كيف تُلقّح السحب؟

تقنية "تلقيح السحب"، التي طُوّرت منذ أكثر من 80 عاماً، لا تخلو من المخاطر المحتملة، وقد تؤدي إلى "تأثيرات كارثية" وفقاً للخبراء.

  • كيف تلقّح السحب؟
    ما هو "تلقيح السحب"؟

تستخدم دول كثيرة حول العالم تقنية "تلقيح السحب" لتحفيز هطول الأمطار، مثل الولايات المتحدة وفرنسا وأستراليا، وكذلك - كما تم تداوله - الإمارات التي شهدت هطول كميات أمطار كبيرة خلال الأيام الماضية.

وقد يربط البعض بين التقنية المثيرة للجدل والفيضانات المفاجئة، إلا أن الخبراء يقولون إنه لا توجد فعلياً علاقة بين الحدثين.

ولكن تقنية "تلقيح السحب"، التي طُوّرت منذ أكثر من 80 عاماً، لا تخلو من المخاطر المحتملة، وقد تؤدي إلى "تأثيرات كارثية" وفقاً للخبراء.

ما هو "تلقيح السحب"؟

اكتشف الباحثون العاملون في شركة "جنرال إلكتريك" تأثيراً غريباً عند إجراء تجارب حول كيفية تشكّل السحب في المختبر. ووجدوا أنه عندما يصبح بخار الماء شديد البرودة، بين -10 درجات و-5 درجات مئوية، فإنه لن يشكّل بالضرورة بلورات ثلجية.

ولكن، عندما أضاف الباحثون مسحوقاً ناعماً من "يوديد الفضة"(مادة كيميائية تستخدم في التصوير الفوتوغرافي)، اندهشوا بسبب تجمّد الماء على الفور.

ويرجع السبب إلى أن بخار الماء لا يمكنه تكوين بلورات بمفرده، بل يحتاج إلى شيء ما ليشكّل "نواة" ليتكاثف حولها. وفي السحب الطبيعية، قد يتمّ توفير "نواة تكثيف السحب" هذه بواسطة البكتيريا أو جزيئات الغبار الصغيرة، لكن الباحثين وجدوا الآن طريقة لتكوينها بشكلٍ صناعي.

كيف تلقّح السحب؟

وتعمل تقنية "تلقيح السحب" من خلال تطبيقها على السحب الطبيعية، حيث يتمّ حقن "يوديد الفضة" أو ملح الطعام في السحب، ما يتسبّب في تكوين بلورات الجليد بسرعة، التي تتساقط في نهاية المطاف على شكل ثلج أو مطر تبعاً للحالة الجوية.

وقال يوهان جاك، كبير خبراء الأرصاد الجوية في KISTERS: "يتم "تلقيح السحب" إما عن طريق إطلاق المواد الكيميائية من الأرض، أو حقنها مباشرة من الطائرات، أو إطلاقها في السحب باستخدام الصواريخ".

أين تستخدم تقنية "تلقيح السحب"؟

استخدمت هذه التقنية في زهاء 50 دولة مختلفة، بينها دولة الإمارات التي تدير برنامجاً متطوراً لتلقيح السحب منذ تسعينيات القرن الماضي، حيث يتم تنفيذ نحو 1000 ساعة من مهمات "تلقيح السحب" سنوياً.

ويوجد لدى الولايات المتحدة تاريخ طويل جداً من مهمات "تلقيح السحب"، بدءاً من عام 1947 بعملية "سيروس"، حيث ألقى الجيش الأميركي نحو 90 كغ من الجليد الجاف في إعصار قبالة ساحل فلوريدا.

وعلى الرغم من عدم وجود دليل على أن المهمة كان لها أي تأثير، فقد هدّد البعض برفع دعاوى قضائية ضد الدولة بعد أن غير الإعصار مساراته بشكل غير متوقّع.

وفي عام 2018، أبرمت ولايات وايومنغ ويوتا وكولورادو اتفاقية لتقاسم التكاليف لتمويل مهام "تلقيح السحب".

وفي أستراليا، بدأت تجارب "تلقيح السحب" في عام 1947، واستمرّت حتى يومنا هذا.

وتعدّ الصين الداعم الأكثر إنتاجية لتكنولوجيا تعديل الطقس. ولسنوات عديدة، استخدم مكتب تعديل الطقس تقنية "تلقيح السحب" لإنهاء حالات الجفاف ومكافحة حرائق الغابات وتجنّب هطول الأمطار أثناء العروض العسكرية.

ولا تستخدم هذه التقنية لزيادة هطول الأمطار فحسب، حيث تستخدم في دول، مثل إسبانيا وفرنسا وألمانيا بشكل أساسي لمنع هطول البَرَد.

لماذا "تلقيح السحب" مثير للجدل؟

قد لا يتفق الكثيرون مع تطبيق تقنية "تلقيح السحب"، بسبب القلق من الفيضانات المفاجئة.

ولكن الدكتورة فريدريك أوتو، الخبيرة البارزة في الطقس من جامعة إمبريال كوليدج لندن، قالت موضحةً: "لا يمكن لـ"تلقيح السحب" أن ينتج كميات غزيرة من الأمطار. التقنية تعدّل سحابة موجودة فعلاً، ولا يمكن تحويل سحابة ركامية صغيرة إلى عاصفة رعدية فقط من خلال تلقيح السحب".

وأضافت أوتو أن القلق الأكبر يتمثّل في أن "تلقيح السحب" يستخدم كبديل للعمل الفعّال بشأن تغيّر المناخ، وهو السبب الحقيقي وراء زيادة هطول الأمطار.

وتابعت: "إن تلقيح السحب هو استراتيجية أخرى واضحة لتجنّب المطالبات بوقف حرق الوقود الأحفوري. إذا استمر البشر في حرق النفط والغاز والفحم، فسيستمر تغيّر المناخ وهطول الأمطار بغزارة".