منيب - منيبة

المنيب لغةً هو اسم الفاعل من أناب إلى الله، ينوب، إنابة، إذا تاب ولزم طاعته، فهو منيب، وهي منيبة.

أنا العبدُ الشريدُ ظلمتُ نفسي
وقد وافَيتُ بابَكمُ مُنيبا
أنا المُضطرُّ أرجو مِنكَ عَفواً
ومَنْ يرجو رِضاكَ فلن يَخيبا 

العبد الشريد هنا هو الذي تاه وضل عن الصراط المستقيم فظلم نفسه فلجأ إلى الله منيباً، أي تائباً عما اقترف من الذنوب راجياً العفو والمغفرة ممن لا يخيّب رجاء من يرجو رضاه. ينتمي هذا النوع من التوجّه إلى الله تعالى بصيغة المخاطَب إلى الشعر الصوفي، الذي برع فيه صاحب القصيدة التي اقتبسنا منها البيتين أعلاه، وهو الشيخ الصوفي جمال الدين يحيى بن يوسف الأنصاري المعروف بالصرصري (1192 - 1258)، نسبة إلى مدينة صرصر بالقرب من بغداد.

قُتل هذا الرجل على أيدي التتار عندما دخلوا بغداد. قيل إن الشيخ دُعي لمقابلة كرمون ابن هولاكو قائد التتار فأبى أن يجيب وأعدّ في داره حجارة فلما دخلوا عليه رماهم بها فهشم منهم جماعة فلما خلصوا إليه قتل أحدهم بعُكّازه ثم قتلوه وله من العمر 68 سنة، وحُمِل إلى صرصر فدُفن بها.

قلنا إن المنيب هنا هو التائب الراجع إلى طاعة الله بعد معصية. ومنه أُخِذ اسم العلم المذكّر مُنيب، مؤنّثه منيبة. والمنيب لغةً هو اسم الفاعل من أناب إلى الله، ينوب، إنابة، إذا تاب ولزم طاعته، فهو منيب، وهي منيبة. ومنه قرآناً حكاية عن النبي داود: "وخًرَّ راكِعاً وأناب". والإنابة إلى الله الرجوع إليه بالتوبة وإخلاص العمل. وعبدٌ مُنيب أي راجع إلى ربّه في كل ما يهمّه. ومنه في سورة ق: "تبْصِرَةً وذِكرى لكلِ عبدٍ مُنيب".

والمنيب مَن أناب غيره ليقوم مقامه وينوب عنه. والمنيب: المطر الغزير، والمطر الربيعي، والجيد الحسن من الربيع، وربيع منيب: مُخضَوضر.
وأناب إلى الشيء: رجع إليه مرة بعد مرة، فهو مُنيب. وأناب فعل رباعي ثلاثيّه ناب يدلّ على اعتياد مكانٍ والرجوع إليه. وقد ناب إلى الشيء ينوب نَوباً: رجع إليه واعتاده. وانتابه: قصده. والنَّوبُ: النحلُ، قيل سُمّيت بذلك لِرَعيها ونَوبها (عودتها) إلى مكانها. وناب إلى الله: أناب. وناب عن فلان: قام مقامه، فهو  نائب عنه. والنائب اصطلاحاً مَن يمثل الشعب في المجالس التشريعية، مؤنثه نائبة. والنائبة: المصيبة الشديدة والجمع نوائب. (وشاع حديثاً عدم تأنيث النائبة الممثلة للشعب فتذكّر كالنائب، وذلك تشاؤماً بالنائبة المصيبة ومسايرة للجنس اللطيف. وقد سّمّيت المصيبة نائبة لأنها تنوب أي ترجع مرة بعد مرة. من ذلك قول أبي العتاهِيَة (748 - 828):

ألا لِله أنتَ متى تتوبُ
وقد صبغت ذَوائبَكَ الذنوبُ
ألستَ تراكَ كلَّ صباحِ يَومٍ
تُقابِلُ وجهَ نائبةٍ تَنوبُ