مشروع سوري للاستفادة من الوردة الشامية في المستحضرات الطبية
أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، عنصر "الوردة الشامية"، وما يرتبط بها من ممارسات وصناعات حرفية في قرية "المراح" السورية، ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي.
تعكف مجموعة من المخترعين والباحثين السوريين على إنجاز مستحضر من ماء الورد الشامي مع خلاصة قشور وصمغ الفستق الحلبي لتحضيره كمعجون أسنان غسول فموّي ومطهّر ومعالج لجروح الفم وتراجع اللثة وللرائحة غير المستحبة، بعد أن تمّ عرض فكرته خلال فعاليات "معرض الباسل للإبداع والاختراع"، الذي يقام في سوريا.
المهندس الزراعي السوري، عمر الجباعي، أحد عضاء فريق البحث، بيّن أن مجموعة من الخبرات العلمية المختصة في الجامعات السورية قامت بتقديم الفكرة خلال فعاليات المعرض.
وتتلخص هذه الفكرة بإنتاج مستحضر من ماء الورد الشامي لتحضير معجون أسنان وغسول فموّي مطهّر، من خلال استخدام مادة الفينولات المستخلصة من الوردة الشامية، مشيراً إلى أن المستحضر سيقدّم على شكلٍ صيدلاني "عبوات" لمضمضة فموية وجلّ فموي معجون أسنان للعناية بصحة الفم واللسان والأسنان.
لاقت الفكرة دعماً واهتماماً كبيراً من الأمانة السورية للتنمية، وفق الجباعي، ما أسهم بتحويلها إلى مشروع قيد التنفيذ سيمثّل خطوة مهمة للاستثمار الفعال للوردة الشامية ويجعله داعماً اقتصادياً مهماً للمزارعين والمصنعين والمهتمين عبر الاستفادة من منتجاتها تصنيعياً، وتشجيع المزارعين على زيادة الإنتاج وتحفيز الآخرين على دخول مجال المنافسة وطرح منتجات جديدة، وأخيراً دعم الاقتصاد الوطني عبر عوائد عمليات التصدير.
من جهته، لفت شادي خطيب رئيس الجمعية العلمية السورية للأعشاب الطبية والطب التكميلي، عضو فريق البحث، إلى أن دور الجمعية يتركّز بشكلٍ أساسي بالتعريف بالموارد الأولية المحلية العشبية والطبيعية التي يمكن استخدامها لزيادة القيمة المضافة للمنتج السوري وتطويره.
وأشار إلى أن الجمعية تقوم بإجراء دورات علمية لتصنيع منتجات الوردة الشامية سواء الجلدية أو التجميلية أو الغذائية وكذلك تدريب المزارعين لزراعة الوردة الشامية وفقاً للشروط المعيارية للحصول على أعلى نسب من الزيت الطيّار وطرق القطاف الصحيحة والحفظ والطرق الأمثل للتقطير وحفظ المقطرات.
"الوردة الشامية" على لائحة التراث لـ "يونسكو"
يذكر أنه في العام 2019 أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، إدراج عنصر "الوردة الشامية"، وما يرتبط بها من ممارسات وصناعات حرفية في قرية المراح، بمحافظة ريف دمشق، في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي.
وتشتهر البلدة السورية التي تتبع منطقة النبك، بزراعة الوردة الشامية، التي تنمو فيها بشكلٍ طبيعي نظراً إلى ملاءمة التربة والظروف المناخية.
المادة الأساسية في عطور "شانيل 5"
واللافت أن مدينة "غراس" عاصمة العطور في العالم، التي تمتد حقول الأزهار فيها لأميال في مقاطعة بروفانس في جنوب فرنسا، تشتهر بزراعة الوردة الأشهر التي نقلها الفرنسيون من سوريا إلى أوروبا وهي ما تعرف بالفرنسي "لا روز دو داماس"، أي الوردة الدمشقية.
وتشكل تلك الوردة المادة الأساسية في عطور "شانيل 5"، وتتواجد في المدينة معامل "فراغونار" و"غاليمار" و"مولينار"، حيث يتم إجراء الاختبارات وعمليات التخمير.
ويصف العارفون "الوردة الشامية" بأنها "أغلى من الذهب وأبقى من النفط"، فهي إضافة لفوائدها الطبية والجمالية، تعتبر مصدراً لزيت عطري هو الأغلى من نوعه في العالم، يُباع الكيلو غرام الواحد منه بحوالى 40 ألف دولار.
وذاع صيتُ الوردة الشامية عبر العصور، إذ انتقلت من بلاد الشام إلى العالم القديم على أيدي اليونانيين والرومان وقدماء المصريين، ثم إلى أوروبا.
وحظيت الوردة بالاهتمام، نتيجة فوائد منتجاتها التجميلية كماء الورد وزيتها العطري الذي يعد الأغلى ثمناً في العالم.
ولا تقلّ فوائد منتجاتها الغذائية أهمية عن التجميلية، فمربى الورد ذو قيمة غذائية عالية، ويعد شراب الورد الشراب الأكثر شعبيّة في دمشق لإكرام الضيوف.