كيف أثار زلزال المغرب حيرة العلماء؟

شكّل "زلزال الحوز" في  المغرب مفاجأة حقيقية ستعيد لا محالة خلط الأوراق وستغيّر الكثير من النظريات المتبعة عند علماء الزلازل والجيولوجيا.. فما السبب وراء ذلك؟

  • شكّل
    شكّل "زلزال الحوز" في  المغرب مفاجأة حقيقية

تشير مسلمات الجيولوجيا إلى أن الزلازل تحدث في المناطق الواقعة عند الحدود الفاصلة بين الصفائح التكتونية، مثلاً في اليابان وإندونيسيا وتركيا وإيطاليا واليونان و هي مناطق نشطة زلزالياً.

وفي شمال أفريقيا تقع الجزائر وتونس أقصى شمال الصفيحة التكتونية الأفريقية التي تتقابل مع الصفيحة الأوراسية التي تضم أوروبا وآسيا معاً باستثناء شبه القارة الهندية وشبه الجزيرة العربية.

وتمر منطقة الاتصال بين الصفيحتين الأوراسية والأفريقية بشمال المغرب والجزائر. لذلك من الطبيعي جداً حدوث الزلازل في المدن التي تقع عند الحد الفاصل بين الصفيحتين التكتونيتين.

وتقع منطقة المغرب العربي في منطقة زلزالية متوسطة، ووفقاً للسجل الجيولوجي فإن الجزائر الأكثر نشاطاً، في حين تونس هي الأقل، ويأتي المغرب في وضع متوسط ذلك أنه يتحرك مع كتلة جبال الأطلس.

وشهدت المنطقة عدة زلازل، ففي عام 1960 هز زلزال مدينة أغادير المغربية وأودى بحياة أكثر من 12 ألف شخص، ولم يكن الزلزال قوياً، لكن مركزه كان أسفل مدينة أغادير مباشرة.

ويوجد عدة أسباب تفسّر أضرار الزلزال التي حدثت في أغادير، من أبرزها أن المدينة كانت مباشرة على مركز الزلزال وبالضبط في المنطقة المأهولة بالسكان، بالإضافة إلى البنية الجيولوجية للمنطقة، وتتميز تربتها بأنها رخوة وتتعرض للهشاشة بفعل تآكل الصخور، كما ساهمت طبيعة الأبنية والمواد المستعملة في بنائها إلى انهيارها بسهولة عكس البنايات الأخرى التي صمدت في وجه الزلزال.

وفي عام 1980 تسبب زلزال في ولاية الشلف، شمال الجزائر في وفاة أكثر من 5 آلاف شخص بقوة 7.3 درجات، ويعد الأقوى في غرب البحر الأبيض المتوسط حتى الآن.

وفي شمال الجزائر، أيضا ضرب زلزال عام 2003 منطقة بومرداس وبلغت قوته 6.8 درجات وأودى بحياة 2266 شخصاً.

اقرأ أيضاً: زلزال المغرب: تشييع الضحايا وافتتاح مراكز التبرع بالدم.. و"اليونيسكو" تعد بإعادة الإعمار

لكن خصوصية زلزال التاسع من أيلول/ سبتمبر في المغرب والمفاجئ فيه هو أنه حدث داخل الصفيحة التكتونية وليس عند أطراف الصفيحة أو حدودها مع صفيحة أخرى.

وحسب هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، فإن مركز الزلزال كان قرب بلدة إغيل في ولاية الحوز على بعد 71 كيلومتراً، جنوب غربي مراكش، وعلى عمق 18.5 كيلومتراً.

فإقليم الحوز الذي كان الأكثر تضرراً يبعد عن حد التصادم بين الصفيحة الأفريقية والأوراسية بنحو 500 كيلومتر من الجنوب منها، وبالتالي كان العلماء يستبعدون حدوث زلزال بهذه القوة في هذه المنطقة.

اقرأ أيضاً: إثر الزلزال المدمر.. المغرب يسابق الوقت للعثور على ناجين

ويقول العلماء إنه كان من الصعب التنبؤ بمثل زلزال إقليم الحوز، فالحركة في المناطق البعيدة عن حدود الصفائح بطيئة للغاية وغير قادرة على توليد زلزال بمثل هذه القوة، فهل سيغير زلزال المغرب الكثير من النظريات المتبعة عند علماء الزلازل والجيولوجيا؟

ويقول عالم الزلازل الفرنسي في معهد علوم الأرض بجامعة غرونوبل ، فلوران برينجييه، إنه “من المفاجئ أن يكون هناك مثل هذا الزلزال الكبير في هذه المنطقة”.

ويوضح برينجييه "رغم الصدوع الكبيرة في هذه المنطقة التي تطورت عبر الزمن الجيولوجي، الذي قد يمتد إلى مئات الآلاف من السنين فهو ظاهرة مفاجئة، لأن المنطقة التي يقع فيها مركز الزلزال لا تقع عند السطح الفاصل بين الصفائح التكتونية".

ويضيف: "لهذا هي ليست معتادة على مواجهة مثل هذه الزلازل القوية. والغالبية العظمى من الزلازل في المغرب حدثت على بعد 500 كيلومتر شمال هذه المنطقة. وفي العادة، تكون قوة زلزال داخل الصفيحة أقل".

يذكر أن زلزال الحوز في جنوب غرب المغرب، أودى بحياة أكثر من 2800 شخص، ونحو 2500 مصاب، حسب آخر حصيلة أعلنت عنها وزارة الداخلية المغربية اليوم الثلاثاء.

ويسابق رجال الإنقاذ المغاربة الزمن، بدعم من فِرَق أجنبية، من أجل العثور على ناجين، وتقديم المساعدة إلى مئات المشردين، الذين دُمِّرت منازلهم عقب الزلزال المدمر. 

بالتوازي، ارتفع عدد الوفيات من  جراء إعصار "دانيال" الذي ضرب ليبيا إلى 10 آلاف شخص.

من جهته، أكد الناطق باسم وزارة الصحة الليبية، مالك مرسيط، في حديث للميادين، أنّ بلاده "لم تشهد إعصاراً مماثلاً لإعصار دانيال، منذ 40 عاماً".