الصرصور الألماني.. كيف انتشر واستعمر قارات العالم؟

يؤكد علماء الأحياء أن الصرصور الألماني أكثر أبناء نوعه نجاحاً في الانتشار. فريق علمي يجد سبب انتشاره منذ قرون طويلة في جميع قارات العالم، فما هو؟ وما علاقة النشاط البشري في انتشاره؟

  • الصرصور الألماني المسمى علمياً Blattella germanica
    الصرصور الألماني المسمى علمياً Blattella germanica

يعتبر الصرصور الألماني، المسمى علمياً Blattella germanica، من أكثر أبناء نوعه من الصراصير نجاحاً، إذ يمكن القول إنّ شهرته بلغت جميع أصقاع العالم بعد أن بات مرافقاً للبشر على جميع قارات كوكبنا الأزرق. وصار يعشعش في المباني بعيداً عن البرية.

وبحسب تقرير لمجلة "دير شبيغل" الألمانية فإنّ الألمان بحثوا طويلاً عن المكان الذي ينحدر منه، لكنّ فريقاً علمياً بإشراف عالم الأحياء، تشيان تانغ، من جامعة سنغافورة الوطنية قام بالتحقيق في هذا الأمر.

يقول تقرير للمجلة إنّ  الصرصور الألماني  (بالألمانية: Deutsche Schabe) قد يكون قد حصل على اسمه من عالم الطبيعة السويدي كارل فون لينيه. وكان أول من وصف الصرصور البني الذي يصل طوله إلى سنتيمترين، في أوروبا الوسطى عام 1776. لكن هذا النوع كان موجوداً قبل ذلك بوقت طويل.

وقام فريق تشين تانغ، بتحليل جينومات 281 صرصوراً من 17 دولة في خمس قارات. وبناءً على ذلك، توصل إلى نتيجة مفادها أنّ الصرصور الألماني تطوّر من الصرصور الآسيوي (Blattella asahinai) قبل نحو 2100 عام. في ذلك الوقت، تكيّفت الحيوانات مع الحياة في المستوطنات البشرية في الهند أو ميانمار، ولا يزال كلا النوعين متشابهين جداً إلى يومنا هذا.

وانطلاقاً من الهند وميانمار انتشرت هذا  الأنواع من الصراصير إلى الغرب عبر طريقين مختلفين في القرون التالية، وكانت متتبعة البشر في ذلك كما تقول دراسة الفريق العلمي. وتضيف أنه قبل نحو 1200 عام استفادت هذه الصراصير من الحركة الاقتصادية والعسكرية التي رافقت انتشار الإسلام، ومنذ ما يقرب من 400 عام من الاستعمار الأوروبي.

حتى في أوائل القرن الـ18، كانت منطقة التوزيع الرئيسية للصرصور الألماني لا تزال مقتصرة على آسيا، كما كتب الفريق العلمي في الدراسة المنشورة بمجلة Proceedings للأكاديمية الوطنية الأميركية للعلوم.

ولم يتغيّر ذلك إلا في النصف الثاني من القرن الـ18، أي في وقت قريب من أول وصف علمي لهذه الصراصير على يد العالم السويدي. وفي أواخر القرن الـ19 وأوائل القرن العشرين، ساهمت طرق النقل الأسرع في انتشار الصرصور الألماني إلى بقية أنحاء العالم. وأدّى تحسين الظروف المعيشية مع زيادة التدفئة، إلى تقليل معدل وفيات هذه الحشرة الحساسة للبرد بشكل كبير في المناطق الأكثر برودة.

وتخلص دراسة الفريق السنغافوري إلى نتيجة مفادها أنّ "تطور الحضارة الإنسانية أدّى إلى تطور وانتشار أنواع من الحشرات التي تكيّفت مع البيئات الحضرية". وهناك سبب آخر وراء نجاح الصرصور الألماني في استعمار العالم، وهو أنّ هذا النوع مقاوم بشكل خاص لسموم الحشرات مقارنةً بالصراصير الأخرى، وفق الدراسة.