إنجاز فلسطيني..."خل الخشب"لمعالجة مشاكل التربة في غزة

من رحم المعاناة، يبتكر الفلسطينيون وسائل تؤكد الحقّ في الحياة والتحدي، حيث جهد مهندسان من قطاع غزة لتصنيع جهاز يدوي بطريقة علمية ووضعه في حقل زراعي والبدء باستخراج مُستخلص "خل الخشب".

  •  استخلاص
    استخلاص "خل الخشب" لمعالجة مشاكل التربة بغزة

استطاع مهندسان فلسطينيان استخلاص مُنتج "خل الخشب" من أخشاب الأشجار المُقلّمة، باستخدام تقنية التقطير الحراري، بهدف معالجة مشاكل التربة التي تواجه المزارعين في قطاع غزة وتؤثّر على النباتات الموسمية المزروعة والورقية والمُعمرة في القطاع.

إقرأ أيضاً: بين الدراسات والأعراف.. ما هي حقيقة فوائد خل التفاح؟

"الميادين نت" واكب نجاح المهندسين من بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة محسن أحمد وآمنة العفيفي  في تصنيع جهاز يدوي بطريقة علمية ووضعه في حقل زراعي والبدء باستخراج مُستخلص "خل الخشب"، ويعكفان حاليًا على إجراء تجارب عملية عليه، وتعميمه على المزارعين في مرحلة لاحقة بعد الاطّلاع على تقييم النتائج.

ويعاني المزارعون المحليون في القطاع من ارتفاع نسبة ملوحة المياه، والإفراط في استخدام المبيدات الحشرية غير الطبيعية للقضاء على الآفات الزراعية، التي تؤثر سلباً على جودة التربة وصحتها على المدى البعيد.

شهور مضنية من التجارب

وذلك يفضي إلى تلوّث التربة في تغيّر مذاق المنتجات الزراعية من الخضراوات والفواكه، والتسبب بالتالي في الأمراض السرطانية للمستهلكين (السكان المحليين) على المدى البعيد، بحسب مسؤولون في وزارة الزراعة بغزة.

وقضى المهندسان شهوراً طويلة في عمليات البحث العلمي الخاصة بإيجاد حلول وآليات للتغلب على المشاكل الزراعية الناتجة عن تلوث التربة والتغير المناخي في المنطقة.

ولم يكن الأمر سهلاً بالنسبة للمهندسين الاثنين، خاصة وأن عمليات إنتاج خل الخشب تتم من خلال استخدام جهاز خاص به والذي لم يكن متوفرا في قطاع غزة نتيجة لمنع إسرائيل إدخاله حتى اليوم.

خطوات العمل

وتوضح المهندسة عفيفي خطوات إنتاج "خل الخشب"، قائلة إنّها وزميلها صنعا جهازاً يدوياً يتكوّن من "برميل حديدي للطمر والتحلل بمعزل عن الأوكسجين، يوضع أسفله الحطب المشتعل الذي يتحلل ويخرج على شكل دخان وبخار يمر عبر أنبوب حديدي يصل إلى برميل آخر موصول بأنبوب صغير للتقطير، وخط مياه داخله لتبريد البخار الخارج من البرميل الأول الذي يتواجد أسفله الحطب المشتعل، والمياه تخرج في نهاية الخط إلى البرميل الثاني عبر صنبور ويتم تفريغها في الخارج أولًا بأول".

وأضافت "في أسفل البرميل يوجد صنبور يخرج منه الخل على شكل قطرات مع دخان ونضعه في مرطبان زجاجي، وخلال تلك العملية نقوم بفحص ملوحة المياه ودرجة حرارتها وحمضية الخل المُنتج من خلال جهاز قياس، للتأكد من مدى صلاحية وجدوى استخدامه، في عملية معالجة تتمّ وفق طريقة علمية محددة".

إضافة إلى ذلك، يتم وصل خط مياه داخل الأنبوب الحديدي لتبريد البخار الخارج من البرميل الأول الذي يتواجد أسفله الحطب المشتعل، ومن ثم تخرج المياه في نهاية الخط إلى البرميل الثاني عبر صنبور ويتم تفريغها في الخارج أولًا بأول.

وبحسب المهندسين، يتمّ استخدام خل الخشب وفق معايير معيّنة مع المياه التي تُستخدم في رشّ الأرض أثناء حراثة الأرض وتسميدها وتهيئتها للزراعة، وتتمّ الزراعة بعد التأكّد من وصول الخل عبر خراطيم المياه إلى كامل المساحة المخصصّة للزراعة.

  • "خل الخشب"لمعالجة مشاكل التربة في غزة

وتقول عفيفي "يعمل خل الخشب على القضاء على ملوحة التربة وآفة النيماتودا التي تصيب جذور النباتات بأنواعها كافة وتدمّرها، وملوحة المياه التي تؤرق كثيرًا من المزارعين، إلى جانب تسريع النمو".

وأوضحت أنه يصلح استخدام خل الخشب مع جميع أنواع النباتات، بما فيها الموسمية والمعمرة والخضرية، مع مراعاة استهلاك نسب مختلفة عند استخدامه لكل نوع.

بالإضافة إلى ذلك، يساهم خل الخشب في تفكيك عناقيد النباتات في التربة التي تعيق امتصاص النبات للمياه، ويمنع تعفن جذور النباتات، وزيادة خصوبة التربة، وتقليل استخدام السماد بنسبة 50 %، وتوفير استخدام المياه بنسبة 33 %، وزيادة صلابة الثمار، ورفع نسبة المواد السكرية في الثمار الحلوة".

تجربة المنتج... ونتائج مبهرة

ويطمح المهندسان أنّ يجد منتجهما رواجاً في قطاع غزة خاصة وأن ثمنه أقلّ من السماد، ومُجدٍ ومُستدامٍ ومُتعدد الاستخدام، وليس له أيّ ضرر على صحة الإنسان.

ولا يقتصر استخدام خل الخشب على النباتات فقط، ولكن يمكن إضافته مع علف الحيوانات ما يُحسن من جودة ومذاق اللحوم، ويزيد مناعة الحيوانات، بحسب ما يقول محسن.

وبدأ المهندسان في تجربة منتجهما على عدد من المزارع في بلدتهما، حيث حصلا على نتائج مبهرة، كما يقولان، وتوقعا أن يساهم مشروعهما في حل جذري لأزمة التلوث البيئي والزراعي يوما ما في حال تم تبني مشروعهما.