضاف أن معبر رفح كان شريان حياة لنحو 2.3 مليون شخص في غزة خلال الشهر الماضي، مضيفاً أن شريان الحياة هذا كان ضعيفاً بشكل غير منصف ومثير للغضب.
أمام معبر رفح بين مصر و #غزة، مفوض حقوق الإنسان:
— أخبار الأمم المتحدة (@UNNewsArabic) November 8, 2023
"تؤدي هذه البوابات إلى كابوس مستمر.
لا أستطيع تخيل ما يمر به الناس على الجانب الآخر.
وأرى أمامي شريان الحياة الذي يحمل الإغاثة وإن كانت غير كافية.
أناشد إدخال المساعدات إلى غزة وإيجاد حل لإسكات الأسلحة".https://t.co/rXn6crXLGV https://t.co/d4NYJdZXGG
ودعا إلى وقف إطلاق النار، وإيصال الاحتياجات الإنسانية بمستويات كبيرة إلى جميع أنحاء قطاع غزة، وتمكين الحيز السياسي من تحقيق نهاية دائمة للاحتلال، مبنيةٍ على حقوق الفلسطينيين والإسرائيليين في تقرير المصير.
وقال تورك: "لم يعد كافياً القول فقط إن الاحتلال المستمر منذ 56 عاما يجب أن ينتهي. فالمجتمع الدولي يجب أن يكون جزءا من إيجاد مستقبل عادل ومنصف للفلسطينيين والإسرائيليين. هم الأمل الوحيد لبعضهم البعض في تحقيق السلام".
سقطنا في الهاوية!
وتحدث المفوض السامي لحقوق الإنسان عن زيارته لمستشفى العريش شمال سيناء، حيث قابل هناك المواطنة إكرام التي كانت حاملا في شهرها الثامن عندما أصيبت بشظية في بطنها، ففقدت جنينها واضطرت للخضوع إلى عملية استئصال للرحم، "هي ما زالت حيّة لكن عيناها كانتا بلا حياة".
كما التقى بالطفل محمد، البالغ من العمر 12 عاما، من جباليا الذي يعاني من إصابات في العمود الفقري وكسور في العظام، وقال "إن محمد وصل إلى رفح بدون مرافق، ويقول إنه لا يتذكر ما حدث، "لكن الصدمة كانت واضحة على وجهه".
وأضاف: "لقد سقطنا في الهاوية. ولا يمكن لهذا الوضع أن يستمر. حتى في سياق الاحتلال المستمر منذ 56 عاما، فإن الوضع الحالي هو الأكثر خطورة منذ عقود.
وأشار تورك إلى أنه سمع خلال زيارته الكثير من المخاوف عن المعايير المزدوجة في التعامل مع هذا الصراع، مضيفا أن العالم لا يمكن أن يحتمل كلفة المعايير المزدوجة.
وشدد على ضرورة التأكيد على المعايير العالمية التي يجب تقييم الوضع على أساسها، وهي قانون حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
وأشار إلى أنه وصف غزة قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر بأنها أكبر سجن مفتوح في العالم، تحت 56 عاما من الاحتلال و16 عاما من الحصار الإسرائيلي.
عقاب جماعي
وأضاف أن "العقاب الجماعي الذي تفرضه "إسرائيل" على المدنيين الفلسطينيين يرقى هو أيضاً إلى جريمة حرب، مثله مثل الإخلاء القسري غير القانوني للمدنيين. وقد أدى القصف المكثف إلى مقتل وجرح وتشويه النساء والأطفال على وجه الخصوص.
ولفت إلى أن الحصيلة الأخيرة للشهداء في قطاع غزة، وصلت إلى أكثر من 10500 شهيد، منهم 4300 طفل و2800 امرأة، قائلا "كل هذا له أثر لا يُحتمل على المدنيين".
وشدد على ضرورة الالتزام بتحييد السكان المدنيين والمنشآت المدنية، والالتزام بالقانون الدولي الإنساني، مؤكداً أن الهجمات ضد المرافق الطبية والعاملين في المجال الطبي والجرحى والمرضى محظورة.
وأكد أن "التزامات إسرائيل كقوة احتلال لا تزال سارية بشكلٍ كامل. وهو ما يتطلب منها ضمان وصول أكبر قدر من ضروريات الحياة إلى كل من يحتاج إليها. فالناس ما زالوا بحاجة للمساعدة في كل أنحاء غزة. وهناك ضرورة إنسانية ملحة للوصول إلى السكان الذين تتعمّق عزلتهم، بما في ذلك في المناطق الشمالية والوسطى من القطاع، الذين تنقطع عنهم المساعدات المحدودة للغاية التي تدخل غزة".
وقال: "في الأيام القليلة الماضية، تلقى زملائي تقارير عن دار للأيتام في شمال غزة تضم 300 طفل بحاجة إلى مساعدة عاجلة. ومع انقطاع الاتصالات، والطرق غير السالكة وغير الآمنة، ليس باستطاعتنا أن نصل إلى هؤلاء الأيتام".
وأضاف: "خلال الشهر الفائت، شهدت غزة على الأقل 3 انقطاعات كاملة في الاتصالات، ما أدى إلى عزل الفلسطينيين هناك عن عائلاتهم داخل القطاع وعن العالم الخارجي. ولانقطاع التيار الكهربائي عواقب وخيمة على عمال الإنقاذ الذين يكافحون للعثور على ضحايا القصف وإنقاذهم. ذلك فضلا عن عواقبه على الأسر التي تحاول معرفة حالة أحبائها والحصول على الرعاية الصحية الطارئة، وعلى عملية رصد الأوضاع على الأرض وتوثيقها".
وتابع: "أما الصحافيون الذين يحاولون توثيق الأحداث في غزة وتغطيتها، فيدفعون الثمن بحياتهم. فقد قتل 44 صحافياً فلسطينياً على الأقل في القطاع الشهر الماضي".