حركة الجهاد بين التأسيس والتجديد وتحقيق الغايات
خاضت حركة الجهاد الإسلامي في بداياتها الكثير من التحديات، على الساحة الداخلية، وتعرضت لمحاولات الإقصاء، إلا أنها أثبتت أنها صاحبة الفكر الأنقى.
منذ احتلال فلسطين في العام 1948؛ والثائر الفلسطيني لا يدخّرُ جهداً في مواجهة الاحتلال، واستمرّ الحال حتى حقبة السبعينيات، والتي برز فيها الوطني المنشغل بالثورة، والإسلامي المنشغل بالدعوة، فتجلّت صورة الوطنية بلا إسلام، والإسلام بلا فلسطين.
فكان لا بدّ من نظرة ثاقبة تعيد ذروة سنام الإسلام لفلسطين، فجاءت الإجابة على تساؤلات اعتملت في صدر كل شاب فلسطيني متديّن قرّر أن يلبي نداء الجهاد غير أنه لم يرَ راية إسلامية ترفع البندقية لتحرير فلسطين، فكانت حركة الجهاد الإسلامي التي جمعت الثورة والوطن مع الإسلام والجهاد لتعيد لفلسطين مركزيّتها ومكانتها.
فكانوا ثلة من الشباب الواعي المثقف، الذين اجتمعوا على هذه الفكرة، وبدأوا العمل من أجلها؛ حتى أسسوا وعملوا وخططوا؛ ليعلنوا ميلاد فجر جديد في حركات النضال الفلسطينية، ليكون التأسيس واللبنة الأولى في نهاية السبعينيات، لترى حركة الجهاد الإسلامي النور، وتحمل شعار الإسلام والجهاد وفلسطين؛ ولينير هذا الشعار الطريق نحو القدس.
خاضت حركة الجهاد الإسلامي في بداياتها الكثير من التحديات، على الساحة الداخلية، وتعرضت لمحاولات الإقصاء، إلا أنها أثبتت أنها صاحبة الفكر الأنقى والأطهر، ولتسير وتتنامى فكرتها وقوتها العسكرية، لتصبح اليوم رقماً صعباً يرى فيه العالم بأسره، أنها باتت تشكّل الخطر الأكبر على الكيان الصهيوني.
ومنذ بداياتها أخذت على عاتقها العمل العسكري وأسست خلاياها في غزة وأنحاء الضفة، لتترك بصمتها الجهادية، مروراً بعمليه بيت ليد؛ وسيف القدس الذي وضع حجر الأساس لوحدة الساحات، وخاضت معارك لوحدها؛ أبرزها وحدة الساحات التي أكدت من خلالها أن الضفة ساحة لا يمكن أن يتم السماح للعدو الصهيوني بالتفرّد بها، وصولاً إلى معركة ثار الأحرار التي أكدت أهمية الأسرى وأنهم ساحة من ساحات المقاومة.
لقد أدركت حركة الجهاد الإسلامي أهمية استخلاص العبر من الأخطاء السابقة، فالبشر يصيبون ويخطئون، وهو ما تجلّى في معركة ثأر الأحرار؛ حيث حافظت الحركة على منحاها العسكري التصاعدي بوتيرة عالية، وكانت منعطفاً مهماً للحركة لأسباب كثيرة، أهمها:
• خالفت تقديرات الاحتلال، ولربما الأصدقاء بأن حركة الجهاد الإسلامي لن تصمد كثيراً، غير أنها استمرت لمدة 5 أيام بوتيرة متصاعدة، أو على الأقل حافظت على الوتيرة نفسها من القوة النارية.
• وما ميّز هذه المعركة؛ أنها كانت معركة لأجل أسير، فكانت رسالة قوية بالبارود والنار للاحتلال بأن الأسرى ليسوا وحدهم.
• ما حدث يؤكد وجود تشابك وتداخل وتضامن بين الساحات ومنها ساحة السجون، ولو أدى إلى حرب.
• أظهرت الحركة بالرغم من عمليات الاغتيال لقياداتها في الساعات الأولى على نحو خاص عسكرياً، أن هناك مؤسسة عسكرية وتراتبية تنظيمية، وأن جهازها العسكري لا يقوم على شخص واحد إذا قتل.
• الحركة؛ كحركة الجهاد الإسلامي نذرت نفسها ودمها وكادرها لمشروع تحرير فلسطين، وليس مشروع الحكم، لا يمكن أن يخبو نورها أو تنكسر.