عكرمة - قتادة

العِكْرِمَة هي الأنثى من الحمام. ومنها أُخذ اسم عِكرِمة الذي يطلق على المولود الذكر.

أعِكْرِمَ إنْ غَنّيتِ ألفَيتِ نادِباً
فلا تَتَغَنَّيْ في الأصائلِ عِكْرِما
إذا ما حَذِرتِ الصّقرَ يَوماً فَحاذِري
أخا الإنْسِ أيّاماً وإنْ كانَ مُحرِما

العِكرِمَ التي يناديها الشاعر هي الحمامة بصيغة الترخيم، أي بحذف الحرف الأخير  وهو التاء المربوطة، لأنها في الأصل عِكْرِمَة. والعِكرِمة هي الأُنثى من الحمام. يقول الشاعر أيتها الحمامة إنك إن غنّيت أجابك من يندب فلا تغني في وقت الأصيل، أي ما بين العصر وغروب الشمس. وإن كنت تحذرين الصقر أن يصطادك فعليك أن تكوني أكثر حذراً من الإنسان سواء أكان في الأيام التي يَحلّ له الصيد فيها، أم في الأيام التي يُحرم فيها الصيد.

هذا الشاعر الذي يدعو الحمامة أن تحذر الإنسان في كل حين أكثر من حذرها الصقر الذي لا يهاجمها إلا عندما يجوع، هو أبو العلاء المعَرّي المشهور بأنه شاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء. اسمه أحمد بن عبد الله بن سليمان. ولد في مَعرّة النعمان من بلاد الشام ونُسب إليها وتوفّي فيها (973 - 1057). فقد بصره وهو في الرابعة من العمر نتيجة إصابته بالجُدري. نشأ في بيت علم وثقافة وكان حاد الذكاء سريع البديهة قوي الحافظة. سافر في أواخر سنة 1007 إلى بغداد وقابل علماءها وأدباءها وعاد إلى معرّة النعمان حيث تفرّع للكتابة.

وكان إذا أراد التأليف يُملي على كاتبه علي بن عبد الله بن أبي هاشم. عاش زاهداً يلبس خشن الثياب ولم يأكل اللحم طيلة 45 سنة وكان يحرم تعذيب الحيوان، وعُرف بنظرته المتشائمة إلى الناس والحياة. له أشعار كثيرة في 3 دواوين وأشهر مؤلفاته "رسالة الغفران".

قلنا إن العِكْرِمَة هي الأنثى من الحمام. ومنها أُخذ اسم عِكرِمة الذي يطلق على المولود الذكر. يقول ابن دُرَيد في كتاب "الاشتقاق": "والعِكرِمَة: الحمامة زعموا، أو طائر يشبهها". وقيل: العِكرِمة هي أنثى ساق حر وهذا الطائر هو الذكر من القُمْرِي سُمّي بصوته. قال حُمَيد بن ثور (ت 650):

وما هاجَ هذا الشوقَ إلّا حمامةٌ
دعَت ساقَ حُرٍّ تَرحةً وتَرَنُّما

وعِكرِمة اسم للرجل قديم. وأبو قبيلة هو عِكرِمة بن خصفة بن قيس عَيلان. وعِكرِمَة الفيّاض أجود أهل الكوفة في أيامه. ومن أسمائهم: عِكرَم. وعِكرَمُ الليلِ: سواده. والعكارِم: قبيلة من بَلِيّ.

والتسمية بعِكرِمة قليلة في العقود الأخيرة. لكن هذا الاسم عاد إلى التداول في هذه الأيام بفضل المفتي الشيخ عِكرِمة صبري خطيب المسجد الأقصى حالياً ورئيس الهيئة الإسلامية العليا في القُدس والديار الفلسطينية سابقاً. وقد تعرّض في كثير من الأحيان للإجراءات التعسفية لسلطات الاحتلال، وآخرها استدعاؤه من قبل جهاز المخابرات الإسرائيلية لأنه نعى رئيس حركة حماس الشهيد إسماعيل هنيّة خلال خطبة الجمعة بالمسجد الأقصى.

ومن الأسماء القديمة أيضاً والتي تُحيل على أسماء عدد من صحابة النبي ويرد ذكرها من حين إلى آخر اسم قَتادة كاسم علم مذكر، أو أبو قتادة كاسم وكُنية. وهذا الاسم مأخوذ من القتاد، وهو نبات صحراوي كثير الشوك.

وبه يضرب المثل في الأمر الصعب الذي لا يُنال إلا بمشقة عظيمة فيقال: دون ذلك خَرْطُ القتاد. ومعنى خرط القتاد هو انتزاع شوكه باليد وهذا عمل صعب مؤلم يُدمي اليدين. ويشبّه أبو تمّام (803 - 845) أرق حسناء خشية أن يهجرها من تحب وكأنها ترقد على شوك القتاد المؤلم وخزُه فلا تستطيع النوم:

سرَت تستَجِرُّ الدّمعَ خوفَ نَوى غدِ
وعادَ قتاداً عندها كلُّ مَرقدِ
وأنقذها من غمرةِ الموتِ أنّه
صُدودُ فِراقٍ لا صُدودُ تَعمُّدِ