"قاهر أميركا" .. كتاب عن مسيرة الشهيد سليماني

 لقد اجتمع كل العقل العسكري الأميركي / الغربي/ التركي/ الأطلسي/ الصهيوني والخليجي، وقد هزمه عقل  الفريق الشيهد قاسم سليماني وثلة من المقاومين الأبطال.

  • كتاب
    كتاب "قاهر أميركا" يتحدث عن مسيرة سليماني العسكرية والسياسية

بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لإستشهاد الفريق قاسم سليماني أصدر دار تمكين، بالتعاون مع معهد المعارف الحكمية في بيروت، كتاب "قاهر أميركا" للدكتور محسن صالح.

 والكتاب يتحدث عن قائد قوة القدس في حرس الثورة الإسلامية الشهيد الفريق قاسم سليماني، ومسيرته الحياتية والعسكرية.

وقد اغتالت الولايات المتحدة الأمريكية فجر الجمعة في 3 كانون الثاني/يناير 2020، الشهيد قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس ورفاقهما، بغارة جوية استهدفت موكبهما قرب مطار بغداد، في خرق واضح للقوانين الدولية.

يبدأ الدكتور محسن كتابه بما قاله سماحة امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في التعزية باستشهاد الفريق قاسم سليماني: "الحاج قاسم سليماني تحقق هدفه – باستشهاده – هذه نيته منذ أن كان شاباً".

ويؤكد السيد نصر الله أنه "في كثير من اللقاءات كان يقول لي: ضاق صدري في هذه الدنيا من شدة شوقي للقاء الله وللشهداء".  

اندمج الفريق سليماني المولود 1958 لعائلة فقيرة في قرية "قنات ملك" في كرمان، في حرس الثورة وأصبح قائداً من قياداته المميزة وقاد "قوة القدس" وأصبح باعتراف أميركي، مؤثراً وفاعلاً كبيراً في معادلات "الشرق الأوسط".

ويذكر صالح – وهو خريج جامعات الولايات المتحدة وعاش هناك لفترة غير قليلة-، أن أميركا قامت بمحاولات متعددة لكسر الثورة الإسلامية أو الإنقلاب عليها، لكنها جميعاً باءت بالفشل. فرضوا حرباً عسكرية قادها صدام حسين بالوكالة مدة ثماني سنوات وفشلت.

ويبيّن صالح أن الثائر الحاج قاسم كان أثناء الحرب العراقية - الإيرانية أحد العقول البارعة في صد قوات صدام ودحرها.

واستطاعت إيران والشعوب المقاومة في المنطقة أن تحقق إنجازات كبرى أضعفت السيطرة الأميركية وأدواتها. وبدأ شرق أوسط مقاوم يتشكل بدلاً من شرق أوسط صهيو – أميركي كان يبشّر به الرئيس الأميركي جورج بوش الإبن.

يبيّن صالح أن ثورة الإمام الخميني أيقظت كل الأنفس التواقه للحرية الإلهية. فقبل الثورة بلغ اليأس والسوداوية لدى معظم شرائح المجتمعات العربية والإسلامية حداً غير مسبوق خاصة بعد زيارة رئيس أكبر دولة عربية – أنور السادات – إلى "الكيان المغتصب إسرائيل" ولقائه بمجرمي "الهاغاناه" الصهاينة، وإعلانه في خطاب له من داخل "الكنيست الصهيوني"  عن استعداده للإعتراف بهذا الكيان الصهيوني الغاصب.

ويضيف: لم تتصدَ أي دولة أو قيادة عربية أو حتى منظمة التحرير الفلسطنية جدياً لهذا التوجه الإستسلامي الذي كانت تقوده الولايات المتحدة الأميركية. ويسجل المؤلف للتاريخ، اعتراض وممانعة وصمود الرئيس السوري حافظ الأسد. 

وفي خضم هذا الوضع المتجه نحو "تسوية" نهائية ترسخ وجود الكيان الصهيوني، وتحضر الحكام العرب الاَخرين مرغمين أو مطواعين أو راغبين إلى التسوية، وصلت ثورة الإمام الخميني في اوائل 1979 واستجاب الشعب الإيراني وسقط الشاه أعتى حليف لأميركا ولهذا الكيان الغاصب في المنطقة.

أعادت الثورة الإسلامية التنفس إلى الأمة بعد أن حاولوا قطع قلبها عن القدس وفلسطين، وأعلن الإمام الخميني أن "إسرائيل غجة سرطانية يجب اقتلاعها من الوجود" فدعا إلى "يوم عالمي للقدس" وحدده في اَخر يوم جمعة من شهر رمضان.

ويعود صالح إلى الشهيد سليماني في محاولة لدراسة إبداعه الجمعي بأسلوب سوسيولوجي فيصفه بأنه قائد ميداني يضع الخطط المبدعة لمواجهة الأعداء إلى حد أفقدهم صوابهم. 

العراق وسليماني

وعلى صعيد الدولة العراقية كان الحاج قاسم مفكرها ومفند مشاكلها ومقدماً الحلول لأكثر القضايا الإستراتيجية، وأتى تشكيل الحشد الشعبي كقوة عراقية يجتمع في كتائبه الشيعي والسني والمسيحي وبدعوة وفتوى من أكبر مرجع في العراق آية الله السيد علي السيستاني. وما كان على الدولة إلا الإستجابة لشرعية هذه القوة العراقية ومشروعيتها التي ولولا جهود الحاج قاسم سليماني والحاج أبو مهدي المهندس ما كانت لترى النور وتصبح قوة يمكن الوثوق بها والإعتماد عليها في مواحهة الاحتلال والإرهاب.

أما في سوريا فقد فتت القائد سليماني كل احلام الأميركي ومنتجاته كتنظيم داعش ودول أخرى. قضى عليها بالترتيب: "الجيش الحر"، داعش، جبهة النصرة، وألوية احرار الشام.

لقد دفعوا مئات المليارات باعتراف وزير خارجية قطر السابق حمد بن جاسم، المشارك الرئيسي في التمويل والإعلام ضد الدولة السورية. واحتلوا أكثر من نصف سوريا، تعاملوا مع عدو العرب والمسلمين الكيان الصهيوني الغاصب ونفذوا أوامره.

ألفوا غرفة عمليات شارك فيها الصهيوني والتركي والأميركي والسعودي والأردني واَخرون.

يذكر صالح أن الحرب العالمية على سوريا والتي تقودها الولايات المتحدة الأميركية، بددها "الجندي" في حرس الثورة الإسلامية الحاج قاسم ورفاقه الأبطال في الصحاري والقفار. وهزأ من العقول التي دبرتها في أعتى الكليات العسكرية و"أرقاها".

ويتابع صالح: لقد سقطت في أعين "الجندي في حرس الثورة الإسلامية  الشهيد قاسم سليماني كل نماذجهم من رومل إلى مونتغمري إلى ايزنهاور إلى ستانلي ماكريسنال وديفيد بترايوس. لقد اجتمع كل العقل العسكري الأميركي / الغربي/ التركي/ الناتو/ الصهيوني والخليجي، وقد هزمه عقل  "جندي" وثلة من المقاومين الأبطال. وإلا فما معنى تعليق الإعلام الصهيوني وبعض قاده العدو على استشهاد سليماني بالقول: :كان بذكائه ومهاراته يساوي رئيس الأركان ورئيس الإستخبارات الإسرائيلية الموساد معاَ".

وقد اعترف قائد القوات الأميركية الغازية في العراق الجنرال ديفيد بترايوس والذي تأثر بالشهيد حيث قال: "سليماني خصم جدير" وأثنى بمرارة على مهاراته، حيث كان الشهيد يهزمه في كل المحطات في العراق وغيره من المواقع.

ويضيف صالح: هكذا تكون صناعة التاريخ والحضارات وتحويل التهديدات إلى فرص ثمينة. هذه المعارك التي بدأها الأميركي، بتدرجها زمانياً ومكانياً أدت إلى إزالة العراقيل التاريخية والثقافية والإستراتيجية من أمام قادة ومجاهدي محور المقاومة لإعادة صياغة شرق أوسط جديد مقاوم للنفوذ الأميركي في اليمن والعراق وسوريا ورافضاً للإحتلال الصهيوني لفلسطين.

وانقلب السحر على الساحر. فالشرق الأوسط الذي بشّرت به كونيداليز ريس وزيرة خارجية بوش الإبن في فترة العدوان الصهيوني على لبنان عام 2006، أتت ولادته على يدي من يقاوم أميركا وربيبتها الكيان الغاصب.

يرى صالح أنه على مدى 40 عاماً استل سليماني النوم من عيون أعدائه وحوّل أحلامهم إلى كوابيس من إيران، العراق، سوريا، أفغانستان، اليمن، فلسطين، ولبنان.

يؤكد صالح أن الشهيد سليماني باستشهاده أقوى تأثيراً وأكثر حضوراً، يقول قائد حرس الثورة الإسلامية: "قاسم سليماني الشهيد أكثر تاثيراً من الجنرال قاسم سليماني".

 يعتقد محسن صالح كباحث في علم الإجتماع المعرفي أن نموذجية القائد سليماني ليس في حضوره الميداني فحسب، إنما في ظهوره وبقوة بصورة لم يعرفها الغرب الحديث عن المسلمين. فالدراسات الإستشراقية تعتقد أن المسلمين يستسلمون أمام القضايا المعقدة. 

ويرى صالح أن الشهيد سليماني فاجأهم بكفاءته العالية في كل الحقول، ما أوقع الأميركيين في مأزق لم يعرفوا حتى الاَن الخروج منه.

عامٌ مرّ على إغتيال الشهيدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، تغييرات كبيرة حصلت، ومعطيات تبدلت.. في الميادين نتذكر حادثة الاغتيال على أنها "جدارة الحياة وشهادة العلا".